الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك الستالينية (Destalinization)

فؤاد النمري

2018 / 1 / 18
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


تفكيك الستالينية (Destalinization)

تفور اليوم على صفحات "الحوار المتمدن" حملة فاشية مسعورة يقودها "شيوعيان" من شيوعيي البورجوازية الوضيعة في العراق هما الدكتور طلال الربيعي والدكتور حسين علون وليس تروتسكيين كما جرت العادة . ما لم يعد محل اجتهاد هو أنه كلما تكشف تهتك البورجوازية الوضيعة التي كانت قداختطفت السلطة في كل أصقاع الأرض كلما زاد هجومها المسعور على ستالين ؛ وليس ذلك إلا لأن ستالين وقد فاته أن يقبر البورجوازية الوضيعة السوفياتية في الخمسينيات بسبب اغتياله ما زال شبحه يتهددها بالتصفية صباح مساءً . لقد نجحت البورجوازية الوضيعة بتجنيد الكثيرين من "الشيوعيين" في حملتها المسعورة على ستالين بدءاً بنيكيتا خروشتشوف الذي احتل مركز الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي وليس انتهاء بدعيّي الشيوعية العراقيين طلال الربيعي وحسين علوان .
ما يفوت هؤلاء المجندين هو أنهم لن ينالوا من ستالين ولن ينجحوا في تفكيك الستالينية وذلك بكل بساطة لأن ستالين ليس شخصاً بعينه كما يفترض هجومهم إنما هو نهج لينينيّ معلوم في بناء الإشتراكية . كان الرفيق البولشفي الاستثنائي ستالين على حرص عبقري فائق جداً في ألا يرتبط بناء الاشتراكية بشخصه بل بشخص لينين وكل تاريخ ستالين في الحزب يؤكد مثل هذا المنحى وتبرز فيه ثلاث وقائع ..
في الساعات الأولى من صباح 22 يونيو 1941 رفض ستالين استقبال سفير ألمانيا في موسكو ليعلن الحرب على الإتحاد السوفياتي، ونقض هتلر لاتفاقية عدم الإعتداء المعقودة بين الطرفين، وأناب عنه وزير الخارجية مولوتف . كما رفض هو نفسه كرئيس للدولة وللحزب أن يعلن إلى الشعوب السوفياتية الحرب على ألمانيا بالراديو كما تقضي الأصول وأرغم وزير الخارجية مولوتوف على إعلان الحرب . تبيّن إذاك أن ستالين قد أدرك الخطأ القاتل الذي اقترفه في الركون إلى اتفاقية عدم الإعتداء مع هتلر الأمر الذي انتهى إلى تكبيد الاتحاد السوفياتي خسائر لا حدود لها بالرغم من أن الرفيق الخالد ريتشارد زورغه الملحق الإعلامي في سفارة ألمانيا في طوكيو كان قد أرسل برقية للمخابرات السوفياتية تحدد العدوان الهتلري على الاتحادالسوفياتي بيوم 22 يونيو وقد تجاهل ستالين الأمر بالرغم من أن البرقية كلفت الرفيق زورغه حياته . لكل ذلك كان حكم الرفيق ستالين على نفسه حكما قاسياً جداً وهو أنه لا يستحق أن يكون قائداً للحزب الشيوعي والاتحاد السوفياتي، فاختفى دون إذن من أحد . إذاك كلفت جميع أجهزة الدولة في البحث عن ستالين فوجدوه بعد ثلاثة أيام مختبئاً عند شقيقة زوجته في الجنوب، فتوجهت بعثة من أربعة أعضاء من المكتب السياسي برئاسة مولوتوف تطلب إليه العودة إلى مركزه وهو ما رفضه ستالين بشدة ولم يرض بالعودة قبل أن أكد له رفاقه أن الاتحاد السوفياتي سيخسر الحرب بدونه .

في الحادثة الثانية التي تؤكد أن ستالين كان شديد الحرص على ألا يربط نجاحات الاتحاد السوفياتي بشخصه رغم كونها الحقيقة هي عندما قطع المحادثات في بوتسدام وعاد إلى موسكو للإحتفال بالنصر التاريخي العظيم في الحرب في نهاية يوليو 1945 ؛ صاح المحتفلون من قادة الدولة والحزب والجيش .. "المجد للرفيق ستالين صاحب النصر الأعظم" ! لكن الرفيق ستالين لم يقبل التمجيد ولم يشرب النخب، فأعاد المحتفلون نفس الهتاف وستالين لم يشرب النخب مرة أخرى وهنا قال ستالين .. "أيها الرفاق أريد أن أصحح لكم، صاحب النصر الأعظم هو الشعب الروسي العظيم وليس ستالين، اشربوا معي نخب الشعب الروسي العظيم" !
ويجب ألا يُنسى هنا في هذا السياق رفض ستالين مبادلة ابنه البكر الطيار الكابتن يعقوب الأسير لدى الألمان بجنرال ألماني وقد شرح على المعاملة " لسنا غفلاء لنبادل جنرال بكابتن" – وذاك ما تسبب بمقتل يعقوب في الأسر .

قبل اغتياله بثلاثة شهور فقط وبعد أن توالى أعضاء المكتب السياسي على منبر المؤتمر العام للحزب التاسع عشر في أكتوبر1952 ليؤكدوا على إنهم من تلامذة ستالين فيقف ستالين بعدئذ يخاطب المندوبين قائلاً .. "لا تصدقوا كل هذا الهراء، أنا ليس لدي تلاميذ حيث أنني مجرد تلميذ للينين" .

وهكذا يعلمنا ستالين أن الشيوعي لن يكون شيوعياً حقيقيا طالما أنه لم يتنكر لذاتة بصورة تامة ومطلقة الأمر الذي يتعدى إرادة الإنسان العادي أو حتى المتميز ابن المجتمعات الطبقية والصراع الطبقي لآلاف السنين . كما تدلنا هذه الوقائع المشهودة على أنه ليس هناك شخص اسمه ستالين يمكن أن ينال منه أعداؤه بل هناك منهج اللينينية الذي نجح ستالين في إعلائه وهوما يسميه البعض لغرض في نفس يعقوب بالستالينية .

التاريخ يقول أن تفكيك الستالينية بدأ في 28 فبراير 1953 عندما دس وزير الأمن لافرنتي بيريا السم (Warfarin) أثناء العشاء في منزل ستالين في شراب ستالين حيث كانت التحقيقات في مؤامرة الأطباء اليهود في الكرملين تشير إلى مشاركة بيريا في المؤامرة – وباعتقادي أن ذلك العشاء كان مساهمة من ستالين بالتحقيقات خاصة وان ستاين كان قد أشار إلى قصور بيريا في الأمن . . تبين أن بيريا كان ضليعاً في المؤامرة حيث حال رحيل ستالين أمر بيريا بالإفراج عن الأطباء المتهمين وتدبير محاكمة للمحقق الرئيسي في المؤامرة وإعدامه، وسحب جائزة ستالين من الطبيبة التي كانت قد أفشت سر مؤامرة الأطباء اليهود – من المعلوم أن بيريا كان خلال الحرب قد أقام منظمة يهودية تعادي النازية . وتبين فيما بعد أن مالنكوف وخروشتشوف، وقد شاركا في ذلك العشاء المشؤوم، كانا على علم مسبق باغتيال بيريا لستالين كماأشار مولوتوف في مذكراته خاصة، وأن ستالين كان قد أعلن عن نيته في الاستغناء عن جميع أعضاء المكتب السياسي من الخدمة في الحزب وو ما أغراهم بقبول اغتيال ستالين .
بعد عشر ساعات من توقف قلب ستالين عن الخفقان اجتمع الأعضاء السبعة العجزة الذين كان ستالين قد طلب من المؤتمر العام للحزب الاستغناء عن خدماتهم ، والمؤتمر لم يستجب للأسف البالغ لطلب ستالين، إجتمعوا في صباح 6 مارس ليقرروا إلغاء عضوية 12 عضواً جديداً كان المؤتمر العام للحزب قد انتخبهم أعضاء في المكتب السياسي للحزب بناء على طلب ستالين ليكونو صمام الأمان لسوء صنيع العجزة السبعة . وكان ذلك بالطبع مخالفة صارخة للعرف وللقانون .

الإغتيال الحقيقي لستالين لم يكن تسميمه أثناء عشاء 28 فبراير بل كان يوم أن فرض العسكر على الحزب دعوة اللجنة المركزية للإجتماع في سبتمبر واتخاذ قرار يقضي بإلغاء الخطة الخمسية الخامسة 1951-1955 وهي الخطة العبقرية التي هدفت إلى إنعاش دكتاتورية البروليتاريا التي اعتراها الوهن بسبب الحرب ونقل المجتمع السوفياتي إلى عتبة الشيوعية حيث يغرق في رفاه لا مثيل له . تقرر إلغاء الخطة وتحويل كل الأموال المعتمدة لتنفيذها إلى صناعة الأسلحة ولا شيء غير الأسلحة – طبعاً المؤتمر العام للحزب في أكتوبر 1952 انتخب اللجنة المركزية لهدف واحد وحيد وهو تنفيذ خطته الخامسة وليس لإلغائها !!

ستالين الذي لا يموت ظل يلاحق الطبقة الساسية الجديدة ويدهمها بالرعب . لذلك كتب العسكر خطابا سيئاً ينضح كذباً وفرضوا على خروشتشوف إلقاءه في مؤتمر الحزب العشرين . لعلم خروشتشوف أن الخطاب ينضح كذباً لم يجرؤ على عرضه على المكتب السياسي لجواز إلقائه في مؤتمر الحزب العام فكان أن طلب جلسة إضافية بعد انتهاء المؤتمر حيث هناك أطلق النار عي صورة ستالين الذي لا يموت . لسوء حظ خروشتشوف والذين كتبوا الخطاب لخروشتشوف أن الخطاب ارتكز على نفي المأثرة الكبرى لستالين وهي إنكار الذات بادعاء ممارسة ستالين لطقوس عبادة الذات .
في الذكرى الخمسين لذلك الخطاب الأحمق الكاذب كتبت جريدة الغارديان ( The Guardian) البريطانية في 25 فبراير 2006 تقول ..
Unexpectedly, delegates at the 20th congress of the Communist party had been ushered into a final, closed session at central committee headquarters in Moscow. When the Soviet leader, Nikita Khrushchev, took the tribune and began to speak, some members of the audience fainted. Others clawed their heads in despair. Most could not believe their ears
"كما لم يكن متوقعاً دعي مندوبو المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي إلى جلسة سرية نهائية في مقر اللجنة المركزية في موسكو . عندما اعتلى الزعيم السوفياتي المنبر وبدأ الخطاب بعض أعضاء الحضور غابوا عن الوعي وشدَّ آخرون شعر الرأس بكلتا القبضتين وغالبية الحضور لم يصدقوا ما يسمعون" .
بل إن خروشتشوف نفسه لم يكن يصدق ما يخطب فيه حيث في 27 يناير 1959 وقف خروشتشوف يفتتح المؤتمر الحادي والعشرين للحزب ويقول " كان حزبنا بقيادة ستالين لفترة طويلة قد تغلب على سائر الأعداء من مختلف الصنوف وبنى دولة اشتراكية عظمى نعتز بها"

شبح ستاين لا يموت وهو ذات الشبح الذي رآه ماركس وإنجلز يحوم في سماء أوروبا بل هو اليوم يحوم في سماء العالم ؛ عبثاً تطلق عليه قوى البورجوازية الوضيع مختلف أسلحتها الجديدة والقديمة سواء بسواء وتقوم الروسية منها بتدميرسوريا تدميراً تأباه النازية بكل همجيتها وما ذلك إلا للقضاء على شبح ستالين الذي يطاردها على الدوام وهو ما لم تدركة طلائع انتفاضة الشعب السوري للأسف الشديد وقد كنا طالبنا المعارضة السورية منذ بدء الإنتفاضة أن تعلن أن روسيا هي العدو الرئيسي والأول للشعب السوري ؛ ولو كان ذلك لحفظوا سوريا من معظم التدمير الذي تكبدته اليوم فقط ؛ بعد أن عانى الشعب السوري ما عانى بدأت بعض فصائل المعارضة السورية تدرك أن روسيا هي العدو الرئيسي والأول للشعب السوري وهي التي جاءت برجلها الأسد الأب لضرب قوى الثورة في سوريا وكانت على استعداد للدخول في حرب نووية عالمية في حرب 73 لتحافظ على الأسد وهي التي ظلت تتفرج على ناصر ينهزم في حرب 67 دون أن تنبس ببنت شفة بل أنا آراها قد شاركت في هزيمة ناصر .

ما تزال لا تعلمه طلائع الإنتفاضة السورية هو أن ليس لروسيا البورجوازية أية أطماع في سوريا باستثناء بقاء الأسد وعصابته المعادية للشعب الموظفة في التنكيل بقوى التقدم في الشعب السوري . وروسياعلى استعداد لأن تضحي بعشرة ملايين إنسان لتقتل عشرة ملايين سوري وهو كل ما تبقى في سوريا .
ما يدهمني بالرعب والحزن معاً هو نجاح عصابة البورجوازية الوضيعة الروسية في الإبقاء على الأسد وعصابته لعشرة أو عشرين سنة أخرى حتى لا يبقى في سوريا قلب يخفق .
قد تموت سوريا لكن شبح ستالين لا يموت وفي وقت قريب سيعود الشيوعيون البلاشفة تلامذة لينين وستالين يحكمون العالم ويصممون الأسس الي تقوم عليها الحياة الشيوعية في جميع مناحي العالم .
لن يجرؤ الذين يطلقون النار على شبح الستالينية على مراجعة الوقائع أعلاه كيلا يتكشف كذبهم الفاجر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المعلم العزيز
ارام كيوان ( 2018 / 1 / 19 - 13:19 )
الرفيق العزيز تحياتي البولشفية
مصطلح -ستالينية- سوقه دائما أعداء اللينينية للقدح في الرفيق ستالين لزعمهم أنه انحرف عن اللينينة انطلاقا من تروتسكي مرورا بخروتشوف واليوم طلال الربيعي وحسين علوان يكملان الطريق (الانحراف) أما نحن فنقول أن (الستالينية) هي الماركسية اللينينية على أرض الواقع


2 - الرفيق البولشفي العزيز آرام محاميد
فؤاد النمري ( 2018 / 1 / 19 - 17:13 )
فرض علينا العمل السري تحث الأرض قي العام 1957 وجرى نقاش مع الرفاق حول تقرير خروشتشوف السري دون أن تعلم أن التقرير كان تقريراً شخصياً لا علاقة للحزب به بل كنا نظنه تقريراً قرره المكتب السياسي للحزب ولذلك هو وثيقة رسمية من وثائق المؤتمر العشرين وهذا أمر حدي في مثل هذا السياق
وأذكر جيدا في خاتمة ذلك النقاش أنني أكدت على أن من يشتم ستالين اليوم سيشتم لينين غداً
لم أكن أضرب في الرمل ففي المؤتنر الثاني والعشرين للحزب وقف خروشتشوف يقول .. لم يغرف لينين الشركات الدولية متعددة الجنسيات ليبرر تحريفاته في الاقتصاد الاشتراكي كمثل الاستقلال المالي لمؤسسات الإنتاج

بعد ستين عاماً يبرز شيوعي بلشفي في حيفا يؤكد ما كنت قد أكدته في العام 57

كل الإحترام والتقدير للرفيق البولشفي ارام محاميد من حيفا


3 - انا اردني ووصفي وناهض يمثلونني
نعمان رباع ( 2018 / 4 / 3 - 11:32 )
اخي فؤاد لا خروتشوف الارادوي ولا ستالين الجامد عقائديا فكلاهما نفس الطابق انا اردني واشتراكي علمي ووصفي وناهض يمثلونني وعاش بيان العسكر المجيد ونعم ليسار اجتماعي اردني لانه طريقنا الصحيح


4 - لا لماضي الاوهام وعدم تجربة ولا لكابجراس ايضا
نعمان رباع ( 2018 / 4 / 3 - 11:38 )
اخي فؤاد انت تتباكى على سئ الذكر ستالين كما يتباكى علي الكاسح في مسلسل دراجنوف على ابيه وهو يراه يعود الى الحياة كهامليت في مسرحية شكسبير فانت ترى المفكر الواعي المثقف في لينين في ثوب سئ الذكر ستالين كما كان علي الكاسح يرى صورة ابيه والشيطان متجسدا بصورته وهو بهلس عليه تامنو جابو كتاف وجاب الي حولي كتاف

اخر الافلام

.. لماذا استدعت الشرطة الفرنسية رئيسة الكتلة النيابية لحزب -فرن


.. فى الاحتفال بيوم الأرض.. بابا الفاتيكان يحذر: الكوكب يتجه نح




.. Israeli Weapons - To Your Left: Palestine | السلاح الإسرائيل


.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا




.. إيران و إسرائيل -كانت هناك اجتماعات بين مخابرات البلدين لموا