الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين: وتتواصلُ الخرافة وتتمدّد

مالك بارودي

2017 / 12 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فلسطين: وتتواصلُ الخرافة وتتمدّد
.
يقول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في كتابه "تفسير القرآن الكريم":
"لن ينجح العرب فيما أعتقد - والعلم عند الله - في استرداد أرض فلسطين باسم العروبة أبدا؛ ولا يمكن أن يستردوها إلا باسم الإسلام على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، كما قال تعالى: (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) [الأعراف: 128]؛ ومهما حاول العرب، ومهما ملؤوا الدنيا من الأقوال والاحتجاجات، فإنهم لن يفلحوا أبدا حتى ينادوا بإخراج اليهود منها باسم دين الإسلام ، بعد أن يطبقوه في أنفسهم؛ فإن هم فعلوا ذلك فسوف يتحقق لهم ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر، والشجر، فيقول الحجر، أو الشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله" [متفق عليه]؛ فالشجر، والحجر يدل المسلمين على اليهود يقول: "يا عبد الله" باسم العبودية لله ، ويقول: "يا مسلم". باسم الإسلام.؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يقاتل المسلمون اليهود"، ولم يقل: "العرب".
ولهذا أقول: إننا لن نقضي على اليهود باسم العروبة أبدا؛ لن نقضي عليهم إلا باسم الإسلام؛ ومن شاء فليقرأ قوله تعالى: (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) [الأنبياء: 105] فجعل الميراث لعباده الصالحين؛ وما علق بوصف فإنه يوجد بوجوده، وينتفي بانتفائه؛ فإذا كنا عباد الله الصالحين ورثناها بكل يسر وسهولة، وبدون هذه المشقات، والمتاعب، والمصاعب، والكلام الطويل العريض الذي لا ينتهي أبدا!! نستحلها بنصر الله عز وجل، وبكتابة الله لنا ذلك. وما أيسره على الله.! ونحن نعلم أن المسلمين ما ملكوا فلسطين في عهد الإسلام الزاهر إلا بإسلامهم؛ ولا استولوا على المدائن عاصمة الفرس، ولا على عاصمة الروم، ولا على عاصمة القبط إلا بالإسلام؛ ولذلك ليت شبابنا يعون وعياً صحيحاً بأنه لا يمكن الانتصار المطلق إلا بالإسلام الحقيقي!! لا إسلام الهوية بالبطاقة الشخصية!!"
.
مشكلة المسلمين الأساسية هي في إتباعهم للإسلام والإحتكام إلى القرآن ذي اللغة المنافقة والزئبقية، فالإسلام هو الذي يسمّم حياة المسلمين منذ أربعة عشر قرنا، والعثيمين في كلامه هذا يحث المسلمين على تناول جرعة أكبر من سمّ الإسلام ويزعم أن في ذلك خلاصهم من كل مشاكلهم وإنتصارهم على الآخر، وفي هذا المقطع هذا الآخر هو العدو الأزلي والأبدي للمسلمين منذ عهد محمد بن آمنة: اليهود. مرّت مياه كثيرة تحت كل جسور العالم، لكن المسلمين لم يتغيروا وبقوا متجمدين عند ذلك التاريخ السحيق، في عصر قريش وبني قينقاع وبني ثعلبة وبني طرطور... يحتكمون لكتاب زئبقي يقول الشيء ونقيضه ويزعمون أنه كلام إلهي. ألا بئس هذا الإله الذي لا يستطيع أن يتخذ موقفا واضحًا ويتمسّك به.
.
إذن، الحلّ عند العثيمين ليس في التعلّم والتّحضّر والتشبّع بقيم العصر الحاضر وترك الهمجيّة والبداوة والإنسلاخ عن الأوهام الدينية وخرافات الإسلام والقرآن والتوجّه إلى الواقع والتعامل معه كما هو، بما يقتضيه زمننا، بل الحلّ الأساسي والمفصليّ يكمن في تطبيق الإسلام... تطبيق الإسلام على أنفسهم ثمّ على الآخرين... لكن، أيّ إسلام يريد تطبيقه العثيمين؟ هناك أكثر من مليار نوع من الإسلام اليوم، فكلّ مسلم يعتقد نفسه على "الإسلام الحقيقي" ويزعم أن كلّ الآخرين على خطأ، وهناك من الطوائف والمذاهب والملل والنّحل في الإسلام ما يشيب له الرّأس... فأيّ إسلام تريد تطبيقه، يا هذا؟ وأيّ إسلام هو "الحقيقي"؟ وما أدلتك العلمية والعملية على ذلك؟ ولا تقل لنا قال طرطور عن عرعور عن شرشور، ولا قال تعالى وقال تزحلق، فهذه ليست أدلّة ولا قيمة لها... ولكن، رغم ذلك كله، وقبل هذا وبعده، أليس واضحًا أن الواقع والتاريخ يكذبان خرافات الشيخ ويثبتان أنّه كلّما حاول المسلمون تطبيق الإسلام حلّت الكوارث والجرائم وجثم الإرهاب على البلاد وسكّانها. ولكم في زمننا الحاضر عبرة وأمثلة لا تُحصر ولا تُعدّ.
.
ثمّ، ينطلق الشيخ للتدليل على صحة مزاعمه في الإحتكام إلى قصّة لا تليق حتى بمجلّات مثل "ميكي ماوس": قصة الشجر أو الحجر ووشايته باليهودي الذي يختبئ خلفه. أهذا دليل؟ ومن سمع أصلًا بحجر يتكلم أو بشجرة تتحدث حتى نُصدّق؟ ومتى تكلما حتى يكون هناك إحتمالٌ لتكرار الأمر في وقت لاحق لا أحد يعرف متى سيأتي وحتى الحديث لا يحدّده، تاركًا المسلم مغسول الدماغ في حالة إنتظار دائم وأبدي. إنّها فقط إستراتيجية الأديان في السيطرة على عقول أتباعها بجعلهم دائما وأبدا في حالة ضبابية من الإنتظار الدّائم...
.
ويزيد الشيخ في تعميق خرافة "الإسلام" التي يمني بها أتباعه بأكاذيب من قبيل هذه: "ونحن نعلم أن المسلمين ما ملكوا فلسطين في عهد الإسلام الزاهر إلا بإسلامهم؛ ولا استولوا على المدائن عاصمة الفرس، ولا على عاصمة الروم، ولا على عاصمة القبط إلا بالإسلام". إن كان هذا ما تعلمه فعلا فأنت جاهل وأحمق ولا منطق لديك، وإن كان هذا جرّد كلامٍ لتسويق خرافتك فأنت منافق وكاذب. أمّا التاريخ فيُعلمنا بأن المسلمين ما كانوا ليدخلوا أيّ مكان في العالم لولا إحتكامهم للسّيف وإعتمادهم على الإرهاب والقتل والسّبي والنّهب. ولعلّ أبسط وأحسن دليل على خرافة عدم إنتشار الإسلام بالسّيف الحادثة المسماة "فتح مكة". أقرب الناس للمسلمين أتباع محمد وفي حياته (أي في حضوره وقبل هلاكه) لم يقتنعوا بالإسلام ولا أعاروا القرآن أيّ إهتمام، رغم أنّه بلغتهم كما يُزعم، فلا تحدّثونا عن الفرس والرّوم وأقباط مصر وأمازيغ شمال إفريقيا الذين لم يكونوا يعرفون العربية أصلا. لكن أعجبتني كلمة "إستولوا" التي قالها العثيمين، وهي دليل ضده وضدّ خرافته، لكن لمن يستطيعون القراءة بين السطور. فالإنسان لا يستولي على شيء أُعطي له طوعًا كما أنّه لا يستولي على ما هو في الأصل ملكٌ له، لكنّنا نقول أن فلانا إستولى على هذا الشيء أو ذاك إذا إغتصبه من أهله وأصحابه أو سرقه أو تحيّل للحصول عليه بأيّة طريقة. فلفظ "إستولوا" يدلّ على أخذ المسلمين لشيء لا يخصّهم ولا علاقة لهم به، غصبًا وإكراهًا.
.
ويواصلُ الشّيخ في نفس المسرحية الكوميدية، بعد كل ما نقلناه من كتابه، فيقول:
"ولعل بعضنا سمع قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حينما كسرت الفُرسُ الجسور على نهر دجلة، وأغرقت السفن لئلا يعبُر المسلمون إليهم، فسخّر الله لهم البحر، فصاروا يمشون على ظهر الماء بخيلهم، ورجالهم، وإبلهم، يمشون على الماء كما يمشون على الأرض لا يغطّي الماء خفاف الإبل، وإذا تعب فرسُ أحدهم قيّض الله له صخرة تربو حتى يستريح عليها، وهذا من آيات الله - ولا شك -، والله تعالى على كل شيء قدير، فالذي فلق البحر لموسى - عليه الصلاة والسلام - ولقومه، وصار يبسًا في لحظة، ومشوا عليه آمنين قادرٌ على ما هو أعظم من ذلك."
.
يا سلام على المعجزات... يا سلام على قدرة الله، التي لا تظهرُ إلا في قصص الأقوام الغابرين والموتى وفي الأزمنة الماضية والتي لا يمكن الرجوع إليها للتحقق من صحّة ما رُوي عنها.
.
إنّ القصة من البلاهة والحماقة بمكان بحيث لا أجد تعليقًا يليق بها. ولكن، أليس هذا نُسخة من البلاهة والحماقة القرآنيّة؟ فلماذا الإستغراب أصلًا.
.
------------------------------------
الهوامش:
1.. تفسير القرآن الكريم، محمد بن صالح العثيمين، دار إبن الجوزي، 2003، ج1، "تفسير سورة البقرة"، ص 169-170.
2.. نسخة من الصفحات موضوع المقال:
http://ahewar.over-blog.com/2017/12/tafsir-ben-otheymin.html
3.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
4.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
5.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كرامات السيد ابو تفله
ابو علي النجفي ( 2017 / 12 / 29 - 22:33 )
صحيح ... !! لماذا المعجزات والكرامات والانبياء والمغامرات وقصص البحر والحوت والطوفان ووووو كلها ظهرت كما يقال في الزمن الغابر ولم تظهر في زماننا الأغبر هذا . لماذا نترك فقط لمعجزات وكرامات بن عثيمين وعميرين وعليوين . ومن هم الاكثر سذاجة وبلاهة نحن ام الغابرين السالفين . ومن هن الذين يستحقوا ان يروا المعجزات هم ام نحن ياترى ... ؟؟

اخر الافلام

.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53


.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن




.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص