الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعرض النبي محمد فعلا للإضطهاد من طرف قريش؟

محمد مسافير

2018 / 1 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غالبا ما يشكوا المسلمون من إساءة فهم دينهم، لكن القليلون جدا منهم من يعلم يقينا حقيقة التاريخ الإسلامي وحقيقة نبيهم محمد، ما يثبت فعلا أن أكبر إساءة فهم هي التي تكونت في أذهان المروجين لسلام الإسلام!
سنحاول من خلال هذا المقال، دحض الأفكار التي يروج لها المعاصرون من مفكري المسلمين، وذلك اعتمادا فقط على أول الكتابات التي دونت حول حياة الرسول، سيرة ابن إسحاق/ابن هشام، والصحيحين مسلم والبخاري، والطبري. كمراجع معتمدة ومحترمة لدى أغلب الأكاديميين المسلمين. رغم أن القراءة النقدية تستوجب استحضار تأريخ ثلاثة أطراف: الطرف المؤيد والطرف المعارض والطرف المحايد، لكن ولأن التاريخ الإسلامي بصم وجوده بالدماء، وعلى جثت الأبرياء شيدت حصونه، فلابد للمنتصر أن يطمس الحقائق التي تتعارض مع مصالحه، ولا بد له أيضا أن يبتكر الأكاذيب التي قد تساعد في تثبيت صروح استبداده، ورغم ذلك، لن نعتمد مرغمين، إلا على ما قد بلغنا من السلف "الصالح" الأول!
ولأولئك الذين ينزعون المصداقية عن هذه الكتب أقول: ما هي مراجعكم؟ وسيصرخ القرآنيون بأعلى صوت: لا نعترف إلا بكتاب الله عز وجل المحفوظ في اللوح المحفوظ.
ودون أن نزيغ عن صلب الموضوع، إلى نقاش مدى صحة مقولة الحفظ هذه، فسنجيبهم بالقول الآتي: القرآن ليس إلا معان وإشارات تاريخية متفرقة وغير منتظمة، لا يتحقق فهمها دون الاعتماد على سياقات النزول، وإلا فإننا سنقتصر على جعل أغلبه آيات تعبدية نرددها كترانيم لا نستوعبها، وهذا أمر يخالف أيضا الأمر القرآني: تدبروا...
أما أولئك الذين يرفعون شعار العقل قبل النقل، فهذا منهج مضلل وغير علمي إطلاقا، لأنه ينطلق من مسلمات عاطفية، مرتبطة أساسا أو مثالا بكون محمد أشرف الخلق، وبناء على ذلك، فإن أي جرم منسوب إليه هو مجرد تلفيق لا يليق بشخصه الشريف، بينما يقبلون دون تأجيل، أي فضيلة منسوبة إليه، لأنها طبعا لا تخالف المنطلق: أشرف الخلق!
تدعي الأساطير المعاصرة: أن النبي محمد عانى الويلات على يد المشركين في بدايات الإسلام، واعترضوا سبيل دعوته، لكن على عكس ذلك، تؤكد المراجع الإسلامية، وفي أكثر من مناسبة، أن أهل مكة كانوا جد متسامحين مع محمد في دعوته لدين جديد، إذ أن مكة كانت مجتمعا منفتحا تتعايش بها مختلف الديانات: الوثنيون واليهود والمسيحيون كانوا يعيشون جنبا إلى جنب، وتتعبد كل طائفة كيفما شاءت، خاصة في الأشهر الحرم، حيث يقطع الوثنيون أميالا طويلة لأداء مناسكهم في الكعبة.
إذن فلنتساءل، ما الداعي الوحيد الذي كان لدى المكيين حتى يسعوا إلى اضطهاد محمد؟ هل فعلا لأنه جاءهم بالحق وهم كارهون له وعاشقون لنار جهنم؟ أم أن خطابه أو دعوته لم تكن لائقة شكلا على الأقل؟ أما أن تكون معارضتهم مجرد ريبة من دين جديد فهذا أمر غير مطروح، لأن ادعاء النبوة كان حدثا اعتياديا في تلك المنطقة، فقد سبقه إليه من أسماه شيوخ المسلمين بمسيلمة "الكذاب"، وقد استطاع استقطاب حشود من الأتباع دون إراقة قطرة دم، ولم يسمى بمسيلمة إلا لأنه كان مسالما جدا ورافضا لأي اعتداء مهما قل أثره، لكنه وللأسف، قتل لاحقا على يد المسلمين المسالمين غير الكذابين!
بشهادة الطبري وابن إسحاق، فقد كانت قريش تصرح أنها لم تلق مشاكل أبدا كالتي أثارها محمد بن عبد الله من محاولات لزرع الفتنة والانقسام واحتقار آلهتهم ووصف عادات أجدادهم بالجنون. لم يكن ذلك مجرد إهانة للمكيين ولتقاليدهم، بل كان تهديدا مباشرا للاقتصاد المحلي الذي يعتمد خصوصا على الهجرة السنوية، حيث كانت شعوب المنطقة متحمسة إلى السلام الذي ينعش تجارتها، لذلك، وحسب الروايات الاسلامية دائما، فقد عرضوا المال على محمد كي يتوقف عن إثارة الفتن، لكنه رفض!
دليل آخر على أن المكيين لم يكن لهم أي مشكل مع التعايش مع الإسلام، هو حادثة ما يعرف برواية الآيات الشيطانية "أرأيتم اللات والعزى, ومناة الثالثة الكبرى, تلك الغرانيق العلى, منها الشفاعة ترتجى"، فحين سمعها المكيون هللوا وأبشروا لما تحمله الآيات من معاني التقارب بين أديانهم ودين محمد، ثم قصدوا المسجد وصلوا مع المسلمين! قبل أن يتراجع محمد عنها بعد أن استنكر أتباعه التناقض الذي سقط فيه بين الدعوة إلى التوحيد والاعتراف بالأصنام كوسائط إلهية، تراجع عنها متدرعا بوساوس الشيطان "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّىٰ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" سورة الحج - 52
عكس ما تروج له أساطير المشايخ، فمحمد لم يتعرض لأي تعذيب قاس من قبل الذين كفروا به، حيث كان ينعم بحماية عمه أبي طالب، فقد كان أسياد مكة يتوجهون إليه طالبين منه أن يمسك عنهم ابن أخيه الذي لا يكف عن لعن آلهتم والسخرية من إرث أجدادهم. فقد جاء في رواية الإمام البخاري (3678) أن عروة بن الزبير رحمه الله قَالَ : سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .قَالَ : رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا . فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ
وواقعة الخنق هذه جاءت بعد أن طفح الكيل وبلغ النبي من التعدي مبلغا حتى طفق يهددهم ويردد على مسامعهم "إني جئتكم بالذبح"، إنها دعوة صريحة للإرهاب بعد أن كانت ساكنة هذه الأرض تنعم بالسلم والسلام، كيف تريدهم أن يستقبلوا هذه الإشارة الخطيرة! بالورود والزغاريد، ثم إن ردة فعل أحدهم هذه لم تكن شيئا بالمقارنة بما كان يتوعدهم به! فلنكن عادلين ومنصفين في الحكم!
وقد جاء أيضا في الصحيحين في موضوع أشد ما صنع المشركون بالرسول: بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش، جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور، فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره، ودعت على من صنع.
هذين الحادثتين هما أسوء ما تعرض له النبي محمد على يد قريش، رغم أنه كان شديد الضعف حالها ولم يكن له ظهر يحميه، خاصة بعد وفاة عمه أبو طالب، تخيل، شخص خرج عن الجماعة، ويشتم مقدسات الناس علانية، ويهدد السلم والأمان اللذان كانت تعيش فيهما المنطقة، ويتوعدهم بالذبح، ورغم ذلك، لا يلقى إلا حادثتين عرضيتين صدرتا عن أفراد، أما القرار السليم (المؤسساتي لأنه صادر عن سادة القوم) فكان طرده وإبعاده دون أذيته أو قتله، فربما كان ذلك أمانا له أيضا، لأن الاستفزاز الذي لم يكن يتوقف عنه ساعة لا بد أن يثير ردة فعل غير محسوبة من أحد الأفراد!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المنطق المفقود
Amir Baky ( 2018 / 1 / 11 - 09:03 )
هل كانت هناك ديانات و آلهه متعددة قبل محمد ؟؟
هل كانت الصراعات القبلية –قبل محمد- لأجل فرض ديانة أو قوانين إله من هذه الآلهة أم أن الصرعات القبلية كانت لاجل أمور أقتصادية أو هيمنة سياسية ؟؟
هل كان هناك سطو على القوافل و سرقتها قبل محمد ؟؟
تاريخيا مجتمع ما قبل محمد كان متعدد الآلهة و كان يوجد أيضا نصارى نسطوريين و يهود و كانت القبائل تعيش معا دون وجود صراعات دينية بينها و كانت الصرعات بين القبائل تنحصر فى الهيمنة السياسية أو الإقتصادية فقط لا غير. و كان هناك عرف قبلى بعدم سطو قبيلة على قوافل قبيلة أخرى. و كان يوجد مجموعة صعاليك (قراصنة الرمال) لا ينتمون لقبيلة محددة يقومون بالسطو على القوافل لسرقتها. و كان يصاحب القوافل عدد قليل من المحاربين لحمايتها من هؤلاء الصعاليك.
بدأ محمد فكرة بضم هؤلاء الصعاليك إلية ليكون بهم نواة لجيشة حيث كانوا منبوذين من جميع القبائل فى ذلك الوقت. و بدأ معهم بالسطو على قوافل قبيلة قريش بعد نجاحة فى السطو على قوافل قبائل أصغر.
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=362668&r=0
ففكرة أن قريش تضطهد محمد و دينة الجديد و أن قريش هى التى بدأت بمحاربتة كلام كاذب


2 - سيد امير
الجندي ( 2018 / 1 / 11 - 10:26 )
طبعا بعد ان اصبح يجعلها تزني معناها يزوجها بزوجة اخرى كل شيء حلال ومسموح
اما فكرة االاضطهاد الديني صديقي العزيز هذا ثابت عندنا في التاريخ وصحيح لاحديث
اما فكرة انه هاجم على القوافل التجارية الصغيرة
هذا لا ثابت تاريخيا ولا دينيا
بل فكرة اصلا وجود مسيحين نصاطرة بش موجودة اما اليهود فروح اقرال عن مشاكلهم مع العرب


3 - تحليل
على سالم ( 2018 / 1 / 11 - 16:22 )
انا فى تمام الاعتقاد ان المدعو محمد او قثم كان بطبيعته رجل شرير وحاقد على المجتمع بسبب انه ولد مجهول الاب وتخلت عنه امه ربما درأ للفضيحه والعار وهذا بالطبع اثر عليه وعلى تركيبته النفسيه المحرومه الحاقده المريضه , محمد كان رئيس عصابه من المجرمين ولص وقاتل ومجرم وحاقد وكاره لكل الناس , التراث الاسلامى يثبت ذلك تماما مهما حاول المزيفين الكذبه ان ينفوه


4 - سيد علي سالم
جندي ( 2018 / 1 / 11 - 20:14 )
انا لا اعتقد بل اجزم انك حاقد وعندك مشكلة
ولكن لن اسوق اسباب فالقارئ يعلم ذلك
والان نعود لموضوع انه ليس له اب
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=566406
شرفنا


5 - الجندى
على سالم ( 2018 / 1 / 11 - 23:47 )
انت انسان غريب الاطوار , لماذا تعتقد اننى احقد واكره , انا احلل يا صديقى الامور , عندما يمتد حمل محمد الى اربع سنوات فهذه كارثه وشئ شاذ وغير طبيعى , موضوع حمل امنه بنت وهب فى محمد لمده اربع سنوات موضوع يثير الشك والفضيحه , اكيد هى عرفت ان محمد او قثم كان نتيجه علاقه سفاح , للتخلص من هذه الفضيحه اخترعت ان حمل محمد امتد الى اربع سنوات لكى تستر على نفسها من القيل والقال , يجب تحليل الامور فى سياقها الطبيعى ولايوجد حقد هنا ايها الجندى


6 - هل تستطيع ان تنكر تعرض اتباع محمد للاضطهاد
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 1 / 13 - 08:16 )
على فرض سيد مسافير ان المسلمين او لنقل المؤرخ المسلم المنتصر دلس وكذب ولم يتعرض محمد للاضظهاد من قبل اهل مكة
فهل تستطيع ان تنكر ان اتباع دينه لم يتعرضوا للاضطهاد؟
وماذا عن محاولة قتل محمد عليه افضل الصلاة والسلام وماذا عن محاصرته في شعب ابي طالب ومقاطعته وعشيرته اجتماعيا واقتصاديا في اي خانة تدخل اليست اضطهاد وماذا عن وضعهم على ضهره الشريف وهو يصلي حواشي الذبائح
مع ذالك لنفترض انه لم يتعرض للاضطهاد وكان اهل مكة متسامحين معه فهل كانوا متسامحين مع اتباعه؟
لن تجيب ان واثق من هذا
لك التحية


7 - الافضل لك
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 1 / 13 - 10:39 )
بما انك لاترد ولاتتواصل على من يحاورك ومن يعلق على مقالاتك الافضل لك ان تضع عبارة الكاتب لايسمح بالتعليق تحت كل مقالة تكتبها
حتى لانعتقد انك غير قادر على التحاور ومهمتك من الكتابة هي افراغ ماجعبتك لااكثر


8 - عبد الحكيم عثمان
مسافير محمد ( 2018 / 1 / 13 - 19:48 )
بالعكس صديقي، أحب التواصل مع التعاليق، وأحب أسئلة القراء، لأنها تحفزني على البحث والكتابة، والدليل أني أفردت لسؤالك مقالا خاصا، إليك الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=585711


9 - انا لااتحدث عن الرد بمقالات
عبد الحكيم عثمان ( 2018 / 1 / 13 - 21:35 )
صديقي محمد مسافير انا لااتحدث عن الرد بمقالات انا اتحدث عن رد بتعليقات على من يزور صفحتك ويطرح وجهة نظره وهذا لاتعتمده مع من يزور مقالاتك وامامك لائحة بالمعلقين لم ترد على مداخالاتهم
في
الى تعرض اتباع (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=585711 (مقالك (محمد الى الاضطهاد ولكن تخفف الاضطهاد ثم تعود في مقالك لتنفي نعرض محمد(ص)للاضطهاد وقصة حصاره وعائلته في شعب ابي طالب ومقاطعتهم ابشع صور الاضطهاد غير محاولة قتله
لااعترض لدي من قبلك اومن غيرك العدائية للاسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام ولكن يجب ان تقال الحقيقة وهذه امانة علمية وانسانية ولا اعترض لدي لآنتقاد رسول الاسلام ولكن يجب من ينتقد ان لايتغافل عن الحقائق
لك التحية


10 - عبد الحكيم عثمان
مسافير محمد ( 2018 / 1 / 13 - 22:52 )
تحياتي صديقي ... شكرا على تفاعلك... يمكنك أن تراسلني على حسابي الفايسبوكي وقتما شئت، لأنني قليلا ما أراجع تعليقات الحوار المتمدن، شكرا مرة أخرى
https://www.facebook.com/moussafir.med