الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-التطرف الديني- سببه الانحطاط الحضاري للمجتمعات

علجية عيش
(aldjia aiche)

2018 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية



(مقارنة بين باحث أكاديمي جزائري، و قيادي سابق في الجماعة الإسلامية)

يرى باحثون أن إحياء التطرف الديني مرهون بمخططات أجنبية تستهدف الإسلام و لغته و أهله التي ضحت شعوبه من أجل ترسيخ هذه الثوابت، و البحث عن أسباب التطرف يتطلب تظافر جهود الباحثين المختصين في علم الأديان، و إشراك علماء الاجتماع و النفس في تسليط الضوء على أحكام الجهاد في الإسلام و تراثه الفقهي الواقعي، حتى لا يقتل المسلم نفسه في عمليات انتحارية عن جهل و سوء فهم للدين، باسم الجهاد و الاستشهاد في سبيل الله، فكثيرة هي الأحداث التي ترسم لوحة لشباب احترقوا بنار الفتنة في الجزائر و مصر و سوريا و العراق و في تونس و ليبيا ، و ما أصاب الأمة من دمار و تخريب و هتك الأعراض باسم الجهاد، مثلما تقوم به داعش حاليا

عندما نشر الأستاذ محمود عبده آل ضو، من مصر و هو باحث في الفكر الديني و قيادي سابق في الجماعة الإسلامية تغريدته حول مشكلة "التطرف" في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفايسبوك) و قال: أن مشكلة التطرف الإسلامي يجب وضعها في إطار مأساة حضارة كبيرة وقديمة تم تهميشها على الدوام، وقهرها علي يد الغرب، وهي تحاول أن تدافع عن هويتها، أو إيجادها متأرجحة بين التغريب تارة و الاحتماء بالتراث تارة أخرى، و رأيت أنه لو استعمل الأستاذ محمود عبارة التطرف الديني تكون أفضل، بدلا من التطرف الإسلامي، لأن هذه العبارة ( التطرف الإسلامي) تبرئ الأديان الأخرى من ممارستها العنف سواء كان مسلحا أو فكريا و ثقافيا، و من باب اهتمامي بالموضوع رحت أنقب في صفحات الكتب حول مسألة التطرف الديني التي تحولت إلى قضية عالمية، لا تحتاج إلى دراسة و تحليل فحسب، و إنما تحتاج إلى مناظرات بين رجال الدين: المسلمين و المسيحيين و حتى اليهود، و قد سقطت بين يدي ورقة الدكتور بلقاسم شتوان من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ( قسنطينة/ الجزائر) بعنوان: الإسلام و التطرف الديني، و قد عرج الدكتور شتوان إلى التعريف بمصطلح التطرف و تاريخ ظهوره و أسبابه و تحذير الإسلام منه.

و حسبما جاء في الورقة، فالتطرف في اللغة العربية يعرف بتجاوز الحد و التعصب و الخروج عن القصد، قبل أن ينتقل إلى المعنويات كالتطرف في الدين أو في الفكر ، أو في السلوك، و قد اعتمد الدكتور شتوان على دراسات الدكتور أحمد بن نعمان الذي ربط التعصب بالتطرف و جعل التطرف و التعصب كلمة مطلقة تأتي مقابل الإعتدال و الإتزان، ففيما أرجع الأستاذ محمود عبده آل ضو فكرة نشوء التطرف إلى بداية نشأة الإنسان و استمراره في الوجود بوجوده، و لعل يقصد بذلك بداية سفك الدماء المتمثلة في قصة قابيل و هابيل، و أن الملائكة كانت على دراية بظهور العنف و التطرف مع مجيئ أول من مثل البشرية في الأرض، و هو آدم عليه السلام، فقد أرجع الدكتور بلقاسم شتوان تاريخ ظهور التطرف الديني في الإسلام إلى ظهور المذاهب الدينية التي شكلت قوى مضادة للخلافة المركزية تجسدت في الخوارج و الشيعة.

ظل هذان المذهبان إلى عصرنا هذا يضيف صاحب الورقة يشكلان المنابع و المصادر التي يستسقي منها المعارضون للسلطة القائمة، و ذلك عن طريق الحركات و الأحزاب الدينية ذات الأصول السلفية مثل الهجرة و التكفير، و الجهاد الإسلامي، حركة المجاهدين، و منظمة العمل الإسلامي و أمل، عن التشيع التاريخي، دون الحديث عن الأحزاب الدينية ذات البعد السلفي المتطرف النابع من التشدد الديني، و تكفير المجتمع و استباحة دمائهم و أموالهم و قتل مخالفيهم غدرا ، و أمور جديدة التي تتمثل في نظرية ولاية الفقيه العامة، غير أن الأستاذ محمود ربط التطرف بالانحطاط الحضاري للمجتمعات، لكونه وسيلة للتنفيس عن الإحباط والغضب معا، و جعله قرينا له، كما يرى أن التطرف هو دليل على الانحطاط الفكري والنفسي للأمة التي يخرج منها المتطرفون، فالأمم المنحطة تندفع في كل الاتجاهات باحثة عن حل سريع لتدارك الفجوة الحضارية متوهمة الحل في كل فكر إنساني.

و لو أن الباحثان يختلفان من حيث التجربة، فرؤية الأستاذ محمود للتطرف نابعة من تجربة شخصية عميقة متصلة بالتطرف الديني خاضها يوم كان قيادي في الجماعة الإسلامية، أكسبته من خلالها معرفة عميقة بأفكار و أسلوب تلك الجماعات، مما جعله يكرس جهوده الفكرية في البحث و التنقيب عن ظاهرة التطرف بكل أبعادها الفكرية الدينية و السياسة، لاسيما و تنظيم الجهاد يعد من أكبر التنظيمات الإرهابية تطرفا في العالم و يعتبر تنظيم القاعدة و داعش امتدادا له، كما أنه قريبا من تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر (حسب الباحثين طبعا)، في حين يعتبر اهتمام الدكتور بلقاسم شتوان من باب اختصاصه كباحث أكاديمي، و أستاذ التعليم العالي بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، له أبحاث و دراسات أكاديمية عديدة و بالأدلة الشرعية في مختلف القضايا.

فالتطرف الديني إذن ظاهرة لها بعدها التاريخي ظهر قبل ظهور المجتمع الإسلامي، و هو قضية معقدة تماما كونها ترتبط بما يحمله المجتمع من عقد و من تناقضات في رؤيته للدين و تعاليمه، دون فهمه فهما صحيحا، كما أن الانفتاح على العصرنة و الحداثة، و تأثر ، جعلت الشباب ينظر إلى الدين على أنه مانعا يعيقهم عن التقدم، كما يعود سبب التطرف إلى خضوع حكام العرب و المسلمين إلى إرادة ألأجنبي و مساندتهم أفكارهم كالدعوة إلى الإلحاد و الإباحية، و الحقيقية كما تقول الورقة أن إحياء التطرف الديني مرهون بمخططات أجنبية تستهدف الإسلام و لغته و أهله التي ضحت شعوبه من أجل ترسيخ هذه الثوابت، و البحث عن أسباب التطرف يتطلب تظافر جهود الباحثين المختصين في علم الأديان و مقارنتها ، و إشراك علماء الاجتماع و النفس في تسليط الظاهرة، و قد حذر الإسلام من التطرف الديني، و نهى عن " الرهبانية" التي تدفع الإنسان إلى العزلة عن الحياة، و بما أن ظاهرة التطرف الديني ظاهرة عالمية فقد ورد في ورقة الدكتور بلقاسم شتوان طرق علاجها و مكافحتها و القضاء على جذورها، و يقصد بذلك إسرائيل باعتبارها تمثل الإرهاب و تعمل على تصديره، حيث قال أنه وجب على العلماء المخلصين لدينهم و وطنهم إظهار التطرف الديني، و أن تتكاثف المؤسسات بجميع مستوياتها سواء كانت مدنية أو عسكرية لتشخيص مواضع الانحراف و الخلل في أفكار حركات التطرف الديني.

علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التصعيد بين إيران وإسرائيل .. ما هي الارتدادات في غزة؟ |#غرف


.. وزراء خارجية دول مجموعة الـ7 يدعون إلى خفض التصعيد في الشرق




.. كاميرا مراقبة توثق لحظة استشهاد طفل برصاص الاحتلال في طولكرم


.. شهداء بينهم قائد بسرايا القدس إثر اقتحام قوات الاحتلال شرق ط




.. دكتور أردني يبكي خلال حديثه عن واقع المصابين في قطاع غزة