الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد اختصاص وليس إدارة!

ضيا اسكندر

2018 / 1 / 22
الادب والفن


منذ أقلّ من عام تم تنصيب مهندسة معمارية بوظيفة (عميدة كلية الفنون الجميلة في جامعة تشرين) بتزكية من الجهات الرسمية. والقصة ليست هنا، فكثير من القيادات الإدارية يتم تعيينها في مناصب خارج اختصاصها الأكاديمي، وهذا بحثٌ آخر. كما أننا لن نتحدّث عن الأساليب المتّبعة في محاباة هذا الطالب عن ذاك، بغية وصوله إلى المرتبة الأولى بين الخرّيجين ليتنعّم ببعض الامتيازات (معيد في الجامعة، منحة دراسية لإكمال تحصيله العلمي في إحدى الدول.. إلخ). فكل هذه الآفات يمكن تحمّلها رغم مساوئها لأن تأثيرها محدود إلى حدّ ما. أما أن تعيّن تلك المهندسة العميدة نفسَها رئيسة لجنة التحكيم في الاختبارات النهائية لطلاب السنة الأخيرة، وهي التي تقيّم جودة اللوحة من الناحية الفنية، وبالتالي هي التي تقرر علامة الطالب ومرتبته، وهو خارج اختصاصها، فهنا كانت المشكلة، بحكم الاختصاص على الأقل.
وفي التفاصيل: إحدى الطالبات المرشّحة للظفر بالمرتبة الأولى في الامتحان الأخير، قدّمت لوحة فنّية (رسالة التخرّج) تحاكي من خلالها بعض الطقوس التي كانت سائدة قديماً في أريافنا الساحلية، وهي استحمام النساء وغسل ثيابهنّ على ضفاف النهر. ومن الطبيعي أن يكُنَّ بطلات تلك اللوحة شبه عاريات، إذ لا يُعقل أن يتحمّمن وهنَّ في ثيابهنّ. فماذا كان تقييم المعيدة لهذه اللوحة وللطالبة؟:
«صحيح أنني لست فنّانة ولا أفهم كثيراً بالفنّ، ولكنني أتذوّقه. (وأضافت بلهجة غاضبة) إنك تتحمّلين المسؤولية الأخلاقية عن هذه اللوحة! لماذا لم ترسمي رجالاً عوضاً عن النساء؟ ومتى كانت نساؤنا بهذا العهر ليظهرْنَ عاريات على السواقي والغدران؟ ثمّ متى كانت أريافنا تخلو من الحمّامات؟!»
حاولت الطالبة الدفاع عن لوحتها بأنها من مخزون ذاكرة الريف، وأنه ليس عيباً ولا انتقاصاً من مكانة المرأة.. إلاّ أن العميدة زجرتها ومنعتها من إكمال دفاعها وأعطتها علامة متدنّية على تلك اللوحة!
طالبة أخرى قدّمت لوحة تصوّر فيها مجموعة من النساء يخبزْنَ على التنّور، وقد خلعت إحداهنّ (شحاطتها) تعبيراً عن حاجتها للراحة من عناء الحذاء، وربما للانتعاش من برودة الأرض نتيجة حرارة التنّور.. فماذا كان تقييم العميدة "الجهْبذة" والتي لم يلفت انتباهها في تلك اللوحة إلا ما سوف تقرؤونه أدناه؟:
«الشحّاطة التي في اللوحة تبدو عصرية، (وأردفت بتهكّم) ما نوع ماركتها؟ هل هي من فصيلة (نايك) أم (أديداس)؟ ثم لماذا هذه المرأة حفيانة؟ وما هذه (السَّلَطَة) اللونية؟» وغير ذلك من الملاحظات والتعليقات لهذه الطالبة ولغيرها.. التي تعبّر عن ضعف المستوى النقدي ودون مراعاة لأحاسيس الطلاب المرهفة، ومدى تأثير هذا الاستخفاف على مشاعرهم والمثبّطة لهم وربما لمستقبلهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض


.. تعاون مثمر بين نقابة الصحفيين و الممثلين بشأن تنظيم العزاءا




.. الفنان أيمن عزب : مشكلتنا مع دخلات مهنة الصحافة ونحارب مجه