الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هويات نفتقدها

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2017 / 12 / 26
كتابات ساخرة


أحياناً أعتقد أننا ولدنا بدون هويّة، وهو الذي أدخلنا في باب الاكتئاب، والحروب، والمهاترات.
هوية الانتماء إلى المكان، الهوية الجنسية، الهوية الثقافيّة، والهوية الخاصّة، وكل تلك الهويات ضرورية كي نكون أسوياء.
نحن أيتام على باب القدر. نبحث عن احتضان.
من نحن؟ سكان العالم التّعيس المهمّش.
نستثني من موضوع الهوية تجّار الحروب، ومبيّضي الأموال، وسوق الرأسمال، هؤلاء لديهم دزينة هويات عالمية ومحليّة، وهم يقرّرون نوع الهوية التي يجب أن نحملها، وقد شكلوا لنا دوائر لا نستطيع الخروج منها، فكيف يمكن لشخص أن يخرج خارج نطاق هويته الدينيّة على سبيل المثال؟ لا يمكنه الخروج لأنه يقتل بكل بساطة، وهنا لا أعني تغيير معتقده. بل فقط أن يتعاطف مع مظلوم خارج طائفته، أو المكان الذي يعيش فيه.
النّساء، والرّجال أيضاً يبحثون عن هوياتهم الجنسية فلا الرجل رجلا، ولا المرأة امرأة.
تقوم المرأة بكل الأعمال العضلية التي تخصّ الرّجل، وإذا كان في الماضي يوجد ثور فلاحة، فقد أصبحت المرأة هي ثور الفلاحة، وانتهت من موضوع الأنوثة، فليس لديها الوقت كي تهتمّ بجمالها، ولم تعد تعرف شيئاً عن الحليّ والذهب، وهنا يمكن القول أن هذا يشمل المرأة ذات الحجاب، وذات التنورة القصيرة أيضاً.
فقد الرّجل عضلاته وشعر رجليه الذي كان يميّزه، فهو إما يحمل السّلاح، أو يتكور على فرشته كالطفل الرّضيع. هو ممحون فعلاً يعوّض نقصه في الاعتداء على المرأة، أو على الإنسان. والرجل اليوم نوعان: الرجل الوحش، وهو ذلك الذي يظهر على الشاشات بوجهه النضر من كثرة الطّعام، وذقنه الطّويلة، ويتزوج مثنى ورباع، وتركض خلفه النساء اللواتي يبحثن عن الطّعام، فمن المعروف أن الرّجل الوحش يعلف المرأة فهو يحبّ المؤخرات الضخمة، ولا يحبّ عارضات الأزياء، والنوع الآخر هو الرّجل النّحس. هو يبدو رجلاً أنيقاً، وقد يضع على صدره علامة ثوريّة، ويحفّ رجليه، وربما يلبس الحليّ، وهذا الرجل هو الرجل المزواج المطلاق الذي يستعمل لغته من أجل مكاسبه، وكلما تزوج بامرأة منتجة، شفط مالها، وأرسل لها ورقة طلاقها بحثاً عن ثروة أخرى.
النساء أيضاً أنواع، منهنّ المرأة العبد، والمرأة الجارية، والمرأة الرجل، وعدّد ما شئت من الأصناف، وآخر صنف هنّ النساء الحرائر، ويتبادر إلى ذهني عندما يقولون حرائر أنهنّ يرتدين حزام العّفة، وإذا كانت اللغة العربية تقول عن النساء والرجال أنّهم أحرار، فهذا يعني خطأ كلمة حرائر، لكنه خطأ مطبعي فلا الأحرار أحرار، ولا الحرائر حرائر.
أتحدّث عن الهوية التي نفتقدها، ويقال أن أحدهما ذهبت إلى قارئ الكفّ كي تتعرف على فردتها -أعني نصفها الآخر-
قرأ خطوط يدها، وبرز فيهم الرّجل الوحش، وقال لها: هذا نصيبك من الدنيا. هو لا عيب فيه، لكن العيب وقت النوم. سيتقلّب كثيراً، فمرّة يضع لحيته تحت اللحاف فتضايقه، ومرّة يضعها فوق اللحاف، لكنّك سوف تتعودين، وصدق الكّف، وبينما كان الرجل الوحش في "الكبارية" أعجبته المرأة-كانت تعمل عاهرة-وقال لها سوف أدخل فيك الجنّة، وأتزوجك، وتتوبين، ووافقت فهي لا تحب مهنتها، وكانت مجبرة عليها كي تعيل أطفال جلبتهم من الرّجل النّحس، وفي كلّ يوم تصاب بالاكتئاب، وعادت إلى قارئ الكفّ، وسألته الخلاص. أجابها: للأسف هو نصيبك، وحتى لو تركتيه، فإنّك لا تصلحين لمهنتك الأولى. أصبحت بدينة، وكبيرة في العمر.
أجابته: للأسف. لم أكن أحبّ مهنتي، الآن فقط اكتشفت انها مهنة محترمة.
نبحث عن وطن يمنحنا هويتنا الحقيقية، تكون المرأة والرجل فيه بشراً طبيعيين.
هل سوف نلتقي بذلك الوطن؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني