الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بيتنا فريال الكليدار

جعفر المظفر

2018 / 1 / 17
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


ماذا يحدث لك حينما تنتقل, وخلال ساعة فقط, من حالة الهروب من الذات المرتبكة ومحاولة التنصل من عقد الحاضر المخزي, إلى حالة ملؤها الفخر بوطن إسمه العراق, وبثقافة وحضارة تمتد عبر التاريخ وصولا إلى بابل وسومر وأشور حتى تحط في احضان جلجامش وترتقي معه وتتسامى بحثا عن سر الخلود.

ماذا يحدث لك حينما تأخذك سيدة عراقية إسمها "فريال الكليدار" من رسمٍ لإمرأة عراقية ملفوفة بالحجاب, معبئة بكيس أسود, خجلة من إسمها ورسمها, إلى صورة عشتار المشرقة بإبتسامتها العراقية, حتى كأنها قد إستحمت لتوها في عين الشمس وطلعت علينا من جسد القمر.

ماذا يحدث حينما تلقي القبض عليك سيدة إسمها "فريال الكليدار", متلبسا بجريمة الخجل من عراقيتك, لتأخذك خلال ساعة فقط, إلى لحظة يُعَّمِرها زهو الإنتماء, فترجع فخورا بعراقيتك إلى حد الدمعة, حتى كأنك طفل وجد أمه بعد ضياع.

ماذا يحدث لك حينما تفتح عليك "فريال الكليدار" باب الحسين الشهيد, مرسوما باللحظة الحضارية المتنقلة على خطوط من اللغة والشعر, وكأنك تسمعها تقول .. هذا ضريح للفخر والزهو, وليس مكانا للطم والنحيب. ثم تنقلنا إلى جسد آشور الطالع علينا من أعماق الأرض مثل أسد ملتحٍ يرفض الهجرة ويتحدى معاول أبو بكر البغدادي.

إني بحاجة إلى من يلهمني ترانيم الحروف كي أصف بها لحظة الإنبهار وانا أعيد إكتشف عراقيتي الخجولة, واقفا بعز أمام بوابة بابل, جالسا بخشوع أمام مسلة حمورابي, متنزها مُتْرفا في مرابع الجنائن المعلقة.

إنها ساعة الإنبهار التي عشتها مع أكثر من خمسمائة عراقي حضروا الليلة الكليدارية التي أعادت للعراقيين الساكنين في ضواحي واشنطن, والمتجمعين في قاعة إحدى جامعاتها, حق الزهو بعراقيتهم المذبوحة بسكاكين الغزوة الغادرة وبلحى اللصوص المارقين.

وحدها فريال الكليدار المشرئبة إعتدادا بعراقيتها .. وحدها كانت سيدة اللحظة الرائعة التي نقلتنا بخطوات العارضات المحلقات في ثياب طرزتها الحروف المسمارية, ونقشتها الرسوم السومرية والبابلية والآشورية, وهي تحكي قصة التاريخ في وطن إسمه العراق.

إن نجاح الأستاذة فريال الكليدار كان يكمن في قدرتها المبدعة على الحديث مع العالم عراقيا من خلال تفاعلها الثقافي مع بيئها العراقية الغنية بالتراث الإنساني, إذ اينما حطت هذه السيدة كان العراق يخرج من حقيبتها ومن ضميرها ومن قلبها مشاهد للرقي والتحضر وصورا تحكي عن بلد كان أغنى العالم بأنواره.

شكرا لك سيدتي فريال الكيليدار يوم أعدت لنا حق الزهو بعراقيتنا.
وشكرا للديوان العراقي في واشنطن, بهيئته الإدارية, وبمجلسه الإستشاري, وبشبابه المتحمسين, الذين وفروا جميعا لسيدتنا فريال الكليدار, ولعارضاتها الجميلات, ولأستاذة التاريخ التي رافقتها بالترجمة الدكتورة إزدهار العبيدي, فرصة أن يعيدوا لنا ذاكرتنا العراقية المتحضرة المعطاء مطرزة بالخيوط والخطوط الأنيقة.

وسنظل نتمنى على المنظمات والدواوين الثقافية العراقية خارج العراق قيامها بإعادة إحياء الذاكرة العراقية وتعريف الأبناء والأصدقاء بقيمة ومعنى وطن إسمه العراق, وطن يستحق أن يُقدم بغير الصورة التي صار عليها الآن على يد النظام الطائفي الفاسد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المظفر جعفر المظفر
عبد الرضا حمد جاسم ( 2018 / 1 / 17 - 19:45 )
عام جديد يبدو من هذه الاطلالة ان فيه شيء جديد مفيد
شكراً لها و الشكر موصول لكم ايها الكريم
تحياتي لها من خلال نافذتكم هذه
دمتم جميعاً بتمام العافية


2 - عام سعيد
جعفر المظفر ( 2018 / 1 / 17 - 22:51 )
شكرا لك يا أخي وصديقي الأستاذ عبدالرضا وأتمنى لك عاما مترعا بالإبداع وثملا بالعطاء الجميل


3 - رجاء
وسام يوسف ( 2018 / 1 / 18 - 02:46 )
القلم المبدع الدكتور جعفر المحترم
شكرا لك على هذه السطور المضيئة بعراقيتها
هل يوجد اي موقع على الانترنيت فيه تقرير وصور عن هذه الامسية الكليدارية؟
وشكرا لك


4 - رابط الإحتفالية
جعفر المظفر ( 2018 / 1 / 18 - 14:32 )
الأخ النبيل والمحترم وسام
https://www.youtube.com/watch?v=O9lo2RbAw4c


5 - رابط الإحتفالية
جعفر المظفر ( 2018 / 1 / 18 - 14:44 )
https://www.youtube.com/watch?v=O9lo2RbAw4c

أخي وسام يوسف صديق الفكر والكلمة
شكرا لمروركم الكريم


6 - الاستاذ جعفر المظفر
وسام يوسف ( 2018 / 1 / 19 - 13:53 )
بوركت وشكرا لك استاذي الكريم

اخر الافلام

.. الرد الإسرئيلي على إيران .. النووي في دائرة التصعيد |#غرفة_ا


.. المملكة الأردنية تؤكد على عدم السماح بتحويلها إلى ساحة حرب ب




.. استغاثة لعلاج طفلة مهددة بالشلل لإصابتها بشظية برأسها في غزة


.. إحدى المتضررات من تدمير الأجنة بعد قصف مركز للإخصاب: -إسرائي




.. 10 أفراد من عائلة كينيدي يعلنون تأييدهم لبايدن في الانتخابات