الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المدينة والمجتمع في -زرقاء بلا ذنوب- -سعادة أبو عراق-

رائد الحواري

2017 / 12 / 30
الادب والفن


المدينة والمجتمع في
"زرقاء بلا ذنوب"
"سعادة أبو عراق"
مدينة الزرقاء لم تكن ودودة مع ساكنيها، فكل من عاش فيها يعلم أنها تفتقد الملاعب والحدائق العامة، التي تمتع اهلها وتخلق مجتمعا زرقاويا، ورغم اتساعها، ليس فيها إلا مكتبة عامة فقيرة في كتبها وفي حجمها ونوعيتها، وهي مدينة فارغة من الساحات العامة، وفقيرة في مراكزها الثقافية والاجتماعية، كل هذا يجعلها تأخذ صفة المخيم أكثر مما تأخذ صفة المدينة، فهي قرية كبيرة، ومن يشاهدها لا برى إلا كتلا اسمنية متلاصقة ومتراصة، وإذا ما علمنا بأن نمو السكان فيها يأخذ بعدا تصاعديا لا بتفق مع زيادة الخدمات فيها كماً ونوعاً، وهذا يرينا حجم المشاكل التي يعاني منها السكان، وإذا ما علمنا أن سكانها هم من "العمال والجنود" ص71، نعلم حجم المأساة التي يعاني منها الزرقازيون، والاحتياجات الحيوية التي يفتقدونها.
القاص "سعادة أبو عراق" يقدم لنا واقع هذه المدينة من خلال هذه المجموعة التي تحمل عنوان "زرقاء بلا ذنوب" وأعتقد بأن العنوان موفق جداً، لأنه يتحدث عن المدينة وعن سكانها، فهو يبرّئ المدينة، لأنها خالية من الذنوب، فالشوارع والابنية ليس لها ذنب، فهي من صنع البشر وما تشكلت من تلقاء نفسها، إنما يدين سكانها، بما بقترفون من السلبيات التي يمارسها المواطن العادي أو المسؤول المتنفذ.
استطاع القاص "سعادة أبو عراق" خلال عشرين قصة أن يبين لنا العديد من سلبيات المجتمع الزرقاوي، منها ما جاء بشكل جاد وواقعي، كما هو الحال في قصة "شارع السعادة"، ومنها ما جاء بشكل ساخر كما في قصة "قصر شبيب" وقصة "شارع الإسلام"، منها من تناول الواقع الطبقي كما هو الحال في قصة "مقبرة الهاشمية"، كما تناول في قصة "عويجان"، النواحي الوطنية، فكان منها من انتهى نهاية سعيدة كنهاية قصة "شارع النزهة" وقصة "سينما النصر" فالمجموعة تكاد ان تكون بانوراما شاملة للمدينة ولسكانها، خاصة إذا ما أخذنا عناوين القصص، التي تحمل كل واحدة اسم الحي أو المكان الذي تدور به احداث القصة.
دائما الحديث عن المجموعات القصصية متعب في لملمة اجزائها المتباعدة لعرض محتوى وافكار وجماليات اكبر عدد من القصص، واستخراج زبدتها، كما هو الحال في الرواية، ومع هذا سنحاول أن نعطي المجموعة صورة شبه كاملة، لأن القاص "سعادة أبو عراق" سهل علينا الأمر، من خلال تحديد المكان، والمواضيع المتقاربة التي تناولها، و خاصة إذا ما أخذنا الزمن الذي كتبت فيه المجموعة هو النصف الأول من عام 2007 تحديدا، كما يمكننا الاستنتاج بأن اللغة المستخدمة فيها لغة سردية متجانسة، كل هذا يسهل علينا الحديث عن مجموعة "زرقاء بلا ذنوب"
1 - "شارع النزهة" تتحدث هذه القصةعن "نايف فضي" الذي يعمل كاتب معاملات أمام المحكمة، تأتي "زكية عبد الصابر"(المرأة التي أحبها "قبل أربعين سنة)ص11، وكان لهما مغامرات الفتيان، تأتي لترفع قضية نفقة على أولادها، لكن "نايف" يذكرها بالماضي الذي كان بينهما، وأخيرا يطلب منها الزواج به، فتوافق، "(ذن ... نكتب استدعاء لعقد الزواج؟) ص14، ما يحسب لهذه القصة أنها تتحدث عن الكيفية التي كان عليها المكان في السابق، (استردت بصرها السارح عبر السيل الجاف")ص10، اشارة إلى أن السيل ما كان جافا في السابق، بل كان يجري طوال العام، ونجد اشارت توحي إلى موت الطبيعة الخضراء في المدينة: "(اسألي هذه الكينا التي شاخت) ص11، فالمدينة في السابق كانت أبهى مما هي عليه الآن، بعد أن استباحتها الكتل الاسمنتية ولم تبق من اللون الأخضر شيئا.
2 - "المخيم" مخيم الزرقاء أحد معالم المدينة، لكن القاص يتجاوزه ويحدثنا عن الطريقة التي تتوسع فيها المدينة، فبعد حرب العدوانية على العراق في عام 1990، والتي انعكست سلبا على السكان، بحيث اجبر العديد من المواطنين العودة إلى الزرقاء التي لا تتسع أصلا لسكانها الحاليين، فما بالنا في قدوم مجموعات هاربة من الحرب؟ (وفي اقصى الغرب من الزرقاء، ... تقف سيارات كثيرة ذات لوحات كويتية وسعودية واماراتية، وشاحنات تنزل العفش منها، وخيام، تقام قريبة من بعضها) ص20، بهذه الطريقة تم توسيع المدينة، فكأنها تعيش وتنمو على نكبات الآخرين، فكلما كانت هناك حرب نمت الزرقاء (اسمنتيا) وليس كمدينة عصرية تنموا وفق تخطيط مسبق فيها ملاعب وحدائق ومنتزهات ومرافق حيوية وخدماتية وثقافية ورياضية.
3 - مقبرة الهاشمية" تتحدث عن حال الأغنياء، الذين يعملون حراسا على أموالهم وثرواتهم، بحيث لا يتمتعون بها، ويتركونها للورثة، حبث سيتمتعون بما سيئول لهم ما كنزه، (في اليوم الثالث كان أقرباؤه يحظون بغنيمة ما كانوا يأملون بها، أراض وكواشين وأرصدة وعقود إيجار) بينما كان يتحدث عنه المشيعون بهذا الكلام: (لم يهتم به أحد في أيامه الأخيرة، لم يزره أحد)ص23،( يقال إن أحد المارة أحسن إليه مرة بعشرة قروش فقبلها) ص26، وليس هذا فحسب، بل نجد قبره بهذا الحال: " (ينتظر من يبني عليه ضريحا) ص2. ما يحسب لهذه القصة من جمالية أن الكاتب ربط نهايتها بحدث تلفزيوني (كان التلفزيون الأردني يعيد بث مسرحية الورثة، بناء على طلب الجمهور) ص28، وبالتأكيد هذه الاشارة تدل دلالة على استدامة سلوك هؤلاء (حراس الأموال).
4 - "سينما النصر" من أجمل القصص التي تتحدث عن شخصية "بدر بدران" الذي عاث فسادا في الزرقاء، بحيث لم يترك حرمة بيت إلا وانتهكها من خلال مركزه الرفيع في الحكومة، ولم يترك أحداً من شره، فاضطهد الحزبيين (لقد جاء ليفتش في عقولهم، فيما يقرؤون،) .. (وكذلك الحزبيون الذين يفرخون خونة في المخيم وفي الاحياء والمدارس) ص32، إشارة إلى سلبية نظرته لسكان المخيم، الذي يشكلون خطرا على "بدر بدران".
و لم يكتف القاص بهذه الآراء السلبية وملاحقة سكان المخيم، بل نجده يصدر تعليمات بـ (ممنوع عليهم الاستماع لإذاعة صوت العرب، والكلام في السياسية، والتجمع لأكثر من اثنين) ص32، أما زمرته فكانت أكثر قذارة منه، لأنها كانت: (يراقبون النساء الجميلات، ويعرفون أهاليهن، ويعتقلون الأب أوالأخ أوالزوج، ويغَيَّب حتى تأتي المرأة مستعطفة، فيقضون أمرا كان مطلوبا) ص33، مثل هذه القذارة كان لا بد من مواجهتا، فكان "زياد" الذي تعرضت خطيبته للتحرش والمضايقة من "بدر بدان" فيقوم زياد بما كان يجب أن يقوم به المجتمع بكافة شرائحه: (فبادره بلكمة على وجهه، فسقط بعيدا، ويغشى على بصره) ص33و34، لكن هذه العلقة لم تكن لتتم لو أن رجال الشرطة تدخلوا في الصراع، لكنهم أيضا مواطنون ووجدوا في ضرب هذا النكرة "شفاءا للصدور" ولهذا نجد الموظفين الرسمين والجهات الحكومية تبدي تشفيا به عندما زاروه في بيته زيارته لها معناها (..لم يستطع اخفاء جروحه وكدماته ورضوضه، ... قرأ نظرات التشفي في عيونهم، وادرك أنها نهايته)ص35، وما يحسب لهذه القصة أن نهايتها كانت سعيدة وإيجابية، (رشح زياد نفسه للانتخابات البرلمانية وفاز فوزا ساحقا) ص35.
القاص في هذه القصة حاول أن يكون قريبا من واقع القمع والاضطهاد الذي عاشه سكان الزرقاء، فحالة القمع كانت مستفحلة في الزرقاء دون سواها من المدن، وكأنه بهذه القصة أراد أن يصفع الماضي البائس الذي مرت به المدينة وسكانها.
5 - "حي معصوم" يتناول فيها حال عمال الكسرات الذي يبذلون قصارى جهدهم لكي يحصلوا على لقمة العيش لأسرهم، فالعمل الشاق ينطوي على العديد من المخاطر والتي تصل حد الموت، فتفقد الاسرة من يعيلها أو يقف إلى جانبها، حتى أن البلدية تقوم ب " ( لقد جعلتم بيتنا الترابي، والمكان الذي هُرسً فيه أبي، ملكا للبلدية)ص42، لكن هل توقف الأمر عند الاستيلاء على البيت؟ يحيبنا الراوي (ولا املك أن أرى المكان الذي هُرس فيه ابي وقد أصبح مجلس أرجيلة) ص42.
ما يحسب لهذه القصة أننا نجد فيها مجموع من الصور الجميلة الرمزية في ذات الوقت، (هل ذهب قلبي مع قلابات الرمال أم ذهب دمه مع الحصى والتراب، وأي عمارة في الزرقاء بنيت بقلبي المفطور وعظام أبي) ص41، بالتأكيد هنا اشارة رمزية إلى العمار الذي يكون على حساب العمال وأسرهم.(فأبي الذي انتقمت منه الصخور، عقابا على تكسيره لها، لتتسع الزرقاء كل هذا الاتساع) ص42، أيضا نجد شيئا من الرمز من خلال "تكسير الصخور" و "لتتسع الزرقاء" وكأن هناك موت يلازم عملية البنيان الاسمنتي في الزرقاء.
6 - "نادي الضباط" تتحدث هذه القصة عن "فاروق بازرجي" الذي يعيش مع عقدة الضباط الانجليز وتقليدهم ، وهو يرفض العيش أو البقاء في الزرقاء لأنها: (بلد البدو والعمال واللاجئين) ص49، لكنه بعد أن يتزوج من "فريال" تتخذ حياته منحى جديدا، بمعنى أنه وجد ضالته في التعبير والتعويض عما يعانيه من عقد: (وما زال يرى في الذهاب إلى نادي الضباط برفقة زوجته كما كان الانجليز يفعلون ـ أمرا يعيد له عهد الشباب) ص50، لكن بطلنا لا يكتفي بهذا التقليد بل نجده يعيش في عالم الماضي، (هناك سلمت على جلالة الملك) ص51، ومثل هذه الشخصية المريضة المختلة ستكون نهايتها بهذا الشكل: (على الدرجة الأخيرة، اهتزت عصاه وثقل وزنه، ولم تستطع فريال أن تعينه، سقط... وتدحرج درجات كثيرة. وحينما استقر، كان بلا صوت او حراك) ص52، فمثل هذا النهاية تحمل شيئا من القصاص العادل لهذا المختال المريض والمعقد.
7 - "حي رمزي" تتحدث عن فكرة جميلة تتمثل في اختيار أحد الطلاب الصغار " (قصي)(ليقوم بدور رئيس البلدية بكامل الصلاحيات، "فالزرقاء، زهرة بلا اريج، نموها العشوائي، يدل على قيادة لا تحسن التدبير) ص57، بهذه الخاطرة فكر "قصي (لكن المدراء وكبار الموظفين راحوا يقدمون مطالبهم الشخصية لهذا الرئيس الجديد) المفاجأة جاءت عندما وُضِعت كل الطلبات أمامه وكان من المفترض أن يوقع عليها، فالمنصب السيادي الرفيع ـ رئيس بلدية ـ ليس بالمكان العادي، خاصة لطالب مدرسة، فيأخذ في التفكير بما يحتاجه هو كطفل من البلدية وما يتمناه (أن يدخل حديقة مكتوب عليها للأطفال فقط،... إذن فليأمر بأن تكون هذه المساحة حديقة عامة، وليس على بابها من يتقاضى رسما للدخول)
(... فلماذا لا توجد مكتبة عامة قرب بيتهم، إذن فلتكن مكتبة للأطفال في حي رمزي) ص59، طبعا تكون نهاية القصة بأن يوقع هذا الرئيس على هذه الحاجات الحيوية للمدينة.
أهم ما في هذه القصة أنها جاءت لتحكي عن حاجات ومتطلبات المواطنين في الزرقاء، لكن بإسلوب القص االأدبي ، لهذا فهي جميلة، وعندما جعل القاص "الطفل" يقدم على تصليح حال المدينة، أراد به أن يشير إلى ضرورة أن نكون نحن الراشدين أكثر علما وعملا من هذا الطفل. وبالمناسبة بنت البلدية منتزها في هذه القطعة
8 - "قصر شبيب" قصة ساخرة تتحدث عن "ربيعان" البدوي الذي يتعرض هو وحماره إلى الملاحقة من قبل مفتش البلدية، إلى أن وجده "أبو شمة" الذي يعرف كيف يوقع بضحاياه، فيذهبا معا إلى السينما وهناك يشاهدا فلم لنجيب الريحاني الذي يبيع "الترام" للصعيدي المغفل، بينما باع "أبو شمة" "قصر شبيب" لربيعان" فتكون ضحكته على الصعيدي كأنه يضحك على نفسه.
9 - "عويجان" القصة الوحيد التي يتناول فيها القاص المرأة، وهذا يحسب عليه، فكنا نتنمى أن نجد أكثر من قصة تكون فيها المرأة محور الحدث، تعد هذه القصة من أجمل القصص في المجموعة ويعود ذلك لتناولها لحالة الصراع بين الأحزاب السياسية والنظام، وأعضاء الحزب من جهة أخرى، "فدوى" الفتاة الجميلة والأنيقة تضع الحزب أمام معطيات الواقع الثوري في الزرقاء ( بلد العمال والجنود...ستكون الأرض المثالية الخصبة، لزرع ثورة عمالية تعم المنطقة" )ص71، فهي تكشف للحزب أن عوامل التثوير التي يناضل الحزب للكشف عنها، موجودة، وما على الحزب سوى تفعبلها، وهل هناك ثورة بلا عمال وفلاحين وجنود؟، (في زمن المد الجماهيري والثوري تنحصر أدوات القمع التي يمارسها النظام الرسمي العربي، وولى زمن الجفر وسجن المحطة والسجن العسكري) ص73، (فدوى" تشكل نقلة نوعية في الحركة الجماهيرية، بحيث انعكست أفكارها ليس على مستوى الفكر فحسب، بل على مستوى سلوك الجماهير)(..وإنما أصبحت نموذجا عصريا، وما يجب أن تكون عليه المرأة، في الفهم والجرأة واللباس، فزيها أصبح زيا للفتيات، وشعرها .. يمكن لفه بمنديل مثلث، أو تغطيته بكوفية (أبو عمار) لكن جاء أيلول وجاء الخريف فلم يعد هناك أوراق على الشجر) (فينقلب عليها الجمهور الذي أخذ يردد: " العيب كل العيب في فتاة تقود شبابا وتحمل السلاح) ص74و75، وبعد هزيمة الثورة اكتشفت "فدوى" هذه المعادلة: (مرةٌ هي الهزيمة، وأن الزمان والمكان عاملان أساسيان، وربما أدركت أيضا أن الفكرة الخلاقة لا تصلح للاستعمال مرتين) ص75، يضعنا الكاتب أمام حقيقتنا، أمام واقعنا، فإن فهمنا لواقعنا وتحليله بروية يمكنننا من نحقق الانتصار.
10- "الزرقاء الجديدة" تتحدث عن "عدنان الخطيب" الموظف في عمان والذي يخرج صباحا هو وزوجته ويعودان في المساء، فقد راوغ في مكان مسكنه واسم عائلته، لكي يتخلص من شؤم الزرقاء، لكنه بعد أن يعرف أن الحكومة عزمت على تعين رئيس للبلدية من سكان الزرقاء، نجده: (جحظت عيناه استغرابا ودهشة وفجيعة) ص83، فكان ذلك نتيجة تخليه عن أصله ومكان مولده وسكنه، وإنه فقد مركزا مهما وحيويا، كان يمكن أن يعطيه الكثير.
11 - "شارع السعادة" تتحدث عن العصابات التي اقتسمت الشارع بحيث تأخذ كل عصابة الأتوات من أصحاب المحلات، وكان لكل عصابة علامة: (كل من يحمل جرحا على خده الأيسر فهو من عصابة المخرز؟ أما الذين يحملون جرحا على الخد الأيمن فهم جماعة البومة) ص91، لكن بعد أن تدخلت الشرطة والمحافظ، نجد التجار وأصحاب المحلات يقولون: (لو كنا أكثر شجاعة)ص92، فالقاص في هذه القصة يقدم حقيقة أصحاب الرأسمال وعجزهم تقديم مبادرة، فهم كطبقية طفيلية لا يمكنهم أن يكونوا في الأمام.
12 - "حي جناعة" تحكي قصة الصائغ "الشامي" الذي يعيش حرب أيلول، فيخاف على أمواله وذهبه، فيحفر في أرض البيت ويضع فيه كل ما يملك، لكن الحرب لم تمهله ليخبر أحدا من أبنائه عن مكان الذهب، فقنل، وراح الأبناء من بعده يقتسمون الممتلكات التي خلفها، (لكن أكبرهم اتهم بإخفاء الذهب فكانت حصته البيت القديم كأقل حصة، قبله استرضاء لإخوته، لكنه بعد عشرين عاما بالتمام، يعثر غسان على ثروة ابيه مدفونه في حوش البيت) ص97، لكن الأخوة الذين أخذوا حصة الأسد يبدأوا في مطالبته بحصتهم من المال، ويكون هناك ثلاثة أطراف/ غسان، الأخوة، الحكومة، لكن القاص أثناء النقاش يتحدث بسخرية عن منطق ممثل الحكومة: (ما هو موجود في باطن الأرض فهو للحكومة._ إذن مبروك عليكم الأموات) ص98، يخفف علينا القاص حدة الاحداث بهذا السخرية، ويترك نهاية القصة مفتوحة، ربما انها ترمز إلى البترول العربي في باطن الأرض، هل هو للعرب كافة ام للدويلات الصغيرة.
13 - "الغويرية" تتحدث عن "مخلد بني حسن" الذي تأخذ البلدية حماره الذي حاء به من القرية واستخدمه لمهن كثيرة، لكن البلدية لم تجد اافكارا ابداعية لمعالجة الحمير السائبة غير الإعدام في الظليل، وعندما يجد حماره في الرمق الأخير يصرخ بفجيعة: "لماذا حكمتم على حماري بالإعدام؟" ص107، فكان "مخلد" بهذا السؤال يطالب بأن لا يكون الإعدام. مصير من كد وتعب في بناء البلد، كان انسانا او حيوانا
14 _ "مستشفى الحاوز" يتحدث فيها الكاتب عن "أبو العبد" المصاب بالسرطان، والذي تجري له عملية، لكن الطبيب يتفاجأ بانتشار المرض في منطقة أوسع بكثير من تلك التي أجريت فيها العملية، لكنه يخبر "أبو العبد" بأن العملية نجحت، لأنه شفي بلا جراحة، فاستراح لهذه النتيجة وشاع ان ملاكا مر عليه ومسه بجاحه ، لكن بعد أيام تتدهور حالة "أبو العبد" لكن الطبيب يعرف ماذا وراء هذا التدهور، فلكي يخفف عن مريضه قال (أعطوه جرعة مناسبة من الفاليوم) ص115، لأته يعلم ان الأسطورة مقنعة اكثر من المنطق.
15 - "حي الحسين" تتحدث عن رتابة الحياة في هذا الحي والتي كانت بهذا الشكل: " (محمود فتى أعزب تكفيه غرفة واحدة يستأجرها، وها هو الآن قد بلغ مرحلة التقاعد وما زال يسكن في الغرفة ذاتها) ص119 اتخذ من قول جاره الفلسطيني القديم ((لا بد للإنسان من العودة إلى موطنه الأول) شعارا، لذلك ظل وفيا للعودة إلى قريته فعاش حياة رتيبة ومملة، فرج حينما زاره رجال من قريته ليدلي بصوته في الإنتخابات النيابية، عارضت زوجته هذا الذهاب، لكنه ركب الحافلة مع اقربائه إلى القرية، شاركهم الإنتخاب وعاد كشاهد الزور جائعا بحافلات الركاب العمومية
16 - "الحاووز" تتحدث عن يافطة وضعت ومكتوب عليها "جمعية العوانس" وحينما أزيلت هذه اليافط، لأنها كانت للفت النظر للشقة الفارغة ، إلا أنها لفتت انظار الناس إلى ضرورة ايجاد مثل هذه الجمعية، وتأخذ الفكرة طريقها إلى التطبيق.
17 - "سكة الحديد" تتحدث عن فقر الزرقاء للمرافق الحيوية وأيضا عدم وجود حياة اجتماعية اقتصادية فيها، أيام اقتتاح سكة الحديد الحجازية.
18 - "المسلخ" تتحدث عن فساد المجتمع، فساد الناخبين والمنتخبين، فأثناء فترة الانتخابات تجد المسلخ يعمل بشكل مضاعف، ذلك أن المرشحين يلحون لتأمين وجبات "المناسف" للضيوف الذي سينتخبونهم، يتهكم القاص على هذا الواقع بهذا المشهد: (منذ أسبوعين أي منذ ابتداء الحملة الانتخابية، ومسلخ البلدية أهم موقع في الزرقاء، ذلك أن المرشحين، ومديري حملاتهم الانتخابية يأتون صباحا إلى المسلخ، وفي سياراتهم البيكب عشرات الخراف والماعز، يأخذون الدور، لتذبح لهم الخراف باكرا) ص142، الانتخابات في مجتمع فقير لا يجد لقمة العيش، لا يمكنها أن تكون نزيهة بالمطلق. لأن السيد والغني سيبقى سيدا وغنيا، والفقير يبقى فقيرا وضعيفا.
19 - "السخنة" يتحدث فيها عن التشكيل والتنوع القومي في المدينة، فهناك شيشان وتركمان وعرب، والقصة نبعت من عدم القدرة على تحديد هوية المولدين بعد ان ماتت والدتيهما في حادث سير ايهما شيشاني وايهما تركماني، زبعد ان تبينت الملامح القومية لكل منهما، بعد ان بلغا، وهنا اصبح صعبا رجوع كل منهما لأهله الحقيقيين لأنهما ليسا متاعين ، لكن أخدهما قال( الإنسان ليس سلالات وعشائر... الإنسان قضية) ص154، فالقاص ينقض فكرة القبيلة والعشيرة التي تسيطر على المجتمع، بحيث يقدم القارئ ضرورة أن يكون المجتمع مدنيا.
20 - "شارع الإسلام" قصة ساخرة من النهج الديني المتخلف، الذي يؤسلم كل شيء، فنجد، "مياه إسلامية، والشارع الإسلامي، المصبغة إسلامية، "أبو شحادة" يمثل الرجل الذي تسوقه أفكاره نحو الضياع في عالم خيالي ليس له أرضية يمكنه الانطلاق منها.
المجموعة من منشورات وزارة الثقافة، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2010.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا