الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلافة إسلامية ام قبلية عصبية وصراعا على الملك والسلطان

نضال الصالح

2018 / 1 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


خلافة إسلامية ام قبلية عصبية وصراعا على الملك والسلطان

اذا تابعنا قراءة صفحات تاريخ الخلافة الإسلامية سواء الأموية أو العباسية لوجدنا أنهما كانتا حكما عربيا و قريشيا على التحديد و لم يكن الدين إلا غطاء و تبريرا للاستيلاء على السلطة و التفرد في الملك .
لقد أجرى معاوية تغيرين أساسيين في طبيعة الخلافة :
التغير الأول : أنه غيرها من خلافة رسول الله كما جرى عليها الخلفاء الراشدون إلى خلافة الله حيث قال : الأرض لله و أنا خليفة الله فما أخذت لي و ما تركت للناس فبالفضل مني .
و التغير الثاني : أنه حول الخلافة إلى خلافة وراثية حيث دعا الناس إلى مبايعة ابنه زيد في حياته و منذ ذلك الوقت أصبحت الخلافة حكما وراثيا .
أما ابنه اليزيد فباعه طويل في إراقة دماء المسلمين فلقد قتل جيشه الحسين بن علي في موقعة كربلاء و لقد قتل مع الحسين اثنان و سبعون رجلا منهم من أولاد الحسن أربعة و جز رأس الحسين و سلب ما كان معه و حمل رأسه إلى الخليفة يزيد بن معاوية فألقوها بين يديه . و بالإضافة إلى قتل الحسين و كثير من آل النبي ممن كانوا مع الحسين فان جيشه و بأمر منه قد هاجم المدينة المنورة و استباحها ثلاثة أيام قيل أنه قتل فيها أربعة آلاف و خمسمائة وانه قد فضت فيها بكارة ألف بكر . و كانت أوامر يزيد لقائد جيشه مسلم أن يستبيح المدينة ثلاثة أيام و : " كل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام للجند "
و تحدثنا كتب التراث أن عبد الملك بن مروان كان قبل توليه الخلافة من أشهر فقهاء
المدينة في عصره . و لما أفضى إليه أمر الخلافة كان المصحف في حجره فأطبقه و قال :" هذا آخر العهد بك ". و يروى أنه قال : " لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم لي قناتكم . " كما قال و هو يقف على قبر النبي بعد مقتل عبد الله بن الزبير :" و الله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه . "
و كان عبد الله بن الزبير بن العوام قد دعا فور مصرع الحسين إلى بيعته للخلافة ، فبايعه أهل تهامة و الحجاز . و ظل خليفة للحجاز و اليمن لمدة تسع سنوات أي طوال ولاية يزيد و مروان بن الحكم ثم عبد الملك بن مروان . و لقد سير يزيد بن معاوية جيشا لقتال عبد الله بن الزبير بقيادة الحصين بن نمير ، فتحصن أبن الزبير في الكعبة فحاصره جيش يزيد و ضرب الكعبة بالمنجنيق ، و لكن لم يتمكن منه . و في عهد عبد الملك بن مروان سير الحجاج بن يوسف الثقفي لمحاربة ابن الزبير فحاصره بجيشه في الكعبة و ضربها بالمنجنيق و كان ابن الزبير قد أعاد بناءها بعد أن احترقت في المرة الأولى . و اجتز جيش الحجاج رأس ابن الزبير و صلبوا جثته حتى كتب عبد الملك إلى الحجاج فأنزلها و سلمها إلى أمه ، و قيل أن الجثة ألقيت في مقابر اليهود.
أما يزيد بن عبد الملك فقد تولى الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز الذي تصفه كتب التراث بالخليفة الراشد الخامس لعدله و زهده و الذي حاول أن يسير في خطى جده عمر بن الخطاب فبدأ بعد أن ولي بلحمته و أهل بيته فأخذ ما كان بأيديهم حتى ضاق به بنو أمية و غيرهم من المستفيدين فدسوا له السم فقتلوه و لم تطل خلافته أكثر من سنتين و ثلاثة أشهر .
لقد ملأ يزيد بن عبد الملك الدنيا مجونا و خلاعة ، و ما أن ولي حتى جاء بأربعين شيخا فشهدوا له :" ما على الخليفة حساب و لا عذاب ."
ما أن أستقر الحكم للعباسيين بعد هزيمة الأمويين و سقوط الدولة الأموية حتى بدأ الصراع الداخلي بين العباسيين أنفسهم و بينهم وبين حلفائهم .
فلقد قام الخليفة العباسي الثاني المنصور بقتل أثنين من أهم حلفائه و الذي يرجع لهما الفضل الأول في هزيمة الأمويين واستلام العباسيين السلطة ، و هما عبد الله بن علي عم المنصور و أبو مسلم الخراساني . و لقد قتل الأول خوفا من منافسته على الخلافة و الثاني خوفا من نفوذه الذي أخذ يقوى . و لم يشفع لأبي مسلم ندائه للخليفة : "استبقني يا أمير المؤمنين لأعدائك " ، فرد عليه المنصور :" وأي عدو لي أعدى منك ؟
و لقد دخل على المنصور ولي عهده عيسى بن موسى فوجد أبا مسلم قتيلا فقال : قتلته ؟ قال : نعم ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، بعد بلائه وأمانته ؟ فقال المنصور : خلع الله قلبك ، و الله ليس لك على الأرض عدو أعدا منه ، و هل كان لكم ملك في حياته ؟
و كان المنصور قد عين إبن عمه و قائد جيشه عيسى بن موسى - الذي أدى خدمات جليلة للدولة بإخضاع ثورات العلويين - خلفا له في الحكم ، حتى إذا شب أبنه المهدي رغب في أن ينقل ولاية العهد إليه و هكذا حمل عيسى على التنازل عن حقه في الخلافة وأكرهه على أن يحل الناس من يمين البيعة الذي اقسموه له عام 767 م .
أما الخليفة العباسي الثالث المهدي فلقد قتل مسموما و يقال أن جاريته حسنة قد دست له السم .
و لقد حاول الخليفة الرابع الهادي خلع ولاية أخيه هارون الرشيد الذي كان أثيرا عند أمهم الخيزران فأبى هارون و لقد قتل الهادي و هو في دار حريمه و قيل بتحريض من الخيزران .
و لقد قضى الرشيد - الذي امتد حكمه ثلاثا و عشرون سنة و بلغت الخلافة العباسية أوج سلطانها و قوتها في عهده - على البرامكة ، بعد أن كان قد قربهم و أغدق عليهم و رفع من مراكزهم . فلم يكد هارون الرشيد يلي عرش الخلافة حتى كافأ يحي البرمكي على إخلاصه فرفعه إلى مقام الوزارة ، و هكذا تنامت قوته و نفوذه هو و أبناه الفضل و جعفر . و تختلف الروايات بالنسبة للأسباب التي دفعت الرشيد للغضب على أصدقائه و مساعديه البرامكة . فلقد أمر الرشيد بجعفر أن يقتل ليعلق رأسه على الجسر المركزي ببغداد ، و يقطع جسمه نصفين يعرض كل نصف على واحد من الجسرين الآخرين . أما أبوه و أخوته فاعتقلوا و صودرت أموالهم و ممتلكاتهم .
ثم أن هارون الرشيد أستخلف أولاده الأمين ثم المأمون ثم المعتصم و أخذ العهد على
ذلك . و ما كاد الرشيد يلحق بالرفيق الأعلى حتى كادت الدولة العباسية تنقسم إلى شطرين . و سبب ذلك أن الأمين حاول خلع أخيه المأمون عن ولاية العهد لأبنه موسى ، و أخذ يذكر اسم موسى في خطب الجمعة . و كان المأمون في خراسان حيث كان قد عهد أليه بالولاية الشرقية .و لقد ذهب الأمين إلى أبعد من ذلك إذ أعلن خلع المأمون من منصبه و عهد إلى قائد جيوشه علي بن عيسى في اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية ضده .بيد أن عليا هذا ما لبث أن قتل في موقعة جرت بين قواته و جيوش المأمون بقيادة ، طاهر بن حسين في الري . و تقدمت جيوش المأمون بقيادة طاهر و هرثمة إلى بغداد و حاصرت الأمين الذي اضطر آخر الأمر إلى الاستسلام . و على الرغم من أن هرثمة قد أمنه على حياته ثم سار به من قصره في أواخر أيلول عام 813 م على حراقة فقد هاجمه رجال طاهر و قتلوه . و بعد مقتل الأمين بويع في بغداد لعمه إبراهيم المهدي ، فلما دخل المأمون بغداد فر إبراهيم هذا هاربا حتى قبض عليه أعوان المأمون و لكن المأمون أخلى سبيله و بعد وفاة المأمون بويع لأبنه العباس ، ولكن الجيش الذي قد بايع العباس بالخلافة ما لبث أن انفض من حوله و بايع المعتصم الذي حضر فجأة من مصر حيث كان واليا عليها ، و لقد بويع للمعتصم و لم يجد أيما معارضة .
و رغم أن المعتصم قد أوكل أمر سلامته الشخصية إلى فرقة من الأتراك بيد أن أشهر قواد المعتصم ظل رجلا فارسيا يدعا بالأفشين نسبة إلى أجداده . و لقد وفق الأفشين للقضاء على الاضطرابات في أذربيجان ومن ثم على البيزنطيين الذين هاجموا في عهد الإمبراطور توفيل شمالي سوريا فهزمهم واستولى على عمورية . و على الرغم من بلائه هذا بالإضافة إلى إحباط مؤامرة جديدة هدفت إلى تنصيب العباس بن المأمون خليفة ، فقد اتهمه المعتصم بالارتداد عن الإسلام عام 840 م و حبسه في بناء خاص ثم منع عنه الطعام إلى أن مات .
كان القواد الأتراك الذين جلبهم المعتصم قد انتهوا في عهد ابن المعتصم و خلفه الواثق بالله إلى غاية من النفوذ حتى لقد اضطر الخليفة الواثق أن يخلع على القائد التركي اشتاس لقب السلطان . و عندما توفي الواثق في سن مبكرة كان وصيف خلف اشناس قد أمسى من القوة بحيث يستطيع أن يرفع إلى العرش الرجل الذي يرتضيه . و الواقع أنه نصب بادئ الأمر محمد بن الواثق و كان لا يزال دون سن الشد و لكن سرعان ما استبدل بمحمد هذا عمه المتوكل على الله .
و لقد عقد المتوكل ولاية العهد في مستهل حياته لأبنه الأكبر المنتصر ثم لأبنيه الأصغرين محمد المعتز و إبراهيم المؤيد من بعده . ولكن الفتح بن خاقان الأثير عند المتوكل أوغر صدر الخليفة على المنتصر فقدم عليه أخاه المعتز في ولاية العهد . و لقد تآمر المنتصر مع القائد التركي وصيف عاى قتل أبيه المتوكل ، و نفذت المؤامرة ليل التاسع من كانون الأول سنة 861 م
و لم يستطع المنتصر قاتل أبيه أن يحافظ على العرش أكثر من ستة أشهر حاول خلالها إكراه أخويه المعتز و المؤيد على التنازل عن ولاية العهد ، و لكنه قتل مسموما قبل أن يسنح له ذلك .
و لقد رفع الأتراك إلى العرش ابن أخي المتوكل أحمد المستعين بالله . و خلال حكمه الذي دام أربع سنوات تقلصت سلطته إلى حد باتت السلطة الحقيقية بين أيدي أمراء الجيش الأتراك . فاضطر آخر الأمر إلى خلع نفسه في كانون الثاني عام 866 م ليقتل بعدها بفترة قصيرة و يحكى أن المعتز الذي بويع له في عهد المستعين قد أرسل إلى المستعين _ بعد أن اضطره إلى خلع نفسه - من يقتله ويحمل رأسه إليه .و لقد قام المعتز أثناء خلافته بحبس أخيه المؤيد ، و لما وصل إلى المعتز أن البعض يجتمعون بالمؤيد في حبسه أمر بقتله.
و صار دس السم للخلفاء و قتلهم قاعدة شبه مطردة ، فلقد سملت أعين الخليفة القاهر ثم الخليفة التقي ثم الخليفة المستكفي . و ظهر الخليفة القاهر للناس و هو يرتدي قبقابا خشبيا و يتسول الناس، و غدا يقول : بالأمس كنت أمير المؤمنين و أنا اليوم من فقراء المسلمين "
هذه حقائق تاريخية مكتوبة في كتب التراث الذي يستقي منها الخطاب الديني معلوماته . و قد يقول البعض أن هذا تصيد للأخطاء ، و أنه قد أهملنا ذكر التقدم و النهضة العمرانية و الأدبية التي ظهرت أيام الأمويين و نمت وترعرعت أبان حكم العباسيين . لا شك بأن أحدا لا يستطيع نكران ذلك . و لكن الوقائع تدلنا بشكل واضح أن الخلافة لم تكن يوما دينية إسلامية ، و إنما كانت ملكا و سلطانا و حكما قبليا عائليا . و منذ خلافة عثمان بن عغان حملت في أحشائها بذور الصراع القبلي حول السلطة و الحكم ، و لم يكن الصراع في يوم من الأيام دينيا حول الإيمان و الإسلام و لكن الإسلام كان غطاء للميراث وأحقية السلطان . و لقد بدأت صراعا قرشيا( مكيا )- أنصاريا ثم أمويا -هاشميا ، ثم عباسيا -علويا ، ثم عباسيا - عباسيا و انتهت صراعا بين العرب و غيرهم من الموالي . و لقد سالت في هذه الصراعات دماء مسلمة كثيرة و صرفت أموالا باهظة حتى انتهى الأمر إلى زوال الخلافة وتفتت الأمة إلى دويلات و سقوطها فريسة للأعداء .

ابن الأثير - الكامل - دار الكتاب العربي -ج 5 ، الطبري - تاريخه- مؤسسة الأعلمي - ج 3 6 - الدينوري - الأخبار الطوال - دار المسيرة، بيروت ،آبو الفرج الأصفهاني - الأغاني - دار الثقافة ، بيروت ، السيوطي - تاريخ الخلفاء ،البلاذري - فتوح البلدان ، المسعودي - مروج الذهب، إبن كثير - البداية و النهاية ، الجاحظ - البيان و التبين - -تحقيق و شرح حسن السندوبي – مطبعة الرحمانية- مصر، د / علي إبراهيم حسن - التاريخ الإسلامي العام - مكتبة النهضة المصرية ،
محمد سعيد العشماوي - الخلافة الإسلامية - سينا للنشر، البغدادي - الفرق بين الفرق ، ابن خلدون - المقدمة ،وغيرها كثير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد 40 عاماً من تقديم الطعام والشراب لزوار المسجد النبوي بال


.. الميدانية | عملية نوعية للمقاومة الإسلامية في عرب العرامشة..




.. حاخام إسرائيلي يؤدي صلاة تلمودية في المسجد الأقصى بعد اقتحام


.. أكبر دولة مسلمة في العالم تلجأ إلى -الإسلام الأخضر-




.. #shorts - 14-Al-Baqarah