الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
اعلام -الصدمة-، وتجربتى مع معهد واشنطن!
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
2017 / 12 / 29
مواضيع وابحاث سياسية
اعلام "الصدمة"، وتجربتى مع معهد واشنطن!
سعيد علام
القاهرة، الجمعة29/12/2017م
اعلام "الصدمة والرعب" !
"الصدمة والرعب" كفيلان بان يتقبل الناس اى "اجراءات" قد تخلصهم من هذا الشعور الجمعى بالرعب، اوهكذا يأملون، لكنهم سرعان ما يكتشفوا ان هذه "الاجراءات" الجديدة هى الرعب بعينه. (1)
وان لم يكن "الرعب" متوفراً بالقدر الكافى لتمرير "اجراءات" قاسية ومؤلمة، يمكن ببعض الاجراءات "التحفيزية"، يقوم على اثرها اعلام "الصدمة والرعب" بتجسيد هذا "الرعب الكافى" من اوضاع هى اقل من كونها اوضاع مرعبة، حتى يمكن تمرير هذه "الاجراءات". كما كاتب السيناريو، الذى يأخذ شئ من الواقع ويبنى عليه ليحصل على السيناريو الذى يريد. فمثلاً، فى اعقاب اضطرابات سياسية لا تهدد بحرب اهلية، يمكن ببعض الاجراءات المباشرة او الغير مباشرة، ومع التفعيل الاعلامى الواجب، اعلام "الصدمة والرعب"، يمكن تحفيز الشعور الجمعى للوصول به الى شعور "حقيقى" بالرعب. ومع التقدم الهائل فى مجالى الاتصال والاتصالات، اصبح للاعلام دوراً حاسماً فى الترويج للسيناريو المستهدف، "الصدمة والرعب"، من اجل تمرير اجراءات اكثر قسوة وايلاماً من الاوضاع السابقة، وهو ما يفسر على المستوى المصرى، الانتشار الجماهيرى الواسع لتعابير "الترحم" على ايام مبارك، من الذين هم انفسهم من ازاحوه!.
تعتبر تجربة كندا من الامثلة الملفتة عن دور اعلام "الصدمة والرعب" فى الترويج لصورة مزيفة عن ازمة مفتعلة، "الازمة الوهمية"، كجزء من استراتيجية عالمية، استراتيجية "العلاج بالصدمة" لافساح الطريق امام الليبرالية الجديدة الاقتصادية، ففى عام 1993 كانت كندا فى منتصف كارثة اقتصادية، هذا ما كان يمكن استنتاجه من قراءة الصحف ومشاهدة المحطات التلفزيونية الشهيرة، بالرغم من السلم والرخاء الذى كانت تنعم به كندا، الا ان شركات كبرى فى "وول استريت" هددت بانها ستقوم بتخفيض تصنيف رصيد كندا القومى، ومن ثم سيسحب المستثمرون اموالهم من كندا لاستثمارها فى مكان اخر اكثر امناً، وطرحت ان الحل الوحيد المتوفر لتلافى ذلك هو ايقاف الانفاق كلياً على بعض البرامج المتعلقة بالبطالة والتأمين والرعاية الصحية، وبالطبع التزم الحزب الليبرالى الحاكم بهذه التوصيات بالرغم من انه انتخب على اساس انه سيوفر فرص عمل!.
اعربت صحافية استقصائية كندية تدعى ليندا ماك كوايج، بعد مرور سنتين على "هستيريا العجز" عن ان شعوراً بالازمة قد صنع وجرى التحكم فيه من قبل هيئات استشارية تمولها اكبر المصارف والشركات فى كندا. عانت كندا بالفعل من مشكلة عجز، لكن السبب لم يكن برنامجى البطالة والتأمين وغيرهما من البرامج الاجتماعية، لقد بينت الاحصاءات ان السبب كان ارتفاع معدلات الفائدة التى زادت من قيمة الدين. قصدت الصحافية شركة "مودى" فى "وول ستريت" وتحدثت الى احد كبار المحللين والمسئول عن اصدار تصنيف رصيد كندا، قال لها شيئاً لافتاً، وهو انه تعرض لضغط مستمر من قبل مدراء الشركات الكندية ومن المصرفيين كى يصدر تقارير سلبية بشأن وضع البلد المالى. لكنه رفض الاذعان للضغوط لانه اعتبر كندا مكاناً مستقراً وممتازاً للاستثمار. هذه "الازمة الوهمية" التى يجرى الترويج لها بخلق حالة من الهلع، بتسريب معلومات اكثر تشاؤماً، تمثل المحتوى المعتمد لاعلام "الصدمة والرعب".(2)
تجربتى مع معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى !
كان مقالى الذى منع نشره فى "معهد واشنطن" لدراسات الشرق الادنى، الذى يتسائل عن: لماذا "اختار" السيسى، اولوية الغاء "الدعم" وليس "الغاء الفساد"؟!. ولان المقال كان يمس احتمالات التأثير "السلبى" على السياسة والاقتصاد المصرى (الذى اصبح واقعاً الان)، حال اللجؤ لواحدة من اخطر المؤسسات المالية العالمية، بشروطها العنيفة "صندوق النقد الدولى"، ولان المال هو الحاكم الحقيقى للعالم، فقد ماطل طويلاً "معهد واشنطن" لدراسات الشرق الادنى، من اجل ان اغير من مسار المقال، من كون موضوعه: تكرار السيسى – وقتها كان مازال يكاد يكرر - للخطأ الذى سبق وان ارتكبه مرسى، باتخاذه مساراً يفقدة الزخم والدعم الشعبى الهائل الذى واكب صعود السيسى لسدة السلطة فى مصر، هذا الدعم الشعبى الذى لاغنى عنه لاى رئيس لتحقيق تقدم فى المعركتين الرئيسيتين، التنمية والامن. اما فى حالة مرسى، كان فقدانه للزخم الشعبى الهائل المرتد عن انتفاضة 25 يناير 2011، كان بسبب التفاته لـ"لاهله وعشيرته" بدلاً عن، التفاته لغالبية الشعب المصرى، شعب يناير!، اما فى حالة السيسى، كان بسبب اتجاهه لـ "الغاء الدعم"، خط الدفاع الاخير لدى الغالبية العظمى من الشعب المصرى، فى حين ان حجم الفساد فى مصر اضعاف اضعاف حجم الدعم، اى ان الاولى "الغاء الفساد"ً وليس "الغاء الدعم" وفقاً لسياسات الصندوق للعلاج بالصدمة لرفع يد الدولة وفتح السوق على مصراعيه لقانون السوق "الغاب"!
لقد الح "معهد واشنطن" تكراراً، فى ان يتم حصر المقال فى الازمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر، فقط!، اى تضخيم الازمة فقط وفقاً لدور "اعلام الصدمة والرعب"، اما دروس التاريخ (السياسة)، فلايجب التطرق اليها، خاصة وانها تؤدى بالضرورة الى الموقف من واحدة من اخطر الادوات المالية، فى عصر ما بعد الرأسمالية، "صندوق النقد"!.
وكان ردى الاخير، التالى:
عزيزى ....
تحية طيبة
لم اكن ارغب فى التعليق على تعليقات السادة "كبارالباحثين بالمعهد" (كما ورد برسالته) الا ان الاصرار عليها اضطرنى الى ذلك ..
التعليق الاول لكبار خبراء المركز:
" نرجو أن يركز هذين المقطعين على موضوع التدهور الاقتصادي وارتفاع معدل الفساد. فموضوع الإخوان وانعزالهم لا يشرح الأزمة الحالية." (الملاحظة الاولى، كما هى واردة من كبار الباحثين بالمعهد).
وكان ردى على هذا التعليق: كما سبق وان اوضحت، موضوع المقال ليس الازمة الاقتصادية الحالية، وانما هو موضوع اخر، عن اوجه الشبه بين انعزال مرسى عن قطاع كبير من الشعب فسهل عزله، وهو ما يكاد يكرره السيسى، وان كان عبر سيناريو مختلف، بالغاء دعم الفقراء، اللذين يمثلون قطاع كبير من الشعب ايضاً، وهو ما يعنى انعزال السيسى عنهم، وهو موضوع المقال ويتضح بجلاء من عنوانه: "خطأ "مرسى" التاريخى، يكاد يكرره "السيسى"! .. الا ان كان السادة "كبار الباحثين" يعلقون على مقال اخر، او يحاولون فرض موضوع آخر!.
(ورد بالتعليق خطأ لغوى، حيث ورد "هذين المقطعين"، الصحيح "هذان المقطعان!").
التعليق الثانى لكبار خبراء المركز:
" نرجو طرح حلول للازمة الاقتصادية او بعض التوصيات التي تؤدى للوصول إلى حلول." (الملاحظة الثانية، كما هى واردة من كبار الباحثين بالمعهد).
وكان ردى على هذا التعليق: مرة اخرى، السادة "كبار الباحثين" لا يكتفون بافتراض موضوع بخلاف موضوع المقال الاصلى، انما ايضاً، يطلبون "توصيات بحلول" للموضوع الذى افترضوه هم انفسهم!.
التعليق الثالث لكبار خبراء المركز:
وهو التعليق الوارد برسالتكم بتاريخ 21/9
" من غير الواضح ما الخطاء الذى ارتكبه مرسى والذى لابد للسيسي أن يتجنبه، والذى أدى إلى التأثير على الحالة الاقتصادية ؟ نرجو توضيح ذلك في المقدمة . يبدو للقارئ أن هذا الخطاء هو خطاء سياسي يتمثل في إقصاء التيارات الأخرى وليس خطاء اقتصادي . نرجو التوضيح".
وكان ردى على هذا التعليق: مرة اخيرة، "الخطأ" هو - كما اوضحنا سلفاً -، هو الانعزال عن قطاع كبيرمن الشعب، وان كان وفقاً لسيناريوهات مختلفة، وهو ما تم اعادة توضيحه فى مقدمة النسخة المعدلة من المقال بناء على رغبتكم بالرغم من وضوحه الجلى "توضيح المتوضح"!
ايضاً ان الارادة السياسية التى اختارت الغاء دعم الفقراء، بالرغم من ان مواجهة الفساد هى الاولى بالمواجهة، حيث ان حجمه يمثل اضعاف حجم الدعم الذى يتم الغاؤه!، ذلك "الاختيار" للارادة السياسية، لا يمكن تسميته "خطأ اقتصادى"، ولا حتى "خطأ سياسى"، فى السياسة لا مجال لتعبير"خطأ" اصلاً، انها المصالح .. !.
تحياتى للسادة كبار الباحثين بالمعهد.(3)
"الصدمة والرعب" داعمى التحكم والسيطرة السياسية !
تعتبر الازمة الاقتصادية سلاح مهم فى المعركة السياسية، فمثلاً، من اجل تخفيض الضرائب يجب تخفيض الانفاق الحكومى على البرامج الاجتماعية، كالصحة والتعليم، وبما ان هذه البرامج يؤيدها الغالبية العظمى من الشعب، فالطريقة الوحيدة لتطبيقها هى التبرير "اعلامياً" بانه فى حالة عدم تطبيقها سيحدث انهيار اقتصادى على مستوى الوطن.
جريمة "الابادة الاقتصادية" !
من المدهش حقاً ان لا تشمل تخصصات محكمة العدل الدولية، حتى الان، جريمة "الابادة الاقتصادية"، المتمثلة فى ان السياسات المخططة والممنهجة التى تؤدى الى خفض المستوى المعيشي، دون خط الفقر لقطاع عريض من الشعب، خاصة فيما يتعلق بمستويات التغذية والعلاج والتعليم، هى وسيلة فعالة للتخلص التدريجى من جزء من هذا الشعب!. العبقرى فى هذه السياسات المخططة والممنهجة، انها لا تقع تحت طائلة قوانين تجريم جرائم الابادة الجماعية!.(4)
سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam
المصادر:
(1) جريمة "الابادة الجماعية" الرائعة !
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=579913
(2) عن الكتاب الملهم "عقيدة الصدمة"، صعود رأسمالة الكوارث. للكاتبة والباحثة الفذة، الامريكية، كندية الاصل، نعومي كلاين.
https://www.4shared.com/office/WE6mvlL6/____-_.htm
فيلم مترجم للعربية عن نفس الكتاب. https://www.youtube.com/watch?v=YRDDQ9H_iVU&feature=youtu.be
(3) المقال الممنوع نشره فى "معهد واشنطن" لدراسات الشرق الادنى:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=559200
(4) جريمة "الابادة الجماعية" الرائعة !
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=579913
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فرنسا.. عمل أقل، حياة أفضل؟ • فرانس 24 / FRANCE 24
.. جنوب لبنان جبهة -إسناد- لغزة : انقسام حاد حول حصرية قرار الح
.. شعلتا أولمبياد باريس والدورة البارالمبية ستنقلان بصندوقين من
.. رغم وجود ملايين الجياع ... مليار وجبة يوميا أُهدرت عام 2022
.. القضاء على حماس واستعادة المحتجزين.. هل تحقق إسرائيل هدفيها