الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النفاق والاساطير المتبادلة حول أورشليم

عادل صوما

2017 / 12 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدو أن الشرق الاوسط يُهيأ لمشهد جديد، لأن الرئيس ترامب، كما يقول المثل العربي أمسك الجمل من أذنه، فلن تُحل مشكلة القدس أو أزمة الفلسطينيين في المدى القريب عمليا سوى بالاعتراف بالامر الواقع كما فعل الرئيس ترامب، أو عندما ستزول غشاوة الاساطير ويُنظر إلى الموروث الإبراهيمي على انه أدبيات تشكل مع غيرها جزءا من التراث الانساني، وتصبح القدس مزارا للجميع بصفتها مدينة تاريخية، وهذا الامر سيحدث في المدى البعيد.
تسابقت دول العالم في الاعتراف بدولة إسرائيل فور قيامها، وكان الاتحاد السوفياتي أول دولة تعترف بها اعترافا قطعيا في 17 آيار/مايو سسنة 1948، وغيرت الولايات المتحدة حالة اعترافها القانوني بإسرائيل ليصبح قطعيا، بعد الانتخابات الإسرائيلية الأولى في 31 كانون الثاني/ينايرسنة 1949، وتوالت اعترافات الدول بعد ذلك، وكانت أول دولة عربية تعترف بها مصر سنة 1978 بعد توقيع معاهدتي كامب ديفيد.
ورغم ذلك رأى المجتمع الدولي للقدس وضعاً قانونياً منفصلاً عن دولة إسرائيل، لحساسية المدينة في الادبيات الإبراهيمية كافة، ومنذ إقتراح قرار التقسيم الذي أصدرته الأمم المتحدة (الجمعية العامة رقم 181) ظل وضع القدس Corpus Separatum في ظل النظام الدولي، وسيظل الوضع هكذا حتى يتم حلّه في سياق حل السلام النهائي بين الطرفين المتنازعيّن، وإذا فشل ذلك يتم حلّها من قبل الأمم المتحدة. الامران مستحيلان كما تقول الوقائع منذ سنة 1948.
رغم ما حدث سنة 1948 وسيطرة دولة إسرائيل على القطاع الشرقي للمدينة منذ سنة 1967، يطالب الفلسطينيون شرعية السيادة على المدينة بكاملها لأن القدس كانت في ظل العثمانيين وأثناء الانتداب البريطاني جزءا لا يتجزّأ من أراضي فلسطين، وكانت أيضاً عاصمتها الإدارية، وقبل أن تغيّرالهجرة اليهودية التركيبة الديموغرافية للمدينة، كان غالبية سكّانها من المسلمين والمسيحيين، ورغم أن السيادة عليها معلّقة في الامم المتحدة، يعتقدون انها ستؤول إلى الدولة الفلسطينية، حالما تحظى بالاعتراف كدولة ذات سيادة.
هكذا تجاهل الفلسطينيون وعد الله في القرآن والتوراة لليهود وتاريخ اورشليم وممالك إسرائيل وحياة اليهود في الشتات بعيدا عن أرضهم وحددوه بالامبراطورية العثمانية.
الامر الواقع
من المؤكد أن رؤية المسلمين الفلسطينيين للقدس لها مصدرين أولهما سورة الاسراء، وهي سورة لها قراءات مختلفة بينها قراءة تقول ان الاسراء كان ليعقوب وليس لمحمد، والسورة في بعض نسخ القرآن قبل توحيده وجمعه كانت إفتتاحيتها "سبحان الذي أسرى بعباده ليلا..." لأن السورة بكاملها تتحدث عن اليهود، بل أن السورة اسمها "بني إسرائيل" وفقا لحديثين صحيحين موقوفين من كلام الصحابة، وإن تسمية السورة بسورة "بني إسرائيل" كانت في عهد الرسول والصحابة والتابعين، ثم حدث تغيير العنوان نهائيا في العصر العباسي حين جمعوا القرآن المعروف حاليا وحرقوا ما سواه.
المصدر الثاني هو أن القدس كانت أولى القبلتين*، وكان سبب ذلك عدم إعتراف قبيلة قريش بنبوة محمد وطردوه من مكة، لإعتبارهم أن دعوته سياسية يردد فيها أساطير الاولين وما جاء في اليهودية والمسيحية وينسبها لوحي من السماء، فاتخذ الرسول محمد بوحي إلهي القدس قِبلة له وهو يعيش في يثرب، وحوّل التحية العربية من "حياك الله" التي كات تقولها قريش إلى "السلام عليكم" (بالعبرية شالوم عليخم) وهي تحية يهود يثرب التي عاش بين أهلها، حتى فرض الامر الواقع على قريش ومعظم شبه الجزيرة العربية، فغيّر الوحي القِبلة له وظلت التحية.
هذه الرؤية لا تتماشى مع سياسة الامر الواقع التي تحدث في التاريخ، وأشهر ما تم بالامر الواقع إسلاميا سرقة مدينة بيزنطة/القسطنطينية والاراضي المحيطة بها من اصحابها وتحويلها إلى مدينة ومناطق إسلامية، وسرقة إسكندرون اللواء التابع لولاية حلب، حين كانت سورية تحت الانتداب الفرنسي، ما يعتبر مخالفة لصك الانتداب الذي يلزم الدولة المنتدبة بالحفاظ على أراضي الدولة المنتدب عليها، ولم تعد بلغاريا أو سورية تطالبان من تركيا بما يطالب به الفلسطينيون المسلمون، رغم الحقوق التاريخية الواضحة والاستفزاز الديني بتحويل أكبر كنائس العالم في بيزنطة إلى جامع، بعدما دخلها السلطان العثماني مع جنوده بالخيول. كان مراهقا ولم يصدق ما حدث من ترهل لدى عدوه أدى إلي سقوط المدينة بيديه.
كتبتُ الفلسطينيين المسلمين ولم اكتب الفلسطينيين، لأن المسيحيين الفلسطينيين لم يعد لهم واقعيا أي شأن بعد الاحتلال الاسلامي لفلسطين لأن الامر لم يكن تبشيرا فقط، وأصبح مجال الصراع ديني/سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين.
الاتفاق بالصمت
الدول التي تسابقت للإعتراف بإسرائيل، واحجمت عن الاعتراف بالامر الواقع الذي إعترف به الرئيس ترامب، لم تفعل ذلك إحتراما لقرار الامم المتحدة، بل خوفا من عمليات جهادية تحدث على أراضيها، لأن معظم قرارات هذه المنظمة الوجيهة ظلت بدون فاعلية، فالامم المتحدة لا جيوش لها ولا تملك سوى النصيحة وتقديم الاقتراح وتبني ما يتخذه الكبار فيها.
النفاق والتسويف والمطالبة بالحقوق السماوية على الارض حول وضع مدينة القدس، لا حل نهائيا له سوى بسياسة الامر الواقع التي بدأها الرئيس ترامب، لأن المدينة تهودت فعلا بسبب احجام الفلسطينيين عن قبول الامر الواقع والتفاوض بجوار الرئيس السادات سنة 1977 حينما كانت المدينة مازال قسمها الشرقي إلى حد كبير بملامح فلسطينية. رددت الفصائل الفلسطينية عوضا عن ذلك وقتها شعارا عجيبا جدا هو "تحرير فلسطين يبدأ من جونيه**" ، كما رفض ياسر عرفات مشروع الرئيس كلينتون سنة 2000 الذي كان فرصة ذهبية فعلا، لأن ياسر عرفات فضل ترديد شعاراته المضلِلة للجماهير المتحمسة، على الجلوس كرجل مسؤول على طاولة المفاوضات، يحاور ويتمسك ويتنازل ويوّقع.
المرء يتعجب ايضا من نفاق رؤساء الاديان. مازالت أورشليم بهذه القداسة عندهم لماذا لا يجتمع شيخ الازهر وكبير حاخامات اليهود والبابا لمناقشة وضع هذه المدينة لتحييدها تماما عن السياسة، ورفض أي شكل من أشكال البعثات الديبلوماسية أو الحكومية فيها، ووجود جنود ودبابات وكلاب مدربَة وبوابات ألكترونية تحمي مقدساتها، والمطالبة في مؤتمر بالقدس عاصمة الايمان المستقلة للاديان الابراهيمية. مدينة فريدة مفتوحة للجميع بسلام بدون قيد أو شرط. لماذا لا يفرضوا بقوة مناصبهم المعنوية رأيهم السلمي على أصحاب سياسة الامر الواقع، عوضا عن لقاءات المجاملات وحوارات محبة وسلام غير مجدية بين اديانهم، وما يحدث على الارض شهادة عقم على هذه الحوارات.
منارة الاديان
يبدو أن قبيلة قريش قد كانت فعلا منارة العالم الدينية حين جعلت الكعبة لجميع الاديان والاصنام، ومكة مفتوحة لزوارها، ووحدت طقوس الحج للجميع وحرّمت القتال في شهور الحج.
تبنى الرسول محمد في ما تبنى من الاديان كلها مناسك الحج القرشية كما هي، ورفض تماما فكرة المدينة وحتى الدولة المفتوحة لجميع اخوته الابراهيميين، وطهّر شبه الجزيرة منهم.
هذا ما ورد في كتب تاريخ المسلمين، والتمسك به في عالم تعداده أكثر من سبعة مليارات نهايته كارثية.
*واقعيا.. الكعبة هي أولى القبلتين لأن محمد قبل طرده من مكة كان يسجد ووجهته كعبة قريش، ثم أعاد القِبلة مرة ثانية إلى كعبة قريش بعد فتح مكة، رغم أن الاسلام كان يجب ان يتخذ القدس قِبلته الدائمة لأنه أتى لتصحيح كل الاديان قبله، وليس للسجود باتجاه رمز وثني كما قيل عن كعبة قريش وأوثانها مرارا في القرآن.
**جونيه مدينة لبنانية كانت تعتبر معقلا للموارنة الذين كانوا أول من حارب الفصائل الفلسطينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل جدا
الجنديي ( 2017 / 12 / 25 - 20:34 )
وفقا لحديثين صحيحين موقوفين من كلام الصحابة
جميل جدا ولكن اخي الكريم ماذا يقول الصحابة رضي الله عنهم
ليس أحد [ إلا ] يؤخذ من قوله ويدع غير النبي صلى الله عليه وسلم

- الراوي: عبدالله بن عباس
- المحدث: الهيثمي
- المصدر: مجمع الزوائد -الصفحة أو الرقم: 1/184
- خلاصة حكم المحدث: رجاله موثقون‏‏
.
شو رايك
ايضا معلوماتك ظالمة وغير دقيقة اذ تقول ان القبلة الاولى للمسلمين كانت الكعبة وهي كانت المسجد الاقصى بل اصبحت الكعبة بعد الهجرة وانت عكست الموضوع
2 وتقول ايضا
لأنه أتى لتصحيح كل الاديان قبله، وليس للسجود باتجاه رمز وثني كما قيل عن كعبة قريش وأوثانها مرارا في الق
ليش الم تكن القدس مكانا وثنيا سابقا ايام الكنعانيين
ايش صديقي


2 - سيدي
احمد الجن ( 2017 / 12 / 25 - 21:24 )
اي شخص يقول مقالتك بكل صراحة يعلم مدى حقدك للاسلام
فتقول الديو عند الله الاسلام ناسخة لاية لكم دينكم ولي دين
دون ان ننسى اانتناسى انه ولا عالم قال بهذا الكلام وان الشرط الاساسي في الناسخ والمنسوخ وجود حديث صحيح
هنا في هذه المقال المصيبة قاعد بتوخذ باخاديث صحيحة
فاين المنطقية والامانة بكلامك
؟؟؟
اي شخص يقرا لك يعلم انك غير منصف مع احترامي الشديد
وبس معلومة ايات الرحمة بالقران بش منسوخة لعدم وجود ولو حديث صحيح واحد نسخها او اكد انها منسوخة
واية ان الدين عند الله الاسلام معناها ان دين الله الاسلام فقط فهل دين ييوح وانا بش عارف هو الهندوسية
خلاصة الكلام
عدم انصافك بمحي مصداقيتك

اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل