الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احاديث عبر الحدود!

سليم نزال

2018 / 1 / 14
الادب والفن


احاديث عبر الحدود!

سليم نزال

فى محطة القطارات فى بودابست تحدثت مع شاب صربى وصديقته.الحديث معهما كان ممتازا .كانا فى جولة فى تشيكيا و سلوفاكيا و هنغاريا و هما عائدان الى صربيا . و اعترفا لى انها شعرا بمعاملة غير صديقة فى هنغاريا و هو شعور احسست به ايضا .توقفنا طويلا خارج المحطة نثرثر

فى مواضيع كثيرة حتى جاء موعد قطارى.و دعتهما و مضيت لاسال عن الرصيف الذى يقف عليه القطار المتوجه الى رومانيا .

احب السفر فى القطارات الليلية.و غالبا ما يلتقى المرء باشخاص يتبادل معهم الافكار و الاراء.مثلما احب تامل المدن و الارياف التى يمر بها القطار .كان المطر يتساقط و الاضواء تختلط بنقاط المطر لتكون منظرا جميلا.
كنت قد قضيت بعض الوقت على نهر الدانوب او الداو كما يسمونه.و هو النهر الذى يعبر بلادا عديدة من النمسا الى بودابست الى رومانيا الى ملدوفيا و لا اعرف ان كان اكثر.و كنت اتامل النهر كانى اتامل بالتاريخ ايضا.قلت فى نفسى لا عجب ان النمسا و هنغاريا كانت امبراطورية واحدة تحت سلطة ال هابسبوغ.لعل فكرة النهر العابر لفينا و لبودابست قد ساعد على فكرة الوحدة.لا اعرف ان كان هذا صحيحا و لكن هذا ما فكرت به.يجب ان اعترف انى وجدت هنغاريا بلدا يصعب فهمه .و انا عادة حين اذهب لاى بلد فانى اقرا عنها بعض الشىء خاصى فيما يتعلق بثقافتها و هو اهتمامى الاول .و لكى افعل هذا فانى عادة اضع البلاد ضمن صناديق ثقافية او نوع من التعليب الثقافى.اعرف مثلا ان روسيا و بولندا و اوكرانية الخ ينتمون للثقافة السلافية مع ملاحظتى للفروقات بل للحساسيات التاريخية,و اعرف مثلا ان رومانيا التى اكتب منها الان تنتمى للثقافة اللاتينية و ترتبط بها بوشائج مع ايطاليا و اسبانيا و البرتغال و فرنسا.

لكنى لا اعرف كيف استطيع صندقة هنغاريا سوى انها ترتبط ببعض الوشائج اللغوية مع فنلندا دون ان يفهوا لغة بعضهم البعض حسبما اعرف(و ربما مشتركات لغوية مع استونيا و لست متاكدا من هذا).
صداقات الاسفار صداقات جميلة .تلتقى دوما باشخاص يضيفون اللمرء افكارا جديدة.صحيح ان المرء ينساهم مع الوقت لكن الثراء الفكرى او الثقافى يستمر مع الانسان عبر رحلة الحياة .

كنت سعيدا ان التقى بشلة ممن جلسوا بقربى.كانوا حوالى 9 رجال و نساء.سالت الشخص الذى كان اكثرهم حديثا ان كان هناك مكان تشارج للموبايل فاشار الى مكان على مدخل القاطرة حيث يوجد مجال لتشارغ موبايل لكن ليس كومبيوتر كما هو واضح من خلال الرسم.
كانت هذه المجموعة هنغاريين و الرجل تحدث بانكليزية ممتازة .منذ الان ساسميه قائد المجموعة, لانه كان يبدو كذلك.بدانا بالحديث وسرعان ما بت كاننى جزء من هذه المجموعة الرائعة من المسافرين فى هذا الليل .

كانت المراة التى تجلس مقابلى على الصف الاول ترمقنى بنظرات فاحصة بين الحين و الاخر و هى فى حوالى الاربعين من العمر و الى جانبيها اولادها ,ولد و ابنة خجولين .بعد وقت قدما لى شوكولاته هنغارية و قدمت لهم شوكولاته نرويجيه .عرفت ان قائد المجموعة كان يعيش فى امريكا الامر الذى يفسر لغته الانكليزية الجيدة.سالتى المراة بانكليزية محدودة ان كنت صحافيا فقلت لها انك لم تبتعدى كثيرا عن الحقيقة .لا اعرف ان كان شىء من هذا يبدو على ملامحى لانى فى اسفارى سمعت ذات الملاحظة من اشخاص التقيهم .

قال لى قائد المجموعة كلاما مدعاة للتامل .كنت احصل على راتب جيد فى امريكا و ذات يوم فكرت ان على ان اختار ان اعيش براتب جيد فى بلد لا انتمى اليه ام اعيش حياة اكثر تواضعا فى وطنى حيث انتمى .قال عشت هذا الصراع لبعض الوقت ثم قررت ان اختار الخيار الثانى و هانذا قد عدت و هو الان يعمل على اصلاح بيت ورثه من اهله !
الذى كان مفاجا اكثر هو معرفته عن الثقافة العربية .قرا لجبران خليل جبران و لمحمود درويش و لنزار قباتى كما قرا الشانامة للفردوسى الفارسى بل انه تذكر عنوان قصيدة لدرويش بالعربية .و دار حديث طويلة عن الثقافة .

قلت له انا بالفعل سعيد ان اسمع كل هذا, و اعتقد ان افضل طريقة للتعرف بين الحضارات هو عن طريق الثقافة .و الحقيقة انه باستثناء الشاعر يانوس بانونيوس فانا لا اعرف شيا عن الشعر او الادب الهنغارى.بابونيوس هو شكسبير هنغاريا و قد كان من اب كرواتى و ام هنغارية و عاش فى القرن الخامس عشر.

كانت بالفعل حوارات رائعة طوال الوقت .على مقربة منى ايضا كان هناك غجرية رومانية التى سالتها ان كانت تعرف ان ترقص رقصا غجريا .قالت نعم قال قائد المجموعة انها ترقص لو اعطيت بضع قطع نقود.اعطيتها فنهضت ثم اخذت ترقص .تحمس افراد المجموعة و نهض الجميع يرقصون بفرح و قد وضعت موسيقى رقص عربية . ثم وضعت السيدة ايضا موسيقى راقصة و صار الجميع يرقصون على انغام موسيقى من هنا و هناك.مرت الساعات الخمسة بسرعة و كانت المجموعة تريد ان تغادر القطار عند الحدود تماما.ودعتهم بكل حرارة و شكرتهم على هذا الوقت الرائع.فكرت ان انم قليلا لكن بوليس الحدود الرومانى ايقظنى لفحص جواز السفر.

وصلت الى المدينة الرومانية قبل منتصف الليل و كانت الامطار تتساقط بغزارة.اول شىء احب ان اقوم به فى زيارتى لاى بلد هو ان اشرب قهوة و ادخن سيجارة قبل اى شىء. كانت المدينة تستعد للنوم, كنت مرهقا جدا , طلبت تاكسى و توجهت نحو الفندق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في