الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية فى رواية حمام الدار لسعود السنعوسي

نسرين محمد يوسف

2018 / 1 / 21
الادب والفن


(حَمَامُ الدَّار......أُحجِيَة ابن أزرق)

(حمام الدار لا يغيب ... وأفعى الدار لا تخون)

لكل منا معتقداته الراسخة رسوخ الجبال، ثابتة لا تقبل المراجعة أو الحوار....... جاءت روايتنا مخالفة كاسرة لكل إيمان ويقين. بل ومخالفة لقواعد الرواية العربية المتعارف عليها؛ فقد عمد الكاتب (سعود السنعوسي) لبناء جديد مغامرًا بروايته، صانعًا مذهبًا جديدًا ومدرسةً جديدة للرواية ـ على حد تعبيره في أحد اللقاءات التليفزيونيةـ.

كانت هذه الرواية الأولى التي أقرأها لسعود السنعوسي ولن تكون الأخيرة.......

ـ تدور أحداث الرواية حول مؤلف بلغ الخمسين من عمره، عاش منها عشرين عامًا خالية من أي أحداثٍ، حتى حطت حمامة على دكة نافذته (كما لو أنها علي خشبة المسرح تؤدي دورًا قام به قبل سنوات؛ وتذكره بماضيه مما يدفعه للكتابة؛ ليكتب نصًا ـ دون أن يشعرـ فيجد نفسه قد كتب عنه هو شخصيًا.

ـ يقف الكاتب عند نقطة معينة ولا يستطيع استكمال الشخصيات؛ مما يضطره لأن يلجأ لساعة تأمل يلجأ لها في كتاباته؛ ليتعرف على الشخصيات أكثر، وهنا تظهر أمامه مشكلة: هل يُكمل روايته غير الواضحة أم يترك شخصيات الرواية تكملها بدلًا منه للخروج من تلك الورطة؟!!!

وقد قرر كاتبا ترك الشخصيات تكمل روايته ........

ـ تقوم الرواية علي جزأين العهد القديم الذي يمثله (عرزال بن أزرق)، وعهد جديد يمثله         (منوال بن أزرق)، كل جزء عبارة عن صباحات مقسمة إلى مذكرات الراوي، ويجعل من الجزء الأول مشروع رواية لم تكتمل يسميه( نص لقيط)، ومن الثاني ( نص نسيب).

ـ يعتبر الجزء الثاني من الرواية نقلة في الأسلوب مختلف عن الجزء الأول، رغم تشابه الأحداث والأجواء (فكل شخصيات الرواية تصدر أفعالاً وسلوكيات غير مبررة في وقتها)؛ مما يخلق جوًا من المتعة والإثارة لمعرفة سبب تلك التصرفات، مما يجعلنا نُقبل على القراءة لحل لغز الشخصيات.

ـ الرواية تعج بالرموز، وكان أولها العنوان (حَمَامُ الدَّار......أُحجِيَة ابن أزرق)؛ حمام الدار وما يرمز إليه، وما سيتضح لنا مع الأحداث، وأهم ما في العنوان (أحجية ابن أزرق)؛ فمن البداية أراد (سعود) التنبيه على أن الرواية عبارة عن مجموعة الأحجية (الألغاز)، يقوم القارئ بحلها، وأهم تلك الألغاز هل (ابن أزرق) حقيقة أم خيال؟!!! هذا ما أراد الكاتب تركه للقارئ ليحل لغزه بنفسه، نقطة أخرى: هل المؤلف عزرال أم منوال؟!! مَنْ يكتب مَنْ؟!! الأحداث تراوغنا بين حقيقة وخيالات المؤلف.

ـ يربط بين قسمي الرواية ليس السرد، وإنما الأشخاص أنفسهم حين تثور وتتمرد على الكاتب وحكاياته؛ لتروي الحكاية مرة أخرى في العهد الجديد بطريقة مغايرة؛ لتظهر لنا بعض أبعاد الأحجية.

ـ الرواية غير عادية لا تسير بمنطقية أو زمن معين وأحداث وأشخاص معينة، بل تتداخل الأزمنة والشخصيات والأماكن التي تظهر رموزها على مدار الرواية. ولا رموزها سوى القارئ.

ـ قد بنيت أحداث الرواية على تقنية معينة تكشف الأفكار والأحداث تدريجيًا، وتتلاعب بنفسية القارئ ولا تجعله يتوقع أي حدث قبل أوانه.

ـ من رموز الرواية استخدام اللون الأزرق (لون السماء والسمو كما أنه لون البحر والغرق والعدم) هو لون الكذب والبرود مما يعطي إحساسًا بأن للرواية أحداثًا كاذبةً أو صادقةً ... ربما.

ـ كذلك اختيار اللون الرمادي (لون ما لا لون له) للتعبير به عن عرزال.

ـ (بصيرة) رمز الحكمة ويظهر من خلالها تأثر الكاتب بجدته ـ وقد كشف هو نفسه عن ذلك في لقاء له ـ وجعل للجدة مكانًا ثابتًا لا يتغير ... وجعل من عرزال محبًا لها وقد يفعل لها ما لا يطيق فعله؛ لحبه لها.

ـ كل شخصية من شخصيات الرواية تحمل أكثر من وجه وتفسير، عليك استنتاجها بنفسك وحل لغزها.

ـ الحوار جاء في معظمه حوارًا داخليًا دخل رأس الأبطال، وكان حوارًا مطولاً، ولو جعل(سعود) الحوار في سطور لكسر حدة السرد وكثافته.

ـ تبدو الرواية معقدة أكثر من اللازم، ولكنها تعتمد على القارئ واستعداده وتركيزه، فعند قراءتك للرواية وصولك للنهاية تجد أنك تعود للبداية وتدرك أنك في دائرة بلا بداية أو نهاية، دائرة كلما خضتها أجابتك عن سؤالٍ أو اعطتك معلومةً أو عزاءً لحبيب أو فقد لغالٍ أو متعةً روائية.........

ـ كانت الرواية تحديًا لخلق قارئ مختلف، قارئ قادر علي ربط الأحداث وحل أحجيتها، فقد أراد السنعوسي قارئًا يقظًا عميق الفكر؛ وقد نجح في ذلك؛ فقد جعل القارئ يُقبل علي قراءتها أكثر من مرة للتعرف على الشخصيات والوصول لمغزاها؛ مما يجعل القارئ يتحول لأحد أهل الدار؛ لأنه يشارك في فهم الأحداث وهو بذلك واحد من أهلها (أليس كل مَنْ عاش بالدار صار من أهلها).

ـ تتحول كل شخصيات الرواية (الحمام الزاجل ـ غادي ـ سفار ـ عواد ـ رابحة ـ قُطنة ـ المعزة ـ بصيرة ـ فيروز ـ زينة ورحال) إلى شخصيات حقيقية مؤثرة.

*حمام الدار لم يكن إلا رمزًا لكل من تحب... حمام الدار يخرج ويعود، فماذا لو لم يعد؟!!!

حمام الدار رمز لكل من نفقدهم... الزوجة ... الأم ...الأخت.... الأبناء..... المستقبل.... الماضي......

*نجد تأثرًا واضحًا من الكاتب بالبيئة الكويتية وعادتها وتقاليدها، متناثرًا بين ثنايا الرواية.

*الرواية لا تصلح لقارئ مبتدئ.

*الرواية تناقش بعض القضايا منها:

1ـ قضية الوجود والعدم.

2ـ الحقيقة والخيال.

3ـ علاقة الإنسان بخالقه، وهل هو مسير أم مخير.

4ـ فكرة الغياب والحضور وما يتركه الغائبون في نفوس الحاضرين.

5ـ ثبات المعتقدات، وهو أمر حتمًا غير صحيح.

*الغلاف جاء مناسبًا لتلك الشخصية الرمادية، من رسوم الفنانة الكويتية(مشاعل الفيصل)، ولها رسومات داخلية في بداية كل صباح معبرة عنه، وقد أبدعت في التعبير بالألوان  والغموض.

*من عيوب الرواية:

الشعور بالملل في بعض أجزاء الرواية وخاصةً في تصرفات الكهل، ومتابعته للحمامة بكل رتابة، وفي تصرفات الجدة بصيرة التي لا تتغير.

 *في النهاية تكتشف أن (حمام الدار قد يغيب وأن أفعى الدار قد تخون).    

ـ شكرًا سعود فقد كانت تجربة ماتعة ورحلة عبر المعتقدات ناجحة.              








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا