الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
نحن والفراغ
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
2018 / 1 / 10
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أصبح ذلك الفراغ الدي يقتل الرّوح والجسد هو عالمنا، فالبعض منّا وربما الكثير، لو قطعت عنهم وسائل التّواصل الاجتماعي لماتوا من الفراغ مع أن تلك الوسائل تكون أحياناً تعبيراً عن الفراغ بعينه. لم نعد نستعمل الورق إلا ما ندر.
أعتبر نفسي لست مدمنة على وسائل التواصل، فأكثر ما أجلسه على الفيس لايتجاوز النّصف ساعة في اليوم، لكّنني اكتشفت أنّني أستسهل الكتابة والتصحيح على الكمبيوتر، ولولا أنّني أجبر نفسي على كتابة بعض المذكرات لما كان للقلم والورق رائحة مشابهة لرائحته في الماضي، وعندما أقرأ كتاباً ورقياً أضع عنوانه على محرّك البحث، فإن وجدته على النت قرأته من هناك حيث أرى أنّه أسهل. أكبّر حروفه بما يتناسب مع الرؤيا، والسّهولة.
أتذّكر تلك الأيّام التي كنت فيها أحاول أن أخطّط بالريشة كلماتي، وحروفي، وكم كنت أعرف من أنواع الخطوط وكم كان يعجبني الخطّ الكوفي، كنت أصرف من وقتي على التخطيط زمناً طويلاً، لكنّني اليوم لا أعرف سوى خطّ الرّقعة على الكمبيوتر، وليس على الورق، فقد أردت البارحة تجربة مهاراتي الكتابية، كتبت على مفكّرة أعطتني إياها ابنتي هدية، وعندما قرأت ما كتبت لم أفهم كلّ الكلمات حيث كانت مبعثرة دون سبب، وتذكرت كيف كان خطّي في المرحلة الابتدائية مرسوماً بدّقة.
ليس ببعيد ذلك اليوم الذي سوف تصبح فيه السّيارات ألكترونية، وهناك بحث قرأته يسعى أن يكون السّائق أيضاً روبوتاً، وربما يكون المحاسب، وغيرهم، وفي دراسة في السويد استطاعت الآلة أن تخفّف عبء المساعدات الماليّة حيث أوجدت وظائفاً لأعداد لم يتمكن الإنسان من أيجادها.
وماذا بعد؟ ماهي مهمّتنا في الحياة إن استطاعت الآلة أن تسرق منّا أعمالنا، وحياتنا؟ حتى لو شتمنا من خلق تلك الآلة لن يؤثّر ذلك على مشاعرها، ومع هذا التّقدّم الرّائع في العلم هناك دراسة تبين أن عمر الإنسان سوف يكون في المتوسّط مئتيّ عاما، الدراسة تتحدث عن مئة عام قادمة وليس عن ألوف الأعوام علماً أنّ الإنسان قد لايموت فيمكن إعادته من بعض خلاياه، وما نقرأه من أبحاث ودراسات ربما يخيفنا، فماذا نفعل في الأعوام التي سوف نعيشها؟
هناك امرأة مدوّنة سويديّة تعلمت علوم الكمبيوتر قبل عامها المئة، وألّفت كتاباً عنوانه " الحياة تبدأ في المئة" هي الآن سبع سنوات بعد المئة، ولا زالت تدّون، وتلقي المحاضرات، وتجلس مع الأطفال، وكلّ هذا فعلته بعد المئة، فلو وصلنا إلى المئة ماذا عسانا أن نفعل؟
يقولون أنّ الرفاه هو الذي سوف يملأ فراغ الإنسان، ولا أعرف إن كان الرّفاه سوف يعمّ العالم ، أم أنّه سوف يخصّ البعض، وإن استمرّ الفقر فإنّ مئتي عام من الفقر هي مصيبة حقيقيّة، الموت أرحم.
نحن عاجزون عن إيجاد منافذ تملأ فراغنا، فلا قدرة مادّية لنا لشراء قطعة أرض نمارس فيها هواية الزراعة، ولا تجمّع نستطيع من خلاله الشّعور بدفء الحياة. ليس جميعنا، فهناك فئة من السّوريين مثلاً مهاجرة مثلنا، لكنّها على سفر طوال الوقت، توزّع الثورات، وتتحدث عن معجزاتها. فئة قوميّة لو رغبت، أمميّة لو رغبت، ثوريّة لو رغبت، متملّقة لو رغبت. تملأ الدنيا صراخاً: نحن هنا. تعقد الاجتماعت وتلصق صورتها أمامنا. تزكم رائحتها أنوفنا. نفهمها، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً.
لا شكّ أنّ الإنسان قادر على وضع الحلول، وقد تكون الحلول سّارة ، لكنّنا حتى اليوم نجهل ما سوف يتفتّق ذهنه عنه. ما أروع الإنسان!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. آلاف الوجبات تدخل القطاع يوميا.. هل تكفي؟ | الأخبار
.. أكثر 10 إعلانات ما سوت شغلها ???? | TOP 10 مع بدر صالح - الح
.. الرئيس عباس يصادق على تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة برئا
.. البيت الأبيض: عودة الهدوء إلى الحدود بين لبنان وإسرائيل -أول
.. صور جوية حصرية لسكاي نيوز عربية لقطاع #غزة #سوشال_سكاي