الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتب اثرت فى حياتى رجال التحرى المتوحشون روبرتو بولانيو

مارينا سوريال

2018 / 1 / 3
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لا أعرف جيدّاً ما تقوم عليه الواقعية الأحشائية. عمري سبعة عشر عاماً، اسمي خوان غارثيّا مادِرو، وأنا في الفصل الأوّل من السنة الأولى حقوق. لم أكن أريد أن أدرس حقوقاً، بل آداباً. لكنّ عمّي أصرّ وأخيراً أذعنت. أنا يتيم. سأصبح محامياً. هذا ما قلته لعمّي وزوجة عمّي وأغلقتُ بعدها الغرفةَ على نفسي وبكيتُ طوال الليل. أو على الأقل خلال جزء كبير منه. دخلتُ بعدها كليةَ الحقوق المجيدة بإذعان ظاهري، لكنّني سجّلتُ بعد شهر في ورشة شعر خوليو ثِسَر آلامو، في كلّية الفلسفة والآداب، وبهذه الطريقة تعرّفتُ على الواقعيين الأحشائيين أو الأحشائيّين الواقعيّين، بل وحتى الأحشائيين، كما يُحبون أن يُسموا أنفسهم أحياناً. كنتُ حتى ذلك الوقت قد حضرتُ إلى الورشة أربع مرّات، ولم يحدث قط أيّ شيء، هذا مجرّد كلام، لأنّه إذا ما أمعن المرء النظرَ جيداً يجد أنّ هناك دائماً أشياءَ تحدث: كنّا نقرأ قصائدَ وكان آلامو، بحسب مزاجهِ، يمدحُها أو يمسح بها الأرض، يقرأ شخصٌ، ينقده آلامو، يقرأ آخر، ينقده آلامو، يعود ويقرأ آخرُ وآلامو ينقده. وكان آلامو يضجر أحياناً ويطلب منّا (نحن الذين كنّا لا نقرأ في تلك اللحظة) أن ننقدَ أيضاً، و"رجالُ التحرّي المُتَوَحِّشون" لروبِرتو بولانيو
المدن - ثقافة | الخميس 15/09/2016 شارك المقال : 59Google +00
"رجالُ التحرّي المُتَوَحِّشون" لروبِرتو بولانيو
(*) مكسيكيون ضائعون في المكسيك (1975)

2 تشرين الثاني
دُعيتُ وديّاً لأن أُشَكِّلَ جزءاً من الواقعيةِ الأحشائية. طبعاً قبلتُ. لم يكن هناك حفل ابتداء. هذا أفضل.

3 تشرين الثاني
لا أعرف جيدّاً ما تقوم عليه الواقعية الأحشائية. عمري سبعة عشر عاماً، اسمي خوان غارثيّا مادِرو، وأنا في الفصل الأوّل من السنة الأولى حقوق. لم أكن أريد أن أدرس حقوقاً، بل آداباً. لكنّ عمّي أصرّ وأخيراً أذعنت. أنا يتيم. سأصبح محامياً. هذا ما قلته لعمّي وزوجة عمّي وأغلقتُ بعدها الغرفةَ على نفسي وبكيتُ طوال الليل. أو على الأقل خلال جزء كبير منه. دخلتُ بعدها كليةَ الحقوق المجيدة بإذعان ظاهري، لكنّني سجّلتُ بعد شهر في ورشة شعر خوليو ثِسَر آلامو، في كلّية الفلسفة والآداب، وبهذه الطريقة تعرّفتُ على الواقعيين الأحشائيين أو الأحشائيّين الواقعيّين، بل وحتى الأحشائيين، كما يُحبون أن يُسموا أنفسهم أحياناً. كنتُ حتى ذلك الوقت قد حضرتُ إلى الورشة أربع مرّات، ولم يحدث قط أيّ شيء، هذا مجرّد كلام، لأنّه إذا ما أمعن المرء النظرَ جيداً يجد أنّ هناك دائماً أشياءَ تحدث: كنّا نقرأ قصائدَ وكان آلامو، بحسب مزاجهِ، يمدحُها أو يمسح بها الأرض، يقرأ شخصٌ، ينقده آلامو، يقرأ آخر، ينقده آلامو، يعود ويقرأ آخرُ وآلامو ينقده. وكان آلامو يضجر أحياناً ويطلب منّا (نحن الذين كنّا لا نقرأ في تلك اللحظة) أن ننقدَ أيضاً، وعندها كنّا ننقدُ وآلامو يشرعُ بقراءة الصحيفة.


كان المنهج مثالياً كيلا يصبحَ أحدٌ صديقاً لأحد، أو لكي ترتكز الصداقات على المرض والحنق.
من ناحية أخرى لا أستطيع أن أقول إنّ آلامو كان ناقداً جيّداً على الرغم من أنّه كان يتحدّث دائماً عن النقد. أعتقدُ الآن أنّه كان يتكلّم لمجرد الكلام. كان يعرف ما هو الإطناب، ليس بشكل ممتاز، لكنّه يعرفه. ومع ذلك لم يكن يعرف الخماسية (التي هي في العروض الكلاسيكية، كما يعرف كلّ العالم، نظام من خمس تفعيلاتٍ) كذلك لم يكن يعرف ما هو نيكاركيو (الذي هو بيت من الشعر شبيه بالفالِسيو)، كما لم يكن يعرف ما هي الرباعية (التي هي مقطوعة من أربعة أبيات). كيف أعرف أنّه لم يكن يعرف؟ لأنّني ارتكبتُ في اليومِ الأوّل من الورشة خطأَ أنّني سألته عن ذلك. لا أدري بماذا يُفكّر. الشاعر المكسيكي الوحيد الذي يعرف هذه الأشياء عن ظهر قلب هو أوكتافيو باث (عدّونا الكبير)، البقية ليس لديهم أدنى فكرة، على الأقل هذا ما قاله لي عوليس ليما بعد دقائق من انضمامي وقبولي ودّياً في صفوف الواقعية الأحشائية. توجيه هذه الأسئلة إلى آلامو كان، كما لم أتأخّر في التأكّد منه، برهاناً على قلّة كياستي. فكّرتُ في البداية أنّ الابتسامة التي خصّني بها كانت ابتسامة إعجاب. لكنّني انتبهت بعدها إلى أنّها كانت بالأحرى ابتسامة احتقار. الشعراء المكسيكيون (أفترض الشعراء بعامّة) يكرهون أنّ يُذَكّرهم أحدٌ بجهلهم. لكنّني لم أتراجع ثمّ سألتُه، بعد أن خرّب لي قصيدتين في الجلسة الثانية التي حضرتها، عمّا إذا كان يعرف ما هو ريسبتّو. اعتقد آلامو أنّني أطالبه باحترام قصائدي فأطنب في الكلام عن النقد الموضوعيّ (للتنويع)، الذي هو حقل ملغوم، على كلٍّ شاعرٍ شاب أن يمرّ فيه، إلى آخره، لكنّني لم أدَعْه يتابع ثمّ وبعد أن وضّحتُ له أنّني لم أطلب في حياتي القصيرة قط احترام إبداعاتي الفقيرة، عدتُ لأصوغ له السؤال محاولاً هذه المرّة أن أهجّي الكلمة بأكبر قدر من الوضوح الممكن.


⦁ دعك من الترهات، يا غارثيّا مادِرو –قال آلامو.
⦁ ريسبتّو، يا معلمي العزيز، هو نوع من الشعر الغنائي، ولكي أكون أكثر دقّة شعر الحبّ، شبيه بالسترامبوتّو الذي تحتوي على ستّة أو ثمانية أبيات إحدى عشرية المقاطع، الأربعة الأولى يلتقي فيها البيت الأوّل مع الثالث قي القافية والثاني مع الرابع، والأبيات التالية كلّ بيتين بقافية واحدة. مثلاً.... وكنتُ أستعدّ كي أعطيه مثالاً أو مثالين حين نهض بقفزة واحدة وأنهى النقاش. ما حدث بعدها كان ضبابيّاً (على الرغم من أنّ ذاكرتي جيّدة): أتذكّر ضحكة آلامو وضحكات رفاق الورشةِ الأربعة أو الخمسة، الذين كانوا بالتأكيد يحتفون بنكتة على حسابي.
لو كان آخر غيري لما عاد ليضع قدماً في الورشة، لكن وعلى الرغم من ذكرياتي المفجعة ( أو من انعدام الذكريات، بالنسبة للحالة المفجعة جدّاً أو بالأحرى الاحتفاظ بهذه الذكريات) فقد مثلتُ في الأسبوع التالي هناك، دقيقاً في موعدي كما أنا دائماً؟
عندها كنّا ننقدُ وآلامو يشرعُ بقراءة الصحيفة.

إلى الوراء ونحن ننظر إلى نقطة ، لكننا نبتعد عنها، بخطّ مستقيم باتجاه المجهول.
قلتُ إنّ السير بهذه الطريقة يبدو لي رائعاً، على الرغم من أنّني في الحقيقة لم أفهم شيئاً. وإذا ما فكّرنا جيّداً فإنّها أسوأ طريقة في السير.

بعدها وصل شعراء آخرون، بعضهم واقعي أحشائي وآخرون لا، وصارت الضوضاء مستحيلة. فكّرتُ للحظة أنّ بِلانو وليما نسياني، مشغولين في النقاش مع كلّ شخصيّة غريبة الأطوار تقترب من طاولتنا، لكنّهما سألاني عندما بدأ الفجر يطلع عمّا إذا كنت أريد أن أنتمي إلى العصابة. لم يقولا "المجموعة" ولا "الحركة"، قالا العصابة وهذا أعجبني. طبعاً وافقت. كان شيئاً بسيطاً جدّاً. شدّ واحد منهما، بِلانو على يدي وقال لي إنّني أصبحت واحداً من أتباعه، غنينا بعدها أغنية رانتشرا. كان هذا كلّ شيء. كانت كلمات الأغنية تتكلّم عن قرى الشمال الضائعة وعن عيني امرأة. سألتهما قبل أن ابدأ بالتقيّؤ في الشارع عما إذا كانت تلكما العينان عيني ثِساريا تيناخِرو. نظر بِلانو وليما إليَّ وقالا لي إنّني لا شكّ واقعي أحشائيّ حقيقيّ، وإننا معاً سوف نغيرّ الشعر الأميركي اللاتيني. أخذت في السادسة صباحاً حافلة صغيرة أخرى، هذه المرّة وحدي، أقلّتني إلى حيّ ليندابيستا، حيث أعيش. اليوم لم أذهب إلى الجامعة. أمضيتُ النهارَ كلّه مغلقاً على نفسي غرفتي أكتب قصائد.
انها رواية الضياع فى المنفى ومحاولة ايجاد الطريق المكسيك بلدا مثل بلادنا تعانى الفساد ونب الفكرة انها تخليد لجيل تائه عندما لفظه وطنه فى الرواية نبحر فى حياة لم يعد لها معنى نسير فيها ونحن نبكى بعضنا يقول على الاقل لقد عاشوا فى مكان اخر لكنهم ابدا لم يتجاوزا الازمة ربما هو قدرنا لست ادرى..
روبِرتو بولانيو (1953-2003)، وُلِدَ في تشيلي، روائيٌّ وشاعر، فرض نفسه كواحدٍ من كتّاب أميركا اللاتينية الذين لا غنى عنهم في زماننا. نُشِرَت مجموعاته القصصية في أناغراما: مكالمات هاتفية، عاهرات قاتلات والفارس الذي لا يُطاق وروايات حلبة التزلج، النجم البعيد، تميمة، رواية صغيرة، ليل تشيلي. أمبيريس، رجال التحرّي المتوحّشون (جائزة هِرالْدِ للرواية وجائزة رومولو غايِّغو): "رواية جيله العظيمة، تعبير عن لاجتثاث الأدبي الأحشائيّ للأمريكيين اللاتينيين (خ. أ. ماسوليفِر رودِناس، لا بانغوارديا)؛ "صفعة تاريخية هائلة لحجلة كورتاثار. شرخ يفتح ثلمات ستدور فيها التيارات الأدبية للألفية القادمة" (أنريكِ بيلاماتاس)؛ "نوع من الثمالة الروائية تتركنا مصعوقين، مبتسمين ذهولاً أو إعجاباً (فابريث غابرييل) لوس إنروكوبتبلس) روايته الأخيرة التي ظهرت بعد موته 2666 تعتبر بالإجماع أعظم أعماله: "رواية الروايات العظيمة، لا شكّ أنّها أفضل أعماله" (آنا ماريّا مواكس، إل بائيس)."رواية مفتوحة مثل رجال التحرّي المتوحّشون، التي لا تنتهي، وأكثر من أنّها لا تنتهي... بارعة" (إغناثيو إتشِبارّيّا)؛ "النتيجة رائعة ما يتحقّق هنا ويُدرك هو الرواية االكلّيّة، التي تضع مؤلّف 2666 بين مجموعة ثِربانتِس، لورنس ستيرن، هيرمان ميلفيل، بروست، ألويس موسيل وتوماس بينشون" (رودريغو فِرسان، ماذا تقرأ). كما نُشر له بعد وفاته بين قوسين، سرُّ الشرّ والرايخ الثالث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال ناشطات معارضات للحرب في قطاع غزة والسودان


.. في حوار لـ-العربية ENGLISH-.. أندرو تيت الملقب بـ-كاره النسا




.. هل يعاني علم المصريات من الاستعمار الثقافي؟ • فرانس 24 / FRA


.. تغير المناخ.. تحد يواجه المرأة العاملة بالقطاع الزراعي




.. الدكتورة سعاد مصطفى تتحدث عن وضع النساء والأطفال في ظل الحرب