الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مطالب جماهير كردستان بين اربيل وبغداد

سمير عادل

2017 / 12 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بعكس كل ما يذهب اليه المراقبين والمحللين السياسيين، ومعظمهم بشكل متقصد، بأن الازمة السياسية العاصفة التي تضرب اقليم كردستان، هي نتيجة للاستفتاء التي اجري في ٢٥ ايلول الفائت. فالهدف من ذلك التحليل هو لتحميل مسؤولية الاستفتاء على عاتق الحزب الديمقراطي الكردستاني وشخص مسعود البرزاني، كي يتسنى للجميع الهروب الى الامام والتنصل من المسؤولية السياسية تجاه المطالب العادلة لجماهير كردستان.
فالأزمة السياسية تضرب كردستان قبل الاستفتاء بزمن، وعدم اعطاء الرواتب للعمال والموظفين بشكل منتظم واقتطاع جزء كبير منه يعود عمره الى عام ٢٠١٥، وازمة السلطة السياسية في كردستان بشكل عام والاحزاب القومية الكردية بشكل خاص هي مزمنة وتشتد اعراضها او تقل حسب الاوضاع السياسية الاقليمية والمحلية، واشتداد اعراض الازمة الاخيرة، مرتبط بازمة الرئاسة وطرد رئيس البرلمان قبل اكثر من سنتين ايضا. وان نفس تلك الازمة تكشف بأن الاحزاب القومية الكردية فشلت في ادارة السلطة والمجتمع. وان نقص الخدمات واتساع رقعة الجوع في كردستان وتفاقم الازمة الاقتصادي يعود الى زمن نهاية الولاية الثانية للمالكي، عندما قرر عدم دفع الرواتب لموظفي كردستان بسبب عدم دفع حكومة اقليم كردستان مستحقات العائدات النفطية التي تصدرها. وما اجل انفجار الجماهير والخروج الى الشوارع بهذه الحدية والغضب هو اجواء الحرب على داعش وانتظار نتيجة الاستفتاء.
لم يكن موفقا ابدا ما قاله نيجرفان البرزاني رئيس حكومة اقليم كردستان في اول رد فعل تجاه الاحتجاجات الجماهيرية والتي وصفها بأنها مؤامرة على تجربة كردستان واقليم كردستان، انه يذكرنا بتصريحات القذافي والاسد وحسني مبارك وزين العابدين بن علي عندما وصفوا المتظاهرين انذاك من اجل الحرية والخبز والكرامة بأنهم جواسيس وهناك مؤامرة وجهات اجنبية تقف ورائهم. صحيح تم حرق مقرات الاحزاب المشاركة في الحكومة والبرلمان دون استثناء، وهذا مرفوض ويعطي مبررات للسلطات بقمع الاحتجاجات ويجرد الجماهير من الدعم والتضامن المحلي والعالمي، ولكن السؤال؛ لماذا تم حرق تلك المقرات الان، وهي موجود منذ عام ١٩٩١؟ انه الجوع الذي تحاول الاحزاب القومية الكردية الحاكمة بما فيها المزايدين منهم والذين يسمون أنفسهم بالمعارضة مثل حركة التغيير والجماعات الاسلامية، وقد قفزا من المركب قبل فوات الاوان، والسبب واضح، لانه يعني التقليل من امتيازاتهم عبر انهاء السرقة والفساد. ان جماهير كردستان لم تطالب بغير الرواتب والخدمات، وكان الرد القتل والاعتقال والضرب والاستعراض العسكري في المدن.
لكن هذه التراجيديا السياسية لا تكتمل ملامحها، الا بالمشهد الكوميدي الذي تضيفه تصريحات العبادي في مؤتمره الصحفي الاسبوعي، بأنه لن يقف مكتوفي الايدي تجاه قمع المواطنين في كردستان. ان فاقد الشيء لا يعطيه، وان الذاكرة ما زالت نشطة ولم تصاب جماهير العراق بالزهايمر كي يزايد علينا العبادي. او ليست قواته قبل عشرة اشهر وتحديدا في شباط المنصرم، فتحت النار على المتظاهرين امام المنطقة الخضراء وقتل ٧ اشخاص وجرح المئات، وتعاملت حكومته مع المتظاهرين مثلما تتعامل حكومة اقليم كردستان اليوم مع المتظاهرين. هل ننسى كيف قتل عشرات الاشخاص في ٢٥ شباط من عام ٢٠١١ في تظاهرات مدن كركوك والديوانية وصلاح الدين والبصرة والحلة، الى جانب المئات من الجرحى وبأوامر مباشرة من حكومة المالكي.
وعلاوة على ذلك فأن تصريحات العبادي بعدم الوقوف ساكنا تجاه ما يحدث للمواطن في كردستان التي سبقها حصاره الاقتصادي، سيكون سببا مباشرا في قمع مطالب المحتجين في كردستان العراق، الى جانب الالتفاف عليها وحرف نصال الاحتجاجات نحو مكان اخر بحجة الهجوم على التجربة الديمقراطية في كردستان. انه يعني تسميم الاجواء بالشوفينية القومية في كردستان تجاه الجماهير الناطقين باللغة العربية في العراق، اضافة الى تقوية الحركة الرجعية في كردستان ولتتسيدها التيارات الاسلامية التي تعتاش على مثل هذه الازمات. ان جماهير كردستان لا تحتاج الى مزايدات سياسية وعنتريات دعائية من بغداد، بل تحتاج الى الخبز، الى المعاشات، فهل العبادي سيرسل الرواتب ام يستمر في اطلاق الاكاذيب فمرة قال بأنه سيرسل الرواتب: في حال تسليم العوائد النفطية، ومرة اخرى قال اذا الغت حكومة الاقليم الاستفتاء، واخرها قبل اسبوع قال هناك فساد فلا يستطيع ان يرسل الرواتب.
لقد لعبت حكومة العبادي في تعميق ازمة كردستان الاقتصادية من خلال فرض حصار غير مباشر على كردستان. فأن اية خطوة عملية لرفع الحصار عن كردستان مرتبطة بالنسبة للعبادي بالانتخابات القادمة ونتائجها. انه يحاول ان يلعب على الوقت لانتزاع تنازلات سياسية من القوميين الكرد، واهمها اعادة انتاج ولاية ثانية له. ان العبادي لا يستطيع استغفال الذاكرة ولا بتصريحاته الفارغة من التنصل من مسؤوليته تجاه ما يحدث في كردستان، ان تصريحاته مهما حاول بتسويق نفسه بأنه يعامل جماهير كردستان كمواطنين من الدرجة الاولى، لكن من الناحية العملية تخفي في طياتها شوفينية قومية. ولذلك نكرر ما كتبنا على صفحتنا الشخصية، ما الفرق بين العبادي وصدام حسين، فالثاني فرض الحصار الاقتصادي على كردستان بسبب انتفاضة اذار ١٩٩١ اما الاول فأنه يفرض حصار اقتصادي بسبب الاستفتاء.
ان ما تحتاجه جماهير كردستان اليوم وفي القسم الناطق باللغة العربية، هو الدعم والتضامن مع مطالبها والى الضغط على حكومة العبادي لرفع الحصار المخزي عن كردستان. لنقول للعبادي انظر الى التجربة الديمقراطية في اسبانيا وبغض النظر عن موقفنا منها، فحكومة مدريد لم تفرض حصار اقتصادي على جماهير كاتلونيا بسبب التصويت على انفصالها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح