الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخطاب التحريضي ضد المسيحيين الى متى؟

كوهر يوحنان عوديش

2017 / 12 / 27
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


في بلد منفلت امنيا ومعوق قانونيا وغير مستقر سياسيا يحكمه القوي بميليشياته وتبعيته الاقليمية يكون المواطن البسيط لقمة سائغة وسهلة الهضم لكل المجرمين والمتشددين والخارجين عن القانون، وكون التعامل وفق مبدأ الاقلية والاغلبية هو السائد والطاغي على المشهد السياسي والاداري في العراق الجديد فان الاقليات الدينية والقومية تكون الهدف المثالي للتطاول والتجريح والتكفير .... الخ، وهذا ما يسهل ويطلق العنان لكل جاهل وظلامي يخفي ويستر حقده وكرهه للغير تحت العباءة الدينية لنفث سمومه وافكاره بكل ما تحمله من تجريح وتحريض ضد مكونات مسالمة اخرى دون خوف من المسائلة القانونية او متابعة من الجهات المختصة.
مسيحييو العراق، واقلياته الدينية الاخرى، كانوا اكثر تضررا ومعاناة من غيرهم من ابناء الوطن كونهم مختلفين دينيا عن المتسلطين بالحكم وبلا ميليشيا مسلحة تدافع عنهم عند الضرورة وغير مدعومين اقليميا او دوليا، لذلك كانت خياراتهم في الحياة والبقاء والاستمرار في الوطن محدودة، فاما البقاء وانتظار المجهول من المستقبل المليء بالمفاجئات المحزنة والاليمة المقرونة بتهميش واقصاء علني، واما حزم الحقائب والرحيل من وطن كانوا اصله وتاريخه وحضارته.
خوف المسيحيين في العراق ليس من مجموعة معينة ومعروفة او عصابة مجرمين ملاحقة قانونيا، بل ان خوفهم يكمن في نشر وانتشار الفكر التكفيري الذي يلاحقهم ويحلل نفسهم ومالهم وعرضهم، يمكن في شرعنة اقصائهم وتهميشهم وتقييد حريتهم المكفولة دستوريا!، يكمن في عدم اتخاذ السلطتين التنفيذية والقضائية اية اجراءات بالضد من منفذي الجرائم والقائمين بالتحريض ضدهم وكأن ما يحدث بحقهم من مذابح ومظالم امر طبيعي! ولا يحتاج الى تقصي ومتابعة ومحاسبة قانونية.
ما يثير الشك والاستغراب والسخرية في نفس الوقت ان السلطة التنفيذية لم تتمكن، لحد اليوم، من اتخاذ اي اجراء ملموس بالضد من الاشخاص المسيئين الى المسيحيين ورموزهم الدينية وتعاليمهم ومعتقداتهم المسامحة والمسالمة، وهذا يدل على شيئين لا ثالث لهما،فاما ان ما يحدث للمسيحيين هو بارادة المسؤولين الحكوميين وعلمهم المسبق، او ان المسؤولين الحكوميين راضين ومقتنعين بكل ما يتعرض له هؤلاء من قتل وتهجير واحتقار لذلك لا يحركون ساكنا لوقف التجاوزات والمظالم التي يتعرضون لها، وفي كلتا الحالتين فان مسؤولية ما يحدث للمسيحيين وباقي المكونات الاخرى تقع على عاتق الحكومة العراقية والمتنفذين الاخرين في العراق الجديد.
بعد الفوضى التي دخل فيها العراق بعد 2003 تعود المسيحيين على كافة انواع الاضطهاد والتحقير والاقصاء، حيث لم تعد جديدة ومثيرة خطابات تكفيرهم والتحريض ضدهم مثل وجوب الجهاد ضدهم وتحريم زينة اعياد الميلاد وتهنئتهم بهذه المناسبة، لكن الجديد في هذه التصرفات والخطابات انها اصبحت علنية وتطرح بجرأة دون خوف او خجل، كما حصل مؤخرا في كركوك حيث قام خطيب جامع " ابواب الجنة " بنعت المسيحيين بالكفار وحرم زينة اعياد الميلاد وتهنئتهم بهذه المناسبة، وقبلها باعوام كان مسؤول بدرجة وزير! في الحكومة العراقية قد دعا الى الجهاد ضد الكفار! من المسيحيين واليهود غير المسلمين.
كلنا نعرف ان مثل هذه الدعوات والخطابات ليست الاولى ولن تكون الاخيرة، لذلك يستوجب على السلطات العراقية، التشريعية والتنفيذية والقضائية، اتخاذ ما يلزم من اجراءات لحماية المواطن وتطبيق القانون بدون استثناءات بغض النظر عن كل الانتماءات، خصوصا وان تحقيق الامن وتوفير العيش الكريم يعتبر من اهم واجبات الحكومة تجاه المواطن، وان حرية الفكر والوجدان والدين والاعتقاد كفلتها الجمعية العامة للامم المتحدة واغلبية القوانين الوضعية، اضافة الى كون الدستور العراقي قد كفل هذه الحريات ونص على حظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمجد او يروج له، لكن رغم كل ذلك فان كل الاجراءات المتخذة من قبل الحكومة لحماية المسيحيين لم تكن سوى ذرا للرماد في العيون وكلاما رنانا يطرب السمع لتجميل صورة الحكومة العراقية لا اكثر.
همسة:- البكاء على المسيحيين ليس حلا لما حصل/يحصل لهم من قتل وقمع وتهجير، والكلام الحلو والمعسول لا ينهي الفواجع ولا يضع حدا للمعاناة المستمرة، والتمثيل لم يعد ينفع لاخفاء نياتكم في اخلاء البلد من اصلائه بسبب ارائهم ومعتقداتهم المختلفة، فلو اردتهم للعراق ان يتسع لجميع ابنائه لا تتعاملوا مع مواطنيه حسب الترتيب والدرجة المعطاة لهم حسب انتمائهم الديني والطائفي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام هو الحل
مروان سعيد ( 2017 / 12 / 27 - 10:37 )
تحية للاستاذ كوهر يوحنان عوديش المحترم وتحيتي للجميع
طبعا الاسلام هو الحل اما ان نسلم ونفجر انفسنا مثلهم ونغتصب اعراضهم وناخذ اموالهم بعد تكفيرهم مثل ما يفعلون او الهجرة او القتل
استاذ كوهر المشكلة ليست بالمسلمين البسيطين الطيبين المشكلة في نصوصهم الاهية الارهابية التي تحض على كراهية الاخر وقتله او ان يدفع الجزية وهم صاغرون او اعتناق الاسلام
اما من غير اهل الكتاب مثل الملحدين والايزيديين ليس لهم حل الا القتل او اعتناق الاسلام
اسمعت عن الاه مثل هذا الالاه القتال والجزار والنصاب
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰ-;-ذَا ۚ-;- وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ ۚ-;- إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ-;- يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)
يتبع رجاء


2 - قالت اليهود عزير ابن الله
مروان سعيد ( 2017 / 12 / 27 - 10:49 )
يقولون عزير هل هل يوجد يهودي يعبد عزير او قال عنه ابن الله
ايوجد مسيحي قال انه يعبد المسيح وامه وجعلهم الاهين من دون الله
طبعا انها حجج ليقضي على الشعوب الامنة وينهبها ويغتصب نسائها ولديه ختم من الاهه القواد اللذي اذا فطس سيعطيه 72 حورية مع غلمان مخلدون
قل لي اشاهدت مثل هذه الاه القواد يشاهد الدعارة بالحوريات مع انهار من الخمور لاتسكر طبعا بس بتعطيك نشوة وقوة اربعين حصان
وعزرا على الاطالة ومودتي للجميع


3 - الخطاب المعتدل
كوهر يوحنان عوديش ( 2017 / 12 / 28 - 08:04 )
الاخ العزيز مروان سعيد
تحية طيبة
شكرا على مرورك الكريم، ما نلاحظه في الاونة الاخيرة هو ضمور واختفاء الخطاب المعتدل الذي يدعو الى التعايش المشترك وبالمقابل تنامي الخطاب التحريضي ضد غير المسلمين لذلك اصبح المسيحيين على حافة الانقراض دون ان نتلمس اي رد فعل او اجراء لما يحصل لهم من قتل وتهجير واقصاء ... من واجب الحكومة حماية المواطن اي كان انتمائه

تحياتي
كوهر يوحنان

اخر الافلام

.. إيقاد شعلة دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024 في أولمبيا الق


.. الدوري الإنكليزي: بـ-سوبر هاتريك-.. كول بالمر يقود تشيلسي لس




.. الصين: ما الحل لمواجهة شيخوخة المجتمع؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. إسرائيل تدرس -الأهداف المحتملة- للرد على الهجمات الإيرانية




.. سلاح الجو الأردني ينفذ تحليقًا استطلاعياً في أجواء المملكة م