الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
أشعّ بالأحمر
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
2018 / 1 / 7
الادب والفن
ثيابي المرقّعة تحترق، تلامس جسدي، أُطفئني، أخلعها، أمرّغها بالتّراب، ويظهر من ثقوبها إشعاعات لا تنطفئ.
أمشي عارية في شارع مزدحم في مدينة سحريّة، ينحني أحدهم أمامي، يلبسني حذاء كي لا أتعثّر بالأحجار ، وأسقطن اسير على خطّ مستقيم باتّجاه الهاوية الممتلئة بالنّار.
أقف أمام مرآة أراني أشّع بالأحمر، أصرخ: لا. توقّف أيّها اللهب عن الإشعاع، لست شعلة على طريق، إنّي من الجّياع. إن استمرّت الشّعلة تستنزف طاقتي سوف أكون يوماً كومة رماد.
لا يظهر جسدي من بين اللهب، باتت كلّ أثوابي مصنوعة من نار.
لغة الصّمت التي كبّلتني أحرقتني كي تقول لا نيابة عنّي، تحرقني كي أقول الآه في العلن، ويصمت البشر عندما يرون الكلمات تتطاير مرصّعة بكل ألوان الأحمر، تشرح للعالم قضيتي يوم ولدت ويوم متّ ويوم بعثت حيّة، يهرب البشر من الحقيقة، أجلس على زاوية باردة في كانون أدفئ شجرة عارية، تبتسم لي، أقترب منها، أحميها من اللهب بيديّ، أبادلها حديث الليل القارص في الشّتاء، تبوح لي عن مأساتها ونستند إلى بعضنا البعض، وفي لحظة عشق ننسى من نحن، نضمّ بعضنا البعض، نغفو، يطول الليل، فليل الشتاء دافئ عندما يضمّ عاشقان بعضهما البعض. أُورق ، وتورق الشّجرة. أوراقنا متوسّطة الاحمرار، وفيها بعض الاخضرار.
من أنا؟
أبحث عنّي في غياهب الكون، ويقودني تاريخي إلى مغارة في المجاهل فيها جماجم أبي، وأجدادي، وجميع سلالتي، وأملاً الجمجمة كي أتعرّف على أصلي، وفصلي، فيظهر لي إنساناً آكلاً للّحوم. أهرب من نسبي وحسبي، أسجّل اسمي في بحث عنّي، فأظهر كطفرة لا علاقة لها بتاريخ آكلي اللحوم.
من أنا؟
لا أعرف أيّها السّائل عنّي. أجهلني، فما ذقت طعم المعرفة يوماً كي أفهمني، ويستقرّ بي ذلك العصف المجنون. في مرّة تسابقت مع الرّيح العاصفة فزت في السباق, عاتبتني الرّيح: بذلت جهداً كي أسبقك فاحترقت من الاحتكاك. أطفئيني لو سمحت، وتعالي نكتب عهداً نوقّع عليه، يعمّنا السّلام.
من أنا؟
أنا لست أنت. لست الرّيح، ولست أنا التي كانت قبل قليل تشّع بالأحمر. أنا الآن بحر تجمّد في ليل صقيع مات فيه بعض الجياع، وجلب البعض أدواتهم ليتزلّجوا على سطح بحر من الجليد.
من أنا؟
مجهولة الهوية. أحمل الأسماء والألوان في حقيبة مخفيّة. لا أعرف تاريخي. أسعى إلى تحويل الحلم إلى حقيقة، أغيّر ما يسميه النّاس الأمل في اللغة، وأضيف له صفات واقعيّة، فأحلام اليقظة قد تكون مفيدة عندما يعقبها نوم ثم صحوة، وضارّة عندما تتقلّب بين النوم واليقظة، فلا تغفو ولا تستيقظ. عند هذا يسمى الأمل اضطراباً في الشخصية.
من أنا؟
أنا تلك الإنسانة الحالمة ، يتناوب الليل على حماية أحلامي، وعندما يظهر قوس قزح يرسمها بين الألوان، ويكتب حروفها، ويشرح عن طول لياليّ، وأيّامي. إن رأيتم قوس قزح يوماً ستقرؤون سيرتي هناك.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح