الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يفعلها -عنان- ؟!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هل يفعلها "عنان" ؟!
مرحلة انتقالية لدولة مدنية ديمقراطية حديثة.




سعيد علام
القاهرة، السبت 20/1/2018م

فى الدقائق الاولى من فجر يوم السبت 20 يناير، اليوم الاول لفتح باب الترشح لانتخابات مصر الرئاسية 2018، اعلن الفريق سامى عنان رئيس اركان حرب القوات المسلحة الاسبق، فى خطاب فيديو، عن نيته التقدم للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية؛(1) ويأتى اعلان عنان بعد ساعات قليلة من اعلان الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى عن نيته الترشح لفترة رئاسية ثانية؛ ان اختيار توقيت اعلان عنان للترشح، ذات مغذى!.



تحليل مضمون خطاب ترشح عنان !

بعيداً عن الفلسفة العدمية التى تدعو للمقاطعة "السلبية" للانتخابات الرئاسية، وفى نفس الوقت بدون اى اوهام غير واقعية عن تغير جذرى فى طبيعة سلطة يوليو الممتدة، وفقاً لميزان القوى الحادث فى مصر الان، علينا ان نتذكر، ونأخذ فى اعتبارنا، انه ليس كل ما يقال فى خطاب الترشح او شعارات الدعاية الانتخابية يصدق.

الا ان القيمة الحقيقية لتحليل مضمون خطاب الترشح او شعارات الدعاية الانتخابية، بخلاف القراءة المبدئية للتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .. الخ لمرشح ما، ومقارنتها مع توجهات المرشحين الاخرين، فان القيمة الحقيقية لتحليل مضمون خطاب الترشح والشعارات الدعائية لآى مرشح تتمثل فى كونها تمثل تعهدات "مسجلة" على المرشح، يمكن محاسبته عليها عند انتهاء مدة فترة الرئاسة، حيث ان فلسفة تحديد الدستور لعدد محدد من السنوات لفترة الرئاسة، (4 سنوات بالنسبة للدستور المصرى)، هو اعمال لحق الشعب فى السيادة، الشعب صاحب الحق الوحيد والاصيل فى السيادة، الشعب الذى ينتخب الرئيس، وهو وحده صاحب الحق فى الحكم على اداء الرئيس، ومن ثم اعمال حق الشعب الدستورى فى السيادة، فى اعادة او عدم اعادة انتخاب هذا الرئيس.


لقد جاء فى خطاب ترشح عنان: " .. وتأكيداً منى لهذا المبدأ الهام الذى لن تقوم مصر من كبوتها الا بتفعيله، واعنى به المشاركة فى تحمل المسؤلية، واذ لا تنفصل المسؤليات عن الصلاحيات فأننى اعلن اننى قد كونت بالفعل نواة مدنية لمنظومة الرئاسة تتكون من السيد المستشار هشام جنينة الرئيس السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، نائباً لى لشئون حقوق الانسان وتعزيز الشفافية وتفعيل الدستور، والاستاذ الدكتور حازم حسنى الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة نائبأ لى لشؤن الثورة المعرفية والتمكين السياسى والاقتصادى ومتحدثاً رسمياً باسمى"؛ الا انه خلال كل مراحل سلطة يوليو الممتدة، كان يتم الاستعانة بمدنيين، الا ان السلطة الحقيقية كانت تظل بكاملها فى يد الرئيس العسكرى (عبد الناصر، السادات، مبارك، السيسى، حيث لا يمكن احتساب مرسى كما وانه كان رئيساً فعلياً بأى معنى حقيقى).(2)

مدنية الدولة لا تعنى ان يرتدى الرئيس ملابس مدنية، انها تعنى نظام حكم يتمثل اخر ما توصلت اليه نظم حكم المجتمعات البشرية على مدى تاريخها الانسانى، منذ المجتمع المشاعى الاول مرورراً بالقنى والعبودى ثم الاقطاعى وصولاً الى المجتمع الرأسمالى الحالى، وتمثله فى نظم حكم “الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة”، التى هى بكل تأكيد، ووفقاً لدروس التاريخ حصاد نضال المجتمعات البشرية نفسه، وهى بالأكيد ليست نهاية المطاف وليست الافضل، ولكنها اخر ما توصلت اليه خبرة المجتمعات البشرية عبر نضالها الطويل نحو العدالة والحرية، حتى الان.

لقد شكلت الجيوش فى الغالبية العظمى من دول العالم الثالث، ومازالت تشكل، العنصر الحاسم فى اى عملية تغيير فى السلطة الحاكمة فى تلك الدول، سواء لاسباب داخلية، او فى الاغلب، لتلاقيها مع مصالح قوى خارجية. لقد شكلت الجيوش ومازالت، القوة الحاسمة فى اى تغيير فى السلطة الحاكمة، بسبب تخلف وضعف اطوار تطور الدولة المدنية الحديثة فى مجتمعات هذه الدول "دول العالم الثالث"، "دول ضحايا الاستعمار".

الا ان استبدال السيسى بجنرال اخر، هى مسألة شديدة الحساسية والتعقيد، خاصة ان امام قادة الجيش خبرة سابقة متكررة، فى كيف ازاح عسكريين رفاقهم بعد ان تمكنوا من رئاسة مصر، - عبد الناصر، السادات، مبارك -، وليس ادل على ذلك من تقليص صلاحيات الرئيس، السيسى، فى دستور 2014،(3) ليشتمل الدستورعلى صلاحيات سيادية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بما فيها سلطة ميزانية الدفاع، وسلطة اختيار وتعيين وزير الدفاع، وبالتالى سلطة اقالته، ولم تعد هذه السلطات تخضع لسلطة الرئيس، الذى هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وفقاً لنفس الدستور!. انه صراع الاجنحة فى اعلى السلطة!.



هل يحق دستوريا للقائد الاعلى للقوات المسلحة بالترشح، قبل الاستقالة ؟!

صدر حكم بالحبس ستة سنوات على العقيد الدكتور "احمد قنصوة"، هذا الشاب المبهر،(4) الحكم صدر طبقا لقرار المحكمه بموجب الماده 166 من احكام القانون العسكرى، حكم على قنصوه لظهوره بالبدله العسكريه طبقا لأحكام القانون العسكرى، الم يكن يقتدى "قنصوه" بقائده الرئيس الحالى للبلاد وقت ان كان وزيرا للدفاع ؟!، بل ان الرئيس السيسى قد قال بنفسه انه "لم يستأذن"، و مع ذلك فى دولة القانون إن كان الفعل خطأ فلتحاكموا الإثنان او إن كان مسموحا فلماذا حوكم احمد قنصوه ؟!.(5)

ووفقاً لما جاء فى نص المواد (74) و(87) و(152) من دستور 2014:(6)

هل يستقيل الرئيس السيسى، القائد الاعلى للقوات المسلحة، قبل الترشح للانتخابات الرئاسية؟!
وما هى المدة الزمنية الازمة ما بين الاستقالة والترشح للرئاسة؟!(7)



هل سيتم التغييراو التحول، من خلال الانتخابات الرئاسية 2018 ؟!
من الجنون ان نتوقع ان تؤدى نفس المقدمات الى نتائج مختلفة!.
الاختلاف فى بعض تفاصيل المقدمات، لن يؤدى الى نتائج مختلفة، طالما ان هذه المقدمات امتداد لنفس المقدمات السابقة فى "فلسفة الحكم"!.

اذا كان "عنان" جاد فى دعواه عن المشاركة، حيث قال: "المبدأ الهام الذى لن تقوم مصر من كبوتها الا بتفعيله، واعنى به المشاركة فى تحمل المسؤلية، واذ لا تنفصل المسؤليات عن الصلاحيات فأننى اعلن اننى قد كونت بالفعل نواة مدنية لمنظومة الرئاسة"، عليه ان يجرى تحولاً جذرياً فى فلسفة الحكم، من السلطة المطلقة، "المفسدة المطلقة"، الى السلطة التشاركية التى لا تستثنى احداً وفقاً لأسس ومبادئ الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، حقاً.

منذ عام 52 من القرن الماضى، وبعد 66 عاماً من الحكم المنفرد لسلطة يوليو الممتدة، هل يفعلها "عنان"، فى الانتقال بمصر، خلال مرحلة انتقالية، الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة ؟!



تحديات واسلحة الانتقال الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة !

ان مؤسسة الفساد، المؤسسة الاكبر فى مصر على الاطلاق، هى الحائط الفولاذى الضخم الذى يقف امام التنمية والعدالة والامن، والتى لم ولن تستطيع اى قوة، "قيادة"، ان تهزمه الا بالتفاف شعب واعى حر منظم، حول قيادته، تلك القيادة التى صاغ وعيها الادراك بالأولوية الحتمية لهذه المعركة، المعركة الجذرية ضد الفساد، وتوفرت ارادتها السياسية على اصرار حازم على هزيمة الفساد. بدون شعب واع حر منظم، لا هزيمة للفساد، اصل الداء.
ان احتمال ان تعدل السلطة من سلوكها، لا يرتهن بالانتخابات الرئاسية، اياً كانت نتائجها، انما مرتبط بشكل قاطع بالتغيرات المحلية والاقليمية والدولية المحتملة، وحدوث تعديل فى ميزان القوى الذى تمارس فيه سلطة يوليو الممتدة سيادتها، هذه التغيرات التى بدونها، ما الذى يجبر السلطة على تغيير سلوكها، لتتنازل طوعاً عن تفردها بالسلطة والامتيازات!.



وهل هناك اى احتمال ان تعدل السلطة من سلوكها ؟!، ووفقاً لآى شروط؟!

ان الفشل المتكرر لسلطة يوليو فى انجاز مهمتها الاساسية، "التنمية / العدالة / الامن"، على مدى ستة عقود، لا يمكن تفسيره الا بخلل فى بناء السلطة ذاتها، والذى لا يمكن تفسيرة باسباب شخصية، تتعلق بشخص هذا الرئيس اوذاك، لانه ببساطة ليس هناك رئيس يحكم بـ"دماغه"، حتى لو كان عبدالناصر، خاصة فى المراحل الاولى لسلطة الحكم الجديدة، حيث يمكن استخلاص حقيقة شديدة الوضوح، بانه دائماً هناك فريق حاكم، للدرجة التى قد تصل الى حد الصراع فى قمته؛ وانما يمكن تفسيره فى كونه اتساقاً مع الرغبة الانانية الضيقة لسلطة يوليو الممتدة، فى الاستحواذ على كل السلطات منفردةً، نقطة مقتل، "كعب اخيل"، سلطة يوليو!، وسر فشلها المزمن.


ان محاولة التغافل عن قوة الجيش فى اى عملية تغيير للسلطة فى مصر، هو بالاضافة لكونه يتغافل عن اوضح الامور فى مصر منذ اكثر منذ ستة عقود، هو يعنى فى نفس الوقت، انه حتى الان لم يتم استخلاص الخبرات الصحيحة من الاحداث التى تلت “ثورة” 25 يناير 2011، تلك الخبرة التى تقول ان نظام يوليو الممتد، لم ولن يسلم السلطة الى اى قوى لمجرد انها نجحت فى انتخابات هو من خطط واشرف عليها، و”اخرج” نتائجها!، من المفهوم ان ترفض جماعة الاخوان، – علنياً على الاقل -، هذا المفهوم لما تم بعد 25 يناير، وحقيقة توظيف سلطة يوليو الممتدة لهم، للتخلص فى ضربة واحدة مزدوجة، من الاخوان وتداعيات 25 يناير، فى ضربة واحدة،(8) فهذا المفهوم بالنسبة للاخوان يفقدهم اهم اسلحتهم، “الشرعية” اياً كانت الطريقة التى حصلوا بها عليها، واياً كان هدف السلطة من تسهيل حصولهم عليها، انها “الشرعية”، الايقونة التى هم مستعدون لبذل الغالى والنفيس للحفاظ عليها كورقة ضغط تفاوضية رئيسية، جاد عليهم بها الزمن بعد عقود طويلة من الشوق للسلطة!.(9)(10)


ان الانحياز للقوى المدنية الديمقراطية هو المخرج الوحيد امام سلطة يوليو الممتدة، للخروج من ازمتها التاريخية، حيث ستكون هذه القوى هى الامتداد المجتمعى لهذه السلطة – فى شكلها المدنى الديمقراطى الجديد المفترض خلال فترة انتقالية – وهى فى نفس الوقت هى الحليف الوحيد – المفترض – لـ"السلطة الدنيوية" فى مواجهتها التاريخية المحتومة مع قوى الاسلام السياسى الاصولى، بامتدادها المجتمعى الواسع الذى لايمكن انكاره او الاستهانة به.(11)(12)

هذه ليست دعوة لاقصاء اى قوى سياسية او اجتماعية وطنية، انه الحديث عن التحالفات المصيرية فى لحظة تاريخية محددة، تلوح في الافق تهديدات حقيقية مرعبة تمس وجود الدولة المصرية ذاته.


هل يفعلها عنان؟!
اتمنى
ولكنى اشك.


سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam


المصادر:
(1) فيديو خطاب ترشح عنان.
https://www.youtube.com/watch?v=XtbtN0wV35k
(2) خبرة يناير: بين براءة الثوار، ودهاء النظام العتيق!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=501507
(3) دستور مصر 2014.
https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2014.pdf?lang=ar
(4) خطاب اعتزام ترشح احد قنصوة للانتخابات الرئاسية 2018.
https://www.youtube.com/watch?v=DYN7O-fzHOo&feature=share
(5) فيديو ترشح السيسى للرئاسة بالزى العسكرى.
https://www.youtube.com/watch?v=2Yqn6U55q9o
(6) دستور مصر 2014.
https://www.constituteproject.org/constitution/Egypt_2014.pdf?lang=ar
(7) لماذا السقوط الثانى المسخرة لشفيق وعنان، واقعاً؟!.
http://www.civicegypt.org/?p=75827
(8) خبرة يناير: بين براءة الثوار، ودهاء النظام العتيق!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=501507
(9) لم يكن انقلاباً!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=520904
(10) رسالة مفتوحة للمدافعين عن الشرعية.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=524219
(11) دستور مصر، دستور دولة دينية بامتياز !.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=573539

(12) الأصولية في العالم العربي - ريتشارد هرير دكمجيان ص 103
https://www.4shared.com/office/Yx4nI9uxba/____-___.html








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي