الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد سقوط النظام السوفيتى: حاضر ومستقبل روسيا(2-2)

سمير أمين

2017 / 12 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



يحل المصدر الرئيسى فى استخدام العنف السوفيتى فى مجال ممارساته مع الفلاحين. فقد ألقى قرار إنشاء الكولخوزات عبء تمويل التصنيع على كتف صغار الفلاحين، حتى أنهى هذا القرار تحالف العمال والفلاحين الذى أتاح انتصار الثورة. هذه القصة معروفة تماماً. وينبغى عندما نتناول مقارنة درجة العنف بين نمط التراكم الأولى «الاشتراكي» والتجارب الرأسمالية السابقة- أن نتذكر أن الغرب استفاد من ظروف أفضل ساعدت على تخفيف نتائج العنف، أقصد الهجرة على نطاق واسع لأمريكا. فارتفع عدد سكان أمريكا ذوى الأصول الأوروبية حتى يعادل عدد سكان أوروبا نفسها ولم تعرف التجربة السوفيتية مثل هذه الميزة. أضيف أن النمط السوفييتى للتراكم قد أظهر وجهاً إيجابياً بالمقارنة مع النمط الرأسمالي. فوفر فرصاً للصعود فى الهرم الاجتماعى لملايين من أبناء الطبقات الشعبية، وهو ما لم يحققه النمط الرأسمالي.

أخذ النظام يتطور نحو الاستقرار الاجتماعى انطلاقاً من عصر حكم خروتشوف. فبلغ النظام حداً من التنمية أتاح له رفع مستوى المعيشة بشكل ملحوظ ومتواصل. لم يتمتع استتباب الأمور بطابع «نهائي» طبعاً. فليس هناك نظام اشتراكى أو رأسمالي- يستطيع أن يزعم ذلك. فعمل الاستقرار الاجتماعى السوفييتى النسبي- فى إطار له حدود ويتسم بالتناقض. لا سيما ذلك التناقض الذى صاحب غياب التقدم فى سبيل مقرطة المجتمع.

فكانت هناك احتمالات مفتوحة متباينة تحكم مستقبل النظام. كان من الممكن أن يحدث تطور تدريجى نحو مزيد من الفعالية الاقتصادية بالانتقال من نمط تراكم توسعى إلى نمط تراكم كثيف من خلال فتح باب للتبادل فى السوق (المصحوب بوضع حدود لعمليات السوق)، ولمزيد من الديمقراطية. بعبارة أخرى كان يحتمل أن يتطور النظام نحو موقع «يسارى وسطي» يحفظ المستقبل. وكان هناك احتمال آخر يمكن حدوثه هو تحجر النظام وهذا هو ما حدث بالفعل.

فك الارتباط مع الرأسمالية العالمية

لا أقصد بمفهوم فك الارتباط نوعاً من الانعزال والهجرة إلى خارج الكوكب، بل اتخاذ موقف منهجى يتيح قلب العلاقة بين نمط النمو الوطنى وبين نمط النمو السائد عالمياً، إذ إن نجاح استراتيجية رأس المال المعولم السائد يقتضى تكيف الأطراف الضعيفة فى المنظومة العالمية لمطالب القوى المتحكمة على الصعيد العالمي. أى بمعنى آخر تفرض الاحتكارات الرأسمالية الإمبريالية القائدة تكيفاً من جهة واحدة. فُيطلب من الاقتصاد التابع إعادة الهيكلة كى تفيد تنميته عملية استعجال التراكم فى الاقتصاد المركزى القائد. هذا هو برنامج مضمون وهدف «إعادة الهيكلة» للبنك الدولي. فُيطلب من الكونغو أن يتكيف لما يفيد الولايات المتحدة، ولا يُطلب من الولايات المتحدة إعادة هيكلة نظامها بما يفيد تنمية الكونغو!

على النقيض من ذلك تسعى سياسة فك الارتباط إلى انقلاب هذه العلاقة، أى تحقيق شيء من التكيف المعكوس، تكيف الأقوى للأضعف. أقول «شيئاً من» لأن سياسات الأطراف الضعيفة نسبياً لا تستطيع أن تفرض بشكل كلى ومطلق تحولاً جذرياً وشاملاً فى هيكل الطرف الأقوي. وباللغة الدارجة: تسعى إلى أن يقبل الطرف الأقوى بالأمر الواقع، يقبل المنهج الذى يستخدمه الطرف الضعيف من أجل تكريس استقلاله وتحسين وضعه الداخلى ومكانه فى المنظومة العالمية، الأمر الذى يتجلى فى «تنازلات» من الطرف الأقوي.

ليس هناك إذن «فك ارتباط مطلق»، بل فك ارتباط نسبى فقط. علماً أيضاً بأن «الاستقلال الشامل» لا وجود له فى عالم مشّكل من أطراف مرتبطة بعلاقات تبادل تخلق تبعية متبادلة، ولو غير متساوية.

فظل الاتحاد السوفييتى مصدراً للمواد الخام للأسواق العالمية الرأسمالية. وفى هذه الحدود اضطر أن يتكيف هو لمقتضيات تحكم رأس المال الإمبريالى فى هذه الأسواق.

بناء قوة سياسية وعسكرية عظمي

نجح الاتحاد السوفييتى فى رفع قواته المسلحة إلى مستوى قوة عظمي. فألحق الجيش الأحمر الهزيمة بالقوات النازية، ثم استطاع بعد الحرب العالمية الثانية أن يُنهى فى بضع سنوات احتكار الولايات المتحدة للأسلحة النووية والصواريخ.

خلق هذا النجاح «ثنائية عسكرية» اتسم بها النظام العالمى حتى سقوط الاتحاد السوفيتي. ولعبت هذه الثنائية العسكرية دوراً إيجابياً فى ساحة السياسة الدولية، فضمنت لدول التخوم الآسيوية، والإفريقية، والعربية المشتركة فى كتلة عدم الانحياز، هامشاً للتحرك المستقل دون أن تخشى عدوانًاعسكرياً من واشنطن. فليس من الغريب إذن أن تكون واشنطن قد استفادت فوراً من سقوط الاتحاد السوفيتى لشن حروب عدوانية ضد دول جنوبية انطلاقاً من عام 1990.

لقد فرض الوجود السوفييتى السياسى فى الساحة الدولية نوعاً من النظام المتعدد القطبية. هذا ولم تسع السياسة السوفيتية إلى إنجاز أكثر من ذلك، أى حماية استقلالها، فلم ترسم لنفسها هدف «تصدير الثورة الاشتراكية» كما يحلو لوسائل الإعلام الغربية أن تكرر بلا ملل. ظل النظام السوفييتى نظاماً مستقلاً قاوم المنظومة الرأسمالية العالمية. وذلك سواء اعتبرناه اشتراكى الطابع أم لا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما يدهش حقا
فؤاد النمري ( 2017 / 12 / 27 - 21:54 )
هو أن سمير أمين يجهل تماما تاريخ الاتحاد السوفياتي
ما يساعده على اكتشاف جهله هو السؤال ..
هل كان في الاتحاد السوفياتي صراع طبقي ؟
وإذا كان جوابه بالإيجاب فما كان أثر هذا الصراع
ويبدو أنه يعتقد أن المجتمع السوفياتي تشكل من طبقة واحدة وبلا صراع مما انتهى إلى الجمود !!

سمير أمين لا يجهل تطور النظام الاشتراكي فقط
بل هو يجهل تطور النظام الرأسمالي أيضا والذي اندثر منذ سبعينيات القرن الماضي
ولآدله على هذه الحقيقة فليقرأ هبوط قيمة الدولار خلال نصف القرن 1975 - 2012
دولار 2012 يساوي 2 سنت فقط من سنتات 1975
هذا برهان قاطع على أن النظام الرأسمالي لم يعد قائما منذ 1975


2 - عجيب امور غريب قضية
عبد الحسين سلمان ( 2017 / 12 / 28 - 10:26 )
يتحدث المكارثي الجديد عن الصراع الطبقي في الاتحاد السوفياتي السابق.
ويسئل المفكر الاقتصادي , سؤالاً لا معنى له:
هل كان في الاتحاد السوفياتي صراع طبقي ؟

نعم كان في الاتحاد السوفياتي صراع طبقي, صراع طبقي بين مافيا ديكتاتورية بشعة وبين عموم الشعب, وتجلى هذا بالقانون سيئ الصيت
Law of Three Spikelets-1932

وكانت النتيجة موت الملايين من السوفيت.

إما أن الدولار الأميركي في العام 2012 يساوي فقط سنتين من سنتات 1975
هذا غير صحيح , الدولار الأميركي في العام 2012 يساوي فقط 11.5 من سنتات 1975 , عندما كان مرتبطاً بالذهب .
ان النمري واعوانه يحاولون جهدهما التغطية على صفقة البترودولار في اوائل سبعينيات القرن الماضي التي عقدها الرئيس الامريكي نيكسون وكسنجر مع حكام السعودية لانقاذ الدولار والنظام الرأسمالي في الولايات المتحدة مقابل حماية الولايات المتحدة للسعودية..الدكتور طلال الربيعي....31.08.2017

تهكم بسخرية البروفسور فالنيتين كاتاسونوف, قائلاً:
لقد انتصرت عائلة آل روكفلر , المسيطرة على تجارة النفط , على عائلة روتشيلد المسيطرة على الذهب.

عجيب امور غريب قضية


3 - يحشر نفسه في الكتابة
طلال الربيعي ( 2017 / 12 / 28 - 16:36 )
ان النمري يحشر نفسه في الكتابة عن أمور لا يعرف عنها شيئا. فالنمسا على سبيل المثال هي بحد ذاتها دولة رأسمالية نيوليبرالية كما في المقال التالي
Die Neoliberalisierung Ö-;-sterreichs
http://www.perspektiven-online.at/2007/09/29/die-neoliberalisierung-oesterreichs


4 - نتائج الفوضى الخلاقة
طلال الربيعي ( 2017 / 12 / 28 - 17:21 )
ان النمري يحشر نفسه في الكتابة عن أمور لا يعرف عنها شيئا.
فهذه هي نتائج الفوضى الخلاقة التي هي -فكرة ثورية وتقدمية- حسب النمري
https://www.facebook.com/aliabbas.khafeef.3/videos/940462429445953


5 - شكري لسمير أمين
فؤاد النمري ( 2017 / 12 / 28 - 20:17 )
في السبعينيات بدأ سمير أمين يهاجم الماركسية مقابل قطع السكر من البورجوازية الإنجليزية وتصديت له في عدة مقالات في الصحافة المحلية وكان ذلك أن أيقظ بي وعي جديد رغم ما كان لدي من وعي عارضت فيه الحزب الشيوعي وتبين بعئذ صحة مواقفي
وصادف أن سألت سمير أمين وجاهة سؤال يتعلق بالصراع الطبقي في الاتحاد السوفياتي فكان جوابه غير المتوقع هو -أنا لا أعرف الإجابة على هذا السؤال- رغم أن الندوة الكبيرة التي عقدها ستالين في العام 1951 انحصر حديثها في الصراع الطبقي وأجمله ستالين في كتابه الهام جدا -القضايا الإقتصادية في الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي-
من خلال الوعي الماركسي المستجد مكنني من أكتشاف تخلف الوعي في كافة كوادر الأحزاب الشيوعية بل ان لينين وبعده ستالين شكوا مر الشكوى من التخلف الفكري حتى في قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي
اليوم وأنا أرى التخلف الفكري في سمير أمين فما بالك بأناس من العامة على شاكلة الربيعي وعلوان واستاذهما الزيرجاوي

لذلك تراني أكتب كثيراً رغم تعبي الشديد وأنا الكهل الثمانيني

اخر الافلام

.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا


.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024




.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال


.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري




.. عمران خان: زيادة الأغنياء ثراء لمساعدة الفقراء لا تجدي نفعا