الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمال عبد الناصر: مئوية النضال والثورة

محمد السعدنى

2018 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


ناصر -
زى النهار يا فتى واحنا اللى ليلنا طال
جاى فى أوان جرحنا والشدة ليها رجال
يا كلمة الحـق يا روحنا وملامحنا
فسرنا بيك حلمنا وعرفنا مين إحنا
إنت اللى من حلمنا وجرحنا يا جمال
- الشاعر إبراهيم عبد الفتاح
كما لايستطيع أحد أن يطفئ الشمس أو يمحو آية النهار المبصرة، فلا أحد يملك الادعاء بأن التاريخ يمكن أن يموت وأن ناصر فى مئوية مولده مات منذ قرابة نصف قرن أو يكاد، فالأبطال لايموتون طالما ظلت أفكارهم فى ضمائر الناس، وجمال عبد الناصر لايزال باقياً فى ضمائرنا وعمق تاريخنا المعاصر يقلب صفحاته ويمشى فى أروقته وأحداثه، يقاوم الاستعمار يكشف مؤامراته ويهدد أهدافه، ولايزال أعداؤه يتحسبون لإعادة إحياء مشروعه فى التحرر والاستقلال والنهضة، ولذلك يترصدونه فى كل وقت وحين مخافة أن يبعث كما العنقاء من جديد. لقد كان جمال عبد الناصر ولايزال استثناء يصعب تجاوز مشروعه ورؤيته، وتجربة استعصت على التمثل والتقليد حتى لو ادعى البعض ذلك أو حاول تلمس بعض مواقفه وانحيازاته. لقد كان رجلاً صنع الظروف والأحداث كما صنعته الأيام والمواقف فى أهم مراحل القرن العشرين، حين كانت تجربته فى التحرر والاستقلال الوطنى تغير مسار وحركة تاريخ أمم ودول عالمنا العربى ومحيطنا الأفروآسيوى وأمريكا اللاتينية التى رأيت بعينى تمثالاً له منتصباً فى أهم ميادين بوينس آيريس قبالة تمثال سيمون بوليفار محرر أمريكا اللاتينية. عاش الرجل عالم القضايا الكبرى والشخصيات والأيدلوجيات والأفكار الكبرى، وامتد أثره أبعد من حدود دولته، وأبقى من وجود شخصه وأطول من سنى عمره، بما حملته الشعوب من أفكاره ونضاله ومابقى خالداً فى ضمير الناس والأجيال من تجربته وثورته وآمال جماهيره وأشواقهم لانجيازاته ومواقفه. كان ناصر زعيماً انحاز للجماهير، للبسطاء، للعمال والفلاحين، للطبقة الوسطى وانتصر لهم، ولم يهن العزم منه أو ضاق بمطالبهم، فانتصروا لذكراه وجعلوه أيقونة للنضال والاستقلال والتقدم والثورة، ولم يكن غريباً فى كل أزمة تطرؤ على عالمنا العربى أن ترفع الجماهير صوره، ولقد حدث ذلك فى ثورة يناير وكل ثورات الربيع العربى وحتى فى فنزويلا وجنوب أفريقيا والسنغال ونيجيريا وأوغندا وغيرها، رفعوا صوره رمزاً للصمود والتحدى والاستجابة لأشواق التحرر والاستقلال الوطنى ونبذ التبعية والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومقاومة القابلية للاستعمار تلك الآفة التى أصابت كثيراً من ثورات العالم الثالث وقياداته. وبقدر ماكان ناصر زعيماً هدد بثورته مصالح الاستعمار الغربى والرجعية العربية وأعداء الحرية داخلياً، فقد استحال بعد وفاته شبحاً مزعجاً يقض مضاجعهم. وفاجأهم بأنه مايزال حاضراً حين تصوروا أن 23 يوليو قد انتهت عشية وفاته منطلقين بأن ثورته يمكن اختزالها في عناصر ثلاثة: كاريزما البطل والمشروع القومي للثورة ثم العقد الاجتماعي ومفرداته. وبما أن البطل قد وري التراب في سبتمبر1970 وأن مشروعه القومي قد تعثر بفعل قوي الثورة المضادة وتحدياتها داخلياً وخارجياً وأن مكاسب الثورة للعمال والفلاحين وأبناء الطبقة الوسطي قد تم التنصل منها أو الإنقلاب عليها فأضحت أثراً بعد عين، وأن العقد الإجتماعي لم يعد قائماً بما اعتراه من تغيير وتبديل انتقص من حقوق المواطنة وكفالة حق تداول السلطة، فقد ماتت الثورة بموت عبد الناصر، وجاءت المفاجأة من ميدان التحرير وكل ميادين التحرير فى محافظات مصر، بأن 23 يوليو تجدد شبابها وتصحح مسارها وتستعيد ألقها فى ثورة 25 يناير وأن أعلام وصور جمال عبد الناصر مرفوعة فى أيدى الثوار وهتافات يوليو عالية فى حناجرهم وأغانى الثورة الأم تصدح بإصرار تهز أرجاء مصر، وكأن عبد الناصر انتفض قائماً من مرقده وسط جماهير الشعب الثائرة يقودها فى الميدان.
ولهذا الجيل الشغوف لأن يعرف ويتعلم، لهؤلاء الشبان والبنات في الجامعة وخارجها والذين مابرحوا يسألون عن الثورة وجمال عبد الناصر أقدم شهادتي، كوني وجيلي جزءاً من هذه الثورة ولقد اكتوينا بالتجربة وعشنا معها عمراً عميقاً من الانتصار والانكسار، شكلتنا أحداثها وأجواؤها وتكونت بواكير وعينا في خضم معاركها وتحدياتها، وها نحن نستعيد لهم ذلك النموذج والمثال ليس من أضابير التاريخ ودهاليز الموروث الشعبي وإنما من أحداث معاصرة علي مرمي البصر من أجيال مازالت شاهدة علي العصر وتحدياته قائمة. علي أننا وبحياد أكاديمي لا يمكن أن نوافق علي استدعاء الأبطال والأحداث والمواقف ليقدموا لنا علي مسرح الأحداث المحلية والإقليمية والعالمية نفس أدوارهم وأفكارهم كوصفة سحرية للخلاص والحل، ذلك لاعتبارات عديدة، فلا الزمان هو الزمان ولا العالم من حولنا هو نفس العالم الذي كان، فلقد جرت في النهر مياه كثيرة، ورغمها فإن مئوية عبد الناصر تصلح نموذجاً للدراسة والتعلم من رجل قٌد من حلمنا وجرحنا، رجل كانت الزعامة حلمه والثورة طريقه والتحرر والاستقلال والعدالة الاجتماعية والنهضة هدفه ومشروعه.


ناصر -
زى النهار _____








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الإنفاق العسكري العالمي يصل لأعلى مستوياته! | الأخبار


.. لاكروا: هكذا عززت الأنظمة العسكرية رقابتها على المعلومة في م




.. ألفارو غونزاليس يعبر عن انبهاره بالأمان بعد استعادته لمحفظته


.. إجراءات إسرائيلية استعدادا لاجتياح رفح رغم التحذيرات




.. توسيع العقوبات الأوروبية على إيران