الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون وسائرون والإنتخابات ... ما العمل؟

زكي رضا

2018 / 1 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


أثار قرار قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالإنظمام الى قائمة "سائرون" والتي يقودها حزب "جديد" التأسيس، هو حزب الإستقامة الذي تشّكل بأوامر من رجل الدين "مقتدى الصدر" كخليفة لكتلة الأحرار النيابية المشاركة في السلطة ومفاسد هذه السلطة وميليشياتها منذ الأحتلال لليوم. لغطا كبيرا ليس في الشارع العراقي فقط، بل وفي داخل صفوف الحزب أيضا. وقد أفرز الأختلاف الداخلي وهو ما يهمّنا هنا إتجاهين داخل الحزب على صعيد القاعدة بشكل أكثر وضوحا منه على صعيد قيادة الحزب، أولهما إتجاه مع هذا التحالف الإنتخابي تحت مسوغات ومبررات مختلفة والثاني على الضد من التحالف بالأعتماد على مسوغات ومبررات مختلفة أيضا وتتقاطع مع الأولى. والإتجاه الثاني كان له طريقتان في التعبير عن الرأي، الأولى هو معارضة التحالف والوقوف ضده مع الألتزام الكامل بالنظام الداخلي للحزب، أي مبدأ الأغلبية والأقلية التي على الشيوعيين وهم يعملون داخل صفوف الحزب طوعيا الإلتزام والعمل به طالما هم محكومون بنظام داخلي ينظّم العلاقة بين الشيوعيين تنظيميا. والثانية وللأسف الشديد كانت في أتجاه عمد الى الأستفادة من وسائل التواصل الأجتماعي لتحشيد مواقف وآراء متشنجة وعدائية ضد موقف الحزب، مع معرفة هذا البعض طبيعة الوسط الذي يتحرك فيه ومدى عدائه للحزب إن أصاب "الحزب" أو أخطأ!! وهنا لا أرى أي مبرر لهذا البعض وهو يمارس "النقد !!" بشكل فوضوي وكأنه على عداء مسبق مع الحزب، كون الحزب ليس ملك لقيادته التي من حقّ أي شيوعي توجيه النقد لها، وليس ملك لهذا البعض ليعبّر عن "حرصه !!" في التشهير بسياسته بطريقة فجّة وبعيدة عن عرف العمل الحزبي. بل هو ملك لجماهير شعبنا التي ناضل من أجلها لأكثر من ثمان عقود.

لست هنا بصدد أحقية قيادة الحزب ومعرفة مبرراتها في تحالفها مع الصدريين من عدمه، لأنني ووفق قناعاتي الشخصية ضد هذا التحالف والذي عبّرت عنه في مجالي التنظيمي بقوّة وبصوت عال جدا، وسأستمر من خلال مجال عملي نفسه على التبشير بآرائي وإقناع أكبرعدد ممن أعمل معهم على نقد سياسة قيادة الحزب حول تحالفه هذا ومجمل العملية السياسية برمتها من جهة، وتبديدها لطاقات الحزب وضياع شهور كاملة من عمله وهم يثقفون الجماهير ومنهم الجمهور الحزبي بتحالف مدني واسع وعريض لإنقاذ البلد، قبل أن يُتْرَك هذا التحالف ليكون عرضة للتشظي والأنقسامات من جهة ثانية.

لا شك أن فرص القوى المدنية على سعتها المجتمعية في إستقطاب جمهور الناخبين الناقمين على سوء أوضاع البلد في ظل قانون أنتخابات سُنَّ على مقاس قوى المحاصصة ومفوضية "مستقلّة !!" للأنتخابات طائفية وأثنية القوام وتمركز الإعلام والمال السياسي عند القوى الطائفية المدعومة من رجال دين وغيرها الكثير، اقول أن فرص القوى المدنية قليلة جدا إن لم تكن معدومة خصوصا وأنّ هذه القوى تشرذمت تحت ظروف مختلفة الى كيانات عدّة. ولا شكّ أيضا من أنّ مقاطعة الإنتخابات ستكون في صالح القوى الدينية الطائفية التي بدأت حملتها الإنتخابية منذ وقت ليس بالقصير، والتي لا تحتاج بالحقيقة الى دعاية إنتخابية. كون المدنيين واليساريين "والشيوعيين" يقدمون لها دعاية مجانية، لا تقل قوتها عن دعاياتها أو دعايات المؤسسة الدينية لها.

أنّ جمهور القوى الدينية ونتيجة الجهل والتخلف، علاوة على الوسائل غير الأخلاقية وغير القانونية في تحشيد الناخبين والمريدين ليس بحاجة الى جهد كبير لإقناعهم في إنتخاب نفس الفاسدين. فرجل دين مهما صغر حجمه، يستطيع من على منبر مسجد في مكان قصي بالريف من تحشيد المئات إن لم يكن الالاف من الجمهور الأمي وغير الواعي الى جانب أي سياسي طائفي. أقول يستطيع، كونه لا يخاطب وعي الناس التي تفكر بالبحث عن حقوقها وهي تعاني من شظف العيش وهدر كرامتها، بل يخاطبها بإسم الطائفة والدين الذي بإسمه سرقت وتسرق الأحزاب الإسلامية بلدنا وثرواتنا.

أمّا جمهور القوى المدنية، فهو جمهور واع ويشعر بما آل اليه وطنه وشعبه من مصير بائس. لكنه جمهور مشاكس ويخدم من حيث لا يدري القوى الدينية ويعمل على إستمرار نهج المحاصصة بالبلد، والتي يعرف بدقّة مضارها وآثارها الكارثية. وبدل من أن يثقف نفسه قبل كل شيء بكيفية إيجاد مخرج حقيقي لمأزق البلد، نراه يعمل على تثقيف الملايين التي "تجلس على التل" من خلال مطالبتها بعدم الإشتراك بالإنتخابات!! وهو بذلك يقف الى جانب القوى الدينية وعلى الضد من القوى المدنية وهنا تكمن الكارثة.

لنمنح القوى المدنية والعلمانية الديموقراطية واليسارية ومنها الحزب الشيوعي العراقي فرصة إنتخابية جديدة، لتغيير الشيء اليسير من المشهد السياسي الكارثي بالبلد. وليعمل الحزب الشيوعي على إقناع شركاءه في تحالف "سائرون" بفتح أبواب التحالف أمام "تقدم" و "التحالف المدني الديموقراطي" وأية قوى وطنية خيّرة أخرى لها مصلحة ببناء عراق مدني ديموقراطي علماني فدرالي موحد.

للشيوعيين الذي يعشقون التغريد خارج السرب أقول، لقد وضعتنا قيادة الحزب كشيوعيين في مفرق طرق. فأمّا أن نستمر برجم الحزب وموقف قيادته لنخسر كل شيء وليحاسبنا شعبنا جميعا لموقفنا هذا، وإما أن نترك خلافاتنا الى وقت آخر ونتجه صوب تثقيف الجماهير بضرورة الإشتراك بالإنتخابات وإنتخاب القوى والشخصيات المدنية . دعونا نوفر طاقاتنا بمحاسبة كل من أخطأ ويخطأ في رسم سياسة صحيحة للحزب الى ما بعد الإنتخابات. فحينها فقط سنجلس معا لنحسب الربح والخسارة، كوننا لسنا من أتّخذ القرار ولسنا من يتحمّل الخسارة خصوصا إن عَمَلنا على القيام بمهامنا الحزبية حتى موعد الإنتخابات على أكمل وجه.

المعركة القادمة معركة كبيرة، وعلى الخيّرين بهذا البلد أن يتسلّحوا بالوعي والهمّة والنشاط والجرأة. فأعداء شعبنا بالداخل والخارج ينتظرون حسم هذه المعركة لصالح نفس قوى الفساد، فهل سنخيب ظنّهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توضيح
رشيد غويلب ( 2018 / 1 / 26 - 20:00 )
ا
لرفيق العزيز زكي رضا بالتأكيد انت مطلع على وثاق الحزب الداخلية بودي فقط الفت نظرك الى ان الحزب كان حريصا على دخول جميع قوى تقدم الى التحالف الجديد ولكن يعض الاطراف وانت ادرى بحجمها الانتخابي رفضت في الدقائق الأخيرة واخذوا بخيارات اخرى ولا يزال الحزب حريص رغم ما حدث على العلاقة بهذه الاطراف ومثلي على ذلك حضور الرفيق رائد فهمي المؤتمر التأسيسي لحزب التيار الاجتماعي اما ما ورد في مقالتك بشأن الرفاق الذين وضفوا الفيس بووك بشكل خاطئ فانا معك بالكامل فالخاسر الوحيد من هذا الفعل هو الحزب بالتأكيد اراء الكثير من الرفاق محترمة وبالتأكيد هناك حرص ولكن ممارسة الحرص في التوقيت الخطأ والمكان الخطأ يخدم بعض النكرات التي ترتدي قميص اليسار وتمتهن التشهير بالحزب وانتخابيا تخدم معكسر الفساد والمحاصصة الطائفية لك تحيتي

اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في