الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابتعدوا عن روسيا لحماية ما تبقى من عيونكم (1)

طارق المهدوي

2018 / 1 / 1
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية



تؤكد عدة أمثال شعبية مصرية أن المرء مهما أصابت تقديراته النظرية يظل مخطئاً تجاه الآخر حتى يتعامل معه شخصياً فيكتشف حقيقته التي ربما تكون مناقضة تماماً لكل تقديراته السابقة حوله، وهذا تحديداً هو ما صدمني أثناء معاملاتي الاضطرارية المتكررة خلال عام 2017 مع الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية في روسيا التي طالما دفعتني المعلومات الموجهة بشأنها إلى تقديرات مفرطة في إيجابيتها، ولمن لا يعلم فقد أصابني العمى كنتيجة مباشرة لمحاولة اغتيال فاشلة بواسطة سيارة مسرعة عكس الاتجاه دون لوحات في القاهرة بما أعقب ذلك من رفض مستشفيات العيون المصرية علاجي إلا واحدة كان ينتظرني فيها خطأ طبي مدبر، وعند استغاثتي بأصدقائي المقيمين خارج مصر طلباً لتوجيهي نحو مستشفى عيون أجنبي جيد تراوحت ردود فعلهم بين متجاهل أو محذر من تكاليف مليونية لجراحات العيون، مع استمرار الأجهزة الأمنية المصرية في منع سفري للخارج كي أعرض نفسي بنفسي على أطباء عيون أجانب، وفي تلك الأثناء وصلتني رسالة إليكترونية من مصدر مجهول تستعرض إنجازات معهد "فيودورف" لجراحات العيون بالعاصمة الروسية "موسكو" في تزامن مع رسالة شفوية من مصدر مسؤول بتراجع الأجهزة الأمنية وموافقتها على سفري لعلاج عيوني في روسيا، وهكذا أمضيتُ شهور يونيو ويوليو ثم أكتوبر ونوفمبر من عام 2017 تحت العلاج داخل روسيا الواقعية المعاصرة التي اتضح لي أنها لا تمت بأدنى صلة لروسيا التاريخية التي طالما عرفها العرب نظرياً فأحبوها، فروسيا الدولة أصبحت اليوم تعاني فيما تعانيه من شراهة مهووسة لاستعادة نفوذها الإمبراطوري الخارجي كلياً أو جزئياً هنا أو هناك، حتى لو كان ثمن ذلك هو التضحية بعيون صديق لجأ إلى مستشفياتها كملاذ علاجي أخير ضمن صفقة أمنية قذرة بين الدولة الروسية ودولة هذا الصديق المتضررة من مشاغباته، وروسيا الدولة أصبحت اليوم تعاني فيما تعانيه من فساد مستشري داخل أروقتها البيروقراطية بحيث يستطيع الجاني أن يتحول إلى مجني عليه ليتحول المجني عليه إلى جاني، عبر بعض الرشاوى المالية والجنسية مع بعض ألاعيب المحامين تماماً كما يحدث في بلادنا العربية المهترئة، وروسيا الدولة كانت ومازالت حتى اليوم تعاني فيما تعانيه من استبداد شرقي شمولي طاغي بحيث تصعب على أية جهة معارضة أو مستقلة المكافحة الحقيقية وصولاً إلى إزالة مظالم الفساد والبيروقراطية عن المبتلين بها، أما المجتمع الروسي فقد أصبح اليوم أكثر فساداً من دولته حيث يسود أوساطه النخبوية ندماً شبه جماعي على ما سبق أن أضاعه الآباء والأجداد فيما تعتبره النخب المعاصرة "خرافات" التضامن والتكافل المجتمعي داخلياً وخارجياً، بما ترتب على ذلك الندم النخبوي من سعي مجتمعي نفعي محموم لتعويض خسائر هذه "الخرافات" عبر تشجيع السمسرة والعمولات والتدليس والسرقة والنصب والغش التجاري، الذي طال كل المجالات حتى طب العيون لاسيما لو كان المجني عليه عربياً مسلماً أو شيوعياً من فلول "خرافات" التضامن والتكافل، أما بقايا النفوذ الإمبراطوري فقد أصبحت تتجلى لدى المجتمع الروسي في تعالي عنصري شديد يصل إلى درجة أن بعض الأطباء الروس أو مساعديهم العنصريين قد يفقئون عمداً عين مريض عربي مسلم أو شيوعي من الفلول أثناء استسلامه لهم تحت تأثير الثقة والمخدر الطبي، وهو نفس التعالي العنصري الذي يجعل جميع الروس حتى الأطباء منهم يمتنعون عن التحدث مع الأجانب بأي لغة غير الروسية فيما عبر عنه أحدهم بقوله إن المحتاج لنا يجب أن يتعلم لغتنا، وإزاء عدم وجود مستشارين طبيين في كافة سفارات الدول العربية لدى روسيا فإن المرضى العرب المتجهين إلى هناك بعشرات الألوف في كل عام يضطرون إلى الاستعانة بمترجمين ميدانيين يشبهون "الخرتية" الذين يدلسون على السياح الأجانب في مصر لانتزاع بعض أموالهم، وأخيراً وليس آخراً فالمجتمع الروسي كان ومازال حتى اليوم يعاني فيما يعانيه من استشراء وتنامي النزوع السلوكي العدواني العنيف تجاه الآخر بحيث يمكن لأحدهم فقئ عين غيره دون رحمة أو تأنيب ضمير، وإذا كان كل ما سبق ذكره هو مجرد غيض من فيض الظروف الموضوعية العامة غير المواتية التي أحاطت بسفري لعلاج عيوني في معهد "فيودورف" بروسيا، فإن جميع تفاصيل تجربتي العلاجية الذاتية المؤلمة مع بعض الروس في الدولة والمجتمع والسوق والعلاقات الخارجية سواء كانوا من الكارهين للعرب المسلمين مثلي أو كانوا من الكارهين للشيوعيين الفلول مثلي أيضاً ستكون موضوع مقالي التالي!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي