الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التباسات مؤتمر المجلس المركزي الفلسطيني

سعيد مضيه

2018 / 1 / 20
القضية الفلسطينية


التباسات مؤتمر المجلس المركزي الفلسطيني
السخط والمرارة اللذان يميزان خطابات الرئيس عباس تعبيرٌ عن القلق من تداعيات ضم القدس لدولة إسرائيل. في الخطاب المطول الذي ألقاه لدى افتتاح جلسات المجلس المركزي الفلسطيني المكرسة لتحدي وعد ترامب بشان القدس قال الرئيس محمود عباس «إننا فى لحظة خطيرة ومستقبلنا على المحك.. إننا لن نرحل ولن نرتكب أخطاء الماضى.. قلنا لا لترامب ولن نقبل مشروعه وصفقة العصر هى صفعة العصر ولن نقبلها».عبارات موحية، خاصة وأن الاجتماع مكرس لرسم الخطوط العامة للنشاط السياسي الفلسطيني في مرحلة جديدة؛ ومن شان الموقف الفلسطيني أن يعكس على بقية الدول العربية وشطر كبير من الرأي العام العالمي. لكن، تشعب الخطاب وتحول في عمومه الى موضوع نقاش ثقافي –سياسي؛ لم يترك صدى لما عول عليه مؤتمراً استثنائيا لمجلس وطني فلسطيني ينعقد للبحث في بديل استراتيجي لمرحلة فاشلة اوصلت الحالة الفلسطينية الى خطر التصفية التامة.
مجريات الأمور فيما بعد بعثت حالة استرخاء أوصلت الى خيبة امل. في الجلسات لم يجر نقاش ولا مساومات، بل أصر فريق الرئيس على مواقف محددة ، وطرح الأمر للتصويت وصدرت التوصيات بالأغلبية للجنة التنفيذية التي تكل امرها للرئيس؛ فلم يتمخض مؤتمر المجلس الوطني عن جديد. أعقب المؤتمر خلافات وتبادل انتقادات واتهامات. صدرت قرارات المجلس المركزي يكتنف بعضها الغموض وتفتقد بنودها آليات التنفيذ التي طالب مندوبو الفصائل تضمينها بالقرارات: تعليق الاعتراف بإسرائيل، وقف التنسيق الأمني، مقاطعة المستوطنات، رفض الأبارتهايد ، رفض الحلول المؤقتة، العمل لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات.
لم يستجب المؤتمر ، على سبيل المثال، لمقترحات قدمتها فصائل معارضة ترمي لتعزيز صمود المواطنين, كان عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني القادم من القطاع، وليد العوض، قد طالب "وقف الإجراءات العقابية مثل قطع الكهرباء، والتخفيض بنسب عالية لرواتب الموظفين والمتقاعدين ورواتب ذوي الشهداء. كما نقل عن حركة حماس انها " جادة في مسيرة التخلص من الانقسام رغم بعض الهنات ، وعلينا ان نشجعها بصدق وتقديم ما يلزم لتقدم المصالحة وتوفير القاعدة الاجتماعية لها وتأمين شبكة حماية وطنية لحماية رواد المصالحة". لم تجد دعوته أذنا صاغية، كما أغفلت قضية جوهرية نبه إليها " معالجة قضايا الناس في غزة وتوفير الحياة الكريمة لهم"، خاصة حيال محاولات "سلخ غزة عن الوطن".
وكان محمد بركة رئيس لجنة المتابعة ما وراء الخط الأخطر قد ألح على ضرورة مسح ما دعاه بحق " عار الانقسام وعاهة الانقسام..فهو أثمن هدية للاحتلال الإسرائيلي".
للأسف الشديد لم تول قضية توحيد الصف الفلسطيني الاهتمام اللائق.
الخطابات الفلسطينية الرسمية منذ صدور وعد ترامب لم تمارس النقد الذاتي، ولم تقم بمراجعة نقدية لمسيرة طويلة مضت بدون محاسبة للأخطاء والخطايا المقترفة. لم تطرح مطالب او مهمات مستقبلية. لم تعكس خيالا ثوريا مبتكرا يخترق المألوف ويدشن انعطافا صاعدا للمقاومة الفلسطينية. طبيعي أن الخطاب الفلسطيني بعد وعد ترامب لم يراع شحن الجمهور الفلسطيني بطاقة ثورية إضافية.
نجاحات المواقف الفلسطينية المدعومة عربيا تمثلت في استصدار قرارات دولية لا تنفذ ، بينما فرضت اسرائيل وقائع يستحيل حيالها إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة. وإذ وصف الرئيس إسرائيل أداة للامبريالية في منطقة الشرق الأوسط، فقد جلب على نفسه حملة مضادة كان أخفها من جانب نائب من حزب العمل المعارض " "احيا شيطان اللاسامية". اما أحزاب السلطة فصعدت دعوات إقصاء الطرف الفلسطيني، وتنبأت بنهاية قريبة لعباس. هذا مع العلم أن الرابطة الصهيونية أدرجت في مؤتمرها الأول 1897 بندا نص على البحث عن "دعم قوة عظمى او تحالف دول" ذات أطماع قرصنية في المنطقة ، يغدو للمستوطنين اليهود بفلسطين في كنفه/ها "وطن آمن بصورة مشروعة".
وفي كتاب مذكراته انتقد روبرت لانسينغ، وزير خارجية الولايات المتحدة زمن صدور وعد بلفور بيان رئيسه ويلسون حول حق الشعوب في تقرير مصيرها الذي طلع به آنذاك، وتساءل: " كيف ينسجم البيان مع مصالح الصهيونية التي يلتزم الرئيس حيالها، حين يطالب بحق تقرير المصير للمغرب وسوريا والعراق؟" الوزير الأميركي يقر إذن ويلتزم بأطماع الصهيونية في فلسطين وغير فلسطين.
وطوال حقبة التفاوض صدرت تحذيرات المشفقين من أن الهدف من مواصلة التفاوض توفير مهلة للتهويد والاستيطان. من بين المحذرين بإخلاص جون دوغارد خبير القانون الدولي من جنوب إفريقيا ، والأكاديمي الأميركي ريتشارد فالك ، خبير القانون الدولي والمفوض السابق لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في فلسطين ، وكذلك الأكاديمي رشيد الخالدي في كتاب مكرس لفضح تواطؤ السياسة الأميركية مع عملية التهويد الإسرائيلية.
القضية الفلسطينية تمس وترا حساسا لدى جمهور واسع يترقب ما يصدر عن السلطة الرسمية، ويأسف المحبون المتضامنون وقد يصدم البعض إذ تتردد على مسامعه الأقوال غير الجادة. المحلل السياسي المصري ، عمرو الشوبكي ، من موقف الحرص، كتب بعد مؤتمر الأزهر لنصرة فلسطين أن " "كلمة الرئيس الفلسطينى محمود عباس جاءت عقب كلمة شيخ الأزهر، واستمرت 50 دقيقة، وكانت - بكل أسف - بلا روح، ولم يَقُلْ فيها حرفاً واحداً جديداً." هذا بينما بادر شيخ الأزهر بانتقاد فقدان الوعى بقضية فلسطين، "فالحقيقة المُرَّة هى أن المقررات الدراسية فى مناهجنا التعليمية والتربوية فى كل مراحل التعليم عاجزة عن تكوين أي قَدر من الوعي الصحيح بهذه القضية"؛ ووضع الإصبع على جوهر الأزمة حيال الصراع" كُتب علينا أن يعيش بيننا عدو دخيل لا يفهـم إلَّا لغـة القـوة، فليس لنـا أى عُذر فى أن نبقى حوله ضعفاء، وفى أيدينا – لو شئنا ــ كل عوامل القوة ومصادرها". وبذلك أقر بصراحة "مسؤوليتنا عن الهزائم التى عرفناها فى مواجهة إسرائيل حين أخذنا أمور الجِدِّ فى موضع الهزل". وما اكثر المواقف الفلسطينية حيث ملأ الهزل فراغ الجد ! وتساءل الكاتب الأميركي روبرت فانتينا كيف يعترف بإسرائيل دون الطلب بنفس التنازل من إسرائيل؟ وأشار بأن الطريق الى الرأي العام العالمي يمر عبر "مقاومة شعبية تبلغ مستوى الغليان".
حقا يتساءل كل حريص: هل يظن الرئيس الفلسطيني أن إسرائيل منزعجة وتتوق لسلام من الجانب الفلسطيني، حين يكرر مهددا " لن يكون سلام بدون القدس"؟ . إسرائيل تهود القدس وتستوطن وتقتل وتعتقل وتخرب وتهدم وتنعم رغم كل ذلك بالسلام. لا تنزعج إسرائيل إلا من حملة المقاطعة خارج فلسطين، وتنفق الأموال وتحشد القوى لمكافحتها.
مثال آخر: اقترح الرئيس في اكثر من مناسبة مفاوضات على غرار المفاوضات النووية مع إيران. والتباين واضح من وجوه عدة. أولا: امتلكت إيران أوراقا وظفتها بمهارة، ودخلت في مساومات بخطى واثقة وموزونة؛ وثانيا ، السلاح النووي الإيراني وهمٌ جرى توظيفه لغرض الابتزاز، بينما إسرائيل ومصالحها التوسعية بند رئيس في الاستراتيجية الأميركية؛ وثالثا وليس آخرا، لا تتراجع إسرائيل امام قرارات أو ضغوط غير ضغط من جانب الإدارة الأميركية بجميع أركانها. وهذا لن يتأتى إلا بضغوط تهدد المصالح الأميركية بالمنطقة تشارك فيها شعوب المنطقة في إطار حركاتها التحررية الديمقراطية والتنموية.

من الإنصاف الإشارة إلى ضغوطات يتعرض لها الرئيس الفلسطيني من الوسط المحيط تمنعه من اتخاذ مواقف "متطرفة". دول "الاعتدال العربي" ترفض وعد ترامب لكنها لا تود الخروج من بيت الطاعة الأميركي.لا تقبل قطع العلاقات مع اميركا ولا سحب الاعتراف بإسرائيل ولا تصعيد المقاومة الفلسطينية حتى مستوى هبة او عصيان مدني قد تتسرب عدواها الى مجتمعات المنطقة. والصلات مع إسرائيل ضرورية لإنجاز مهمات يومية، حيث تقايض إسرائيل تصريحات العبور وخدمات ضرورية أخرى بثمن أظهر السلطة في نظر العالم متواطئة مع الاحتلال. ولن يمتلك الرئيس عباس حرية أفضل لو استقر في إحدى دول المواجهة. وحتى لو امكن حمل ترامب على تخصيص شطر من القدس الشرقية للدولة الفلسطينية ، فإن إسرائيل سوفتحيلها موضوع مقايضة .
وكذلك خرجت لجنة وزراء الخارجية في اجتماعها المنعقد بعمان بقرارات عكست تحايل دولها وقصر باعها عن الفعل. نصت قراراتها على " العمل مع المجتمع الدولي..والانخراط جميعا في اتصالات مع المجتمع الدولي، وسنستمر جميعا في اتخاذ القرارات القانونية.. ولا امن ولا استقرار إلا بإقرار حقوق الشعب الفلسطيني ، والتمسك بخيار السلام كخيار مقبول، وأخيرا لا آخرا " أخذنا بالاعتبار أن القمة العربية القادمة ستنعقد في نهاية مارس بالسعودية !!.

من العبث انتظار ما يعارض او يفشل توجهات التحالف الامبريالي- الصهيوني من جانب انظمة الليبرالية الجديدة العربية. فهذه الأنظمة تنصلت من مسئولياتها تجاه مجتمعاتها واندمجت اقتصاديا وسياسيا وثقافيا – تعليميا مع عولمة الرأسمال مقابل فتات أرباح الاحتكارات المالية عابرة القارات. فلا امل في قيادات سياسية تغلغل في وعيها الوهم أنها من النخب المعولمة وانتماؤها القومي محض صدفة سيئة.
الى جانب هذه العقد المستعصية ورث الرئيس عباس نظاما ابويا متوارثا منذ زعامة الحاج امين الحسيني ركز الصلاحيات بيد الرئيس، خاصة في مجال التنفيذ، وهو النموذج الدارج في بلدان المنطقة باستثناء إسرائيل. تلك بعض ملابسات الحالة الفلسطينية التي مهرت إسرائيل في استثمارها.
يبدو ان مستشاري الرئيس لم يبلغوه بما صدر عن تيار بالمنطقة خارج كتلة "الاعتدال" من ان القضية الفلسطينية لا تخص الفلسطينيين وحدهم ، وان خطر اسرائيل يطال شعوب المنطقة كافة، والتصدي يجب أن يكون شاملا كذلك، وبنفس الأسلوب! حقا فالتهديد او التفاوض من موقف ضعف لا يغير الواقع الكئيب، وقضيتنا تنوس في مربع العجز، حيث العاجز عن الفعل فى عالم الأزمات لا يصنع الأحداث ويهدر الجهود لدرء مخاطر صانعي الأحداث .
حيال فشل المفاوضات وفشل مئات القرارات التي أصدرتها الجمعية العمومية وعشرات أخرى صدرت عن مجلس الأمن وهيئات أخرى في ان تجد سبيلها للتنفيذ وجد الرئيس الملاذ في المقاومة الشعبية. حسنا انه حذر من العنف المسلح، إسرائيل تستدرج المقاومة الفلسطينية إلى دربه الملغمة . ففي ظرف الحصار الإسرائيلي الخانق يستحيل خوض صرع مسلح متكافئ يتصاعد حتى جرف الاحتلال امام تدفق مجراه. غير أنه يتوجب القول أن الصراع المسلح قد يفجره نفاذ الصبر على جرائم المحتلين ومستوطنيهم، أو رد فعل لمقاومة شعبية محدودة، تنوس ولا يسطع لهيبها .
الرئيس يعول على المقاومة الشعبية، والمجلس المركزي لم يشر إليها إلا في بند اخير وجه لها التحية دون تدبير بالنفخ في كورها وإعطائها الاهتمام اللائق. ليست المقاومة الشعبية حركة عفوية تهب وتندفع مع الريح. يجري تداول مفهومي المقاومة والانتفاضة بعفوية كأنهما غب الطلب أو نمط حياة. حيال فشل التفاوض تغدو المقاومة الشعبية ضرورة ملحة وآنية؛ المقاومة الشعبية المتعاظمة قوة بدونها يغدو التفاوض استجداء غير مستجاب؛ تأكدت هذه الحقيقة بحصيلة المفاوضات العبثية التي جرت عبر حوالي ربع قرن مضت توطيدا للاحتلال والتهويد وقضم الأراضي الفلسطينية. المراجعة النقدية تفرض ضرورة مقاربة المقاومة والتعامل معها حركة اجتماعية تنمو أو تخبو محكومة بقوانين. حقا يجب ان تغدو المقاومة نمط حياة تتطور وتتصاعد لأقصى درجاتها، أي مرحلة التغيير الثوري. وبالفعل، امكن للحراك الجماهيري الإطاحة بأنظمة فاسدة او قهر مؤامرات الامبريالية وقوى الرجعية، أحدثت انتفاضات التغيير الثوري المطلوب ، لكن وفق شروط محددة. المقاومة الشعبية عضوية حية محكومة بقوانين وتنمو ضمن بيئة مواتية. ليست كذلك تحركا عسكريا يتوجه بالأوامر؛ فمن أسخف الظواهر المتفشية في النشاط السياسي الفلسطيني مخاطبة الجماهير بلغة الأمر او بالتهديد والترهيب، حيث التنابذ بين الفصائل يستلهم أسلوب الإكراه والقسر تجاه الجماهير، دلالة على عدم احترام الجماهير والجهل بنفسيتها والاستخفاف بوعيها. تتفاعل في الحراك الشعبي قيمتا الوعي والتنظيم، حيث تلعب الكوادر الحزبية الثورية دور تعبويا مرشدا وموجها مسترشدة بالنظرية الثورية. فلا حركة ثورية بدون نظرية ثورية، والتغيير الثوري تنجزه الجماهير المنظمة والواعية بقيادة الحزب أو الأحزاب الثورية. والانتفاضات العربية في مطلع العقد الثاني من القرن قصرت في إنجاز مهماتها الثورية نظرا لغياب القيادة الثورية بسبب أزمة او أزمات أصابت أعطابُها فصائلَ التغيير الديمقراطي العربية، وفي فلسطين بوجه خاص.
الغضب والسخط قد يحيلان الفرد أو المجموع إلى قوة تقدمية إذا ما توفر الوعي؛ وإلا فقد يتدهور الساخط الى طريد العدالة، أو يستثمر الجموعَ المندفعة بلا وعي مغامرون أو فاشيون يسوقونها الى وهدة الخيبة، مثلما حدث من قبل مع انتخاب هتلر ومؤخرا مع انتخاب ترامب.
في غفلة القوى الثورية او بياتها فشلت الانتفاضات العربية في إنجاز مهامها بتصفية نهج الإفقار المفروض من قبل الليبرالية الجديدة. خبت الانتفاضات ضحية الامبريالية ولم تندلع بدسائسها. الانتفاضات الشعبية لم تسترشد بقيادة ثورية، فتشابه الآمر والتبس نتيجة قصر المسافة الزمنية بين تفجر الانتفاضات تحديا لنهج الليبرالية الجديدة وبين ردة الفعل المضادة من جانب سدنة الليبرالية الجديدة، المحليين والأجانب عملاء الأجهزة السرية للدول الاميريالية وإسرائيل. وقد أُمسِك بعناصر مخابراتية في اوساط الجماهير المنتفضة وداخل فصائل التكفيريين السلفية يحتلون مواقع متقدمة. وكان ذلك مجرد قمة الجبل الجليدي للمندسين بين الصفوف بهدف التخريب. جرى عمدا ترويح مفاهيم الفصول بقصد التغطية على دور الردة المضادة .
في ضوء الحقائق سالفة الذكر يتضح أن مؤتمر المجلس المركزي لم يسفر عن تحول جاد عن النهج السابق، ولا يعد بنتيجة إيجابية. بقي اختبار الجدية والعزيمة لدى القيادة في تنفيذ المقررات.
تجربة الانتكاسات المتعاقبة تشهد على تداول بغير حساب ولا تدقيق لمسميات الثورة المسلحة والوحدة الوطنية والقيادة الجماعية والثقافة الثورية والمقاومة والتفاوض وعملية السلام زيفا وتمويها، وجاءت حصيلتها كارثية. وحيث المراجعة النقدية معدومة، فقد مضت الأمور بغير مراجعة نقدية فتكررت الخطايا وعواقبها. إنها العفوية والتلقائية وانفصام القول عن الفعل. ثقافتنا قولية وليست عمليةً تغير الواقع . الثقافة مهما عظم مضمونها تظل كلاما يمضي مع الريح إن لم تتوجه للجماهير الشعبية لتتحول الى قيم ومعايير ملهمة للنشاط الثوري. انفصام القول عن الفعل وسم النشاط السياسي الفلسطيني عبر عقود متتالية، فنرى التوصيفات في غير مجالها. يدرك الخصوم نواقص العمل الفلسطيني ويتقنون استثمارها في مناورات وتوريطات، ويشنون حربا نفسية مستدامة بقصد الإرباك والتيئيس، ويستدرجون المقاومة في متاهات منازلات محسومة النتائج سلفا.
المخرج من الأزمة الراهنة لا يمر من بوابة العملية السلمية ولا من باب الصراع المسلح. إنه يتحدد بدمج المقاومة الفلسطينية حركة تحرر وطني مع الحركات التحررية الوطنية للمجتمعات العربية وبسائر الحركات الوطنية المناهضة لليبرالية الجديدة ، باعتبارها نمطا للامبريالية المتوحشة. تتحمل الشعوب العربية وقياداتها من أحزاب وطنية ديمقراطية مسئولية التصدي للتحالف الذي تشكل إسرائيل نواته الصلبة ويعمل لتمزيق المجتمعات العربية وانهاكها بالفتن الداخلية والتشظيات العرقية والطائفية وصولا الى إحكام السيطرة الامبريالية – الإسرائيلية على مقدرات المنطقة. والقضية الفلسطينية جزء عضوي من قضايا التحرر والديمقراطية والتنمية للمجتمعات العربية كافة، ويجب على قواها الحية ان تتوجه مجتمعة ضد مصالح الامبريالية ومراكز قواعدها داخل المنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزير الخارجية التركي: يجب على العالم أن يتحرك لمنح الفلسطيني


.. غارات إسرائيلية تستهدف بلدتي عيتا الشعب وكفر كلا جنوبي لبنان




.. بلومبيرغ: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائف


.. التفجير الذي استهدف قاعدة -كالسو- التابعة للحشد تسبب في تدمي




.. رجل يضرم النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترمب في نيويورك