الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهزيمة والنصر

مهند طلال الاخرس

2018 / 1 / 7
الثورات والانتفاضات الجماهيرية



الامة او الشعب الذي يريد أن ينتصر على أعداءه لابد وأن يتزوَّد بمادة الإعداد(التربية والاخلاق والثقافة والتعليم والايمان بصحة المعتقد وحتمية النصر والتمكين)، وهذه المادة لا تقتصر على آلة الحرب؛ بل يتحتم عليه التعبئة الكاملة في شتى المجالات، وهذا الاعداد لا يقتصر على ميدان المعركة فقط؛ بل في ميدان النفس البشرية والحياة الواقعية.

فالنفس لا تنتصر في المعارك الحربية إلا حين تنتصر في معاركها مع نفسها اولا "المعارك الأخلاقية والتربوية والثقافية والانسانية..." كما أنه لا قيمة ولا وزن في نظر الانسانية للانتصار العسكري أو السياسي أو الاقتصادي، ما لم يقم هذا كله على أساس الانتصار على منظومة القيم الفاسدة ودحر الظلم ونصرة الحق والحرية والعدالة والمساواة.

فمعنى النصر هنا؛ هو ان تقترب بكل معتقداتك وأفعالك وطرق نضالك نحو الانسانية بشكل أكبر، حتى تلتصق بها كمتلازمة ربانية لا تنتهي، وعلى النقيض من ذلك تماماً تبدأ الهزيمة كلما إبتعدت عن إنسانيتك أكثر، ومارست الهمجية بشكل اكبر، الى ان تصل الى مرحلة الحيّونة، حين ذلك تكون نهاية المرحلة، وتكون قد بلغت اتون الهزيمة بجد وجدارة وعن استحقاق وحيّونة.

في الحالة الفلسطينية؛ الاقرار بالهزيمة ليس من طبع الفلسطيني، لان الاقرار بالهزيمة في الحالة الفلسطينية اخطر من الهزيمة ذاتها. اذ ان الاستمرار في الوجود ممكن حتى بعد الهزائم الساحقة الماحقة مثلما حدث في حالة اليابان والالمان. وهذا ما أثبته الشعب العربي الفلسطيني رغم النكبة عام١٩٤٨ ورغم النكبات والنكسات الاخرى المتلاحقة والمتعاقبة عليه. فبقي رغم ذلك ضمن العملية التاريخية والحضارية وحافظ على دوره في التاريخ وبقي محتفظا بهويته وصيرورته وبقي ممتلكا لعوامل وجوده واعادة انتاجها رغم البطش والتنكيل وكل المحاولات الرامية الى اخراجه من دائرة التاريخ والقذف به الى غياهب الجب والاقتلاع والنسيان.

اما الاقرار بالهزيمة فهو المؤشر الى نهاية الوجود وانقطاع العملية التاريخية لاي شعب من الوجود، وهذا ما حصل مع الهنود الحمر في امريكا، وحين نقرأ التاريخ نحن الفلسطينييون نريد ان نكون مع مجراه الحتمي كحال اليابان والالمان، ولا نريد ان نكون خارج مجراه كالهنود الحمر.

ومن هنا؛ ابتدعنا تعبيرنا وفننا وثقافتنا الخاصة بالصمود والبقاء، واتقنا إستيلاد تعابير بقائنا بإمتياز؛ من فن وغناء وثقافة وشعر وادب وتطريز ومأكولات وسلوك واخلاق وذكريات وعادات وتقاليد وتراث واساطير ودلالات، وحتى إتقاننا لحرفة مراوغة الموت، وان لم نستطع فمداراته، وما الى ذلك من ادوات ولغات ساعدت في التصاقنا برموز عملية البقاء التاريخي لاي شعب، حتى اصبح فن البقاء احد اكتشافات الشعب الفلسطيني في صراعه من اجل الوجود ونفي الهزيمة.

في حالة كحالة الشعب الفلسطيني الروح المهزومة هي أخطر ما يكون واخطر ما يواجه، فنحن الفلسطينيين لا شيء يهزمنا، وعلينا ان نتحمل الالم وان نتسلح بالامل؛ فلوﻻ الامل لتكسرت الارواح وتنكست الرايات وضاع الحلم.

يجب علينا أن نؤمن ان الحلم اول ملامح الحقيقة، وسنحلم بالنصر، فتصور النصر يقود إلى النصر وتصور الهزيمة يقود الى الانكسار، والتي تفتح بدورها الباب مشرعا نحو الهزيمة. لكن علينا ان نعمل على أن تبقى جذوة الصراع متقدة، لان صراعنا بالاساس مع العدو هو صراع وجود لا صراع حدود. صراع من يبقى مع من يفنى، صراع صاحب الارض مع سارقها، صراع الحقيقة مع الخرافة، صراع الطبيعة مع اعدائها.

وحين لا تكون المهزوم فينبغي ان تكون المنتصر ، وما دام النصر ليس في متناول اليد، فلا مناص من تصوره تصورا، فالاحساس بالنصر، حتى لو بالتوهم، مسعف لمن يحتاج الى الاستمرار في الوجود، فالثورة الفلسطينية وجدت لتبقى ...ولتنتصر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة