الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة الحقيبة الدبلوماسية

طارق المهدوي

2018 / 1 / 23
السياسة والعلاقات الدولية


بعيداً عن الأدوار الافتراضية النموذجية النظرية لفئة الدبلوماسيين فقد فرضت الحقائق الواقعية داخلياً وخارجياً نفسها على الجميع مؤخراً، حيث أصبح من السهل معرفة أن أهمية تلك الفئة النسبية داخل التحالف الحاكم لأية دولة تتزايد طردياً مع ازدياد تبعية هذه الدولة للخارج، باعتبارهم ضباط الاتصال المنتظمين على مدار الساعة بين دولتهم التابعة وبين المراكز المتبوعة في مختلف الدوائر العالمية والإقليمية، فهم الوكيل الحصري المزدوج الذي ينقل بالتبادل احتياجات الطرف الأدنى وتعليمات الطرف الأعلى، لذلك يحصلون على ضمانات من الطرفين تتمثل فيما يسمونه الحصانات والامتيازات التي يستفيدون منها ليس فقط كتوابع يمثلون دولة تابعة، ولكن أيضاً كفاسدين يمثلون دولة فاسدة وكطغاة يمثلون دولة طاغية عبر عدة ألاعيب تكاد تكون تفاصيلها معروفة أمام الرأي العام، مع بعض الاستثناءات التي لا يعرفها سوى بعض الدبلوماسيين وبعض المهربين وبعض أسياد هؤلاء وأولئك في الدولتين التابعة والمتبوعة مثل لعبة الحقيبة الدبلوماسية، التي تتخذ عدة أشكال وتسلك عدة مسالك أشهرها شكل الجوال الذي يتم إرساله من الدبلوماسي لجهة عمله كطرد محمول جواً عبر قريتي البضائع في دولة المقر وفي دولته، علماً بأن جهات العمل التي يتبعها الدبلوماسيون تتسع لتشمل فيما تشمله وزارة الخارجية وهيئة الخدمة السرية الخارجية وسلاح الملحقين العسكريين والتمثيل التجاري والإعلام الخارجي والعلاقات الثقافية الخارجية وغيرها، وعلماً بأن لكل جهة من الجهات الدبلوماسية المذكورة حقيبة أسبوعية واحدة على الأقل يعبئها مندوب تلك الجهة ويغلقها ويسلمها بواسطة توابعه إلى قرية بضائع مطار دولة المقر، فإذا سلمها بواسطة توابع عصابات الفساد والجريمة المنظمة يحصل على مبلغ قد يصل إلى ربع مليون دولار في الحقيبة الواحدة دون أن يمسه أي شيء، فتوابع المهرب سيضعون الحقيبة الدبلوماسية الأصلية مغلقة كما هي وبجوارها الممنوعات المهربة داخل حقيبة أخرى تشبهها تماماً ويلصقون بوليصة شحن الحقيبة الأصلية على الجسد الخارجي للحقيبة الخارجية، التي تأخذ نفس حصانة ومسار الحقيبة الأصلية حتى تصل من قرية بضائع مطار دولة المقر إلى قرية بضائع مطار دولة الدبلوماسي، حيث ينتظرها توابع آخرون للمهرب يقومون بفتحها ثم يخلعون بوليصة الشحن من على جسدها الخارجي ليلصقونها على الجسد الخارجي للحقيبة الأصلية، تاركين إياها تستكمل مسارها الطبيعي نحو جهة عمل الدبلوماسي التي غالباً ترسل توابعها لاستلام حقيبتها بعد عدة أيام من وصولها، بينما يكون توابع المهرب في دولة الدبلوماسي قد خرجوا بممنوعاتهم المهربة خارج قرية بضائع مطار دولة الدبلوماسي عبر إحدى وسائلهم الاحترافية العديدة، وتتميز هذه اللعبة عما سواها بالأمان الذي توفره لمن لعبوها ذلك أنه لو تم اكتشاف الأمر يستطيع المهرب الاختفاء من المشهد تماماً، كما يستطيع الدبلوماسي التنصل من أي مسؤولية بحجة أن حقيبته سليمة كما سلمها هو إلى قرية بضائع مطار دولة المقر محملاً إياها المسؤولية عن وضعها داخل الحقيبة الأخرى، ولعل سلطة الطيران الأمريكية قد اقتربت من إدراك تلك اللعبة فقررت اليوم 22/1/2018 حظر استقبال المطارات الأمريكية لأية طرود أو حقائب مشحونة من قرية بضائع مطار القاهرة حتى إشعار آخر!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث