الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟

سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)

2018 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية




في إطار التفاعل السياسي المرتبط بالشأن العام المغربي ، ارتأينا هذه المرة أن نطرح للنقاش إشكالية سياسية ، طالما استأثرت باهتمام المفكرين على اختلاف مشاربهم السياسية والإيديولوجية ، وذلك للخلط الذي يصيب التعاريف المختلفة ، والفهم المختلف لنظام الملكية البرلمانية ، كإشكا في الحكم ، طالما حلم به العديد ممن يعتقد انه مرتبط بالشأن العام ، وانه بطرحه لهذه النوع من الحكم كخيار ، يكون بمن يقدم خدمة لازمة الديمقراطية ببلادنا .
طبعا نحن نتناول الموضوع كمثقفين ، وليس كتنظيميين ، او إيديولوجيين ، او عقائديين ، وذلك لما في المعالجة الثقافية من حياد ، طالما كدّر صفو العلاقة بين المثقف الملتزم الغير المنضبط في تنظيم ، وبين السياسوي الذي لا يتورع في إسقاط كل ما يروج له التنظيم ، او يدعو إليه حيث لا يأتيه الباطل من حيث أتى .
والسؤال الذي سنفتتح به النقاش . بعد اثنتي وستين سنة من استقلال ايكس ليبان ، وبعد فشل كل مشاريع الجمهورية ، وبعد أن تم حصر برنامج ، ولا أقول المشروع العام للملكية البرلمانية ، في خطب ، وبيانات ، وتصريحات سياسية ، بعد المؤتمر الاستثنائي للاتحاد الاشتراكي في يناير 1975 ، الذي ركز على المنهجية الديمقراطية التي اختزلها في التناوب على تسيير الحكومة وليس الحكم ، وهو نفس الخيار تمسك به عبدالرحمان اليوسفي ، اي المشاركة في تسيير الحكومة وليس الحكم .... الخ ، هل لا يزال الآن من يردد كالببغاء مطلب الملكية البرلمانية كخيار ثالث في الحكم ، بين النظام الجمهوري ، وبين نظام الملكية المطلقة رمز النظام السياسي المغربي منذ ثلاث مائة وخمسين سنة خلت ؟ .
عندما مات الحسن الثاني وجاء بعده محمد السادس ، طرح بعض الذين كانوا يعتقدون أنهم يشتغلون بالشأن العام سؤالا فضفاضا ، ولم يكن بريئا ، ومثل ان السؤال كان فضفاضا فان الأجوبة كانت أكثر من فضفاضة ، لأنها لم تلامس جوهر الإشكالية المميزة للنظام السياسي المغربي ، بل نجد ان كل الأجوبة كانت تحوم حول الضفاف ، لا حول أصل المشكل . لذلك فالأجوبة مثل السؤال لم تكن كذلك بريئة ، لان الهدف مما حصل ، لم يكن هو معالجة نظام الملكية بالانتقال من ملكية مطلقة الى ملكية برلمانية ، بل ان المتوخى كان هو الحفاظ على النظام الحالي بتغييرات تشبه تغييرات دستور 2011 الامتداد الطبيعي لكل الدساتير السالفة . فمن خلال تحليل الدستور الأخير ، لا نكاد نجزم بوجود اختلافات في ممارسة الحكم ، واحتكار السلطة السياسية من قبل نفس السلطة ، داخل كل الدساتير التي عرفها المغرب منذ حصوله على استقلال إيكس ليبان والى الآن .
لقد طرح بعض السياسويين الذين كانوا يخبطون خبط عشواء بسبب اختلاط الفهم عليهم ، وبسبب الضبابية التي عمت المشهد السياسي بعد موت الحسن الثاني ، سؤالا أثار في حينه ، ومن خلال الإجابة عليه ، شكوكا حول الهدف المتوخى من السؤال . ان هذا السؤال الغير البريء كان : أيُّ ملكية نريد ؟
ان طرح السؤال وبهذه الكيفية المخدومة ، يعني ان أصحابها يلوّحون بإمكانية وجود ملكيات أخريات غير الملكية السائدة . ومن ثم فلا مضار ولا إشكال في التعامل مع أي ملكية إذا كانت ستجيب عن سؤال أزمة الديمقراطية بالمغرب ، وهي المرض العضال الذي لا يزال الأحرار والشرفاء يؤدون من دمهم ضريبة التمسك والمطالبة بها .
فهل كان أصحاب سؤال : اي ملكية نريد ؟ جادّين في سؤالهم ، وكانت تعوزهم الرغبة الصادقة في بناء ملكية ديمقراطية تختلف عن الملكية المطلقة السائدة ؟
بالرجوع الى نوع الملكيات الموجودة كأنظمة حكم ، او أنظمة إجماع إثني طائفي ، فان السؤال المطروح لم يكن يعني الملكيات البرلمانية الحقيقية ، بل كان يعني ملكية برلمانية مغربية خاصة ، وخالصة ، تستجيب للخصوصية وللموروث الإيديولوجي الذي يؤثث له النظام المخزني المجسد لأصل الحكم في المغرب . اي الاستمرارية في أصل الحكم ، مع بعض الروتوشات التي ستضبب الحقيقة ، بما يحافظ على أسس وشكل الملكية المطلقة ، في ظل التغييرات التي فرضت نفسها في الساحة في آخر ساعة مثل هبّة 20 فبراير .
فهل كان المقصود بالملكية البرلمانية المغربية ، التي رفض النظام الإنصات لها ، تعني المساس بالاختصاصات والسلطات التي يتمتع بها الملك كأمير ، وإمام ، وراعي ؟ ام ان المتوخى هو تدعيم الملكية الحالية في شقها الاثوقراطي والثيوقراطي المزيف الذي يستعمله الحاكم في التمتع بسلطات خيالية ترجع الى الغيب ، لا الى الشعب المفروض فيه انه مصدر كل السلطات ؟
بالعودة الى الملكيات البرلمانية الموجودة في العالم ، نكاد نجزم بوجود ملكية برلمانية متطرفة تركز ممارسة الحكم في نتائج الانتخابات ، حيث تمارس الأحزاب الحكم وليس الملك ، ومثل هذه الملكيات نجدها في السويد ، هولندة ، بلجيكا ، الدنمرك ...الخ .
كما نجد نوعا من الملكيات الشبه المتطرفة ، حيث يبقى للملك كلمته الدستورية في قضايا الحرب والدفاع ، ومثل هذه الملكيات نجدها في بريطانيا العظمى ، وفي اسبانيا حيث كان للملك قول الفصل في إنهاء استقلال كتالونية ، وفي الدعوة الى قيادة الإقليم الجديدة ، بضرورة التمسك بمقتضيات الدستور بخصوص الوحدة .
فهل كانت الملكية التي روج لها أصحاب سؤال : اية ملكية نريد ؟ تعني الملكية البرلمانية المتطرفة ام الملكية البرلمانية الشبه المتطرفة ؟
بالرجوع الى كل الايجابيات ، والشروح ، والأطروحات التي تناولها النقاش ، نكاد نجزم ان المقصود بالملكية البرلمانية التي هدف أصحاب السؤال التمسك بها ، ليست هي الملكية البرلمانية المتطرفة ، ولا الملكية البرلمانية الشبه المتطرفة . بل سنجد ان المفهوم السياسوي المقصود بالملكية البرلمانية ، هو ملكية برلمانية مغربية ، تجسد الموروث الإيديولوجي المخزني ، المؤطر لأصل الدولة الثيوقراطية والاثوقراطية ، حتى وهم يدركون انها مزيفة ، وليست بدينية أصلا .
فماذا حين يجمع الجميع الذين أدلوا بدلوهم في الايجابية عن السؤال ، بالاعتراف للملك ليس كملك من المفروض ان يكون عصريا ، بل كأمير ، وإمام ، وراعي بالسلطة الدينية التي تتمثل في الإمارة ، والإمامة ، والراعي المسؤول عن الرعية ؟

ان ما يفند ويبطل مزاعم هؤلاء ، حول نظام الملكية البرلمانية المغربية التي تشكل في نظرهم الاستثناء المغربي الأصيل ، عن الملكيات البرلمانية المتطرفة او شبه المتطرفة ، هو تواطئهم المكشوف مع الجماعات التقليدية المتحجرة ، في ترك الميدان السلطوي الديني للأمير ، او الراعي ، او الإمام ، وعزله عن سلطة الشعب الرعية الذي يصبح مجردا من اي حق ، بمجرد ربط أصل النظام وسلطاته ، بالغيب ، والله ، والقرآن ، والنبي .
ان تواطأ هؤلاء المقصود ، او بسبب الحر بائية والانهزامية ، لتمرير شروح وتفسيرات متعارضة مع أصل الدولة العصرية ، لم يكن بريئا ، خاصة وان أصل المشكل في النظام السياسي المغربي ، ليس هو السلطات التي ينظمها الدستور الممنوح ، بل السلطات الاستثنائية التي يمنحها الدستور العرفي التقليداني الذي يغرف الحكم من الله ، ويستمد السلطة من الاستلام والقرآن والنبي .
فالاعتراف للملك بالسلطة الدينية التي تتناقض في الأصل مع أصول الدولة المدنية والعصرية ، هو اعتراف صريح بسمو الإمام ، والراعي ، والأمير كممثل لإقطاعية الحق الإلهي ، عن كل القوانين المكتوبة وبما فيها الدستور . فعند التعارض بين السلطة الدينية المحددة بمقتضى عقد البيعة المنزل ، والخارج عن الإصدار الوطني ، وبين القوانين الإنسانية ، يتم الترجيح والأفضلية للسلطة الدينية عن السلطة الدنيوية .
ان أصل المشكل بالنسبة للنظام السياسي المغربي ، هو التضبيب بالجمع بين الرمز الديني الغير المحدد المفاهيم ، وبين الرمز السياسي الذي يروج له النظام لضمان هبة الدول المانحة .
فأي نظام يدعي الديمقراطية ، وهو يخلط بين الأصالة وما هي بأصالة ، وبالعصرنة التي ما هي بعصرنة . وهل تجمع الملكيات البرلمانية المتطرفة وشبه المتطرفة بين الدولة الدينية الغير الموجود أصلا ، وبين الدولة اللائيكية التي تؤثث الحكم على أساس العقد الاجتماعي ، وليس على أساس العقد الإلهي والديني ؟
ان فشل أصحاب سؤال : اي ملكية نريد ؟ أنهم بقدر ما سددوا خدمة للدولة المخزنية التقليدية الاستبدادية ، بقدر ما ظلموا الدولة المدنية التي يستعملون مفرداتها للبيع والشراء ، لضمان المقاعد ، والامتيازات ، والترويج الانتهازي لبضاعة فاسدة ومتهالكة ، لم تعد تستجيب لقوانين الكون المتعارف عليها دوليا .
ان الاعتراف للأمير ،و الراعي ، والإمام بالسلطة الدينية ، هو اعتراف وخدمة صريحة للدولة الاستبدادية القامعة . إن الإمام ، الأمير ، والراعي في الدولة الثيوقراطية والاثوقراطية يمارس السلطتين الدينية والدنيوية . وبهذه الممارسة التي تجعل منه الاستثناء ، يتميز في الحقل السياسي عن غيره من الكائنات التي قد لا أقول قد تناصبه العداء ، بل قد تزعجه ببعض الأسئلة ، او الكتابات التي تبقى للاستهلاك المناسباتي لا غير .
وبالرجوع الى أصل الحكم بالنسبة للنظام السياسي المغربي ، فهو يغرف السلطات من خلال الاختصاصات التي يمنحها له الدستور الممنوح ، وهي سلطات تركز الحكم في يد الملك الذي يعتبر الممثل الاسمي للأمة ، وليس البرلمان الذي تنحصر تمثيليته في المناطق الانتخابية التي فاز فيها المنتخبون . كما يغرف الحكم من الله ويستمد السلطة من القرآن ومن النبي .
ان هذه الازدواجية في مصدر ممارسة الحكم ، تجعل من النظام السياسي المغربي ، نظاما منغلقا في الممارسات السياسية والإجرائية ، كما تجعل من الملكية المغربية ، ملكية مطلقة ومنغلقة على نفسها داخليا ، ونظاما فريدا متميزا خارجيا .
فعن اية ملكية يتحدث أصحاب سؤال : اية ملكية نريد ؟
انه باستثناء تجربة محمد بن الحسن الوزاني الليبرالي ، وقد تم إجهاضها في المهد ، بتحالف رجعي بين علال الفاسي وعبدالكريم الخطيب ، فان قصد أصحاب المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ، بقدر ما كان تصفية حسابات تنظيمية وسياسية ، وحتى إيديولوجية مع جناح المقاومة وجيش التحرير ، بقدر ما كانت المنهجية الديمقراطية في فكر أصحابها ، لا تعني ممارسة الحكم او حتى اقتسامه ، بل كانت تعني المشاركة في تسيير الحكومات تحت سلطة القصر . ان ما يسمى باحتجاج عبدالرحمان اليوسفي ، لم يكن بسبب عرقلة مباشرة الحكم ، بل كان بسبب إبعاد اليوسفي وحزبه من تسيير الحكومة التي هي حكومة الملك . فعن اية منهجية ديمقراطية يتحدث هؤلاء وهم مكبلون بدستور يركز كل السلط بيد الملك ؟
ان بعض الأحزاب مثل الاشتراكي الموحد والطليعة ، حين كانوا يطرحون الملكية البرلمانية ، فهم كانوا يقصدون ملكية مغربية خالصة وخاصة ، تجسد استمرارية الملكية المطلقة ، من خلال التنازل والاعتراف للإمام ، والأمير ، والراعي ، باحتكار الحقل الديني والسلطة الدينية لوحده ، وهو ما يعني في فكر أصحابه تقديم فروض الطاعة والولاء للدولة المركزية ، بالدخول مع الملك في وفاق يفضي الى نوع من الحكم التنازلي ، لبعض اختصاصات الملك ، وليس اختصاصات الأمير ، او الإمام ، او الراعي .
ومن جانبنا نطرح السؤال : رغم تنازل الجميع للإمام عن السلطة الدينية التي تحتوي على سلطات استثنائية وخارقة ، تكبل الممارسة الديمقراطية والمدنية الحقيقية ، هل سيقبل الأمير الإنصات الى دردشات الانبطاحيين ، ولا نقول سيفاوضهم ، عن بعض أشياء من سلطاته التي يعطيها له الدستور الممنوح وتعطيها له إمارة أمير المؤمنين ؟
أليس من خطل العقل الاعتقاد ، او التوهم ان الأمير الذي يعرف الضعف البيّن لهؤلاء ، وهو ضعف أهون من خيط عنكبوت ، سيقبل التنازل لهم عن بعض سلطاته التي تدعم نظام حكمه ؟
لقد كان أصل الصراع بين المعارضة المغربية بشقيها البرجوازي الصغير ، او الماركسي اللينيني ، او الجيش ، هو أصل الحكم وليس ضفافه . فجميع المشاريع الإيديولوجية التي تم تجريبها كانت جمهورية .
لكن لم يسبق في التاريخ وباستثناء تجربة الوزاني ، أن تم طرح نظام الملكية البرلمانية كنقيض وبديل عن الملكية المطلقة . فما كان يتم طرحه ، هو التقيد بالمنهجية الديمقراطية ،التي تعني تمكين الحزب الفائز في الانتخابات ، من تسيير حكومة الملك ، لتطبيق برنامج الملك ، لا برنامج الأحزاب التي تظهر أثناء التحضير والإعداد للانتخابات ، تم ما يلبت ان تتلاشى عند إنهاء الانتخابات .
اعتقد ان أصل الصراع السياسي اليوم بالمغرب لن يزيغ عن اتجاهين أساسيين .
1 ) استمرار نظام الملكية المطلقة الاستبدادية ، لان الجميع يتسابق لخدمتها ، وبما فيهم أصحاب السؤال : اي ملكية نريد ؟ الذين يعترفون للإمام بالسلطة الدينية ، التي هي أصل المشكل المعرقل والمتناقض مع الديمقراطية .
2 ) الداعون الى الأنظمة الجمهورية ، رغم الكثير من النقائص التي يعانون منها ، مثل غياب الميكانيزمات الثورية ، غياب التنظيم والتنظيمات الثورية ، موت الإيديولوجية التي لا تعني شيئا بالنسبة لهم ، التعويل على الفضاء الأزرق لإحداث التغيير ، والذي بقى بدون الأداة مجرد صيحة في واد ، تبعثر وتشتت الأعضاء ، وتفشي التنابذ والتطاحن بينهم ، واستهلاك الطاقة في صراعات ثانوية تسيء ولا تنفع .......الخ
لكن ان اكبر استعصاء يواجه هؤلاء ، هو السؤال التالي : هل التغيير سيتم بانقلاب من فوق ام سيتم بثورة من تحت ؟
ان الانقلاب من فوق هو أمر مستبعد على الإطلاق في ظل الجو المخيم على الساحة . فالجيش له عقيدة فرنسية ، والنظام تحميه فرنسا ، فهل فرنسا ستسمح لجيش يحمل عقيدتها بالانقلاب على نظام تحميه وتربطها به علاقات خاصة ؟
اما الثورة من تحت ففي غياب الأداة الثورية ، والنظرية الثورية ، والوعي السياسي والإيديولوجي ، فان اي تغيير غير منظم يحتكم في كل شيء الى الشارع الغير المنضبط ، سيسبب في الخراب من اجل الخراب والدمار من اجل التدمير ، ولن يكون ثورة ، بل انتفاضة او هبة على غرار 23 مارس 1965 ، و 20 يونيو 1982 ، و يناير 1984 ، و 20 فبراير، وسيتم وبكل سهولة إجهاضها في المهد .
لكن ان اكبر المستحيلات هو تصور نجاح ملكية برلمانية على الطريقة المغربية الاستثنائية ، فأحرى الوصول الى ملكية برلمانية متطرفة او شبه متطرفة .
الملكية البرلمانية المغربية ، بالعقلية المغربية الهجينة ، لن ينصت إليها النظام ، لأنه غير مجبر على ذلك ، وخاصة وهو على يقين تام من ان أصحابها هم اضعف من عش العنكبوت . فكيف والحال هكذا ، سيقبل النظام الإنصات لمطالبهم ، فأحرى ان يقبل التنازل لهم عن الشيء الأكثر من يسير من سلطاته الدنيوية التي ستتناقض مع الاختصاصات الاستثنائية التي تمنحها له السلطة الدينية .
اما المطالب بالملكية البرلمانية المتطرفة ، او شبه المتطرفة ، فهي مطالب بالدولة اللائيكية التي تفصل السلطة الدينية عن السلطة الدنيوية . وبما ان الأمير الإمام ، يحكم المأمومون والمرؤوسون ، ويسيطر على البلد من خلال الاستناد الى المرجعيات اللاّهوتية الغير المرئية ، فيرد كل شيء مصدره ، الله ، والقرآن ، والنبي ، فان مثل هكذا مطالب ، وفي مجتمع يحكمه الخوف ، والتشبث بالحياة ، ولو على رأس منجل او ابرأه ، سيحشر أصحابه في خانة الردة ، لأنهم وفي المفهوم الرجعي الماضوي ، هم خارج إجماع الرعية المرتبطة بشخص الراعي ممثل الله في الأرض ، وليس بالقوانين الكونية المسطرة عالميا .
ان من يستمر يبيع الوهم بنموذج الملكية البرلمانية المغربية ، المؤطرة بالعقلية المغربية الهجينة ، يستمر في خدمة نظام الملكية المطلقة برأسيها الديني والدنيوي المتعارض مع فلسفة الدولة الديمقراطية المدنية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة ، وليس بالقدَرِ والأصول الميتافيزقية .
وبما ان الأمير لن يقبل الإنصات لهكذا مطالب خرافية مخدومة ، فهل يعقل التجرؤ بالمطالبة بالملكية البرلمانية المتطرفة او شبه المتطرفة التي تقتضي الدخول مع الحاكم في توافقات سيعتبرها انقلابا مدسوسا على سلطاته الاستثنائية التي تعطيها له السلطة الدينية ، وإمارة أمير المؤمنين ؟
ومرة أخرى ان الصراع السياسي الحالي هو بين قوتين متعارضتين :
--- النظام السياسي الاثوقراطي والثيوقراطي الذي يحكم برأسين ، رأس ديني ( الإمارة ) ورأس دنيوي ( الملكية ) .
--- دعاة الأنظمة الجمهورية ، رغم اختلاف الجمهوريات ، لان لكل منهم جمهوريته الخاصة به .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص