الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبات عرق (القمح)

كمال تاجا

2018 / 1 / 21
الادب والفن



أتنصت بشعف عريض
على ضربة الفأس
بيد فلاح
متقن صنعته
ينبش بالأرض
عن خير وفير
~
وأتابع حنية ظهر منجل
يحصد رؤوس السنابل
وباليد الطيبة
لمزارع
ضارب فأسه
بالأرض
~
عن رفش
حضنته قبضة قوية
لعامل متابع
كان يروي
للثرى الطاهر
قصة روعة
ارتقاء حقول السنابل
وهي تتقافز
فوق أعمدة
من القش الهش
~
وتتابع نموها
وهي ترفع رؤوس سنابلها
وبالانتصاب الهائل
وقبل أن تقع
كلقمة طيبة
تحت أضراس شهيتنا
~
لأملى العين
بحقول القمح
والتي كانت تتكاثف
بين أحضان
طبيعة خصبة
غنية عن القصف
بنيران عدوة
وصديقة معاً
إلا من لهيب
حرقة قلوبنا
على ضياع مواسمنا
هباء
تذروه الرياح
كالهشيم
في وخز دموعنا النائحة
على قحط
ولا نستطيع أن ننسى
كيف كانت تجرده
ومن كل خصب وفير
~
وويلي
على ما جنت أيدينا
لإتقاء قيظ
حر الهجير
وفي تحمل سبع سنوات عجاف
حتى هلكت الماشية
ونفقت البقرات
التي بقرت بطونها
بحراب السفك
و نكئ ضرعها
رغم أنفنا
بالشام الجريحة
~
والحديث يطول
على ما لحق
بالأم الكبرى
الشام
من هلاك متواصل
والتي اتخذها كل العالم
حقل رمي
سهام جارحة
ومن كل خصوم الداخل
والخارج~ مفقود
~
ولقد رأينا
رأي العين
أسراً هالكة
لأربعة عشر مواطناً
شامياً
لقوا حتفهم
في ظلام الليل
مع أطفالهم
طلباً للحرية
وقد لفهم الثلج
ببرودة الطقس
بالعراء
دون دفء
من قلب إنسانية
متوقف عن ضخ
لهيب حطب
البر بأهلنا
~
وكان الليل والزمهرير
شاهدان
وكانا بهم متربصين
وقد هلكوا جميعاً
مع تساقط الثلوج
وفي ليلة ليلاء
من زمهرير
شتاء
يوم عاصف
~
وسنابلنا ما زالت
تتوكأ على أعواد الخصب
وتسير فوق حلبات الحقول
على قوائم
راسخة بالتراب
وهي تطرق بالأرض
لترى محط نظر
حبات القمح
عند النضوج
~
ولتملأ بملايين
قبضات الأكف
والتي كانت تقوم بقسمة
رغيف
على طبق العيون
لقمة تلو اللقمة
لتسكنها
في معدة جائع
وتلقم بها
فم محروم
~
وأيضاً لإكرام الضيف
ولو حادوا عن صواب
الأصول العريقة
للأقرباء بالعقيدة
وعند زيارة مقدساتنا الهرمة
هذا ولم يتضح لهم
بعد أربعة عشر قرناً
براءتنا
من دم يوسف
والحسين
و لا لم من نشارك بصلب
يسوع المسيح
ولم يعثروا بين أصابع
أكفنا
على أثر زائل
للرجم بالحجارة
على خطيئة عاهرة
أخلت فرجها
لكل وطء عابر
فوق أرائك النزوة
وقد تركت
ميل جانبها
وهو مفترش أسرة اللذة
المنفرجة الفخذين
~
ولا نعرف البتة
كيف نطح الخنزير البري
الإله أدونيس
فسفح دمه
مع شقائق النعمان
الذي صبغ رقرقة
مياه النهر
بنزف دم أدونيس
الأحمر القاني
~
ولا ندري من قتل
كل آل البيت
لأننا لم نكن موجودين
وقتئذ
لا في ذلك الزمان
ولا في مكان
ارتكاب هذه الجريمة
النكراء
~
وهذا ولنزيدكم علماً
أننا من الغير المشاركين
في محرقة اليهود
العائدة إلى هتلر
أيضاً
بل بقينا نحن
وما نزال معرضين
للحرق
في أفران
الجحيم الصهيونية
~
وليس لنا علاقة
بهزيمة نابليون
في وارتلو
إلا على أسوار عكا
بيد الجزار
~
هذا ولقد استمتعنا
برؤية
السنابل الهشة
وهي تخفض رأسها
مع غص زيتون
لتقرؤنا السلام العادل
~
وأخذتنا الحمية
وهي تهتز طرباً
لتحوط
ومن كل جانب
خطف لب
حقل قمع متلهف
لضم ساعديّ
حصاد
ذاهب إلى بيادر
سد رمق
ومن كل جوع عتيق
~
مع جيش جرار
من حبات قمح
تجرها أحصنة عوز
إلى أكياس طحين
لتعجن
أرغفة خبز
للقمة كفاف
أمس الحاجة
~
ولإشباع نهم
أولادنا
ومن يد طبيعة
تجزل عطاؤها
كلقمة سداد
مرجوعها إلينا
في الشام
مهما نأينا عنها
ستظل
و إلى الأبد
مسقط رأسنا الأمين
على تراث
أوابدنا الخالدة


كمال تاجا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان


.. كل يوم - طارق الشناوي: أحمد مكي من أكثر الممثلين ثقافة ونجاح




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي لـ خالد أبو بكر: مسلسل إمبراطور


.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي: أحمد العوضي كان داخل تحدي وأثب




.. كل يوم - الناقد طارق الشناوي : جودر مسلسل عجبني جدًا وكنت بق