الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظرية البراجماتية للقيمة ردا على هربرت و. شنايدر

رمضان الصباغ

2018 / 1 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


كانت مشكلة القيمة ، كما كتب المستر هربرت و. شنايدر فى مقالته الأخيرة فى هذه المجلة" " فى المرتبة الأولى بخط المعركة ، ولذا كان من المرغوب فيه – فى السنوات الأخيرة – ان تبقى فى سلام لفترة من الزمن " . أنا لست متأكدا بأن هذا لايسرى على الكاتب فى الوقت الحاضر . ومع ذلك فان الرد على مستر " شنايدر" يبدو أمرا مطلوبا منى الى حد ما . لأنه يحدد اسمى مع "المنهج النفسى " ووضعه بين أقواس مع " ميمونج " و "اهرنفيلز" اللذين حتى لو اهتما ، الا أنه ليس بوسعهما الرد فى الوقت الحالى .
الشكر من كل واحد منا واجب للمستر" شنايدر" لمساهمته باتجاه فهم القضايا الكبرى . وشعورى الخاص بالالتزام حقيقى حتى لو كانت ترافقه بعض التحفظات . وأشعر بأننى ملزم بشىء واحد ، بالاحتجاج ضد تعريفه لعملى الخاص حصريا " بالمنهج السيكولوجى " . وانا أقوم بهذا مع قليل من التردد – ومع ذلك – لأنه فى هذه المسألة كان لديه – فيما اعتقد – سوء فهم للآخرين أيضا .
تخضع نظرية Gegenstanndstheorie القيم عند مينونج – على سبيل المثال - بقدر ما لما هو مرغوب فيه كنظرية نفسية . بشكل عام نحن اولئك الذين استخدمنا المنهج السيكولوجى والوضعى وكنا على وعى تام عندما وافقنا على استدعاء المشكلة الاكسيولوجية ، وعلى أى حال فان علم النفس يعنى – تقليص نظرية المعرفة الى فوانين تجريبية . و با لنسبة لى ، تم دحض التوصيف بما فيه الكفاية من خلال كتابى ، مع التركيز على مشكلتين ومنهجين لنظرية القيمة ، ناهيك عن العمل الأخير حيث كانت الدراسة الموضوعية للقيمة بشكل كلى فى صعود .
أذكر هذه الحقائق لأسباب أهمها أن سوء فهم المستر " شنايدر " لهذه النقطة صبغ كل منا قشاته – الى حد ما على الأقل . وهو يضع فى مقابل المنهج السيكولوجى والوضعى ، " المنهج المطلق والمثا لى" كما لو كانا متعارضين بشكل كلى . كل منهج من هذه المناهج يعانى من عدم استخدام التركيب التعبيرى بل يستخدم التداعيات السهلة "للحلقة التجريدية المفرغة " . ولكن هناك "تم التطوير بنهج جديد لنظرية القيمة وهذا يبرهن على حقيقة أن المنهجين الخاصين ب " مونستربيرج " و " اربان " ليسا سوى منهجين متكاملين " . هذا النهج الجديد هو نهج المنطق البرجماتى وعلم النفس الوظيفى – ومن مبدئه الأسا سى – تحليل " وضع القيمة " فى حد ذاته ، وقد توقع – أى" شنايدر" – أشياء عظيمة . وهو برفضه فصل العا لم الداخلى عن العا لم الخارجى بجدار حجرى ،فانه" يضطر الى التعامل مع القناعات الشخصية أو المطلقا ت الأبدية ".
الآن لا اعتقد أن تهمة الحلقة التجريدية المفرغة يمكن اطلاقها بانصاف على أى من هذه المناهج . حتى الآن بما أن المنهج السيكولوجى هو المعنى ، فاننى لا أجد أى عامل من العوامل الثلاثة التى – وفقا للمستر "شنايدر " – تحلل وضع القيمة وتفصح عن ( الموضوع ذى القيمة ، والكائن الحى أو النشاط الذى يعد ذا قيمة ) يعد مستخفا به أو تم تجاهله .

اذا ثبت المنهج السيكولوجى عيونه على وعى القيمة ( الكا ئن الحى والنشاط العضوى المفترض مسبقا ) ، فان هذا يعنى أنه لا يعدو وجود بعض المشكلات التى بالوسع حلها بتلك الطريقة . وبما أن القيمة الاقتصادية وجدت منذ فترة طويلة ، وقد كان تفسير اكتساب القيمة وتحولاتها من جانب الموضوعات مستحيلا بدون تحليل المحددات السيكولوجية للقيمة .
التجريد هنا هو المعنى بلا شك – لكن ليس الحلقة المفرغة – لأن هذا مدرك تما ما – وليس لأحد أن يجعل الاستخدام السليم له يتصور أنه هو كل القيمة . أما بالنسبة لتهمة أن المنهج السيكولوجى يضطر للتعامل فحسب مع القناعات الشخصية ، كيف يكون هذا ممكنا لمن قرأ " اهرنفيلز " أو مناقشاتى الخاصة للقيم الجماعية ، والقيم الفردية المفرطة ؟ .
من جهة اخرى ، يعد من الصعب بالنسبة لى أن ارى كيفية تطبيق تهمة الحلقة التجريدية المفرغة على المنهج التكاملى . فليس من الضرورى اهمال الوضع الكلى وفصل الداخلى عن الخارجى بجدار حجرى أو التعامل مع المطلقات الأبدية فحسب . اذا كانت العين على مطلقات القيمة فى البداية ، كما جاءت اتها ما ت المستر " شنايدر " ، فيجب على الباحث أن تكون عينه فى مكان ما اذا حصل على مكان ما تقريبا .
اذا وجد القيم المطلقة ، فمن المؤكد أن هذا ليس لأن منهجه يجبره على التعامل معها فقط – أى القيم المطلقة – ولكن بسبب أنه وجدها – هكذا يمكن القول – متضمنة فى الوضع الكلى . انا لست مهتما بالدفاع بشكل خاص عن استنتاجات " مونستربيرج " والذى تم التعرف على منهجه من قبل المستر " شناي ر " حصريا . أنا لا أنكر الرؤية التخطيطية المحددة والتجريد المحدد ، على اعتبار أننى اشرت فيما سبق فى نقد فلسفته عن القيمة فى هذه المجلة .الا أننى مهتم بالدفاع عن منهج عام .
كان هناك التركيز المفرط على الموضوعات ذات القيمة فى بعض الاحيان ، ولكن يمكن القول بأن هناك " اهمال رغبات واهتمامات الانسان " فى حين أن معنى هذه الاهتمامات واتساقها المنهجى قد بحث فى كل مكان ، على نحو صائب أحيانا وبشكل خاطىء احيانا أخرى ، وهل رئى ، أنه ليست هناك – فى الواقع – اهتمامات فردية مفرطة ، وأى قيم فردية مفرطة ، بل هذه هى وحدها التى تعطى اهتمامات الفرد معنى وصلاحية ؟ . تهمة التحليل الخاطىء ممكنة ، لكنها ليست بالتأكيد نتيجة لتجاهل الواقع .
لقد وجدت نفسى فى حرج بعض الشىء عند الرد على المستر " شنايدر" . للقيام بذلك على نحو ملائم يبدو أنه يعنى – من جانبه – ليس معرفة ناقصة فقط عمن يدرسهم من الكتا ب ، بل فهم مشكلات القيمة الذى يتخلى عن المستوى المطلوب . كان هذا الاحراج الكبير يزداد عندما أحاول التعليق على الجانب الايجابى فى مقاته التى احتفل فيها بانتصا رات المنهج الجديد ، التى يعتقد بأنها ذات مغزى وبعيدة المدى .
رغم انتقاده للمنهج السيكولوجى ، فانه يعترف بأنها – اى نظرية القيمة القائمة على هذا المنهج – " باعتبارها نظرية علمية للخير للانسان ، فانها ذات قيمة علمية وأهمية اجتماعية " ،" انها تخدم قضية التقدم " . ومن ثم يبدو أنه من غير المواتى اننى اشعر بالالتزام بالسؤال فحسب " اين يمكن العثور على مساهمات المنهج الجديد هذه . لقد حصلت – على سبيل المثال – على كثير من الحوافز واقتراح من المستر " شنايدر " وغيره من البراجماتيين . ولكن المنهج الذى يبطل احدى النتائج العلمية المعترف بصدقها ، يجب ان يظهر اوراق اعتماد أخرى .
اتضح أن المستر " شنايدر " يرى هذه المساهمات فى المستقبل بشكل أساسى . وكان لديه الكثير مما يقال حول مايجب علينا تعلمه عندما ندرس القيم " فى المنزل " فى وضع محدد ، لتحقيق مكاسب فى االتقدم الاجتماعى عندما نلتقى بعيدا عن الرؤية المطلقة للاخلاق ونظرية القيمة . ولكن العيش فى المستقبل عمل هين ، والمنهج الواعد يبدو مستخدما بنجاح فى الاصلاح الاجتماعى والتعليم ، ولا يعمل بشكل جيد فى العلم والفلسفة .

بالتأ كيدالمح مستر " شنايدر " بشق الانفس الى أن مساهمة ما أسماه علم النفس الوظيفى . فى الدراسة العلمية للقيم . وفى الواقع – قدم اتهاما بان الدراسة التجريبية للتقويم وحكم القيمة – حتى الآن – قد أفسدت الى حد كبير باهمال الحالة الخاصة من خلال محاولة العثور على " الأشياء التى تسر أو التى لاتسر " ، والمرضية وغير المرضية ، والمحببة وغير المحببة ، بشكل عام .
" التقويم الحقيقى – كما قلنا – لا يتم أبدا بشكل عام " . لكننا لم نقل بأى قوانين عامة للتقويم نتجت من دراسة الحالة الخاصة . ربما لأنه – كما أميل الى الاعتقاد – من طبيعة الحالة لا شىء يمكن استخلاصه منها . لاتتم التقويمات - فى الواقع – بشكل عام ، الا اذا اريد ان يكون للتقويمات علما ويجب أن يدرس بشكل عام . على أى حال ، لدينا وعدا عوضا عن الانجاز فى هذا الاتجاه .
مع ذلك – فى اتجاه آخر – من التصور أن تقدم مساهمات أخرى فى البحث .قد يجعل المنطق البراجماتى تفكيرنا واضحا واكثر تماسكا فى بحث المشكلات الأساسية لنظرية القيمة . هذا هو ادعاء المستر " شنايدر " فى الواقع . الجزء الجيد من مقالته قد كرس لاظهار كيفية حل المشكلات العويصة للتعريف واتصنيف " للذاتية والموضوعية " بكل سهولة من خلال سحر" الموقف الكلى " .
هنا حرجى يزداد باطراد فيحد من صمتى . كل ما نطالب به هو هذه المسائل الأساسية ، ومطالب البراجماتيين تدرس باعتبارها باقية " فى المنزل " فى وضع خاص ، ومتواضعة بحيث – فى المقارنة – يبدو البعض منا مدانا وفى حاجة ماسة الى أن يكون مدققا ، على أقل تقدير .
كذلك الاعتقاد بأنه لكى نؤمن فوائد هذه المساهمات ، يجب علينا استبدال المنطق " بالمنطق البراجماتى" ، وتقديم حاجز لا يمكن اجتيازه تقريبا . من منا لايقدم هذه التضحيات بكل سرور حتى الآن اذا كان من شأنها أن تمكننا من تأمين توكيد المستر " شنايدر " على أنه لا توجد مشكلات ؟ .
على سبيل المثال ، يوجد لديه تعريف بسيط للقيمة على أنها "صفة للموضوع التى بموجبها يصبح الموضوع وسيلة لتحقيق غاية " . اذا استطاع امرء ما قبول هذا ، فسوف تنتهى – فى الواقع – كل الضوضاء حول السؤال ما اذا كانت القيمة صفة أو علاقة ، او ما اذا كان من الممكن تعريفها بشكل نهائى على الاطلاق . فقد وضع نهاية لها بكل تأ كيد . ولكن سوف ينتهى على وجه التحديد الى النقطة التى تبدأ منها مشكلات نظرية القيمة بالنسبة لمعظمنا . وسوف يضطرنا الى قبول هذه النتا ئج المستحيلة على أنها أشياء موجودة وهى وحدها القيم ، وأن هذه " الغايات لن يتم الحديث عنها باعتبارها قيما على الاطلاق " .
مرة أخرى بدأ الخلاف حول "ذاتية وموضوعية " القيم . وهذا أمر ينتهى بالقول : " بالطبع القيم الانسانية ذات صلة بالرغبة الانسانية ، لكن هذا ليس سببا لازدرائها على انها مجرد ذاتية . بالطبع القيم الانسا نية موضوعية سواء فى ذلك كانت قيما للموضوعات أو كانت مسيطرة وموجهة لعوامل الخبرة الانسا نية ، لكن لماذا يجب أن تكون قيما ، وبالتالى ، فان الصفة الابدية لموضوعات معينة مستقلة عن علاقة هذه الموضوعات بالمواقف العملية ؟ " . بالطبع ، هذه مشاعر لا يرقى اليها الشك . بمعنى اننى شاركتها بنفسى ، لكن – وكما أشرت فى مكان آخر – بدلا من حل المشكلة تكتفى بذكرها .
يجب أن أسمح لما قلته فى مكان آخر أن يكون هنا باعتبار تضخيمى لهذه النقطة . لتكراره هنا يتطلب مساحة لا يحق لى طلبها . موضوعى الوحيد هو اقتراح أن السبب فى ذلك هو ان العديد منا يخشون ان تكون المسعدة الحاصلة فى هذا الاتجاه قليلة أيضا . مع ذلك – أتمنى فى الختام ، أن ألفت الانتباه الى نقطة واحدة تعد فى رايى التنافر الاسا سى فى نظرية القيمة البراجماتية الذى وصل الى ذروته ، وقد كانت فى مناقشة القضية الاساسية " للقيمة والوجود " عندما يقول البراجماتى – فى الغالب – فى نفس الوقت – الوجود هو القيمة واأن لقيمة موجودة ، هو لم يكن فقط هنا – كما فى أماكن أخرى - يتحرك ذهابا وايابا فى دائرة سحرية من ( الموقف الخاص ) ، والذى يجد نفسه فيه فى أسى مطبق . هذا هو الذى يتيح رفع التناقض فى النظرية البراجماتية لحكم القيمة ، الامر الذى يجعل الحكم العملى – على حد ساء – ابداعيا ومعرفيا .
هذا هو أيضا اذا- جاز لى الابتعاد عن وجهة نظرى للحظة واحدة – ما يشكل "عدم استقرار للبراجماتية " مما يجعلها الآن طبيعية وواقعية ، ومرة اخرى ذاتية ومثالية . لقد قال البراجماتيون – حقا – مرارا وتكرارا أن مثل هذه الامور لاتزعجهم . ربما تكون المسأ لة مسأ لة ذوق . ولكن اذا كان الأمر كذلك فانهم سيكونون كاثوليكيين بما فيه الكفاية لافساح المجال فى موكبهم الفلسفى لمن منا لهم رغبات منطقية أخرى .
لا يمكن ان يساعد الشعور بأن عقم وعدم تماسك البراجماتية فى المجال النظرى يرتبط ارتباطا وثيقا بعجز مماثل فى مجال الممارسة . فى المسائل العملية ، التى لا أود أن أشير اليها لولا أن المستر " شنايدر " يقدم مناشدته المستمرة بأن الفلسفة تحدد القيمة باعتبارها وسيلة لغا ية ، ويصر على أن الغايات لم يتم الحديث عنها كقيم على الاطلاق ، ولديه – على سبيل المثال – نتيجة طبيعية فى نظرية التعليم أننا فى الأساس لانعرف القيم الأصيلة ، وهذا الموقف تجاه الأ زمة الحالية فى السيا سة الوطنية والعالمية ، الذى يتمثل فى اللجوء الى الانتهازية الاجرائية كلية .
اذا كان يوجد فى صفوفها تذمر ، وحديث عن" أفول الاصنام " ، أليس هذا ربما يكون لمجرد بعض نقاط الضعف الكامنة فى نظريتها – أى البراجماتية – للقيمة التى تطفو الآن على السطح ؟ وهل هم لم يكونوا السبب بالضبط فى هذا الهوس " بالحالة الخاصة " ؟ . لذا بشكل خطير على مقربة من العبودية للحظة العابرة ؟ . الخوف من التجريد قد يكون بداية الحكمة ، الا أن جزءا من الحكمة ايضا حدوث هذا الخوف . الحالة الخاصة بمثابة نقطة جيدة للبدء الا أنها قاتلة ، عمليا ونظريا ، كى تظل متماسكة . ماله صلة باللحظة العابرة له قيمة ، ولكن هناك ايضا الحالات النظرية والعملية – على حد سواء – حيث أنها ليست ذات صلة بحزم بالحق والواجب معا .
****








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى