الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخيرون نحن أم مستلبون؟؟؟

حميد طولست

2018 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مخيرون نحن أم مستلبون؟؟؟
للروتين وقع عنيف ومؤثر جدا على العقل والسلوك البشري ، الذي أصبح مع الأيام المتشابهة والظروف المملة ، مبرمجا على نفس السلوكات المكرورة ، ونفس العادات المرهقة ، ونفس المشاكل المحزنة ، ونفس الشكاوى المتراكمة ، إلى درجة تحول بفعلها إلى صور مستنسخة من بعضهم ، بابتسامات منكسرة ، وبأحلام فاترة وتطلعات باهتة ، وكأنهم قطعان من الأشباح غارقون في الندم والإحساس بالخطيئة والرغبة في غسل أيديكم من دماء ضحاياكم ، ما جعل قوله تعالى :"إن هم كالأنعام بل أضل سبيلا" ينطبق عليهم تمام الانطباق ، رغم أنهم ربما يكونون معذورون في ذلك التصرف
لأن الكثير من تلك العادات والسلوكات ،التي وُضعوا داخل قمقمقها المغلق والذي يصعب الخروج منه إلا بكسره ، لم تكن يوما خيارهم الحر وبملأ إرادتهم ، ولا من صميم أحلامهم التي يتمنون تحقيقها ، وإنما هي عادات وسلوكات لقنوها من خلال الأهل والعائلة ، وتلقوها من تراث مجتمعهم وبيئتهم ، التي يعمل كل من وما فيها على تنميطهم بما يبتكروه في كل مجالات الرأي والدين والسياسة وكرة القدم وغيرها من قيود المعلنة والمخفية وحتى التي لم ينزل الله بها من سلطان ، من أجل استعباد البشر ، تحت مسمى الأخلاق الحميدة أو مسمى العادات والتقاليد الممعنة في التحكم الذي يُنسي الناس حريتهم الشخصية في تذوق طعم الحياة ، ويمنعهم من التلذذ بقرارات اختيار ما يناسب شؤونهم الخاصة في الزّي و الأكل و الشرب و السفر و السكن و المهنة و التخصّص والنشاط الاجتماعي والعلمي و العلاقات الاجتماعية ، وحرية الاعتقاد والفكر وحرية الـتديّن و حرية اللاتديّن و الإلحاد ، وكل خصوصياتهم التي لا تتعارض مع قوانين و تعليمات الشأن العام .
ويبقى الخطير والصادم حقا في كل هذا وغيره كثير، هو أن الجميع مشارك في ذلك ومن دون استثناء ، بما فيهم مختلف الجماعات والتيارات الدينية العلمانية والليبرالية المنصبة لتبرر والبحث على الأعذار للاستسلام لهذا الانحدار الاجتماعي ، رغم ما فيها من إنتهاك لكرامة الإنسان..
فماذا عنك أنت وعني أيها القارئ المتنور؟ ومن نحن؟ وهل نحن نحن كما نحب أن نكون أرواح متحررة من التبعية العمياء ، لا نكترث بجحيم الآخرين ، نختار الأنسب الذي تمليه علينا ضامائرنا وقناعاتنا ، وإن خالف ما يعتقده غيرنا ، دون اعتراف ببروتوكولاته العقائدية والاجتماعية المصطنعة ؟ أم نحن نسخة مُستـنسخة من تلك النماذج الضعيفة المستسلمة للتأثيرات الخارجية وإن كانت من شيوخ أغبياء بعقول صدئة، وأدمغة عمشاء ترى أنها الفئة المؤمن الوحيدة ، وغيرها سفيه و لا يفهم في الدين .
هنا ينبغي الوقوف مطولا للبحث في هذه النقطة ، وطرح السؤال الملح التالي ، هل نحن أحرار في سلوكياتنا وتصرفاتنا المعقدة والبسيطة منها والمتمثلة في لبس زي معين دو آخر ، أو في تفضيلنا للقهوة السوداء المرة بقطعة وحدة من السكر، أو في تشجيعنا لفريق كرة قدم –محلي أو وطني أو دولي- دون غيره ، لماذا نفعل هذا الأمر ونتجنب أفعال أخرى غيره ؟؟ لا وألف لا ،لسنا أحرارا لأن الحر الوحيد الذي لا يحرم من حريته خارج كل إيطار القيود التي تفرضها الجماعة ، و يُسمح له بحرية التصرف على هواه ، هو المجنون الذي يعتقد العموم أنه لا عتب عليه ، والذي قيل فيه" خذ الحكمة من أفواه المجانين " لأنهم الوحيدون الذين يمكنهم أن يقولوا كل ما يريدون دون الرجوع إلى غيرهم.
فلا تتردد أيها المستلب مثلي في تحرير نفسك من التبعية ولا تجزع حتى لو أصبحت وحيدا ، فالوحدة خير من أن تعيش عكس نفسك لإرضاء غيرك ، وافرح واسعد وابتهج فذاك دليل على أنك من أرباب العقول وأصحاب الرأي ، وأنصار الحكمة والمبدأ ، وأنك تغيض ينظر للإنسان ليس كما هو بل كما يحب هو أن يكون ، بتنطعك السفهاء ومحترفي المزايدات الذين لا يحسنون سوى ملاحقة من يخالفهم الرأي ، بالكفر أو الزندقة..
حميد طولست [email protected]
مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس
رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية
رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية.
عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة.
عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية.
عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس
عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان "








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س