الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلس المركزي وسحب الاعتراف، الهدف والمستهدف من القرار

مهند الصباح

2018 / 1 / 16
القضية الفلسطينية



في دورته ال 28 ( دورة القدس العاصمة الأبديّة لدولة فلسطين ) والتى انعقدت بمدينة رام الله المحتلّة وبحضور 87 عضوا من أصل 109 اعضاء، اتخذ المجلس المركزي لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة سلسة قرارات، في محاولة منه لإعادة تنظيم العلاقة بين السّلطة الفلسطينيّة – المنبثقة عن المجلس- مع دولة الاحتلال الساعيّة سعي العطاشى في محو القضيّة الفلسطينيّة، وتصفيتها إقليميّا ودوليّا. انعقاد المجلس المركزي جاء متأخرا جدا إلا أنّه ضروري؛ لما تشهده القضيّة الفلسطينيّة من تحدّيات جسام، وانفضاح الموقف الأمريكي المساند لدولة الاحتلال، وتبدّل أجندة بعض الدول العربيّة الفاعلة في المنطقة. انعقد المجلس المركزي بمكوناته الأساسيّة من الفصائل المنضويّة في إطار المنظّمة، وخرج بقرارات مطلبيّة –في ظاهرها - من قبل الشّارع الفلسطيني الدّاعية إلى استرداد الكرامة الوطنيّة، ولفظ عباءة الاحتلال والتبعيّة له في شتّى مناحي الحياة، كلّف المجلس اللجنة التنفيذيّة بسحب الاعتراف المؤقت بدولة اسرائيل إلى حين اعتراف الأخيرة بدولة فلسطين، ربما فرح الفلسطيني بهذا القرار، لكن سرعان ما تعاوده الخيبة؛ لتستوطن قلبه حين يعلم بأنّ المستهدف من هذا القرار هم الأوروبيون أنفسهم بالدرجة الأولى. الأوروبيون الذين لا يزالون متمسكين بحلّ الدوليتين، وربما هم أشّد حرصا عليها، وسبب حرصهم هو خوفهم من الدّولة الواحدة،التي إذا ما تمّت فإنّ أوروبّا ستصبح عرضة لهجرة اليهود العكسيّة إليها، خاصة إذا ما علمنا بأنّ المكوّن الأساسي للمجتمع الإسرائيلي هم يهود جاؤوا من أوروبّا، ويمتلكون جوازات سفر أوروبيّة، وبالتالي تعود المسألة اليهوديّة للظهور في الغرب وانتشار الغيتو من جديد. لذا يريد السياسي الفلسطيني توجيه رسالة إلى الغرب مفادها إن لم تضغطوا على الإدارة الأمريكيّة لتعديل موقفها، وإن لم تضعوا ثقلكم في العمليّة السياسيّة وبقيتم في دائرة التصريحات؛ فإنّ ما ينتظركم خطير جدا، وقد أشار البيان الختامي لاحتماليّة الدّولة الواحدة حين ندد بنظام الأبارتهايد في النقطة السادسة من بند العلاقة مع اسرائيل، والأبارتهايد لا يكون إلا في الدّولة الواحدة. لذا أعتقد بأنّنا سنشهد نشاطا أوروبيّا ملحوظا في الفترة المقبلة. أمّا المستهدف الثاني من سحب الاعتراف بدولة إسرائيل هي مساعي التطبيع العربيّة الرسميّة مع إسرائيل، فأراد المجلس أن ينزع الشرعيّة العربيّة والأخلاقيّة عن تلك المساعي الراميّة إلى تأهيل دولة الاحتلال في المنطقة العربيّة قبل التسويّة النهائيّة مع الفلسطيني، وذلك بمطالبة البيان الختامي للمجلس بتفعيل قرار قمّة عمان لعام 1980، ورفض البيان لأي تغيير على المبادرة العربيّة. وهذه محاولة منه لإرجاع القضيّة الفلسطينيّة إلى بُعدها وعمقها العربيين، وبالمقابل اندحار مقولة " نقبل ما يقبل به الفلسطينيون"، ويضع الأنظمة العربيّة اللاهثة وراء التطبيع في موقف حرج أمام شعوبها. إذا ما صحّ هذا التحليل فهو يدلل على استمرار النهج السابق للقيادة الفلسطينيّة في الاستمرار في المفاوضات كأسلوب وحيد – أرجو أن أكون مخطئا -، ولا تغيّر جوهريا حاصلا، بل هو تغيير تكتيكي قد يُلقي بنا في متاهات مظلمة غير مضمونة العواقب. قد يهدف قرار سحب الاعتراف بأن يحمّل دول العالم والمنطقة المسؤوليّة ويجبرها في الضلوع المباشر في العمليّة السياسيّة والضغط على الإدارة الأمريكيّة كي تمارس نفوذها على القادة في اسرائيل لقبول حلّ الدولتين. هي جبهة ضاغطة ومؤثرة تسعى القيادة الفلسطينيّة إلى تشكيلها ضد اسرائيل والولايات المتّحدة. لكن هل تملك القيادة الفلسطينيّة المقدرة اللازمة لتشكيل تلك الجبهة المنشودة، وتستطيع استثمارها بالشكل الصحيح؟ اعتقد بأنّ المقدرة المؤهلة إلى ذلك تكمن في توطيد العلاقة بين القيادة وبين شعبها بجميع مركباته، لذا بات من الضروري جدا انهاء الانقسام، وتوحيد الرّاية والكلمة من أجل التوظيف السليم لأي مكتسب سياسي فلسطيني على صعيد العلاقات مع دول العالم وهيئاته المختلفة، وأيضا من أجل ضبط ايقاع تحركات القيادة الفلسطينيّة، وتصويب البوصلة فيما لو انحرفت عن الهدف في الحريّة والاستقلال والكرامة الوطنيّة. أمّا على الصعيد الإقليمي، فيجب النأي بالنفس عن أيّ تجاذب ومناكفة بين دول الإقليم والمحافظة على مسافة واحدة بين الفرقاء. وعلى الصّعيد الدولي فمن الضرورة بمكان تفعيل الجاليات الفلسطينيّة والعربيّة والمؤيدين للقضيّة في سبيل حشد أكبر عدد ممكن من شعوب العالم لصالح الحقّ الفلسطيني السليب، مما ينعكس على سياسات دولهم الخارجيّة، ففيها قيادات تحترم رأي ناخبيها. جميعنا يدرك تماما بأن لا ضربة قاضيّة تنهي الاحتلال وإنما هو فعل نضالي تراكمي يقربنا رويدا رويدا نحو استرداد بعض الحقوق التاريخيّة لنا في أرض فلسطين. علينا الانتظار فربما صفعة القرن أعادت للسياسي الفلسطيني رشده فيجعّل في انعقاد اللجنة التنفيذيّة كي تفعّل قرار المجلس المركزي بسحب الاعتراف.
. 2018/01/16








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح