الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير السياسي باعتماد منظور اقتصاد السوق الاجتماعي

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2018 / 1 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في حديث مطول ضمن حلقة نقاشية حول بعض ذكريات من مشهد الساحات والمشاركات الواسعة فيها ارصد بعضا منه بايجاز ..بالقول .. منذ وقت ليس بالبعيد نشرت عدة مقالات حول البديل السياسي وهو امر تحدثت فيه كثيرا منذ ماقبل فبراير 2011 ضمن دراسات تحليلية للوضع المجتمعي سياسيا واقتصاديا واشرت الى مظاهر الدولة الرخوة تارة والفاشلة تارة اخرى والتأكيد انه لامناص من تغيير شامل اما من داخل النظام او بتغييره كاملا ..ولما تفاعل الشارع اليمني مع نظيره التونسي والمصري وتزايد الحماس الشعبي ضمن تجلياته في احتلال الساحات وتطورت شعاراته من الاصلاح والتغيير الى رحيل النظام كنت معه ومن داخل صفوفه اتحدث واشارك في المسيرات المتعددة والمتنوعة واحاضر صباحا ومساء في مختلف الاماكن (خيم ، قاعات ، الساحة الكبيرة...) للتبصير باهداف الحركة الشعبية وتعزيز الوعي بالتغيير السياسي وبمفهوم الدولة المدنية واهمية الاصطفاف الشعبي والطبقي لدعم مسار التغيير خاصة في الاسابيع الاولى حتى جمعة الكرامة وهي مرحلة اولى هامة من مراحل الحركة الشعبية .. ثم تغير المسار السياسي بعد جمعة الكرامة بنزول قسم من النظام الى الساحة بادعاء حمايتها ودعمها والاصطفاف معها هنا كنت اول من يتحدث عن سرقة الثورة والانحراف بمسارها ونشرت مقالات في ذلك في صحف عربية (لبنان ومصر وفي الداخل )لكن لااحد يستمع ..وكان المسار العام يتحرك لصالح مراكز القوى وجماعاتها التي هي جزء من نظام صالح والتي لم تنفك عنه حقيقة بل اعتمدت تكتيكا لان مصالحها الاقتصادية الكبيرة وتحالفاتها العميقة المتعددة بخيوط غير معلنة اقوى من نزولهم الي الساحات ..وهنا كتبت وتحدث عن ضرورة البديل السياسي للنخبة الحكومية والحزبية وهو الهدف الحقيقي للثورة الشعبية التي رفضت النظام بكل رموزه وشخوصه وتوجهاته وسياساته ومن هنا لامجال للابقاء على جزء من النظام تحت دعاوى اتضح جليا كذبها وانتهازيتها بل واعادة انتاج سلوكها السابق وتحالفاتها السابقة ..في هذا السياق كنت اتجدث عن ضرورة التغير الشامل للنخبة الحاكمة برموزها العسكرية والقبلية والتجارية والحزبية وهم معرفون للعامة والخاصة وما قبولهم مبادرة الخليج -السعودية - الا اصرارا منهم على وأد ثورة الشعب والانحراف بها نحو اعادة انتاج نظام سابق واعادة تموضع النخبة وازلامها الجدد ...تحدثت عن التغيير الشامل سياسيا واقتصاديا وكانت مشاركاتي في مؤتمر اقتصادي دولي في اليمن بدراسة حول انموذج اقتصادي جديد لليمن ودول الربيع تكلمت عن مضمونه السياسي والاجتماعي بعنوان اقتصاد السوق الاجتماعي وتحدثت عن الدولة المدنية التي القيت فيها محاضرات عدة للمتحاورين في موغمبيك واعددت كتيب صغير (مائة ورقة ) لهذا الغرض نشر في صحيفة الثورة على يومين متتابعين ..اذا ..كان هناك دراسات وابحاث ومقالات ومتحدثون يؤكدون اهمية التغيير الشامل وكنت من هؤلاء ..وكان التأكيد ان التغيير الشامل وحده يحقق تجديدا لثورة سبتمبر وخروجا من كل الازمات التي شهدها اليمن وفتح طريقا للعبور نحو الجمهورية الثانية التي يجب الدخول اليها بدون ازمات الماضي ولا مسبباتها ..ومن هنا كانت الدعوة لتجديد الخطاب الحزبي بل وادبيات وبرامج الاحزاب مع ضرورة تحليها بالشجاعة الادبية لنقد ماضيها واخطائها ..وضرورة الربط بين المتغيرات المحلية والدولية وانه لامجال للأنكفاء نحو الداخل تحت دعاوى وازعومات اصلانية القبيلة والتقاليد بل انفتاح نحو المدنية والمعاصرة برؤية جديدة سياسية واقتصادية وثقافية ..والاستفادة باسرع وقت ممكن من متغيرات العصر بتجديد النظام التعليمي والثقافي بل والخطاب الديني ...لكن كل ذلك ذهب مع الريح ..لان ادارة المسار الثوري او المسار السياسي بعد فبراير 2011 لم يكن بايد الشباب ولا النخبة الجديدة بل تولت النخبة السابقة بكل رموزها عدا صالح العمل تحت سقف الثورة التي تحولت الى واجهة وشعار للنظام المطلوب تغييره ..والجميع يعرف عمق تحالفات صالح مع احزاب وقيادات قبلية منذ عام 94 ومابعدها ومع اخرين وفق منطق المكاسب المالية والوظيفية ..وكانت لي حوارات مع قادة الاحزاب اجريتها ضمن ورشة عمل خاصة تستهدف استقصاء رأي النخبة الحزبية بمنظوراتهم للتغيير بعد عام من حركة الشباب وكانت ردودهم انهم لم يتوافقوا بعد على منظور سياسي وانهم مشغولون بالساحات ..ولهذا اتجهت ضمن اهتمامي الاكاديمي للكتابة حول تعميق التغيير السياسي بتغيير النموذج الاقتصادي والثقافي وتبني هدف وشعار الدولة المدنية الذي يجسد في مضمونه ودلالاته متغيرات حقيقية في طبيعة المسار السياسي وهي متغيرات لابد ان تؤسس لاعادة بناء الدولة وتغيير انحيازاتها الاجتماعية بالتزام نحو اقتصادي السوق الاجتماعي بعيدا عن النبيو ليبرالزم المنصوص عليه في وصفات البنك الدولي والمقبولة من ادعياء السياسة في الحكومة ..ومع اخفاق حكومة الوفاق وتضارب الصلاحيات وحضور مراكز القوى في الشارع واهتزاز الجانب الامني وانقطاع الكهرباء والتلاعب بالوقود وقتل المتظاهرين وصولا الى تغيير الحكومة وانتهاء مؤتمر الحوار دونما اشارة واحدة بايجابياته على ارض الواقع وصولا الى ماحدث عام 2014 واشتعال الفوضى والعبث السياسي بالعدوان على الشعب من الخارج والداخل واختطاف الدولة حتى اليوم .. ورغم كل المخاطر نرى السلوك الحكومي وغيره لايعكس تجديدا في الممارسات ولا الخطاب ولا نية للتغيير ذلك ان قسما من النظام السابق بل غالبيته هم من يقود المشهد اليوم مع حضور لاعب جديد امسك بجزء من السلطة في عاصمة الدولة ..لكن الجميع لاتتفق ممارساتهم مع قواعد الدولة وقوانينها ولا تقاليدها ..لان احد من هؤلاء لاتنطبق عليه مواصفات رجل دولة ...وهنا تكمن المأساة وتتراكم ليس بالمخاطر التي يشهدها البلد وعامة المواطنين فحسب بل بوجود نخبة تفاخر بتلك المخاطر والفوضى وتعتبرها رصيدا نضاليا ..لكن احدا منهم لم يقترب من معاناة المواطن البسيط في حقوقه المعيشية والاجتماعية والثقافية ..ولااحد من هؤلاء ابتكر منظورا جديدا للحوار كتعبير داخلي عن حاجة اليمنيين للخروج من الازمة دونما اعتماد على الخارج الاقليمي والدولي ..الجدير بالذكر انه حتى هذه اللحظة لاالشرعية ولاسلطة صنعاء لديهم اية فكرة او رؤية لتحقيق السلام والاستقرار واعادة بناء الدولة وحماية وحدة البلاد لان كل همهم المحاصصة السياسية وفق منطق الغنيمة دونما رؤية سياسية وطنية جامعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: متى تنتهي الحرب المنسية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الولايات المتحدة: ما الذي يجري في الجامعات الأمريكية؟ • فران




.. بلينكن في الصين: قائمة التوترات من تايوان إلى -تيك توك-


.. انسحاب إيراني من سوريا.. لعبة خيانة أم تمويه؟ | #التاسعة




.. هل تنجح أميركا بلجم التقارب الصيني الروسي؟ | #التاسعة