الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويسألونك عن الوطنية!

محمد مسافير

2018 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


وأستغرب حقا لهذا السؤال، أهناك حقا وطن يستحق أن نموت من أجله؟ ماذا قدم أو أخر هذا الوطن؟ وبما يمتاز عن بقية الأوطان؟ رمي بنا في هذا العالم وكل شيء يشترى، إن لم تكد وتجد لن تجد لك مأوى، إن لم تحشر نفسك في عمل مذل لن تضمن قوت يومك، حتى الماء والإنارة تشترى، أبسط الضروريات لها مقابل مادي، الدواء والتعليم، وهذا حال بقية الأوطان، رغم اختلاف الحدة والكيف، لكن جوهر الاستغلال ثابت، إذن أي شيء يميز هذا الوطن عن البقية؟ صدفة مصيرية تجبرني على التمسك به، تبا له ولمن يدعوني لذلك!
ربما يكون في بعض الأحيان الأجنبي أكثر استفادة من المواطن الأصلي، خاصة إن كان الأول من إحدى البلدان الإمبريالية القوية، ويبقى صاحب المال الأكثر حضوة من كل هذا وذاك، بينما يتبقى للفقراء بعض الشعارات الجوفاء يدغدغون بها أحلامهم، ويكونون أول ضحية للأزمات، وأول منكوبي الحروب، لكن الحقيقة المثلى تبقى ساطعة رغم قلة مدركيها، الأوطان إقطاعيات برجوازية إن صح الجمع يبن المفهومين، يبقى هدفها والقصد من الحدود إجمالا تقاسم حشود مستخلَصي الضرائب، وصم عرق كادحيها وثروات أراضيهم، وكفى.....
وبناء على ما سبق، فالأجدر بنا نحن المسحوقين المزدحمين في القاع، ألا نأخذ الأمور بمحمل الجد كثيرا، وأن نكف عن أن نكون عصبويين عنصريين، خاصة فيما بيننا وإن فرقت بيننا الحدود، وإن اختلفنا في الدين أو الجنس أو العرق، لن يفيدنا تعصبنا وحقدنا على بعضنا البعض في شيء، بل من ذلك يستفيد الإقطاعيون الجدد، ومن ذلك يجني مصاصو الدماء المزيد من الأرباح!
الوطن ليس بالضرورة حيث ولدنا، الأرض التي احتضنتنا أول العمر، الشارع حيث جرينا ولعبنا منذ نعومة أظافرنا، المسالك والطرق التي بصمناها بخطوتنا صباح مساء، لا يا سادة، فالوطن مفهوم أعمق من أن يلخص في قطعة أرض شاءت الصدف البيولوجية أن ننبت فيها، لكن الوطن بالنسبة لي، يحددها البشر الذي يستوطن الأرض، نمط عيشهم، تفاعلاتهم الاجتماعية، المؤسسات !
وخلاصة القول أن وطني هو حيث أجد كرامتي، حيث تخطط الدولة لمستقبلي وتعبد لي الطريق نحو الارتقاء دون أن تقف عقبة أمام طموحاتي، وإلا كفة عن أن تكون وطنا وتحولت إلى خصم يقض مضجعي، الوطن هو ذاك الحضن الذي يوفر لي الأمان دون أن يقمعني إن أنا صرخت من الألم واحتججت عليه، الوطن حيث أجد سريرا وطبيبا حين العجز، ولزوجتي وأمي حين الوضع، الوطن حيث يجد أبنائي مقاعدا داخل فصل دراسي يليق بإنسان القرن الواحد والعشرين، الوطن حيث أجد عملا يليق باختصاصي أو ميولاتي، كي أجد فيه وأبدع فيه وأشتاق إليه دون أن أضيع نصف حياتي في روتين عمل لا أحتمله فلا أنفق فيه كل قدراتي، الوطن يا سادة، هو الذي يؤسس على التخطيط الاستراتيجي والتدبير العقلاني لكل فرد فيه، أو على الأقل، أن يحاول!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد