الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إيقاع القوة والخوف
مروان صباح
2018 / 1 / 21مواضيع وابحاث سياسية
إيقاع القوة والخوف
مروان صباح / في أحد أفلام المصرية الكوميدية ، لعب الكوميدي وحيد سَيْف ، دور الضابط ، لكن ، ظل سيف مُعظم الفيلم مجهول الضبوطية ، كانت شخصيته بالنسبة لأهل الحي ، عصية على التفكيك ، تمتع لمدة طويلة بينهم ، بإحترام ممزوج البرهبة والغموض يصل إلى التيهة ، لدرجة كان لا أحد يجرؤ مساءلته عن الجهة الأمنية التى يعمل معها ، رغم استبعادهم لجهاز الشُرطة ، لكن الصّدفة وحدها ، كانت كفيلة في إسدال الستارة التى توارى خلفها سيف طيلت الوقت ، وربما ، كان سلوكه يشير، بأن أمره سيُكشف يوماً ما ، بالفعل ، وجد نفسه في ذات ليلة من اليالي ، أمام أحد أبناء الحي ، ليكتشف عابر الصدفة ، حقيقة وحيد ، بأنه ليس سوى ضابط إيقاع في أحد ملاهي شارع الهرم ، بصراحة ، منذ ذاك اليوم الذي شاهدت فيه الفليم ، يغيب المشهد وسرعان ما يعود ، كلما شهدتُ أشباه وحيد في الواقع ، بل ، هناك ضاغط يلح علي ، يعيد المشهد بقوة ، لأكتشف بأن حال هذه الأيام ، ليست أفضل مِنْ وحيد سيف ، وهذا الحال الذي وصل له سيف ، لم يأتي دفعة واحدة ، بل ، تدرج فيه حتى أصبح منافق حقيقي ، عندما فقد كليةً ، الإدراك الذي يخدع به الآخرين ، فتحول إلى صادق بكل ما يكذب .
بالتأكيد ، ضابط الإيقاع ، كان يحلم منذ الصغر، أن يصبح ضابط شرطة أو عسكري أو أمني ، بل من المؤكد ، في بداية العمر ، تجتمع شخصيات متعددة في آن واحد ، طالما الخيال تفوق على الواقع أو المعرفة ، لهذا ، من أساسيات التربية ، بل الضرورة ، تتطلب تحديد مستقبل المرء منذ الصغر ، ثم إرشاده إلى الطريق ، لأن التنقل الخيالي ، يؤسس إلى تيهةُ دائمة ، وهذا حاصل بجدارة بشكل واسع ، بل ما يجرى منذ قرون ، نذير أنفصامي بين الخيال والواقع ، بالطبع ، لصالح الخيال ، الذي يترتب عليه هروب حياتي حتى الموت ، وهنا لعب وحيد سيف ، شخصيتين ، الأولى ، في الحي الذي يسكنه ، كان يمثل دور الضابط الأمني ، أي صوت الرهبة ، وأيضاً في الجهة الأخرى ، الملهى الليلي ، مثل صوت معلمته الراقصة ، اعتاد الرجل الخروج من البيت بخطوات الرجل الأمني ، إلى أن يصل نهاية المربع الذي يسكنه ، ثمّ يبدأ بالتخفي من أي مصادفة تتربص به ، هنا ، يُذكّرنا هروب سيف من الفشل ، بما جاء به دوستويفسكي في روايته الجريمة والعقاب ، عن استحالية معرفة الإنسان، بل ، قد يطرح المرء المسألة بطريقة أخرى ، عن استحالة معرفة حجم الخوف والقوة في داخل كل شخص ، متى يرجح الخوف على القوة ، والعكس صحيح ، بل أيضاً ، قد يكون الخوف الذي حول الإنسان إلى جبان ، أحد أسباب الأساسية للفشل ، لأن ، عندما قرر راسكولينوف بطل الرواية ، قتل المرابية ، خرج من بيته يحمل ذات الخوف الذي كان يصطحبه في كل خروج ، من الدائنين ، بالرغم أنه ، كان يعلم يقيناً مصيره ، هنا مجدداً ، يكشف لنا راسكولينوف ، أن المرء ، متعدد الشخصيات في قالب واحد ، فعندما كان طالب في الجامعة ، اعتاد بطل رواية الجريمة والعقاب على الاستلاف من الدكاكين ، ثم بدأ بالهروب مِن الدائنين حتى وصل قمة الفشل ، فقرر قتل الفشل ، ليكتشف أن الفشل في داخله ، فلم يكن أمامه سوى قتل نفسه ، لكن الجبن الذي في داخله ، جعله يهرب مرة أخرى وللأبد ، فقتل المرابية .
في الخيال ، يتنقال الإنسان بين القوة والنجاح والإبداع كما يشاء ، فيه ، يصبح عنترة والمتنبي وابن سيناء وخالد ، سيف الله المسلول وابن عباس وابن خلدون ، لكن ، عندما يخفق الإنسان في نقل التخيل الي واقع ، يتحول إلى جبان كبير ، لا يستطيع الدفاع عن أحلامه ، حتى حياته البسيطة يفشل في الدفاع عنها ، فيبدأ مسلسل الهروب الذي لا ينتهي إلا بالموت ، فتصبح المتواريات أكبر من المواجهات ، بالطبع الكذب ، الذي يكبر ، في المقابل ، يصغر الصدق ، وتتلاش الفطرة ، فتحل مكان الشخصية الخيالية ، شخصية منفصلة ، قابلة للقتل أو الخداع أو فعل أي شيء شرير . والسلام
كاتب عربي
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. صحف فرنسية : -العرجاني من تهريب أسلحة عبر الأنفاق إلى احتكار
.. السعودية.. تنظيم عملية خروج ملايين الحجاج من الحرم المكي تثي
.. غارات إسرائيلية على حلب تقتل أكثر من 40 عسكريا سوريا.. ما ال
.. المرصد السوري: أكبر حصيلة من القتلى العسكريين السوريين في غا
.. شاهد حيلة الشرطة للقبض على لص يقود جرافة عملاقة على طريق سري