الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسار - العدد 11

الحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
(The Syrian Communist Party-polit Bureau)

2017 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


المسار- العدد (11)- كانون أول/ديسمبر 2017


بيان

قامت إدارة ترامب باتخاذ قرار بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس رغم تردد إدارات أميركية ثلاث بتنفيذ القرار المتخذ من قبل الكونغرس منذ عام1995.
نحن نرى في هذا القرار المُدان والمُستنكر إشارة إلى خذلان واشنطن للأنظمة العربية التي سعت منذ عام1974للدخول في عملية التسوية للصراع العربي – الاسرائيلي تحت الرعاية الأميركية مادامت مسألة القدس هي جوهر القضية الفلسطينية وكانت هي الموضوع الذي كسر مفاوضات آخرها ما جرى في كامب دافيد عام2000بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
يمكن لهذا القرار أن يكون مسماراً في نعش عملية التسوية التي وقف حزبنا ضدها منذ عام1974،وعلى الأرجح سيكون مفصلياً في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، ويمكن أن يضع المنطقة في حرائق جديدة ويزيد من حدة التطرف والعنف، ولكنه أولاً وأخيراً سيكون إشارة إلى موت مسار أربع عقود من عملية التسوية، وعلى العرب أن يضعوا خطاً جديداً لمواجهة هذا الاتجاه الأميركي- الاسرائيلي الذي هو أقرب إلى اعلان حرب يكسر كل أوهام التسوية.
6كانون أول 2017
الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي


_____________________________________

الافتتاحية

المنطقة العربية والهيجان الدائم: متى تعرف الاستقرار؟
اعتادت المنطقة العربية وسكانها على الحروب والمشاكل المتتالية منذ مئات، وربما، آلاف السنوات، رافقتها احتلالات وغزوات عديدة، منها الإمبراطورية الرومانية والمغولية والعثمانية، ثم الاستعمار البريطاني والفرنسي، بعد الحرب العالمية الأولى، وتقسيم المنطقة العربية إلى دويلات، ثم النكبة وزرع الكيان الصهيوني عام ١٩٤٨، تلته هيمنة أمريكية، مع محاولات عروبية للتخلص منها، ثم نكسة حزيران ١٩٦٧، وهزيمة الجيوش العربية، تلاها فترة تخدر عربي وترسخ للأنظمة الديكتاتورية العسكرية التي قضت على الحياة السياسية والثقافية في معظم البلاد العربية.
بدأت البنية الاجتماعية، في العديد من الدول العربية، بالاشتعال، بعد أن أضرم "محمد البوعزيزي" النار في جسده في تونس يوم الجمعة ١٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٠، دون أن يدري أن النار التي أتت على جسده امتدت لتحيي حراكاً أخرج الملايين من صمتها في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والبحرين، تلاه بوتيرة أخف في الجزائر والعراق وفلسطين والأردن والمغرب وعُمان وجيبوتي، وأيضاً مظاهرات عديدة في السعودية والكويت والسودان.لم يعلم البوعزيزي أن حرقه لجسده، كرره أكثر من ٥٠ مواطناً عربياً، وأنه بث الرعب في معظم الهياكل الديكتاتورية المتكلسة في أماكنها منذ عشرات السنوات، وأنه تسبب بخروج الآلاف في مظاهرات في العديد من الدول الأوروبية. تم استغلال الحراك في الدول العربية من قبل حركات سياسية ودينية قامت بتطييف الحراك وصبغه بطابع ديني، كما أدت الخبرة الغَضَّة للشباب العربي في السياسة، وبُعد المناضلين اليساريين عن الساحة إثر تهميشهم لعشرات السنوات، إلى سهولة امتطاء الحراك من قبل القوى الداخلية المرتبطة بمصالح الخارج والدول الكبرى إلى جانب الدول الإقليمية.
شهدت السنوات السبع الماضية في المنطقة العربية خلع حكام ومقتل معمر القذافي في تشرين الأول/اكتوبر ٢٠١١، وعلى عبد الله صالح في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٧، وتغيير رؤساء وحكومات، وسفكاً للدماء، ومقتل وسجن مئات الآلاف من الناس، وتهجير الملايين داخلياً وخارجياً وخاصة في سوريا، وتدمير بنى تحتية سكنية وصناعية وتجارية وانتشار للفوضى، لكن رغم ذلك، ومثل أي حراك في أي بقعة في العالم عبر التاريخ، هنالك بارقة أمل بتغيير تدريجي قد يستغرق سنوات عديدة، لكن التغيير هو قانون يحكم التاريخ.
مؤخراً، وفي فلسطين أشعل الرئيس الأمريكي ترامب الاحتجاجات العارمة، بعد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لـ "إسرائيل" مطالباً وزارة الخارجية الأمريكية بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، بعد تردد ثلاث إداراتالأمريكية بتنفيذ القرار الذي اتخذه الكونغرس عام ١٩٩٥.
لم تقتصر الاحتجاجات على الدول العربية، بل أعربت العديد من دول العالم عن استنكارها لهذا القرار، وعقد مجلس الأمن جلسة طارئة بهذا الخصوص أيضاً، فيما يصعب توقع ما قد ينجم عنه قرار ترامب من أزمات قادمة أو حتى حرب قد تندلع في المنطقة.
من جهتها واجهت لبنان أزمة البقاء دون رئيس لمدة عامين ونصف بين أيار/مايو ٢٠١٤ وتشرين الأول/اكتوبر ٢٠١٦، تلتها أزمة رئيس وزرائها سعد الحريري، الذي قضى أسبوعين في السعودية في ظروف غامضة وغريبة معلناً استقالته التي عاد عنها بعد عودته إلى لبنان، وسط أزمة اقتصادية صامتة تعاني منها البلاد، وتدخل خارجي من دول إقليمية وكبرى.
على الصعيد اليمني أيضاً تكثر التدخلات والأحداث وحكايا القصف والموت والأوبئة والجوع والفقر، وكان أهم ما حصل هو قتل الحوثيين للرئيس المخلوع على عبد الله صالح، بعد تأكدهم من انقلابه عليهم بعد تحالفه معهم لصد الهجوم السعودي على اليمن. وتأتي حرب تحالف السعودية رغبة منها بدرء ما تشعره من خطر إيراني قادم عبر الحوثيين، إلى جانب أهمية اليمن الاستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب، الذي يمر منه ما يقارب خمسة ملايين برميل نفط يومياً، وتطل عليه قواعد عسكرية سعودية وإماراتية وصينية وأمريكية وفرنسية من جيبوتي.
أما إقليمياً ودولياً، فإن تركيا وإيران والصين وروسيا تشهد تقارباً فيما بينها، بعد الخذلان الذي تعرضت له جراء محاولتهم التقرب من الولايات المتحدة، وهذا ما أثبتته تجربة روسيا مع الدرع الصاروخي الذي يقترب من حدودها، ومحاولة الولايات المتحدة تطويق الصين للحد من صعودها الاقتصادي، وتهديد إيران بالاتفاق النووي وتقليم أظافرها جراء تغلغلها الإقليمي، وتحالف الولايات المتحدة مع الأكراد لمحاربة داعش بدل الجيش التركي العضو في الناتو.
من جهتها، تشهد سوريا الآن قضاء نهائي على تنظيم داعش وحصره في جيوب صحراوية معزولة، ومناطق خفض للتصعيد، وعملية سياسية شهدت تقدماً كبيراً، على مستوى المعارضة، من ناحية تمكنها من التوحد في وفد تفاوضي في مؤتمر الرياض ٢ الذي انعقد في ٢٢ و٢٣ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧، قبل أن ينطلق الوفد إلى جنيف للمشاركة في المفاوضات مع وفد الحكومة السورية برعاية الأمم المتحدة. أظهر وفد الحكومة السورية للعالم مماطلته وحججه لتأجيل الحل السياسي إلى أقصى قدر ممكن، للحد من تنازلاته المطلوب تقديمها بعد تقدمه الميداني مدعماً عسكرياً عن طريق الدعم الروسي والإيراني ومن الميليشيات الأخرى.
الولايات المتحدة أكدت عبر وزارة دفاعها أنها باقية في سوريا "طالما كان ذلك ضروريا"، وباتت تمتلك عشرة قواعد عسكرية، وأعلنت عن وجود ١٧٢٠ جندي في سوريا. أما روسيا فتمتلك قواعد في اللاذقية وطرطوس باتفاقية لمدة ٤٩ عاماً للبقاء في سوريا، وبدأت تتعاون مع الأكراد عبر قوات سوريا الديمقراطية في مناطق شرق نهر الفرات، فيما تركيا تسيطر على أراضٍ ومناطقٍ سورية، وتجلب دعماً جديداً لمحافظة إدلب لقتال متشددي "القاعدة"، وتهدد بضرب عفرين، وإيران تمتلك مقاتلين وخبراء وتشرع في بناء مناطق عسكرية، وسهلت وصول سلاح ودعم وقوات للنظام السوري من جنسيات مختلفة.
لا تظهر الأحداث الجارية في الدول العربية، وخاصة في سوريا، إلا استمرار تغلغل السكاكين والمشارط في الجسد العربي وإمعانها في تعذيبه ونزفه للدماء والأرواح والثروات، في انتظار دوران عجلة التاريخ مجدداً والانتقال إلى مرحلة جديدة تحتاج إلى من يضع أسسها، لا نعلم إن كان أصحاب هذه المرحلة قد ولدوا أم بعد، لكن المؤكد أنهم قادمون.
-----------------------------------------------------------------------------------------


دراسة
النظام الرئاسي

هو نظام حكم يقوم على فصلٍ صارم بين السلطات التنفيذية (الرئيس)والتشريعية (البرلمان) والقضائية ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس، في حين يتميز النظام شبه الرئاسي بانتخاب الرئيس لكن الحكومة تنبثق من البرلمان وتكون مسؤولة أمامه وأمام الرئيس.
تتمركز السلطة التنفيذية في يدي الرئيس الذي ينتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر، ويُشكل حكومة لتنفيذ برنامجه السياسي تكون مسؤولة أمامه وليس أمام البرلمان كما هو الحال في النظام البرلماني فصل الصارم بين السلطات فإن البرلمان ليست له صلاحية إسقاط الحكومة كما أنها في المقابل لا تملك صلاحيات حله.
تتجمع السلطة التنفيذية في يد واحدة؛ وهي يد رئيس الدولة وحده، الذي يجمع بين صفتي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويملك اختصاصات وصلاحيات الصفتين. ويساعد الرئيس في القيام بمهامه مجموعة من المعاونين أوالمساعدين؛ يأتي في مقدمتهم الأمناء أو السكرتيرين، وليسوا وزراء.
يُؤخذ على هذا النظام قصوره في تسيير الخلاف السياسي المؤسساتي، فنشوب أي خلاف بين الرئيس والبرلمان قد يؤدي بالبلاد إلى أزمة شاملة تشل أجهزة الدولة وتعطل الاقتصاد، كما يُؤخذ عليه مركزية منصب الرئيس، الذي يهمش دورَ حزبه هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين "وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية" ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بالوقت نفسه، ويكون غير مسؤول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة "الحكومة" من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر.
"ويعطي البعض تعريف للنظام الرئاسي فيرى إنه "ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات"
تعود أصول النظام الرئاسي إلى النظام الملكي في العصور الوسطى في فرنسا، بريطانيا واسكتلندا التي كانت فيها السلطات التنفيذية تصدر أوامرها من التاج الملكي وليس من اجتماعات مجلس الأعيان )البرلمان).
رأى مونتسكيو أن تداخل السلطات يُؤثر سلبا على النظام الديمقراطي دافعا في ذلك بأن تناغم البرلمان والحكومة (الأغلبية والحكومة المنبثقة عنها) قد يكون عامل تواطؤ في التسيير، كما أنَّ الحكومة قد تُحكم قبضتها على البرلمان نتيجة الولاء السياسي لأعضائه، مما يُفرغ مهمته الرقابية من مضمونها ويقضي عليه كسلطة ضامنة للتوازن. سادت نماذج هذا النظام في الغرب بريادة تاريخية للولايات المتحدة التي أخذت بالنظام الرئاسي عام 1787م، وقد أثرت أفكار لوك ومونتسكيو على الجمعية التأسيسية التي انعقدت في فيلاديلفيا في تلك السنة.
ورغم النجاح الباهر لهذا النظام في الولايات المتحدة، فإن تجربة النظام الرئاسي في الديمقراطيات الأوروبية والأمريكية اللاتينية كانت مريرة، مما أجبرها على اعتماد نظام مختلط أو شبه الرئاسي. ففي أوروبا، تسبب الصراع المتواصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية في أزمات عدم استقرار سياسي مزمنة. وفي أميركا اللاتينية، تحولت هذه الصراعات إلى انقلابات عسكرية، أو إصدار الرئيس لمراسيم تنفيذية متجاوزا البرلمان. وقد أوجد هذا الواقع بيئة سياسية غير صحية وتسبب في انتكاسة كبرى للديمقراطية.
أقرت فرنسا النظام الرئاسي في دستور 1848 لكن الصراع السياسي بين السلطة التنفيذية والتشريعية أنهى تلك التجربة بانقلاب عسكري قاده لويس نابليون بونابارت. ونص دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة (1958) على اعتماد النظام المختلط، وتكرس ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية عبر الاقتراع العام المباشر منذ 1962. تعتمد فنلندا وإيرلندا والنمسا النظام المختلط، كما طبقته غالبية دول أوروبا الشرقية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1990.

التاريخ
لقد كان لآراء لوك مونتسكيو في الفعل بين السلطات تأثير كبير على واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في سنة1787 فأقاموا نظامهم السياسي على أساس ذلك المبدأ وقد كان قصد واضعي الدستور الأمريكي اعتماد الفصل المطلق بين السلطات وتحقيق المساواة بينها، غير أن النصوص الدستورية التي قررها أسفرت عن فصل نسبي سمح ببعض التداخل في الاختصاصات كما إن العمل قد أدى إلى رجحان كفه السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة، وهذا النظام يختلف اختلافاً كبيراً عن الأنظمة المسماة خطأ بالرئاسية مثل بعض نظم دول أمريكا اللاتينية أو مصر وهي ليست بذات المعنى القانوني والسياسي في الولايات المتحدة الأمريكية ففي مصر مثلاً يمكن لمجلس الشعب إقالة وزير وفقاً للمادة "126" من الدستور المصري لعام1971 والتي نصت على المسؤولية السياسية الفردية لكل وزير على حده إذ نصت على أن لمجلس الشعب أن يقرر سحب الثقة من أحد نواب الرئيس لمجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم وسحب الثقة يكون بناءً على تصويت مجلس الشعب عقب استجواب تمت مناقشته . ومع هذا تم وضع عدة شروط وضمانات لذلك العمل بيد أنه نص على إمكانية تدخل السلطة التشريعية بعمل السلطة التنفيذية وهناك أيضاً المسؤولية الجماعية للوزراء أمام البرلمان التي نصت عليها المادة "127" والدستور المصري ل عام1971 وهذا غير موجود في أسس النظام الرئاسي.
إن أساس فكرة إقامة نظام سياسي يعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات وهو النظام الرئاسي كانت أفكار لوك إذ وجد أنه في عام1988 وهو عام الثورة في إنكلترا وإعلان وثيقة الحقوق BiII of Riyhts إذ إن القضاة كانوا قابلين للعزل في وقت كانوا فيه خاضعين لسلطة الملك يتصرفون حسب ما يوصي إليهم به، وكانت الأمور تسير على أساس التنكيل بخصوم الملك وتبرئة أنصاره، وبالرغم من تغير وضع القضاة بعد الثورة إذ أصبحوا غير قابلين للعزل إلا بقرار من البرلمان إلا إن هذا التغير في الوضع لم يضمن لهم الاستقلال الكامل في قضائهم والحياد والنزاهة في إحكامهم لأنهم كانوا خاضعين ومتأثرين باتجاهات وميول حزب الأغلبية في البرلمان وهذا ما دفع لوك إلى إدراج القضاء بين سلطات الدولة التنفيذية وعدم اعتباره سلطة مستقلة، لكننا نلاحظ أن القضاء أصبح بمضي الزمن سلطة مستقلة لها ضماناتها وحقوقها. (رايموند كيتل،1960، 285 وما بعدها). وبمرور الزمن استطاع الرئيس الأمريكي الاستئثار بالعديد من السلطات والصلاحيات مما أدى إلى رجحان كفه الرئيس باعتباره مرشح الأمة وممثل الشعب بأكمله وكذلك من خلال السلطات الممنوحة له من قبل البرلمان "الكونجرس" نفسه فالصلاحيات المالية التي يتمتع بها الرئيس قد فوضت إليه وفقاً للقوانين التي صدرت بخصوص الميزانية والحساب الختامي في عام1921. .
وبتوالي الأحداث وانتشار النموذج الأمريكي في الحكم والديمقراطية الأمريكية أدى ذلك إلى محاولة العديد من دول العالم نقل النموذج الأمريكي، لكن الحقيقة تشير إلى الكثير من بلدان العالم لم تنجح في مسعاها ذاك لأسباب تختلف من بلد لأخر بسبب اختلاف المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية... الخ، فالدستور والنظام السياسي هو وليد البيئة الاجتماعية وليس حدثاً طارئاً عليها، ويجب الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي وغيره من الدساتير التي آخذت بالنظام الرئاسي قد تأثرت بشكل كبير بآراء مونيسكيو وخصوصاً كتابه روح القوانين الذي بين فيه نظريته الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات

أسس ومتطلبات النظام الرئاسي
إن النظام الرئاسي يقوم على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن الإشارة إلى هذه الأسس والمتطلبات بالآتي:
1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2-الفصل شبه المطلق بين السلطات.
3 - يكون اختيار الوزراء "الحكومة" بيد رئيس الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسؤولون أمامه فقط.
4 - المرونة الحزبية.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات وفقاً لمجموعة محاور وكما يأتي:
1 - وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة:
يقوم النظام الرئاسي على وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب، ويجمع بين صفة رئيس الدولة ورئيس الحكومة وقد قصد واضعوا الدستور الأمريكي مثلاً بذلك تحقيق المساواة ما بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية فقد ركزوا السلطة التنفيذية بيد رئيس الدولة المنتخب من الشعب، ولذلك أصبح في مركز متعادل مع البرلمان الذي يستمد سلطته من الشعب هو الأخر. (محمد كامل ليله،1968، 570 وكذلك لتفاصيل أكثر حول الظروف التي أدت إلى استئثار الرئيس بالقيادة الأمريكية توضع للنظام الرئاسي، لكن الواقع العملي أثبت أن الكفة تميل لصالح الرئيس إذ أنه ممثل الشعب بأكمله ويتمتع بتأييد غالبيته، بينما النائب في البرلمان وإنْ كان ممثل الشعب بأكمله إلا إنه لا يتمتع بالأغلبية إلا في دائرته الانتخابية والتطور العلمي والثقافي أدى إلى ازدياد دور السلطة التنفيذية وتزايد اختصاصها مع جعل الرئيس يتمتع بقوة ونفوذ في مواجهة البرلمان.
إن الشعب هو من ينتخب رئيس الجمهورية وليست الهيئة النيابية وذلك عن طريق الاقتراع العام سواء أكان مباشراً أم غير مباشر-لذا-فإن رئيس الدولة هو نفسه رئيس الحكومة وهذا يعني أنه لا يوجد فصل بين منصبي رئيس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية "رئيس الحكومة"، وتظهر لنا عملية الانتخاب ووحدة المركز بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة هو إن النظام الرئاسي لا يمكن تطبيقه في النظام الملكي. (ثروت بدوي،1975، 341).
وفي الولايات المتحدة الأمريكية ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام وعلى درجتين "مرحلتين"، ولكن المندوبين الذين ينتخبون الرئيس إنما يتلقون في الواقع-وكما يؤكد ذلك موريس دوفرجيه توكيلاً على سبيل الإلزام. ولكن ما زالت واقعة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية ل عام2000 ماثله في الأذهان إذ إن المرشح الديمقراطي آل غور قد فاز في الاستقصاءات العامة "انتخابات الدرجة الأولى" بينما فاز المرشح الجمهوري جورج دبليو بوش في الانتخابات النهائية "انتخابات الدرجة الثانية" وعلى هذا الأساس فإن مسألة التوكيل على سبيل الإلزام، قد تكون واقعة قانونية بيد إنها في الوقت نفسه مسألة نسبية في كل الأحوال.
ويتضح مما سبق أيضاً أن الرئيس "رئيس الدولة" يسود ويحكم بنفس الوقت، بل إنه يتمتع بصلاحيات وسلطات واسعة جداً.

2 -الفصل شبه المطلق ما بين السلطات:
إن الأساس الذي يقوم عليه النظام الرئاسي هو مبدأ الفصل بين السلطات ولهذا المبدأ تاريخ قديم يعود إلى فلاسفة الإغريق إذ رأى أفلاطون ضرورة توزيع وظائف الدولة وأعمالها المختلفة على هيئات متعددة مع إقامة التوازن والتعادل بينهما حتى لا تستبد هيئة بالحكم في الدولة فتضطرب أحوالها ويؤدي ذلك إلى حدوث ثورات وانقلابات... الخ لذلك نرى أن أفلاطون قد رأى ضرورة فصل وظائف الدولة وفصل الهيئات التي تمارسها عن بعضها على أن تتعاون كلها للوصول إلى الهدف النهائي أو الرئيسي للدولة وهو تحقيق النفع العام للشعب وفي سبيل عدم انحراف هيئات الحكم عن اختصاصها وأهدافها تقرر لها بعض الوسائل الرقابية فيما بينها.
ومع إن البعض يرى أن النظام الرئاسي يقوم على الفصل التام بين السلطات. إنهم استخدموا عبارة الفصل بين السلطات وهم يقصدون مجرد توزيع السلطات بين هيئات مختلفة دون أن يستلزموا إقامة فصل جامد أو حواجز منيعة بين تلك الهيئات.
لقد تصور رجال الثورة الفرنسية أن الدولة التي لا تقوم على مبدأ فصل السلطات تفقد أساسها الدستوري وفسروا مبدأ الفصل بين السلطات بمعنى الفصل التام والمطلق والجامد ما بين السلطات، إذ تنفي كل علاقة أو تداخل بين الهيئات التي تتولى هذه السلطات، وفوق هذا وذاك لم يجعل رجال الثورة الفرنسية من مبدأ الفصل بين السلطات مجرد وسيلة لتحديد السلطة أو ضمانة لحريات الأفراد بل وجدوا فيه مبدأ قانونياً يسند إلى عد كل وظيفة من وظائف الدولة جزءاً منفصلاً ومستقلاً عن أجزاء السيادة الأخرى وتأسيساً لذلك تأسس أول دستور للثورة الفرنسية في 3- أيلول 1791 الذي جعل كل سلطة مستقلة تماماً عن السلطات الأخرى متأثراً بالدستور الأمريكي، وهذا ما أدى في فرنسا إلى الاستبداد وقمع الحريات وإقامة أبشع صور الإرهاب.
إن النظام الرئاسي يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات لذلك نجد الدستور الأمريكي يجعل اختيار القضاة بالانتخاب وينص على عدم إمكانية تعديل نظام المحكمة الاتحادية العليا إلا وفقاً للأوضاع الخاصة بتعديل الدستور نفسه، وكذلك عدم إمكانية الجمع بين العضوية البرلمانية والمنصب الوزاري في مقابل عدم مسؤولية الرئيس والوزراء سياسياً أمام البرلمان، ولا يحق للرئيس بالمقابل حل البرلمان سواء بالنسبة لمجلس الشيوخ أو لمجلس النواب، وليس للوزراء أن يحضروا جلسات مجلس البرلمان بهذه الصفة.
ولكن في حقيقية الأمر ليس فصلاً مطلقاً وإنما توجد له بعض الاستثناءات فلرئيس الجمهورية حق الاعتراض على مشروعات القوانين التي وافق عليها البرلمان، ولكنه اعتراض توفيقي فقط إذ إن البرلمان يستطيع إقرار القانون الذي اعترض عليه الرئيس وجعله نافذاً مباشرةً دون اشتراط موافقة الرئيس في حالة موافقة ثلثي أعضاء البرلمان على المشروع، وفي المقابل يقر الدستور الأمريكي بعض الامتيازات لمجلس الشيوخ يمارسها تجاه السلطة التنفيذية فيستلزم موافقة مجلس الشيوخ لتعيين بعض كبار موظفي الدولة مثل السفراء وقضاة المحكمة الاتحادية العليا وكذلك ضرورة موافقته في مسألة المعاهدات والاتفاقات الدولية ، إذ إن موافقة مجلس الشيوخ ضرورية ولازمة لإبرام أي معاهدة أو اتفاقية دولية ولعل حادثة عصبة الأمم التي هندسها الرئيس الأمريكي الأسبق ودرو ويلسن بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وفي مؤتمر فرساي عام1920 إلا إن عدم موافقة مجلس الشيوخ عليها حال دون دخول الولايات المتحدة الأمريكية للعصبة.
3-يكون اختيار الوزراء "الحكومة" بيد رئيس الدولة فقط دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسؤولون أمامه فقط:
مع إننا سبق وإنْ بينا أن تعين كبار موظفي الدولة لا يتم إلا بموافقة مجلس الشيوخ فإنه قد جرى عرفاً في الأنظمة الرئاسية وخصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية-أن يقوم رئيس الدولة دون تدخل من أحد بتعيين وزراءه أو مساعديه وهو يعينهم كما يحق له إقالتهم دون تدخل من أحد وهكذا ظفرت السلطة التنفيذية متمثله بشخص رئيس الدولة بصلاحيات واسعة وسلطات عظيمة. ويسيطر الرئيس تماماً على وزراءه ويخضعون له ولهم سلطات استشارية فقط معه، مما يروى عن سيطرة الرئيس على وزراءه إن الرئيس الأمريكي الأسبق لنكولن قد لاحظ عند استشارته لوزرائه في إحدى المسائل أنهم أجمعوا على رأي مخالف لرأيه فلم يعتد برأيهم وقال بابتسامه ساخرة "سبعه قالوا لا، واحد قال نعم، إذن هي نعم صاحبة الأغلبية" واتخذ قراراً مخالفاً لرأي مستشاريه- وزراءه-، ومن جهة أخرى فإن الوزراء لا يسألون أمام أي جهة أخرى عدا مؤسسة الرئاسة ممثلة بالرئيس، وإنْ كان هناك المسألة الجنائية التي يرى البعض إنها قد تتحول إلى مسؤولية سياسية إذا كانت الأمور قد سارت بهذا الشكل وذلك الاتجاه. لكنه أمر صعب ولعل قضية مونيكا لوينسكي التي عصفت باركان البيت الأبيض في عهد رئاسة كلينتون خير دليل على ذلك.
4-المرونة الحزبية:
إذ إن النظام الرئاسي يتطلب توافر درجة عالية من المرونة الحزبية، أي عدم التصويت ككتلة حزبية واحدة وقد يثور التساؤل لماذا؟ الجواب إن السلطة التشريعية تمتلك الكثير من السلطات ومن بينها السلطة المالية، والحكومة لا تنبثق من حزب الأغلبية البرلمانية في النظام الرئاسي أي قد يكون رئيس حزب رئيس الدولة لا يستند إلى أغلبية حزبية مماثلة في البرلمان، فإذا حصل تصويت لمسألة ما تقدمت بها السلطة التنفيذية، ولتكن تتعلق بأمور مالية وكان هناك انضباط وصرامة حزبية وهناك معارضة للحكومة داخل البرلمان كان التصويت حتماً سيكون لغير صالح الحكومة، مما يعني حدوث نوع من الجمود الحكومي وعدم قدرة الحكومة على العمل وبالتالي إلغاء مبدأ الفصل بين السلطات أما في حالة المرونة الحزبية فان النائب لا يُلزم بالتصويت مع اتجاه حزبه بشكل قاطع.
وعلى هذا الأساس نرى إن الأحزاب في الولايات المتحدة الأمريكية أحزاب لا تقوم على قاعدة إيديولوجية واجتماعية وإنما تهدف إلى السيطرة على بعض المناطق الإدارية والسياسية.

النظام البرلماني هو نظام حكم يُشكل فيه الوزراء في الفرع التنفيذي من البرلمان، ويكون مسؤولًا أمام هذه الهيئة، بحيث أن السلطتين التنفيذية والتشريعية متشابكة. في مثل هذا النظام، يكون رئيس الحكومة بطبيعة الحال الرئيس التنفيذي وكبير البرلمانيين على حد سواء.
تتميز النظم البرلمانية بفصل غير واضح بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، مما يؤدي إلى مجموعة مختلفة من الضوابط والتوازنات بالمقارنة مع تلك التي وجدت في نظام رئاسي. وعادة ما يكون هناك تمييز واضح في النظم البرلمانية بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة، فيكون رئيس الحكومة هو رئيس الوزراء، ويكون وضع رئيس الدولة في كثير من الأحيان صورياً، هو في الأغلب إما رئيس (منتخب شعبياً أو إما من قبل البرلمان) أو عاهل وراثي (غالباً ملكية دستورية(.
• تصنيف النظم البرلمانية
توجد التصنيفات الآتية:
-الجمع بين عضوية البرلمان وعضوية الحكومة.
من المسموح أن يجمع شخص واحد بين عضويته في البرلمان وعضويته في الحكومة. وفي نظم مثل المملكة المتحدة وألمانيا يتحتم على الوزير أن يكون من ضمن أعضاء البرلمان.
-إسقاط الحكومة من البرلمان:
يقوم البرلمان بمراقبة عمل الحكومة في النظام البرلماني، ويحق له إسقاط الحكومة لأسباب سياسية. ويمكن إجراء طبقا لنظام يسمى "سحب الثقة من الحكومة" الذي يتم بالاقتراع داخل البرلمان. فإذا صوت أغلبية أعضاء البرلمان بإسقاط الحكومة وجب تشكيل حكومة برئيس حكومة جديد. كما يمكن للبرلمان سحب الثقة من أحد الوزراء. عموما تعتمد الحكومة على أغلبيتها في البرلمان في أداء عملها.
-حل البرلمان عن طريق الحكومة:
يحق للحكومة حل البرلمان. أي أن البرلمان هو الآخر يعتمد على الحكومة، إلا أنه في حالة النظام البرلماني يكون حل البرلمان مقترنا بحل الحكومة نفسها في نفس الوقت، ويعتمد في ذلك على النص الدستوري.
أنظمة الحكومة
يمكن تصنيفها طبقا لخمسة أصناف في النظام البرلماني:
-الحكومة الفريدة المشكلة من حزب برلماني واحد،
-حكومة أغلبية حيث يشكل حزب الأغلبية الذي يشغل أكثر من نصف مقاعد البرلمان الحكومة،
-حكومة أقلية، إذا لم تكن الحكومة حاصلة على نصف مقاعد البرلمان، ولكن يؤيدها من أعضاء البرلمان (لأحزاب مختلفة) عدد يزيد عن نصف المقاعد.
-حكومة مركزة، وهي تحوي أعضاء من جميع الأحزاب الموجودة في البرلمان،
-حكومة ائتلافية، وهي حكومة مشكلة من بين أعضاء حزبين أو أكثر ولكنها لا تشمل جميع الأحزاب، لبلوغ تأييد أكثر من نصف أعضاء البرلمان.
يقسم الوزراء اليمين أمام الملك أو رئيس الجمهورية.
النظام البرلماني parliamentary system:
هو نظام حكومة ينقسم فيه الحكم بين هيئتين احدهما الحكومة أو مجلس الوزراء وثانيهما البرلمان الذي يتم انتخاب أعضاءه من قبل الشعب مباشرة ومنه تنبثق الحكومة، ويجوز فيه البرلمان سحب الثقة عن الحكومة، كما يجوز للحكومة حل البرلمان، فهو إذاً نظام يعتمد التعاون والتوازن بين السلطات، وعلى مسؤولية الحكومة أمام البرلمان.
وهناك من يعرف النظام البرلماني بشكل موجز ويرى بأنه ذلك النظام الذي يتضح فيه بوضوح التوازن والتعاون بين السلطات التشريعية والتنفيذية خلفية
النظام البرلماني
هو نظام قائم على الفصل المرن بين السلطات، إذ يسمح بالتعاون فيما بينها، وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن النظام البرلماني يقوم على التفاهم بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولهذا النظام ضمانات تتضمنها الدساتير، وتعدّ إنكلترا مهد النظام البرلماني، ففيها نشأ وتطور حتى استقامت أصوله، وثبتت أركانه. ثم أخذت الدول بعد ذلك تحذو حذوها عنها، مما أدى إلى انتشار هذا النظام في كثير من الدول لما يتضمنه من مزايا عديدة، إلا أن هذا النظام تحول عند التطبيق واتخذ صبغات مختلفة من دولة إلى أخرى، ولكن هذا الخلاف في التطبيق يبقى في إطار الجزئيات، ولا يتناول الأمور الجوهرية في هذا النظام.
التاريخ
من المعروف إن نشأة النظام البرلماني ومهده الأول كانت بريطانيا، وقد تحددت أسسه وخصائصه ومميزاته فيها، وقد مر النظام البرلماني بتطورات كثيرة وفترة طويلة قبل أن يستقر على الشكل الذي هو عليه اليوم، وكذلك الحال بالنسبة للدول التي اقتبست النظام البرلماني فنرى تفاوتاً واضحاً في تطبيقات هذا النموذج.
لقد مر النظام البرلماني بتطورات عديدة كانت موازية ومتناغمة مع تطور التاريخ السياسي لبريطانيا نفسها فمن الملكية المطلقة في العصور الوسطى إلى الملكية المقيدة منذ القرن الثالث عشر إلى النظام البرلماني الذي أخذ صورته الكاملة في القرن التاسع عشر، فبعد أن كان الملوك في العصور الوسطى يتمتعون بسلطات مطلقه أخذت هذه السلطات تنكمش قليلاً حتى تضاءلت تماماً وأصبحت مجرد سلطات إسميه أو رمزية وكان التطور الأخير نتيجة تقرير المسؤولية الوزارية إمام البرلمان، وانتقال سلطات الملك إليهم وفي ظل حكومة أسرة "هانوج" التي وليت عرش بريطانيين من سنة1714 إلى سنة1873 والتي عجز ملوكها عن مباشره سلطاتهم واضطروا لأسباب مختلفة أن يتركوها بيد الوزراء .
إن تطور ونجاح التجربة البريطانية في النظام البرلماني كشكل من أشكال الأنظمة السياسية الموجودة في دول العالم إلى الآخذ بهذا الشكل لأنظمتهم السياسية ولكن اختلاف البيئة الداخلية والخارجية لهذه الدولة أو تلك قد كان لها دور بارز وواضح في نجاح أو عدم نجاح هذه التجربة ولعل فشل التجربة البرلمانية العراقية في عشرينات القرن المنصرم خير دليل على ذلك.
أسس ومتطلبات النظام البرلماني
يقوم النظام البرلماني على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن إيجاز هذه الأسس والمتطلبات وكما يأتي:
1-وجود ثنائية الجهاز التنفيذي.
2-وجود تعاون وتوازن ما بين السلطات.
3-وجود نوع من الصرامة الحزبية أو الانضباط الحزبي.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات بشيء من التفصيل وكما يأتي:
1-وجود ثنائية الجهاز التنفيذي.
إن ذلك يعني وجود منصبي رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، وتكون المسؤولية السياسية ملغاة على عاتق الحكومة، وتكون الوزارة مسؤولة مسؤولية تضامنية أمام البرلمان وهذا يفضي بطبيعة الحال إلى وجود رئيس دولة بغض النظر سواء أكان ملكاً أم رئيساً للجمهورية، غير مسؤول سياسياً أي يسود ولا يحكم ويختص بأمور شكلية وفخرية ولكن رئيس الدولة يسأل جنائياً في الأنظمة الجمهورية "عكس الأنظمة الملكية التي تعد الملك منزه عن الخطأ وبالتالي عن المسؤولية".
ولذلك تبعاً لوظيفة الرئيس تلك انقسم الفقه بشأن دور الرئيس إلى قسمين قسم يرى سلبية ذلك الدور وأنه لا يستطيع ممارسة أي سلطات حقيقة، وقسم يرى أن الدستور يسند له بعض الصلاحيات والسلطات خصوصاً بعد التنسيق مع الوزارة.
أما الجهاز التنفيذي الثاني فهو الحكومة أو الوزارة، حيث أنها هي التي تضطلع بأعباء الحكم بوصفها المحور الرئيس للسلطة التنفيذية في النظام البرلماني لذلك فالمسؤولية السياسية الكاملة تقع على عاتقها أمام الهيئة النيابية، ولذلك فالمسؤولية الوزارية تعد بالفعل حجر الزاوية في النظام البرلماني والركن الأساسي في بنائه وبدونها يفتقد هذا النظام جوهره وتتغير طبيعته وهذه المسؤولية قد تكون جماعية تضامنية أو فردية تتعلق بوزير أخر، وتعني المسؤولية التضامنية أو الجماعية إن الوزارة تكون مسؤولة بمجموعها عن السياسة العامة التي تسير عليها أمام البرلمان ويلزم الحصول على تأييده لها وإذا اعترض البرلمان على هذه السياسة ولم يوافق عليها فإن هذا يعني سحب الثقة من الوزارة وإسقاطها بمجموعها، أما المسؤولية الفردية فتتعلق بمسؤولية وزير واحد عن تصرفاته الخاصة بإدارة وزارته، وسحب الثقة منه يحتم عليه تقديم استقالته من الوزارة .
2-وجود تعاون وتوازن ما بين السلطات.
فالنسبة لهذا الأساس فهو يعني أن توزيع الاختصاصات ما بين السلطات مرن غير جامد، فمع قيام السلطة التشريعية بوظيفة التشريع فإن للسلطة التنفيذية الحق في اقتراح القوانين والتصديق عليها وبالمقابل فإن للسلطة التشريعية الحق في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية والتصديق على الاتفاقيات التي تقدمها السلطة التنفيذية، وتنظيم العلاقة هذه بين السلطتين يكون قائماً على فكرة التوازن بينهما فهناك مساواة وتداخل بين السلطتين، فللسلطة التنفيذية الحق في دعوة البرلمان للانعقاد وحتى حله، وكذلك للبرلمان الحق في استجواب الوزراء والتحقيق معهم وحجب الثقة عن الوزارة أي تقرير المسؤولية الوزارية.
ولعل هذا الأمر واضحاً جداً في بريطانيا حيث أن الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية هو الذي يشكل الحكومة، ورئيس الوزراء يكون رئيس الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية، وهنا تظهر وشائح العلاقة الواضحة ما بين الحكومة "بوصفها جزءاً من السلطة التنفيذية" والبرلمان "بوصفه جزءاً من السلطة التشريعية".
3-وجود نوع من الصرامة الحزبية أو الانضباط الحزبي.
وهو مطلب أساسي آخر، إذ يتطلب النظام البرلماني نوع من الانضباط الحزبي لأنه وكما قلنا فإن الحزب الفائز بالأغلبية البرلماني هو الذي يشكل الحكومة وبالتالي فإن الحكومة. ومن الناحية النظرية سوف تتمتع بأغلبية برلمانية مساندة مما يسهل عمل الحكومة، وقد يثور التساؤل لماذا؟ فالجواب لأننا وكما نعرف إن السلطة المالية مثلاً بيد البرلمان فإنه في حالة وجود انضباط حزبي قد تكون أية خلافات وعدم التزام نائب من حزب الأغلبية بالتصويت لمشروع الحكومة سيؤدي إلى نوع من الجمود في العمل الحكومي. ولذلك نرى انه بمرور الوقت فإن الأحزاب البريطانية ولكونها تتبع النظام البرلماني نرى أنها تتميز بالانضباط الحزبي العالي بل والمركزية المفرطة في بعض الأحيان. لكن هذا لا يعني أنه سيكون هناك دمج كامل للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وكأنهما جهاز واحد يعني انعدام المعارضة لأنه وإنْ كانت هناك أغلبية برلمانية مؤيدة للحكومة لكن هذا لا يلغي وجود المعارضة التي تنتقد أعمال الحكومة "حكومة الحزب الفائز بالأغلبية البرلمانية" إضافة إلى التقاليد الديمقراطية المترسخة منذ زمن طويل لهذه الأنظمة.
بيد إن هذا الكلام وإن أنطبق على الدول المتقدمة ديمقراطياً لكنه لا ينطبق في حقيقة الأمر على الدول ذات التجربة السياسية الحديثة والتي تفتقد إلى الجذور الديمقراطية والى ترسيخ قواعد وأحوال ممارسة العمل الحكومي بأسلوب ديمقراطي.
البرلمان المنتخَب
يستلزم النظام البرلماني وجود برلمان منتخب من الشعب، وقد يتكون البرلمان من مجلس واحد، وقد يضم مجلسين، وفي هذه الحالة يجب أن يكون أحد المجلسين على الأقل منتخباً من الشعب، وتكون الوزارة مسؤولة دائماً أمام المجلس الممثل للشعب، ومهمة هذا البرلمان متشعبة: فهو يقوم بوظيفة تشريعية، مؤداها سَنّ القوانين اللازمة للدولة، وكذلك يزاول البرلمان وظيفة مالية، وتلك الوظيفة تسبق في نشأتها التاريخية الوظيفة التشريعية ضمن التطور العام للنظام البرلماني؛ ذلك لأن البرلمانات تكونت في بداية الأمر للموافقة على الضرائب التي يحتاج إليها الحكام، ولما قويت شوكة البرلمانات وتوطدت مع التطور دعائمها بسطت سلطتها على المالية العامة للدولة، ولم يعد الأمر مقصوراً فقط على الموافقة على فرض الضرائب. وللبرلمان في النظام البرلماني وظيفة مهمة جداً ـ إضافة إلى وظيفتيه السابقتين ـ تتمثل في مراقبة الحكومة (وظيفة سياسية) إذ يمتد سلطان البرلمان إلى محاسبة السلطة التنفيذية عن جميع تصرفاتها، ويراقب مختلف أعمالها، ويناقشها في سياستها العامة التي رسمتها لنفسها، ولا يكتفي البرلمان بهذه المراقبة للحكومة بل يقوم بإرشادها، ويسدي النصح إليها حتى تتجنب مواطن الزلل، ويبلغها رغبات المواطنين حتى تعمل من جانبها على تحقيق هذه الرغبات، مما يؤدي في النهاية إلى تحقيق التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما يجسد وجه المصلحة العامة خير تجسيد.
وتتمثل وسائل الرقابة التي يمكن أن يلجأ إليها البرلمان لمحاسبة السلطة التنفيذية فيما يأتي:
-السؤال: ويُراد بالسؤال استيضاح أمر من أمور الدولة أو لفت انتباه الحكومة لأمر من الأمور، يمكن أن يوجهه أحد أعضاء البرلمان إلى أحد الوزراء في سبيل معرفة حقيقة تصرف معين قام به الوزير، ولا تتعدى مناقشة موضوع السؤال دائرة العضو والوزير المسؤول، فلا يصح لشخص ثالث التدخل في الموضوع؛ لأن مثل هذا التدخل يتنافى مع طبيعة السؤال البرلماني والقصد منه.
-الاستجواب: يعد اللجوء إلى الاستجواب من الوسائل الخطرة بالنسبة إلى مركز الوزارة، ويراد بالاستجواب محاسبة الوزارة كوحدة أو أحد الوزراء عن تصرف معين يتصل بالمسائل العامة، وفي مثل هذه الحالة يتضمن الاستجواب تجريح الوزارة ولومها، ونقد سياستها والتنديد بها، أو تجريح وزير ذاته، وانتقاد سياسته، ولا يُعدّ الاستجواب علاقة بين عضو البرلمان والوزير وحسب، كما هو الشأن بالنسبة إلى السؤال، وإنما يؤدي الاستجواب إلى مناقشات عامة تنتهي باتخاذ المجلس قراراً في موضوع الاستجواب، وهذا القرار يكون في صالح الوزارة أو قد يكون ضدها، ومعنى ذلك أن الاستجواب يترتب عليه غالباً إثارة مسألة الثقة بالوزارة، وقد يصل الأمر نتيجة الاستجواب إلى سحب الثقة منها.
التحقيق البرلماني
يقوم البرلمان في هذه الحالة بتشكيل لجان خاصة بين أعضائه لإجراء التحقيقات اللازمة، لكي يستنير أمامه الطريق في المسائل التي تدخل في اختصاصه، ولكي يكون على بينة من الأمر عندما يتخذ قراراً في شأن ما، وبذلك يستطيع البرلمان عن طريق التحقيق أن يصل إلى عيوب الجهاز الحكومي سواء من الناحية الإدارية أم المالية أم السياسية. وللجان التحقيق البرلمانية أن تتبع إجراءات التحقيق المختلفة المتبعة لدى قضاة التحقيق والمحاكم، وخصوصاً فيما يتعلق بسماع الشهود والخبراء.
المسؤولية السياسية
ويراد بها حق البرلمان في سحب الثقة من الوزارة كوحدة، أو من أحد الوزراء، ويترتب على هذا التصرف البرلماني وجوب استقالة الوزارة أو الوزير نتيجة سحب الثقة منهما، وتعد المسؤولية السياسية حجر الزاوية في النظام البرلماني وإحدى دعاماته الجوهرية، بحيث إذا تخلف هذا الركن لا يمكن أن يوصف نظام الحكم بأنه نظام برلماني.
-وضع رئيس الدولة في النظام البرلماني: يعدّ رئيس الدولة الرئيس الأعلى للسلطة التنفيذية، ويوجد بجانبه رئيس الحكومة، ويكون مرؤوساً له، ويخضع لإرشاداته وتوجيهاته، ورئيس الدولة يكون ملكاً في الدولة الملكية، ورئيس جمهورية في الحكومات الجمهورية.
ورئيس الدولة في الأنظمة البرلمانية غير مسؤول سياسياً، ومبدأ عدم المسؤولية نشأ في إنكلترا، ويعتمد على فكرة أن الملك لا يخطئ، وما دام الملك لا يخطئ فنتيجة ذلك أن يكون غير مسؤول، ويترتب على مبدأ عدم مسؤولية رئيس الدولة نتائج مهمة تتمثل فيما يأتي:
ـ انتقال اختصاصات رئيس الدولة غير المسؤول إلى الوزارة المسؤولة، ويعبر عن هذه الفكرة بأن «الملك يسود ولا يحكم»، ومن ثم فإن رئيس الدولة لا يقوم بوضع السياسة العامة للدولة بنفسه، ولا يضع مشروعات القوانين حسب رأيه الشخصي، ولا يبت في أمر ما وفقاً لميوله وسياسته الخاصة، وإنما تترك كل هذه الأمور للوزارة المؤيدة من البرلمان والمسؤولة أمامه عن كل تصرفاتها.
-لا يستطيع رئيس الدولة أن يعمل منفرداً، ويترتب على ذلك أن توقيع رئيس الدولة على أي تصرف يتعلق بشؤون الدولة لا يكون ملزماً وقانونياً إلا إذا وقَّع على التصرف رئيس الوزراء والوزير المختص.
وإذا كان الأمر على هذا المنوال في النظام البرلماني فإن لرئيس الدولة حقين على جانب كبير من الأهمية، يمارسهما منفرداً. وتقرير هذين الحقين لرئيس الجمهورية من شأنه أن يحفظ التوازن بين السلطة التنفيذية التي يرأسها والسلطة التشريعية التي يتولاها البرلمان، ويتمثل هذان الحقان في تعيين الوزراء وعزلهم، وفي حلّ البرلمان حلاً رئاسياً، ويلجأ رئيس الدولة إلى ممارسة هذا الحق الأخير في أعقاب إقالة وزارة الأغلبية وتعيين وزارة من الأقلية، بهدف تعرف رأي الشعب وموقفه تجاه تصرفه.
ـ وضع الوزارة في النظام البرلماني: الوزارة هي صاحبة السلطة الفعلية والمهيمنة على إدارة شؤون الدولة، وهي مسؤولة عن جميع تصرفاتها أمام البرلمان، وفي النظام البرلماني يجب اختيار الوزراء دائماً من حزب الأغلبية في البرلمان، كما يلاحظ أن الوزارة في هذا النظام تشكل مجلساً يُسمّى مجلس الوزراء يرأسه رئيس الوزراء، وهذا المجلس يشكل وحدة قائمة بذاتها، وهو يدير شؤون الدولة، ويضع السياسة العامة للبلاد، ويصدر القرارات المهمة ويعمل على تحقيق الانسجام بين أعمال الوزارات المختلفة، كما يجب إيجاد تجانس بين أعضاء الوزارة، ويتحقق ذلك باختيار رئيس الوزراء أعضاء وزارته من رجال حزبه الذين لديهم رغبة صادقة في التعاون معه.
ومقابل الرقابة التي يمارسها البرلمان فإن للوزارة آليات معينة تستطيع بوساطتها التأثير فيه بل التحكم أحياناً في أعماله، وهذه الآليات تتمثل أساساً في حق دعوة البرلمان إلى الانعقاد، وفي فضّ دورات انعقاده، كما أن لها الحق في تأجيل انقضاء البرلمان، وهي قبل كل ذلك التي تدعو هيئة الناخبين إلى عملية انتخاب أعضاء البرلمان، كما أن من حقها الاتصال بالبرلمان وحضور جلساته، كما تتمتع بحق حلّ البرلمان في إنكلترا مهد هذا النظام، إذ كان هذا الحق ملكياً ثم أصبح حقاً يملكه رئيس الوزراء ويدخل ضمن صلاحياته الدستورية.
المسؤولية الوزارية
وتجدر الإشارة إلى أن المسؤولية الوزارية هي حجر الأساس في النظام البرلماني، وهي لا تقتصر فقط على نقطة إقالة الوزارة واستقلالها بل تتعداها إلى اختيار الوزارة الجديدة، إذ يشارك البرلمان في هذه العملية، ومشاركته تأخذ صورتين: فإما أن يوافق مقدماً على اختيار رئيس الوزراء الذي يعود فينتقي وزراءه، وإما أن يصوت على الثقة بالوزارة بعد اختيارها وقبل ممارستها أعمالها، وإما بالطريقتين معاً كأن يصوت على اختيار الرئيس، ومن ثم على الثقة بالوزارة بعد تشكيلها، وهكذا فإن أركان النظام البرلماني في الفقه الدستوري ومن خلال مجمل أساليب ممارسة تجاربه تدور حول عنصرين أساسيين: ثنائية الجهاز التنفيذي، أي وجود رئيس دولة ووزارة، وتعاون السلطات التي يحكمها الدستور والقانون وهي السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية.

النظام شبه الرئاسي
أو النصف الرئاسي هو نظام خليط بين النظام الرئاسي والبرلماني. يكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكان في تسيير شؤون الدولة، ويختلف توزيع هذه السلطات بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من بلد إلى آّخر، ويختلف هذا النظام عن النظام البرلماني في أن رئيس الجمهورية يتم اختياره من قبل الشعب، ويختلف عن النظام الرئاسي في أن رئيس الوزراء مسؤول أمام البرلمان ويستطيع البرلمان محاسبته وعزله.

نشأة النظام شبه الرئاسي
تقوم الأنظمة شبه الرئاسية على دستور يشمل قواعد يتميز بها عن النظام البرلماني وقواعده سائدة في المجتمع، فهي تقرر في دساتيرها انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الانتخاب وهو يتمتع بسلطات خاصة، وكذا وجود وزير أول يقود الحكومة التي كما ذكرنا يستطيع البرلمان إسقاطها. فهو كما ذكرنا سالفا نظام مختلط يجمع بين النظامين البرلماني والرئاسي ومن أمثلة الأنظمة شبه الرئاسية النظام الفرنسي والنظام البرتغالي والنظام الفنلندي.
وتختلف هذه الأنظمة من حيث أبعاد السلطات التي تتمتع بها في ضوء موقف وقوة الرئيس الفعلي ويمكن تلخصيها فيما يلي: هو نظام حكم يكون فيه رئيس الدولة ورئيس الوزراء مشاركين بشكل نشط في الإدارة اليومية لشؤون الدولة. يختلف هذا النظام عن الجمهورية البرلمانية في أن رأس الدولة ليس منصباً شرفياً. ويختلف عن النظام الرئاسي في كون مجلس الوزراء، رغم كونه معين من قبل رئيس الدولة، يخضع لرقابة المُشرع (البرلمان) وقد يُجبر على الاستقالة بسحب الثقة عنه.
اتجهت بعض النظم الليبرالية الغربية المعاصرة والتي هي برلمانية في الأصل إلى تقوية سلطات رئيس الدولة والتي هي أصلا ضعيفة حيث يمارسها عنه الوزراء ويسألون عنها أمام البرلمان وهذا لا يتم إلا من منطق وجود شرعية أقوى وهي تلقّي السلطة مباشرة من الأمة (الشعب) بالانتخاب فتصبح وظيفته نيابية، فلا يسأل أمام البرلمان مما يعطيه سلطات إضافية. ومن هذا المنطلق نشأ النظام شبه الرئاسي الفرنسي بداية من 1958 حيث قام الرئيس الفرنسي شارل ديغول بتأسيس ما عرف في التاريخ السياسي الفرنسي بالجمهورية الخامسة، عندما وضع دستوراً جديداً عرض على الاستفتاء الشعبي في سبتمبر من عام 1958 وحصل على الموافقة. وقد مر ظهور الجمهورية الخامسة بعدة مراحل بداية من سقوط الجمهورية الرابعة التي كان للثورة الجزائرية دور بالغ الأهمية في سقوطها، وذهب إلى ذلك الأستاذ أندي هوريو حيت قال " ربما كانت الجمهورية الرابعة قد توصلت إلى إصلاح ذاتها لو أنها استطاعت إنهاء مشكلة استعمار الجزائر" فالدولة فشلت والمتسبب في ذلك حسب ديغول هو نظام الأحزاب مما استدعى ضرورة إصلاح مؤسسات الدولة. فبعد أن استقالت حكومة بفليملين Pflimlin يوم 28 مايو1958، طلب رئيس الجمهورية روني كوتي René Coty من شارل ديغول تشكيل حكومة وهدد بأنه في حال رفض منح الثقة له من طرف النواب فإنه سيستقيل ويمنح السلطة لرئيس الجمعية الوطنية، وفي اليوم الأول من شهر جوان 1958 حصل ديغول على ثقة أغلبية النواب (329 ضد 224) وطلب من البرلمان الموافقة على قانون يمنح للحكومة جميع السلطات وتعديل المادة 9 من الدستور، والمتعلقة بتعديل الدستور، فوافق البرلمان على القانون الأول الذي مكنها من اللجوء إلى الأوامر لمدة ستة أشهر واتخاذ الإجراءات الملائمة قصد الاستقرار، ثم وافق على المشروع الثاني.
وعلى اثر ذلك قدم مشروع الدستور الجديد للجنة الاستشارية لدراسته، وصدر مرسوم تشكيلها يوم 16 يوليو 1958، وبعد دراسته قدم للشعب يوم 28 سبتمبر للاستفتاء فيه بموجب أمر 20 أغسطس 1958 ونال موافقته أيضا، ثم أنشأت المؤسسات الدستورية بموجب الدستور الجديد حيت انتخب نواب الجمعية الوطنية واجتمعت لأول مرة في 09 ديسمبر 1958، وفي يوم 12 ديسمبر 1958 انتخب شارل ديغول لولاية رئاسية أولى من قبل هيئة ناخبة خاصة مؤلفة من أعضاء البرلمان ومستشارين عامين وممثلين عن الأعضاء المنتخبين في المجالس البلدية، أي نحو 80 ألف ناخب كبير. واعتمد هذا النظام لمرة وحيدة وباشر وظائفه يوم 08 يناير 1959 وشكلت الحكومة في نفس اليوم وانتخب مجلس الشيوخ في 26 ابريل 1959. ثم توالت تعديلات الدستور حتى سنة 1962. حين أقيمت أول انتخابات رئاسية مباشرة من طرف الشعب.
ويتميز دستور 1958 بكونه أخذ لأول مرة بنظام برلماني عقلاني يسيطر فيه الجهاز التنفيذي كما حولت للرئيس سلطات واسعة اتجهت إلى تقويته فاقترب النظام الفرنسي الحالي والذي هو برلماني أصلا من النظام الرئاسي ولذلك سمي بالنظام شبه الرئاسي.

الرئيس متمتع بالأغلبية البرلمانية
كلما كان الرئيس يتمتع بمساندة الأغلبية البرلمانية فإن موقف الحكومة قوي بالنظر إلى أن الرئيس هو من يعينها فهو بذلك يكتسب قوة كبيرة تتجاوز أحيانا سلطة الرئيس في النظام الرئاسي، والنظام الفرنسي هو أحسن مثال على ذلك حيث أنه منذ الستينات يتمتع الرئيس بالأغلبية حتى أنه أصبح يقيل رئيس الوزراء رغم عدم وجود ما يخول له ذلك في الدستور ولم يحد عن ذلك إلا سنة 1986 حين عرفت حالة "التعايش المزدوج." Cohabitationوهي الحالة التي يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من اتجاه فكري مناقض للاتجاه الذي يمثله رئيس الوزراء. حيث اضطر الرئيس الفرنسي السابق ميتران "الاشتراكي" عندما فرضت عليه الجمعية العمومية ان يختار السيد شيراك "اليميني الرأسمالي" – الرئيس التالي – المنتهية عهدته-ليكون رئيسا للوزراء عام 1986، كما حلت الجمعية عدة مرات. وبالمقابل نجد الرئيس النمساوي ضعيفا واقعيا، على خلاف الرئيس الفرنسي، مع أنه يتمتع تقريبا بنفس السلطات، وهي وضعية تجعل من الرئيس شخصا شبيها بالرئيس في النظام البرلماني، وذلك لأن الأحزاب السياسية هي التي ارتضت أن يكون المستشار الذي يتمتع بالأغلبية البرلمانية لديه السلطة السياسية ويتمتع بسلطات وفق الدستور ولكن لا يمارسها.
الرئيس لا يتمتع بالأغلبية البرلماني
إذا كان الرئيس لا يتمتع بالأغلبية البرلمانية فإن الحكومة هنا يكون منقوصة من وسيلة المبادرة مما يؤثر على استقرارها، وفي هذه الحالة قد نجد حزبا يمتلك الأغلبية رغم تعدد الأحزاب مثل آيسلاندا (حزب الاستقلال) والبعض الآخر لا يملكها مثل فلندا والبرتغال، ففي الحالة الأولى يستطيع الرئيس أن يترك المبادرة للحكومة، أما الحالة الثانية فإن هذه المبادرة تكون للرئيس نتيجة لعدم سيطرة مطلقة على البرلمان وكذا انقسام الأحزاب، ففي إيرلنداوآيسلاندا مثلا يكون الرؤساء من الضعف بحيث يتركون الحكومات تواجه البرلمانات وتسير سياسة الدولة، فهم يشبهون الرؤساء في الأنظمة البرلمانية بحيث تقتصر مهمتهم على تعيين رئيس وزراء قادر على جمع أغلبية برلمانية مع الاحتفاظ لنفسه بدور المحافظ على النظام وإن كان يمارس سلطة معنوية واسعة.
أما فلندا فإننا نجد الرئيس قويا نتيجة الانقسام الداخلي للأحزاب فهو مجبر على استعمال كل السلطات المخولة لدفع الأحزاب إلى تكوين ائتلاف يسمح للوزير الأول ومساعديه لتسيير شؤون الدولة.


النظام المختلط
تحولت أغلب بلدان أوروبا وأميركا اللاتينية إلى النظام المختلط مدفوعة بالأزمات السياسية المترتبة على النظام الرئاسي والتي غالبا ما تكون لها نتائج سلبية جدا على الاستقرار والنمو الاقتصادي.
ففي فرنسا مثلا، أقر دستور 1848 النظام الرئاسي لكن الصراع السياسي بين السلطة التنفيذية والتشريعية أنهى تلك التجربة بانقلاب عسكري قاده لويس نابليون بونابارت في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 1851.
وفي فرنسا نص دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة (1958) على اعتماد النظام المختلط، وتكرس ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية عبر الاقتراع العام المباشر -وليس بالتصويت في البرلمان-منذ عام 1962.
وتعتمد فنلندا وإيرلندا والنمسا النظام المختلط، كما طبقته أغلب دول أوروبا الشرقية لدى عودتها إلى الديمقراطية مع سقوط المعسكر الشرقي عام 1990.
تُطبق عدة دول أفريقية النظام المختلط وإن كان فصل السلطات فيها صعب التمييز نظرا لسيادة الحكم الفردي، وهيمنة حزب الرئيس في أغلب الأحيان على المشهد السياسي.
يُؤخذ على النظام المختلط أو شبه الرئاسي إخفاقه في ضمان توازن دائم بين السلطات، فحين يتوفر الرئيس على أغلبية في البرلمان يسطو الجهاز التنفيذي بشكل صارخ على البرلمان الذي يكاد يتحول في هذه الحالة إلى غرفة لتسجيل القوانين والقرارات الحكومية دونَ اعتراض أو مساءلة.

أما إذا خسر الرئيس هذه الأغلبية فإنه يكون مضطرا للتعايش مع أغلبية وحكومة مناوئتين، وفي هذه الحالة يتضرر تنفيذ برنامجه السياسي بشكل صارخ.

مزايا النظام
للنظام شبه الرئاسي عدة مزايا نذكر منها
-من حق الحكومة إصدار قرارات لها فاعلية القوانين بشرط موافقة رئيس الجمهورية على ذلك. والحق في اقتراح القضايا التي يجب مناقشتها في مجلس الشعب ويمكن أن تشترط على مجلس الشعب الكيفية التي يجب أن يتم بها مناقشة هذه القضايا كأن تشترط أن يتم مناقشتها بدون تعديل ولا إضافة أوان يتم التصويت عليها بنعم أو لا.
-هذا النظام يعطى لرئيس الجمهورية حق حل مجلس الشعب والمطالبة بانتخابات جديدة للمجلس بشرط ألا يسيء استخدام هذا الحق. بمعنى لا يجب على رئيس الجمهورية المطالبة بانتخابات جديدة للمجلس أكثر من مرة واحدة في كل سنة. ومن جهة أخرى يمكن للجمعية الوطنية فصل رئيس الوزراء أو أي وزير آخر عن طريق سحب الثقة منهم. كما أن لرئيس الجمهورية الحق في فرض قانون الطوارئ. والحق في استفتاء الشعب في قضايا يراها هامة ونتائج هذا الاستفتاء لها قوة القانون في الدولة.
-المرجعية الدستورية في هذا النظام في يد مجلس دستوري. وكيفية اختيار هذا المجلس يختلف من دولة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال يتكون المجلس الدستوري في فرنسا من تسعة (9) أعضاء يتم اختيارهم لمدة تسعة (9) سنوات كالاتى: يختار رئيس الجمهورية ثلاث (3) أعضاء، ويختار رئيس مجلس الشعب ثلاث (3) أعضاء، ويختار رئيس مجلس الشيوخ ثلاث (3) أعضاء. أما في إيران فيتم اختيار أعضاء المجلس الدستوري عن طريق الانتخابات العامة من مجموعة من الفقهاء والخبراء الدستوريين.
عيوب النظام شبه الرئاسي
المشكلة الأساسية التي تواجه هذا النظام هي عندما تتصادم مصالح رئيس الجمهورية مع مصالح رئيس مجلس الوزراء الذي يمثل مصالح البرلمان. وهذه المشكلة عرفت في السياسة الفرنسية "بمشكلة التعايش المزدوج." وهي الحالة التي يتم فيها اختيار رئيس الجمهورية من اتجاه فكري مناقض للاتجاه الذي يمثله رئيس الوزراء. كما حدت للرئيس الفرنسي السابق ميتران "الاشتراكي" عندما فرضت عليه الجمعية العمومية أن يختار السيد شيراك "اليميني الرأسمالي" ليكون رئيسا للوزراء عام 1986. وعليه فمن الواجب على رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء أن يتعاونا وأن يتحدا لكي تنجح الحكومة وتحقق أهدافها.
-إمكانية قيام رئيس الجمهورية بإساءة استخدام حقه في استفتاء الشعب كما هو سائد اليوم في كثير من الدول ذات النظام شبه الرئاسي


مصادر
Steven D. Roper. Are All Semipresidential Regimes the Same?
• Maurice Duverger. 1978 .Échec au roi. Paris.
• Maurice Duverger. 1980.’A New Political System Model: Semi-Presidential Government’ European Journal of Political Research, (8) 2, pp. 165–87.
• Giovanni Sartori. 1997. Comparative constitutional engineering. Second edition. London: MacMillan Press.
• Horst Bahro, Bernhard H. Bayerlein, and Ernst Veser. Duverger s concept: Semi-presidential government revisited. European Journal of Political Research. Volume 34, Number 2 / October, 1998.
• Matthew Søberg Shugart. Semi-Presidential Systems: Dual Executive and Mixed Authority Patterns. Graduate School of International Relations and Pacific Studies, University of California, San Diego. September 2005.
• Dennis Shoesmith. Timor-Leste: Divided Leadership in a Semi-Presidential System Asian Survey. March/April 2003, Vol. 43, No. 2, Pages 231–252
• J. Kristiadi. Toward strong, democratic governance . Indonesia Outlook 2007 - Political June 30, 2008 The Jakarta Post
• Frye, T. 1997. A politics of institutional choice: Post-communist presidencies. Comparative Political Studies, 30, 523-552
• Goetz, K.H. 2006. ‘Power at the Centre: the Organization of Democratic Systems,’ in Heywood, P.M. et al.. Developments in European Politics. Palgrave Macmillan
• Arend Lijphard. 1992. Parliamentary versus presidential government. Oxford University Press
• Nousiainen, J. 2001. ‘From Semi-Presidentialism to Parliamentary Government: Political and Constitutional Developments in Finland.’ Scandinavian Political Studies 24 (2): 95-109 June
• Rhodes, R.A.W. 1995. "From Prime Ministerial Power to Core Executive" in Prime Minister, cabinet and core executive (eds) R.A.W. Rhodes and Patrick Dunleavy St. Martin s Press, pp. 11–37
• Shugart, M.S. and J.Carrey. 1992. Presidents and assemblies: Constitutional design and electoral dynamics. Cambridge University Press.


النظام الرئاسى والنظام البرلمانى بقلم:د.محمد حجازى شريف
النظام الرئاسي وشبه الرئاسي الجزيرة.نت

النظام الرئاسي (السلطة) جامعة بابل



قرن ضائع بين موسكو والاكراد
شهدت المئة سنة الاخيرة محاولات كردية عديدة وجادة لبناء دولة مستقلة وكان لموسكو تأثير كبير ومهم في عدد من هذه المحاولات، فقد اعترف الاتحاد السوفيتي عام 1921 بجنسية الشعب الكردي ضمن أراضيه وبدعم من لينين اعلنت جمهورية كردستان الحمراء في 7 تموز 1923 وعاصمتها لاجين ضمن اقليم ناكورني كرباخ حاليا وكانت جمهورية صغيرة عدد سكانها نحو خمسين ألف يشكل الأكراد 75% من عددهم استمرت هذه الجمهورية ذاتية الحكم التي تتبع اداريا الى اذربيجان ست سنوات حتى عام 1929. حاول السوفييت في البداية ضمان ولاء المجموعات المختلفة ومحاولة كسب الاكراد في تركيا وإيران الا ان وفاة لينين عام1924وتشدد الأذريين القومي وعدم رغبة موسكو ذلك الوقت في ازعاج تركيا وإيران (كما ان الاتفاقات بين ستالين واتاتورك لعبت دورا في نهاية الجمهورية الوليدة بسبب اتصالاتها مع جمهورية ارارات الكردية المعلنة في تركيا 1927) حيث الغيت هذه الجمهورية عام 1929 ثم مورس على سكانها سياسة التتريك الأذرية ولاحقا جرى تهجير الاكراد الى سيبيريا وسهوب كازخستان بتهمة دعم الغزو النازي.
وفي اثناء الحرب العالمية دخلت القوات السوفييتية ايران بدعوى تعاطف الشاه مع هتلر وعملت على اقامة كيانات تابعة لموسكو ومنها جمهورية مهاباد الشعبية الديموقراطية التي أعلن عنها قاضي محمد بدعم من ستالين عام 1946 الا ان اتفاق الدول الكبرى حول تبادل مناطق النفوذ جعل هذه الدولة بدون غطاء وقضى الشاه عليها بعد 11 شهرا من ولادتها وتم اعدام قاضي محمد في مهاباد و بعد هزيمة المقاتلين الأكراد بزعامة "مصطفى برزاني"، والد الزعيم الحالي "مسعود برزاني"، أمام الجيش الإيراني، حصلوا على حق اللجوء السياسي داخل الاتحاد السوفيتي لمدة 12 عاماً، حتى غادروا الأراضي الروسية في عام 1958، ثم حاربوا لتأسيس دولة كردية داخل العراق، وتمكنت موسكو من التوصل لاتفاق بين الأكراد والعراق في عام 1970 يسمح بالحكم الذاتي لأكراد العراق والاعتراف بهويتهم العرقية وحاولت منع انهيار الاتفاق عام 1974. بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسيطرة أرمنيا بدعم روسي على ناكورني كرباخ حاولت (بدعم روسي) اعادة اعلان دولة كردية في لاجين فتم اعلان دولة لاجين الكردية عام 1992 حيث شكل الاكراد الموجودين في ارمينيا عماد هذه الدولة وتم تعيين رئيس اسمه وكيل مصطفايف الا ان النزاع الأذري الأرمني وعدم وجود حامل شعبي جدي جعل نهايتها قريبة وفي النهاية لجأ مصطفايف الى ايطاليا في نفس العام. شهد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 بداية فصل جديد من العلاقات الروسية الكردية، حيث كانت موسكو من أوائل الدول التي قامت بفتح قنصلية عامة في أربيل الا ان الضعف الروسي ذلك الوقت والنفوذ الاميركي لم يجعل للروس دور مهم.
بعد اندلاع (الربيع العربي) جرى تقييم في موسكو أن الدعم الاميركي للإسلاميين من اهدافه محاصرة روسيا ولذلك أخذوا موقف متشدد في سوريا وباشروا تدخلا عسكريا في سوريا بعد خسارتهم لأوكرانيا.
منذ بدء الازمة في سوريا عمل الروس على نسج علاقات مع الاكراد وخصوصا الاتحاد الديموقراطي pyd والحاوي على خبرات حزب العمال الكردستاني العسكرية ولم يكن تسليم مقاتلي الحزب اسلحة من الجيش السوري وايضا مناطق في الشمال الشرقي من سوريا بعيدا عن رأي المستشارين العسكريين الروس كما أن مطار القامشلي حوى غرفة روسية لضمان عدم صدام الجيش السوري والاكراد
تغير الوضع بعد اسقاط القاذفة الروسية في 24 تشرين الثاني 2015 الى علاقات أكثر حرارة مع الاكراد فوجهت دعوة الى حزب الشعوب الديمقراطي ممثل الاكراد في تركيا لزيارة موسكو والتقى زعيم حزب الشعوب صلاح الدين دميرتاش لافروف في موسكو 23 كانون الاول 2015 وادان اسقاط الطائرة الروسية وسلوك تركيا في المنطقة بينما وعده لافروف ان روسيا ستضع في اعتبارها تقييمات حزب الشعوب حول سوريا, وان روسيا مستعدة للتعاون مع الاكراد الذين يقاتلون داعش , عقب الزيارة تم افتتاح ممثلية لحزب الاتحاد الديمقراطي في موسكو في 10شباط 2016, كما غطت المقاتلات الروسية بعض معارك الاكراد ضد داعش وخصومهم من المسلحين.
ويضاف ان روسيا سياسيا لا تمانع بحكم ذاتي كردي لمناطق تواجدهم في سوريا وهذا ما توضح عبر مشروع الدستور الذي حاولت ترويجه. الا ان الحال تغير جزئيا بعد خطوات المصالحة التركية واعتذار اردوغان لبوتين عن اسقاط الطائرة الروسية في 27 حزيران 2016 وبدء خطوات لتطبيع العلاقات فتم اغلاق ممثلية حزب الاتحاد الديمقراطي في روسيا في اب 2016 كما ان خطوات المصالحة التركية الروسية سمحت لأنقرة بفصل القامشلي-عين العرب عن عفرين عبر احتلالها جرابلس والراعي وصولا الى مدينة الباب ومع اتفاق استانا ودخول القوات التركية محافظة ادلب وتثبيت نقاط بوجه الوحدات الكردية تكون تقريبا قد اكتمل حصارها.
ان بقاء الاتحاد الديمقراطي تحت المظلة الاميركية ومسابقة الجيش السوري المدعوم روسيا على آبار النفط والغاز لن يمرا بدون عقاب روسي وبعد قمة سوتشي الثلاثية قد يكون الفيتو الروسي على دخول القوات التركية عفرين محل تساؤل.
وفي مقلب اكراد العراق قال لافروف ان روسيا ساهمت بتسليح البشمركة بوجه داعش لكن اربيل نفت ذلك، وقد تكون الاسلحة وصلت عبر بغداد او إيران الى بشمركة حزب الاتحاد الوطني المتواجد في السليمانية. وفي ظل الازمة المالية الخانقة التي تعصف بالإقليم والمواجهة المصيرية مع بغداد حول الاستفتاء توصلت اربيل (بعيدا عن الحكومة المركزية) وشركة روسنفت الحكومية الى اتفاق حول مواقع استثمار وأنابيب النفط والغاز هذا الاتفاقأقل ما يقال عنه غير عادل للإقليم، كان للاتفاق الاثر الجيد لدى موسكو ولذلك تعاملت مع الاستفتاء بحياد ظاهر ودعم مبطن، إبان الاستفتاء شدّدت موسكو على "التزامها الراسخ بسيادة العراق ووحدت أراضيه"، كما جاء في بيان صحافي صادر عن وزارة الخارجية. غير أنها أضافت أنها "تحترم التطلعات الوطنية للأكراد"، وقال وزير الخارجية الروسي لافروف في مقابلة مع وكالة "روداو" الكردية قبل أسابيع من الاستفتاء "يجب تلبية رغبات الأكراد وأهدافهم المشروعة شأنهم في ذلك شأن جميع الشعوب الأخرى"
وعند تهديد تركيا بوقف النفط عبر خطوط النفط الواصلة الى مرفأ جيهان تدخل بوتين وقال في الجلسة العامة لمنتدى اسبوع الطاقة الروسي أن "الحظر النفطي ضد كردستان، سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط في العالم، وهو أمر قد لا يرغب فيه الجميع" في اشارة لتركيا بأن الامر يمس روسيا بعد الاتفاق النفطي والغازي مع أربيل وأضاف "إن موسكو لا تتدخل في مسألة كردستان، وتصرفات روسيا تهدف إلى عدم اشتعال الموقف. موسكو لا تقوم باستفزاز أحد، فنحن لدينا علاقات طيبة مع الأكراد، ونحاول دعوتهم للحوار ".
ان الاستراتيجية الروسية في المنطقة تقوم على تعبئة أي فراغ ناشئ وان الفضاء الكردي يعطي مجالا واسعا لضبط الطموحات التركية المزعجة لروسيا في اسيا الوسطى او في سوريا كما ان الاكراد يعتبرون سد طبيعي بوجه الاسلام المتطرف وتشكل المسألة الكردية عامل ضغط اضافي في العلاقات مع تركيا وإيران.
عبر الرئيس الروسي عن العلاقة مع الأكراد بقوله "إن موسكو تمتلك علاقات وثيقة مع الأكراد منذ التاريخ". وعند سؤاله في موقع أخر عن قطع العلاقات مع الاكراد بعد هزيمة الارهاب في الشرق الاوسط أضاف "نحتفظ بعلاقات مع الشعب الكردي دائما، ولا أرى أي سبب لقطع هذه العلاقات "
-------------------------------------------------------------------------------------


لجنة اعلان دمشق في اللاذقية. تشرين اول 2017
ملاحظات نقدية على برنامج الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي
-أصدر الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي – برنامجا سياسيا جديدا له في تموز من هذا العام. ما من شك في ان الجهد المبذول فيه يدعو للاحترام سواء اتفقنا أم اختلفنا معه.
ان أفضل طريقة لاحترام هذا الجهد هو الحوار حوله، وبذلك نضيف اليه قيمة جديدة على قاعدة احترام الرأي والرأي الآخر. كثيرة هي المواضيع التي تستحق الحوار أثارها البرنامج عن سوريا لكننا آثرنا ان نبدأ الحوار مع الرفاق حول موضوع بمنتهى الأهمية للعمل السياسي الحالي على الساحة السورية وهو ما يسمونه
( اللبراليون الجدد في سوريا)
ظهر في تاريخ النوع البشري الكثير من المفكرين والمناضلين الذين أرّقهم انقسام المجتمعات البشرية الى طبقات وفئات متناحرة، وبإمكان أي مؤرخ موضوعي رصد تيارين عريضين في هذا المجال .
- تيار رأى أن كل مشاكلنا بدأت مع تعرفنا على الملكية الخاصة، وقد انطلق في رؤيته من المبادئ، من القيم، من الأخلاق، من الرغبات، بدءاً بالأديان ورسلها التي تدعو الى تطهير النفس البشرية من الآثام والشرور ورفض الظلم والاستغلال من قبل الانسان لأخيه الانسان ومّر بالشيوعية الطوباوية وانتهى بالماركسية التي تعتبر نفسها شيوعية علمية.
- تيار رأى بالملكية الخاصة ممر اجباري فُرض على مسيرة النوع البشري على الأرض، وبتعرفه عليها انتقل من البربرية الى الحضارة، واذا أحسنا صنعا في فهم القوانين الاجتماعية ووقفنا الى جانب كل من يريدون توسيع ملكيتهم بجهدهم وعرق جبينهم وحاربنا من يرغب بتوسيع ملكيته على حساب جهد الآخرين لازدهر المجتمع وهو يصعد درجات سلم الحضارة درجة اثر أخرى ، تبلور هذا التيار أخيرا في الفلسفة اللبرالية .
المضحك المبكي في الموضوع هو استطاعة الأغنياء حتى الآن من هضم كل الفلسفات التي حاولت الحّد من جشعهم واستغلالهم للفقراء، فالدين حوّله الى حق الهي لهم في ملكيتهم، أما الماركسية فقد عمّقت الرأسمالية في البلدان التي استلمت فيها السلطة بطريقة أبشع من البلدان الرأسمالية الكلاسيكية، لا تشذ اللبرالية عن القاعدة فقد تحوّلت الى داعم للأغنياء في كل مكان تحت حجة عدم التدخل بقوانين السوق وتركها تعمل بحرية وهو ما تمثل بما عرف تاريخيا باللبرالية المتوحشة او اللبراليون الجدد .
لكن ما يميز الفلسفة اللبرالية عن بقية الفلسفات التي انحازت الى صف الفقراء في التاريخ ضد الأغنياء هو سمتها كفلسفة ذات نهايات مفتوحة بحيث يمكن استعمال منطلقاتها الأولى بما يخدم الفقراء او تطوير المجتمع ككل من جديد على عكس الدين والماركسية ( الدين الأرضي ) كونهما ذات نهايات مغلقة يستحيل تطويرها بما يتلاءم مع الظروف الجديدة .
بكل الأحوال يبقى الكثيرون داخل الأديان والماركسية واللبرالية متمسكون بانحيازهم للفقراء في المجتمع . ونحن نقول هنا بالفم العريض، أن محاربة اللبراليين في سوريا تحت اسم اللبراليين الجدد لا يخدم تطور وتنمية هذا البلد لكون هؤلاء يريدون العودة الى منطلقاتها الأساسية التي تساعد على نهضة البلد وهم ضد اللبرالية المتوحشة ممثلة بتاتشر وبوش وكل اللبراليين الجدد في العالم الذين يريدون استغلال الفقراء تحت يافطة الحرية .
من هنا عتبنا على الرفاق وعلى غيرهم من القوى السورية الذين يصنفون اللبراليين الحاليين في سوريا باللبراليين الجدد والتي تعني ضمنا انحيازهم للأغنياء ضد الفقراء .
دعونا نتعرف أولا على مقولات الرفاق حول اللبرالية .
جاء في البرنامج ص 3
يعمل الحزب على ثلاثة خطوط .
1- خط وطني عام يتلاقى من خلاله الحزب في السياسة مع من يتلاقى معه بغض النظر عن موقعه الأيديولوجي من الأطراف السياسية الأخرى .
2- خط يساري عام يتلاقى فيه الحزب مع قوى يسارية على خط وطني ديمقراطي .
3- خط يساري ماركسي ...الخ .
والوطنية المقصودة مشروحة في الصفحة الخامسة .
(نحن نرى ان الإمبريالية الأمريكية بهيمنتها على العالم تطرح ضرورة وجود برنامج وطني في كل بلد لمقاومة الهيمنة الإمبريالية ومكافحة التبعية المحلية والبحث عن الاستقلال وفك التبعية ليس فقط في الاقتصاد بل في السياسة والثقافة، وهذه مهمة اليساريين الماركسيين في كل بلد مع البحث عن تحالفات محلية واقليمية وعالمية من اجل المساعدة على تحقيق ذلك )
وبناء على هذه الوطنية اخرج الرفاق اعلان دمشق من الخط الوطني . جاء في الصفحة 14ما يلي: أردنا الاعلان عن خط ماركسي معارض وسط حالات كثيرة من تخلي الماركسيين عن ماركسيتهم باتجاه (اللبرالية الجديدة) أردناتثبيت وجود خط مفترق عن خط استبداد السلطة المتدرع بالوطنية وعن خط اعلان دمشق الذي يريد استجلاب الديمقراطية عبر الاستعانة بالخارج. كان يراد الاستمرار بخط وطني ديمقراطي ضد الاستعانة بالخارج ... الخ .
للرفاق نقول : لقد حضر أربعة أعضاء من لجنتنا المجلس الوطني الأول لإعلان دمشق أواخر عام 2007 وتعرّفوا على كل المؤتمرين المجتمعين في بيت رياض سيف ، لا نعتقد بان أحدا من الحضور سواء كان لبرالي ام ديمقراطي كان يريد الاستعانة بالخارج لإسقاط النظام، لكن الماركسيين المتزمتين الصقوا التهمة بمن يسمونهم اللبراليون الجدد وحوّلوا اعلان دمشق الى الصف غير الوطني !
كل ما في الأمر ياسادة ان رفاق الأمس أصبح لديهم رؤيا سياسية جديدة متفارقة مع النظرة الماركسية عن الامبريالية وجوهر هذه الرؤيا هو التالي : ان الدول المسماة امبريالية عند الماركسيين وزعيمتهم امريكا والغرب هي دول غنية وحضارية
( والمقصود بالحضارة هنا مستوى من الاقتصاد والتعليم واحترام الرأي الآخر ) وهذه الدول الغنية بسبب حضارتها يمكن النضال فيها ومعها لمصلحة الفقراء بشروط انسب من الشروط الموجودة في الدول الاستبدادية، بناء على هذه الرؤية بنوا مقولتهم التي جعلت الماركسيين يهسترون - ان الاستبداد اخطر على شعبنا من الإمبريالية- وبما اننا نعاني في بلدنا من الاستبداد فيجب ان تكون الضربة الرئيسية باتجاهه لا باتجاه اللامبالية والصهيونية كما يريد الماركسيون، وهذا لا يعني ابدا نسيان النضال ضد الوجه الإمبريالي عند هذه الدول، لكنه تراجع الى المرتبة الثانية بعرف هؤلاء . اما نغمة الاستقواء بالخارج فهي من بنات أفكار اولئك المتزمتين ايديولوجيا، اعلان دمشق كان وما يزال يريد الاستقواء بحضارة وثقافة البشرية لتعيننا على تجاوز استبداد حكامنا وتخلف بلداننا. الاستقواء بالمجتمع الدولي وبمواثيقه وقراراته حول حماية المدنيين من بطش حكامها المستبدين. يريد كما نادت وثيقته الأولى بالتعاون مع كل الديمقراطيين داخل وخارج النظام انتقال هادئ وسلمي وتدريجي نحو دولة مدنية تقوم ديمقراطيتها على المواطنة، نضيف ان كل اللبراليين داخله الذين حضروا المؤتمر هم من خلفية يسارية ويجهرون بعدائهمللرأسمالية المتوحشة فلماذا هذه النغمة التخوينية ايها الرفاق ؟!
تبدو النغمة التخوينية واضحة في اتهامكم لأمين عام حزبكم السابق -وهو المعروف بصلابته وتضحياته-ليصبح عندكم صاحب نظرية الصفر الاستعماري؟ لمجرد أنه قال في مقابلة صحفية – الاحتلال الأمريكي للعراق نقله من -1 الى الصفر، وهذه العبارة تلخص بذكاء الفهم الجديد للبراليين وديمقراطيين تجاوزا الماركسية. ان انتقال العراق من -1 الى الصفر تعني ببساطة ان الإمبرياليين أرحم بدرجة من الحكام المستبدين .
كان من المؤمل انسجاما مع ما بينته الحياة من أهمية الرأي والرأي الأخر السجال مع رياض الترك ومع غيره بدون نغمة التخوين التي أدمن عليها الشيوعيون في السابق لكل من يخالفهم في الرأي .
ايها الرفاق بدلا من ان نفتش عن النقاط المشتركة بيننا لخدمة قضيتنا السورية بالمعنى الوطني والانساني تذكروننا من جديد بالصراع بين الماركسية واللبرالية أيام ماركس والذي ألهاهم عن النضال المشترك ضد الوجه المتوحش للرأسمالية آنذاك، وهو ما يسهل حاليا على ممثلي هذا الرأسمال في عصرنا فرض قيمهم ومصالحهم على قريتنا الكونية الجديدة . مع ان الحياة قدّمت دروسا مفيدة لو استلهمنا خلاصتها لتمكننا من الضغط عليهم وإجبارهم على تقديم تنازلات لصالح الشعوب في مجال البيئة والاقتصاد معا. على سبيل المثال لا الحصر ,ان اغلب المثقفين من ابناء اللبرالية الكلاسيكية التي تأخذ بالقاعدة العريضة من الفرد الى المجتمع، من الملكية الخاصة الى الملكية العامة أصبحوا يطالبون بقدر من العدالة الاجتماعية ولم يعودا معنيين بالحريات السياسية فقط اما الاشتراكيون فقد دفعهم فشل الاشتراكين في الحكم لإعادة النظر بديكتاتورية البروليتاريا وتقييم أهمية الديمقراطية لأي وطنية أو تقدم اجتماعي .على هذه الأرضية تبرعم تيار ثالث في أكثر من ساحة - يصح تسميته باللبراليين اليساريين- التقى فيه المثقفون من الجهتين.
مثقفون لبراليون أصبحوا أكثر اصغاء لمقولات الماركسيين حول الجانب الاقتصادي، جانب العدالة الاجتماعية ودور الدولة في تحقيقها بناء على تدخلها في توجيه السوق لخدمة تطوير المجتمع وليس لخدمة الأغنياء فقط . ولم تعد اللبرالية تعني عندهم الحريات السياسية فقط ، ودعه يعمل دعه يمر .
ومثقفون ماركسيون استوعبوا الدرس من خلال تجربة الماركسيين في الحكم واصبح لسان حالهم يقول : الديمقراطية السياسية ممر اجباري للديمقراطية الاجتماعية .
ورد في البرنامج فصل عنوانه – آفاق ومهمات - فيه فقرتان جعلتنا نتجاوز النغمة التخوينية للرفاق ونفتح نافذة للحوار.
بدأ الفصل بالكلمات التالية :
( سيقود التدويل للأزمة السورية الى جعل سوريا بعد التسوية التي ستكون مفروضة من الخارج ومحددة بتوازنات دولية تحت هيمنة شعارات معينة على الغالب ستكون بتسلسل القوة الروسي، الأمريكي، السعودي، الايراني –نسيتم التركي سامحكم الله - ولكن سيكون هذا مترافقا مع ديمقراطية حزبية وحريات سياسية تحت سقف الهيمنة الدولية على الوضع السوري سينهي نظام الثامن من آذار 1963 وسيكون هناك مشهد سوري جديد سيكون متعددا من تيارات سياسية أربعة وفق تسلسل القوة : اللبرالي، الإسلامي، الماركسي، القومي ...الخ ) وانتهى الى الخلاصة التالية :
(الماركسيون علمانيون بالضرورة من حيث ان العلمانية هي – حيادية الدولة تجاه الأديان والطوائف والعقائد السياسية – ويسعى الحزب الى صياغة دستور جديد على اساس ذلك ويجب ان يكون باب الحياة السياسية مفتوحا أمام كل القوى السياسية القائلة بالدستور والتعدد الفكري السياسي ونبذ العنف وبتداول السلطة .
أيها الأعزاء نحيلكم الى ما قالته لجنتنا في اللاذقية في كل ندواتها ووثائقها وتقاريرها ودراساتها - منذ ان تشكلت قبل عشر سنوات وحتى الآن - عما تسمونه أزمة في سوريا ونحن نسميها ثورة( وذلك يحتاج لحوار آخر منفصل ) . والذي يؤكد على ان العامل الخارجي له الأولوية في التغيير الاجتماعي داخل قريتنا الكونية الجديدة التي أصبحنا كجنس بشري فيها رغما عنّا. يبدو انكم وصلتم الى نفس النتيجة .
الأهم منها هي الفقرة الثانية التي نتفق معها بالكامل وتجعلنا نرى بكم وبكل الماركسيين المتواجدين ضمن الهيئة العامة - سواء كانوا افرادا ام فصائل حلفاء حقيقيين للعمل من اجل سوريا المستقبل- ولنبدأ العمل بروح الشيوعي الايطالي الكبير غرامشي بحيث نغزو المجتمع من أسفل الى اعلى ونحاصر عبر عمل تنافسي شريف وسلمي تقوم به التيارات الأربعة المذكورة مع الجماهير قلاع الرجعية في كل محافظة بحيث نجعل المجتمع الدولي يرى فينا ثقلا على الأرض يريد في سوريا تنمية عريضة لمصلحة كل طبقات المجتمع وليس لمصلحة وكلاء مافيا بوتين وترامب والفاشيين الأوروبيين في الداخل السوري
ختاما ايها الرفاق اننا في لجنة اعلان دمشق في اللاذقية التقينا مع الكثير من كوادركم بداية هذا القرن عندما كنا أحد الأصوات داخل منتدى الحوار الثقافي في اللاذقية، كان لأحد كوادركم وما يزال كلام عن اللبراليين فيه الكثير من النزق والفوقية لدرجة ينقل عنه قوله يجب على الأجهزة الأمنية التعامل مع أصحاب هذا الصوت الجديد بوصفهم مجرمين جنائيين وليسوا مجرمين سياسيين، وكل كتاباته عن اللبرالية في جريدة الأخبار تحديدا يصب في طاحونةشيوعي الجبهة الوطنية ومن هم على حوافها مثل جماعة قدري جميل التي تنظر الى اللبراليين في اللاذقية بوصفهم سرب ذباب يحمل كل الأوساخ والمكروبات، وجماعة فاتح جاموس التي تتبنى نفس مفهومهم عن اللبراليين،كما انه يسند موتورين ماركسيين في محافظتنا يرفضون حتى اطلاق تسميتكم (اللبراليون الجدد )بل المتلبرلون الجدد أي مدّعو اللبرالية . وهذه المهاترات على ما نعتقد تضعفنا في المحافظة وتجعل من المعفشين فيها وتجار السلاح والمتطفلين من كل جهة يسرحون ويمرحون فيها بينما نحن مشغولون في المهاترات بيننا.
بدلا من نهش لحوم بعضنا ايها الرفاق الأجدى بنا التعاون من اجل خلق سوريا جديدة تطوي صفحة الاستبداد وتجعله الاستثناء في تاريخا الحديث لنعود الى القاعدة وهي فترة الخمسينات وما شهدت من تداول للسلطة وتعاون بين اللبراليين والاسلاميين والماركسيين والقوميين من اجل نهضة سوريا .
لجنة اعلان دمشق في اللاذقية . تشرين اول 2017

تعقيب على ملاحظات (لجنة اعلان دمشق باللاذقية)على برنامج حزبنا:
بداية نشكر الإخوة والرفاق في (لجنة اعلان دمشق باللاذقية)على الملاحظات المقدمة والتي يمكن أن تكون فاتحة لحوار بين قوى سياسية متخاصمة منذ عقد ونصف من الزمن على قضايا فكرية- سياسية قادت إلى تباعدات تنظيمية.
لن ندخل في الرد على التناولات الشخصية لبعض أعضاء حزبنا.بل سيكون ردنا على المواضيع المطروحة.
في الحقيقة لم يتشكل (تيار الليبرالية الجديدة)من خلال تبلورات فكرية انتقلت إلى السياسة والتنظيم كماحصل في (حركة القوميين العرب)بفروعها المختلفة عندما انتقلت من النزعة العروبية إلى الماركسية بعد حرب1967وتشكلت على إثر ذلك تنظيمات مثل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- منظمة العمل الشيوعي في لبنان...إلخ)بل كان هناك مراهنة سياسية عند معارضين سوريين ماركسيين،في(الحزب الشيوعي- المكتب السياسي)و(حزب العمل الشيوعي)و(حزب العمال الثوري العربي) مع مثقفين في (لجان احياء المجتمع المدني)،على تصادم واشنطن ودمشق في عام2003إثر غزو العراق،ومن هنا جاء تصريح الرفيق رياض الترك بعد خمسة أشهر ونصف من سقوط بغداد حول (الصفر الاستعماري)ودعوته اللاحقة لتحبيذ المراهنة على الضغط الأميركي على النظام لاحداث تغيير داخلي سوري،وماتبع ذلك من دعوته لتغيير اسم الحزب وأيديولوجيته الماركسية.نحن اختلفنا مع رفيقنا رياض الترك ومن وقف معه في حزبنا على هاتين النقطتين وظللنا في بيت(الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي)وهو ذهب بناء على ذلك وأسس(حزب الشعب الديمقراطي)و(اعلان دمشق)في عام2005.ليس صحيحاً أنه لم تكن هناك مراهنات على سيناريو عراقي في سورية من قبلكم،ونحن سمعنا من الكثير منكم شخصياً ذلك وسمعنا أقوال تؤيد غزو واحتلال العراق وبعضكم كان يقول ب"نثر الرز أمام الجندي الأميركي إن دخل سوريا"وبعضكم كان مؤيداً علناً لمافعله الأميركان في مدينة الفلوجة في شباط2004،كماأن اعلان دمشق في جلسة مجلسه الوطني عام2007قد جرى به انقسام واسقاط مرشحي(الاتحاد الاشتراكي)و(حزب العمل الشيوعي)بسبب الخلاف على (الموقف من المشروع الأميركي في المنطقة)وهذه شهادات سمعناها بالحرف من ممثلي الحزبين المذكورين في اللجنة التحضيرية لذلك المجلس.
خلاصة القول:ليس الموضوع تحولاً فكرياً من (الماركسية)إلى (الليبرالية)بل مراهنات سياسية ثبت بعد خمسة عشر عاماً مقدار خيبتها واصطدامها بحائط الفشل.نحن عارضناها من منطلق مبدئي حيث لانرى في التجربة الأميركية في العراق تقدماً وهي عملياً لم تنتج أكثر من تقوية ايران وتفجر الخلاف السني- الشيعي إضافة إلى أنه ولد من رحمها جنيني (أبو مصعب الزرقاوي)و(ابوبكر البغدادي).لم نعارضها فقط لأننا كنا نتوقع أنها لن تتحقق في سورية،حيث لايريد الأميركان أكثر من "تغييرسلوك النظام"كماصرحت كوندوليسا رايس منذيومذاك،بل لأننا نعارض مبدئياً حدوث أواحداث التغيير الداخلي بأيدي أجنبية،فمن يطبخ الطبخة هو الذي سيأكلها وهو الذي سيحدد من يجلس على المائدة ومن سيأكل،وكنا نرى بأن الاستعانة بالأجنبي ستقود البلد إلى المجهول.
نحن نعتقد الآن بأن كل ماقلناه بين عامي2003و2005قد ثبت صحته وأن كل ماقلتموه آنذاك وعملتم من أجله قد ثبت فشله.
-----------------------------------------------------------------------------------------


من الحركة الشيوعية العربية:
أحمد صادق سعد
مناضل في الحركة الاشتراكية المصرية منذ أوائل الأربعينيات. وهو مفكر ماركسي بارز، عرف بطروحاته المتميزة حول النمط الأسيوي للإنتاج، وباجتهاداته الماركسية الخاصة في هذا المجال. وله العديد من المؤلفات، أبرزها كتبه الفكرية التاريخية الهامة منها: تاريخ مصر الاجتماعي-الاقتصادي، االفكر المعاصر
ولد أحمد صادق سعد في يناير 1919 في شبرا، تخرج من كلية الهندسة في أوائل الأربعينيات.
وقد ارتبط أحمد صادق سعد في أواخر الثلاثينيات بـ "الرابطة السلمية" التي كان الشيوعي السويسري المعروف بول جاكو ديكومب قد أسسها في مصر إثر مؤتمر أمستردام، إلا أن الرابطة سرعان ما حلت نفسها إثر نشوب الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939.
وغداة حل "الرابطة السلمية"، شارك أحمد صادق سعد في تكوين "جماعة البحوث"، والتي ركزت على إعداد دراسات عن الواقع الاجتماعي المصري المعاصر وعن تاريخ الحركة القومية المصرية. وفي عام 1941، شارك أحمد صادق سعد في تأسيس "لجنة نشر الثقافة الحديثة" التي ترأسها سعيد خيال، والتي نظمت عدداً من الندوات التي كان يتردد عليها مثقفون يساريون.
وفي عام 1945، نشر أحمد صادق سعد كراس "مشكلة الفلاح". وقد دعا هذا الكراس إلى تحديد حد أقصى لملكية الأرض الزراعية لا يزيد عن خمسين فداناً، وإلى مصادرة الأراضي التي تزيد عن هذا الحد وتوزيعها على الفلاحين المعدمين وإلى إنشاء تعاونيات زراعية إنتاجية. وفي عام 1945، شارك أحمد صادق سعد في إصدار مجلة "الفجر الجديد" حتى إغلاقها في يوليو 1946 ضمن إطار الحملة المعادية للشيوعية التي شنها إسماعيل صدقي.وفي عام 1946، شارك أحمد صادق سعد في تأسيس منظمة "الطليعة الشعبية للتحرر"، وتولى قيادة هذه المنظمة حتى منتصف عام 1948. وقد غيرت هذه المنظمة اسمها في عام 1951 إلى "طليعة العمال" ثم في عام 1957 إلى "حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري".
وفي عام 1946، نشر أحمد صادق سعد كتاب "فلسطين بين مخالب الاستعمار"، وهو ثاني كتاب يساري يصدر باللغة العربية في مصر عن الصهيونية، حيث كان أنور كامل قد نشر قبل ذلك بعامين كتاب "الصهيونية".
وعند صدور قرار تقسيم فلسطين في نوفمبر 1947، عارض أحمد صادق سعد القرار على صفحات نشرة "الهدف" الشيوعية السرية، إلا أنه اضطر إلى التراجع عن هذه المعارضة إثر انتهاء حرب فلسطين، مسايراً بذلك الخط السوفييتي الرسمي تجاه المسألة الفلسطينية.
وفي عام 1979، نشر أحمد صادق سعد كتابه الرئيسي: "تاريخ مصر الاجتماعي – الاقتصادي"، الذي حاول أن يقدم فيه رؤية جديدة للتاريخ المصري تستند إلى أطروحة ماركس المعروفة عن "النمط الآسيوي للإنتاج"، والتي كانت قد لقيت رواجاً بين صفوف عدد من الباحثين الماركسيين الفرنسيين خلال الستينيات.

تواريخ سورية
في أيار (مايو) 1967، كانت الاشتباكات الحدودية السورية-الإسرائيلية، التي نتجت أساساً عن تعدي إسرائيل على المنطقة منزوعة السلاح، قد وصلت ذروتها. قامت إسرائيل باعتداءات واسعة على أهداف سورية في الجولان، وحشدت قواتها على خط الهدنة مهددة بغزو سوريا. ردت مصر، التي كانت تربطها بسوريا اتفاقية دفاع مشترك، بحشد قواتها أيضاً في سيناء. تصاعد التوتر في المنطقة، وقامت مساع دولية حثيثة لمنع نشوب الحرب، إلا أن إسرائيل فاجأت العالم بعدوانها على مصر والأردن صباح 5 حزيران (يونيو) 1967. ابتدأ العدوان الإسرائيلي بضربة صاعقة للقوة الجوية المصرية والأردنية، تقدمت بعدها القوات البرية الإسرائيلية في سيناء والضفة الغربية للأردن لتحتلها في غضون أربعة أيام. في 9 حزيران (يونيو)، ورغم قبول الدول العربية بوقف إطلاق النار، هاجمت إسرائيل القوات السورية في الجولان، وتمكنت من احتلال هذه الهضبة الاستراتيجية بحلول يوم10 حزيران (يونيو) 1967 أي خلال يومين فقط.
----------------------------------------------------------------------------------------


___________________







زوروا صفحتنا على الفايسبوك للاطلاع و الاقتراحات على الرابط التالي
http://www.facebook.com/1509678585952833- /الحزب-الشيوعي-السوري-المكتب-السياسي
موقع الحزب الشيوعي السوري- المكتب السياسي على الإنترنت:
www.scppb.org

موقع الحزب الشيوعي السوري-المكتب السياسي على (الحوار المتمدن):
www.ahewar.org/m.asp?i=9135













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا