الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحليل لمقال هويدا صالح -في كراهية خطابات الصهاينة العرب. يوسف زيدان وخطاب مغازلة الصهاينة-

مالك بارودي

2017 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بعض الكتاب، والمعلقين أيضا، يعتقدون أنّ الولولة والصراخ والإستنكار والرفض دون دليل نوعٌ من الرّدّ وشكلٌ من أشكال مقارعة الأفكار... وأنّ نعتهم الآخر بألفاظ يعتقدون أنّها مهينة إنتصارٌ لهم لا يضاهيه إنتصار. لكنهم ينسون أن الأفكار لا تُدحض بالغضب ولا بالإستنكار ولا تُهدمُ بالولولة والصّياح والنّحيب، بل بأفكار مثلها وبأدلّةٍ واضحة وكافية ويمكن لأيّ شخصٍ التّحقق منها إن كانت صحيحة أم خاطئة... ومن هؤلاء كاتبة تسمّى "هويدا صالح"، ومن الأمثلة التي يمكن إعتبارها نموذجًا لخطابات المشاعر المنفلتة والإستنكار والولولة الفارغة مقالها الأخير الذي نشرته بتاريخ 30 ديسمبر 2017 تحت عنوان "في كراهية خطابات الصهاينة العرب. يوسف زيدان وخطاب مغازلة الصهاينة". (أنظر رابط المقال أسفله)
.
تقول الكاتبة في بداية مقالها: "عبر تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي الذي تجاوز المائة عام لم يخرج علينا أحد بوجه مكشوف ودون خوف من نظرة المجتمع له متبنيا خطابا متصهينا مثلما فعل يوسف زيدان، الذي دأب منذ عامين على ترديد خطاب متصهين يفوق خطره الخطاب الصهيوني الذي يطلقه أي إسرئيلي أو منحاز لإسرائيل." والكاتبة هنا، وبكلّ وضوح، تُقيم محكمة تفتيش في شأن يوسف زيدان. لماذا؟ لأنّه قال رأيه في مسألة ما. ولكن ما المشكلة في ذلك؟ ما المشكلة في أن يقول رأيه في ما يريد من الأمور؟ المشكلة بالنسبة لها تكمن في أنّه تكلّم عن أحد المواضيع المقدّسة بالنسبة لها، وللملايين من أمثالها: "الصراع العربي الإسرائيلي"، والمواضيع المقدّسة الأخرى التي تتوالدُ من رَحِمِهِ بطبيعة الحال، بداية من رفض معتقدات الصهيونية إلى ضرورة إضمار العداء لإسرائيل وأهلها، وصولًا إلى أحقيّة المسلمين على تلك الأرض بإعتبارهم أنها عربية وإسلامية. كلّ هذه مواضيع مقدّسة بالنسبة للكاتبة وللملايين من أمثالها، كما سبق وقُلتُ، ولا يحقّ لأحدٍ أن يقول عكس أقوالهم أو التّفكير عكسهم أو حتّى الشّكّ في صحّة تلك الشعارات المقدّسة التي يردّدونها منذ "مائة عام"، كما تقول هي. (بالنّسبة لي المسألة عمرها ألف وأربعمائة سنة، وبدأت حين إرتكب محمّد بن آمنة مجازره ضدّ يهود جزيرة العرب ثمّ أمر بإجلائهم منها ليحتكر الإسلامُ كلّ تلك الأرض. ولكن لن أتطرق لهذا الآن، لأنّه ليس موضوعنا. وقد أُخصّص له مقالا في المستقبل.) هل لأنّ شخصًا ما يُقدّسُ ميكي ماوس ويعتبره إلهًا يجبُ عليّ أن لا أقول أنّ ميكي ماوس فأرٌ أو أن أُبدي رأيي في شأنه وفي شأن من يُقدّسهُ؟ هل بتقديسك، أيتها الكاتبة، لمسألة "الصراع العربي الإسرائيلي" (وحتّى هذه التّسمية، بوضعها لفظ "العربي" قبل "الإسرائيلي"، تفضحُ كُنْهَ الموضوع، فالصّراعُ - أو بالأحرى الإعتداء - بدأهُ العربُ ولم تبدأه إسرائيل ويُغذّيه العرب وليس إسرائيل...) إحتكرتِ الموضوع أنت وجماعتك وأصبح ممنوعًا على الآخر الذي يخالفك في الرّأي أن يُدلي بدلوه فيه؟
.
ثمّ ما معنى كلامك "لم يخرج علينا أحدٌ بوجهٍ مكشوفٍ ودون خوفٍ من نظرة المجتمع"؟ ما مشكلتك مع من يخرج بوجهٍ مكشوفٍ ليقول رأيه ويطرح أفكاره؟ ولماذا تخرجين أنت وأمثالك بوجوهٍ مكشوفةٍ لإلقاء خرافاتكم وشعاراتكم الفارغة وملء الدّنيا بتفاهاتٍ لا تنفعُ بشيء؟ هل وجوهكم أنتم جميلة ووجه يوسف زيدان أو من يخالفكم الرّأي قبيحة؟ هل وجوهكم أنتم من ذهب ووجهه هو من نحاس أو قصدير؟ هل عليه أن يترك أفكاره لنفسه ولا يخرج ليُحدّث الناس بها؟ فلماذا لا تتركون أنتم أيضا هلوساتكم لأنفسكم وتُعفُونا من هذا القرف الذي نعيشُ فيه بسبب خرافاتكم؟ أم أنّه يحقّ لكم ما لا يحقّ لغيركم؟ ومن أعطاكم هذا الحقّ؟ أعطيتموه لأنفسكم، أليس كذلك؟ فلماذا تلومون يوسف زيدان وقد أعطى لنفسه الحقّ في قول ما يريد، تمامًا كما فعلتم أنتم في إعطاء الحقّ لأنفسكم في قول ما تريدون؟ أم أنّها ثقافة القطيع...؟
.
ثمّ، بخصوص حديثك عن "الخوف من نظرة المجتمع"، ما الذي أتى به في موضوعك؟ هل أنت بصدد تمرير رسالة مشفّرة للغوغاء لكي يُوقفوا يوسف زيدان عن الكلام بإرهابه؟ أنا لا أقرأ "دون خوف من نظرة المجتمع" بل "دون خوف من إرهاب المسلمين". قد أكون مخطئًا، لكن هذا هو المعنى الوحيد الذي يتماشى مع مقالك كوحدة كاملة. إنه تحريضٌ على قمعِ أو حتى قتلِ يوسف زيدان. لا فرق بين كلامك وكلام الشيوخ على المنابر وهُم يستدعُون "نظرة المجتمع" و"قناعات المجتمع" وإيمان المجتمع" للتحريض على قتلِ شخصٍ ما. وقد تمّ ذلك في الكثير من المناسبات، ولا حاجة لي بتقديم أمثلة على ذلك... وبالمناسبة، كلامك يذكّرني بمسألة الرّدّة في الإسلام. حُكمُ المرتدّ في الإسلام (وكتب الفقه موجودة وتشهدُ على صحّة قولي وإن عارضهُ بعض هواة التجميل والتزوير) أن يُقتل إن هو صرّح بمعتقده وتكلّم بصراحة و"بوجه مكشوف" و"دون خوف من نظرة المجتمع" عن أفكاره وأعلنها للنّاس. ويذهبُ البعض إلى إعتبار المرتدّ المجاهر بردّته محاربًا "لله ورسوله" ويجبُ تطبيق حدّ الحرابة عليه. ولا أرى أكثر تفاهة وتخلّفًا وإرهابًا وحيوانيّة ممن يتبنّون هذا الرّأي... ولا أظنّ أنّ هناك فرقًا بينك وبين الشيوخ الجرذان الذين يتبنّون مثل هذا الخطاب الإرهابي السّافل تجاه من ترك الإسلام وخرج من ظلماته.
.
ثمّ، ما المشكلة في أن يكون خطابُ المرء "متصهينًا"، كما تقولين؟ وأيّ خطرٍ يأتي من مجرّد خطابٍ لا فيه تحريض ولا دعوة للقتل ولا للنّهب؟ هل أدلّك على نوع آخر من الخطاب الذي يمكنك مقارنته بخطاب يوسف زيدان للتّحقق من خطأ نظرتك وسطحيّة فكرك أو نفاق مقاييسك؟ طالعي القرآن. طالعي القرآن فهو المثال الحيّ للخطاب المحرض على كل أنواع الإرهاب. لكن لا أعتقد أنك ستمتلكين الجرأة للنظر للقرآن بنظرة محايدة ومعمّقة، ولا حتّى بنفس النظرة التي تنظرين بها لكتابات يوسف زيدان وأقواله. فأنت، حسب صورتك المنشورة على موقع الحوار المتمدن، إمرأة محجّبة، أي أنّك بلغت من تقديس الإسلام درجةً جعلتك تقتنعين بدفنِ نفسك في قطعة من القماش وإنحصرت فكرة الإله عندك في صورة غولٍ سيغضبُ منك إن أنت أظهرتِ خصلة من شعرك أو جزءا من رقبتك وسيقطّعك تقطيعًا ويشويك في فُرْنِهِ الخاص في يوم القيامة الخرافي. أي أنه من المؤكّد أن إيمانك من نوعِ إيمان العبيد، والعبيد لا يُفكّرون أصلًا. وهنا، يخطر ببالي سؤالٌ: كيف يمكنُ لمن لم يستطع تحرير نفسه من الخرافات الدينية أن "يُحرّر فلسطين"؟ كيف لعبيد الخرافة أن يحرروا الآخرين؟ أسأل وأمرّ...
.
(وللحديث بقيّة)
-----------------------------
الهوامش:
1.. رابط مقال هويدا صالح "في كراهية خطابات الصهاينة العرب ..يوسف زيدان وخطاب مغازلة الصهاينة" على موقع الحوار المتمدن:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=584382
2.. صورة للمقال في صورة إزالته من موقع الحوار المتمدن:
http://ahewar.over-blog.com/howaida-salah-about-youssef-zidan.html
3.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://ahewar.over-blog.com
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
4.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
5.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - برافو
nasha ( 2017 / 12 / 31 - 08:40 )
مقال في الصميم
تحيا الصراحة والشجاعة والحرية وتبا للطاعة العمياء والنفاق وتسقط الكراهية والعنصرية المقدسة .


2 - الادلجة القومية آفة المثقفين
محمد البدري ( 2018 / 6 / 23 - 07:16 )
لم اقابل متأدلجا الا وكانت تهمة الصهينة هي اول ما يلقيه في وجه المتحدث لو انه قام بنفد عميق للعروبة والاسلام وللاديان المسماه سماوية.
فما اكثر الماركسيين والمراكسة ممن تبنوا هذا الموقف اما القوميين العروبيين فجميعهم بلا استثناء وغباء وجهل وصلف تبنوا هذا الموقف. اما الاسلاميين فحدث ولا حرج تلون بجميع الوان الطيف دون ان تخرج منهم بنتيجة واحدة.

تحياتي للفاضل المحترم الاستاذ مالك بارودي

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س