الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوات فضحت اكاذيب قديمة! (وسمح للمراة في السعودية بدخول الملاعب!)

فارس محمود

2018 / 1 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لم يكن يوم امس (12 من كانون الثاني) يوما عاديا اخر في حياة المجتمع السعودي، اذ شهدت احد مباريات دوري المحترفين حضور لافت للنساء لاول مرة في مبارة كرة قدم في السعودية، نساء توشحن بالوان نواديهم بجو يغمره الفرح، وقبلها شهدنا انتشار الدعايات الواسعة لمطربين من اخر طراز عصري لاجراء الحفلات الغنائية هناك، وقبلها، تحطيم تلك القضية التي كانت اقرب الى المستعصية بالسماح للنساء بقيادة السيارات، كما اعيد افتتاح دور العرض السينمائية بعد اغلاق دام 4 عقود، هذا كله جرى بـ "جرة قلم ملكية" بغضون اشهر معدودة!!
ان دلل هذا على شيء فانه دلل على التهافت المريع لتلك الاكاذيب والتنظيرات "الفكرية" و"الاجتماعية" "العميقة" التي حالت ولعقود دون تمتع، قل حرمان، المواطنين في السعودية، والنساء بالدرجة الاولى، من تلك الحقوق والحريات البديهية. ان سؤال يطرح نفسه هنا: اين ذهب اصحاب تلك المبررات والتحذيرات والمخاوف حول كون "المجتمع محافظ"، "عادات المجتمع وتقاليده لاتسمح!" "لايتحمل المجتمع ذلك" و"وجوب اخذ الواقع بنظر الاعتبار ولاينبغي القفز عليه" و"مس الخطوط الحمراء".... والخ من ترهات كاذبة؟ّ
اين رجالات الدين واصحاب الفتاوي و"مفتي المملكة" وجماعات "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الارهابية"، وذلك الرتل والطابور الذي له بداية وليس له نهاية والمنهمك بالنفخ بهذه النظريات للاستهلاك العام واقناع المجتمع والمتعطشين للحرية بهذا القمع والحرمان؟ّ! بجرة قلم ملكية، اختفى هذا الجيش الجرار من الافاقين والكذابين والمتملقين والساهرين على بقاء هذا النظام القرووسطي، كأن الارض قد انشقت وبلعتهم عن بكرة ابيهم! ان يدلل هذا على شيء على ان فذلكاتهم و"علومـ"هم، ومن ضمنها مهزلة "ان السياقة تؤثر على حوض النساء وبالتالي على الانجاب"، هي فذلكات وعلوم حاجات الطبقة الحاكمة، وليس لها اي ربط او صلة بالواقع. انها مؤسسات لخدمة الطبقة الحاكمة صرفا، ولايمكن فهم كل ماينطقوا به الا ارتباطا بهذا الصلة والهدف الذي اسست من اجله. انهم طبول بكل معنى الكلمة، لايتمتعون باي حياء، ولا باحترام لانفسهم، والا لدافعوا عن ماقالوهاحتراما لانفسهم امام الناس.
انها كذبة تلك التي يسموها ان المجتمع محافظ، والا لِمَ لم يرى احد اعتراض ما يذكر على هذه القرارات. بل بالعكس استقبلها طيف واسع من المجتمع بفرح. اذن ليست المشكلة في المجتمع، المشكلة في السلطة نفسها، هي من لاتريد. اذ مثلما هو معروف، بوسع الدولة التي بيدها السلطة والاموال والقوانين والاعلام والمؤسسات ان ارادت امر ما، ان توعي المجتمع به. وليس ذلك بامر صعب. بيد انها لاتريد. ليس من مصلحة حكمها ذلك.
لقد ارادت الطبقة الحاكمة دوما، وتعمل دوما، من اجل خنق مجتمع مايقارب 33 مليون نسمة باطار ضيق من "المسلمات والاحكام والخطوط الحمراء" "الاجتماعية" وحجر المجتمع فيها. سهرت بالنار والحديد وقبلها بالايهام والخداع والكذب والتشويش والتضليل كي لاتمس. لماذا لانها تعرف حق المعرفة ان التطاول على احد هذه "المقدسات" وتحطيمها سوف يفتح الباب على تحطيم "مقدسات" اخرى اشد خطورة على الطبقة والعائلة والقبيلة الحاكمة نفسها وعلى حكمها وسلطتها. اذ مثلما اكد كل تاريخ البشرية "ان حبل التطاول على المقدسات" لا نهاية له. اليوم على هذه وغدا على تلك، وفي يوم ما، في اربعاء ما، على المقدس الازلي والنهائي، مقدس الملكية والسلطة.
ولكن مهما ارادت الطبقة الحاكمة، فان لمسعاها حدود. اذ ان التاريخ، على قول ماركس، لايمكن ان يسير، اجمالاً، وفي المطاف الاخير، الا الى الامام رغم نكوصاته وتراجعاته هنا وهناك. وليس بوسع الف سعودية ان تفلت من هذا المسار رغم كل المماطلات والقمع وخنق الحريات.
المجتمع السعودي هو مجتمع في عالمنا المعاصر، لايستطيع ان يفصل نفسه عن هذا العالم المتطور بصورة سريعة ومتعاظمة الى حد مدهش، وليس بوسع السلطة القرووسطية الحاكمة ان تتجاهل، وللاخير، ضغط المجتمع، شبابه وتحرريه، وتعطشهم لعالم افضل، ولا ان تغمض العين عن ضغط المجتمع البشري الذي ينظر بعدم احتراملهذه السلطة التي حولت المجتمع الى رقعة هجينة على جسد المجتمع الانساني. ان هذه الخطوات لايمكن فصلها من كلا الضغطين في اوضاع سياسية عالمية محددة، اوضاع تريد السلطة البرجوازية الحاكمة ان يكون لها دور اكبر على الصعيد العالمي والاقليمي، وان هذه "المحدوديات" تقيّد ايديها من هذا الظهور، او لا تتناغم هذه الهيئة والوضعية مع هذا الدور، وبالتالي يجب ازاحة مايمكن ازاحته، كي تعطي صورة "اقل قباحة" لنفسها امام العالم.
ان حضور النساء اللافت قد بين عن ان هذا المجتمع الذي كبّلوه بالدين والمذهب والقبلية والطائفة هو اكثر تقدما من حكامه ورجالات حكمه.
مبروك للمراة في السعودية، مبروك لقوى التحرر والمساواة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على