الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزرو وحدها الشاهدة!

عذري مازغ

2018 / 1 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


"وحدها المدينة كانت الشاهدة. ترتب عناد الأشياء وتكتب ردة الأسماء، وتسرح في خوف الغابات الآبقة تؤثث الكلل.
هل بدأت الحرب"
هذا النص لسعيدي المولودي، في الأصل، وفي منشورات البيان لحزب التقدم والإشتراكية في أواخر الثمانينات كان النص على التالي :
" أزرو وحدها كانت الشاهدة.." وأعتقد أيضا ان تعديلا آخر غير كلمة الكلل، اعتقد إذا كانت ذاكرتي قوية بما يجب كانت كلمة الكلأ محل كلمة الكلل، على أن الموضوع لا يستحق هذا الجدل، فللكاتب حق تعديل نصوصه كما هو معروف، لكن لمدينة أزرو، وجغرافيتها طعم آخر، أزرو المدينة الأطلسية التي حاولت الحماية الفرنسية أن تجعل منها روما أمازيغية أخرى بحيث كل الطرق تؤدي إليها، بشكل لا يمكن الحديث عن أزرو إلا بالحديث عن ثانوية طارق ابن زياد.
إن نص سعيدي ملهم أكثر في صيغته الأولى وينتهي بالتساؤل: هل بدات الحرب؟ (في آخر اتصال بالاستاذ سعيدي أشار بأن التساؤل : هل بدات الحرب هو بداية لمقطع آخر وهو ما ينسف قراءتي)،وطبعا من حقنا أن نتساءل عن أي حرب؟ ربما هي الحرب الطبقية، وربما أيضا هي ما يسمح بتعديل النص، لكن شخصيا متمسك بالنص القديم، إنها أزرو، هي وحدها الشاهدة، وتؤسس فعلا للحرب، حرب أخرى طبقية هي أيضا، استلهام الأستاذ سعيدي اثارني مؤخرا عند إعادة قراءة كتاب لجون واتربوري: "أمير المؤمنين، الملكية والأحزاب السياسية" وبرغم مقدمته المملة لمترجميه عن الفرنسية من خلال الطعن في مرجعية الكتاب الذي اعتمد أساسا المنهج الإنقسامي في تحليل المجتمع المغربي، إلا أنه بغض النظر عن منهجيته، يسمح بأن نلمس تقاطعات هي موجودة في ثقافتنا المغربية.
إن الكتاب يتيح مساحة شاسعة من النخر في الذاكرة الجمعوية، ويتيح أكثر تأسيس معرفة علمية بالمجتمع المغربي منذ الحماية حتى الآن، فهو على الأقل يزيح اللثام على بنية تشكل طبقات المجتمع المغربي ويعطينا تأريخا بتكون طبقاته التي بدت ، في دراسات أخرى تؤسس لمغرب فريد من نوعه، مختلف كليا عن الشعوب، تؤسس لخصوصية ثابتة تأسس على أنماطها مغرب الخصوصيات، هو مغرب متمسك بشكل أعمى بالملكية، في الوقت الذي، مجتمع السيبة، كان يمثل مغربا آخر منفلت من عواهن المغرب الذي صنعته فرنسا بشكل تعتبر فيه ثانوية "طارق ابن زياد بأزرو" ملهمة بشكل جيد في فهم التاريخ القريب للمغرب.
إن اختيار اسم طارق ابن زياد لهذه الثانوية وليس علما آخر يرمز بشكل جيد للإستقلال ك "أكسليلان" (الذي يسميه العرب كسيلة) والذي كان ممانعا وقتل عقبة بن نافع الفهري على ضفة سبو تعبيرا منه على عدم قبوله لغزوهم، طارق ابن زياد هو من الأطفال الذين سبيوا أثناء الغزوات العربية وتكون ثقافيا في رعايتهم، وشخصيته ملهمة ايضا لفرنسا التي تأخذ حسب كاتب فرنسي كتب عن موحى اوحمو الزياني شيئا مما يغري الفتوحات: "عند اضمحلال مملكة داهية ، ارسلت ابناءها للفاتحين العرب ضمانا لسلامتهم واستمرارهم ليكونوا حلفا ضدها"، الشيء نفسه عمله موحى أوحمو الزياني، بقي هو في المقاومة ضد فرنسا بينما أبناؤه يدرسون في مدارسها، بل والأكثر من ذلك، كانوا يمثلون اعيانا لها، ونفس الشيء يذكره واتربوري بخصوص الموقف من بوحمارة حيث عبر أحدهم بأنه يفضل أن يكون في جبهة الملك العلوي وأبنه مع بوحمارة، والأمر بسيط للغاية إذا اعتبرنا الخلل التاريخي الذي يحصل في تحول السلطة السياسية، في ظرف يصعب فيه اختيار الموقف، يضع المرأ رجلا هنا ورجلا هناك، حصل هذا في تنازع السلطة أثناء تهدئة الاطلس الصغير بين سلطات الحماية وسلطات مغرب السيبة، يذكر جون واتربوري هذا المقطع لمستعمر فرنسي هو العقيد جوستينار الفرنسي، يقول: "كان الفرنسيون في سنة 1917، أي خلال فترة تهدئة الأطلس الصغير، يراقبون تيزنيت والسهول المجاورة، بينما كانت الاودية المرتفعة بالأطلس الصغير تحت مراقبة عدوهم العنيد أحمد الهيبة، الذي كان ينافس السلطان على العرش. ضغط الفرنسيون والهيبة ، كل من جهته، على القبائل الواقعة بين منطقتيهما كي تختار أحد المعسكرين، لكن هذه الأخيرة رفضت أن تتخذ قرارا واضحا، وهكذا كانت تؤدي خطبة الجمعة باسم السلطان في تيزنيت، وباسم أكليد احمد الهيبة في كردوس والجبل، اما في ويجان بين المنطقتين فكانت تدعو في خطبتها: "اللهم انصر من انتصر". (المصدر كتاب: امير المؤمنين، الملكية والنخبة السياسية).
نلاحظ من خلال هذا النص اضطراب الموقف بشكل هو مبني على مكر سياسي واضح: "انا مع المنتصر.."، بالنسبة لداهية، كانت تعلم اضمحلال مملكتها وتعلم أنها منهزمة في آخر المطاف، لكنها في صميم كنهها، كانت تومن ببقاء نسلها، كانت تومن بشكل آخر بالتحول على مقاس أبوليوس في كتابه "الحمار الذهبي": سأتحول حسب الظروف، لكن سأعود يوما ما.
"أزرو وحدها الشاهدة!"
هي بالفعل شاهدة، يطرح جون واتربوري هذه الشهادة: "تاسست ثانوية أزرو سنة 1924، حجر الزاوية لسياسة فرنسا (البربرية)، وكان النظام الذي تعبر عنه قد تم تصميمه بإتقان بالغ، على الأقل، على المستوى النظري.
لقد منع خريجو أبناء مدارس الأعيان من متابعة دراستهم خارج مدينة ازرو، حيث كان التلميذ من الخميسات مثلا، لا يسعه الإلتحاق بمكناس او الرباط كما كان الشأن بالنسبة لابن تارودانت الذي لا يتمكن بدوره من متابعة دراسته في مراكش، لقد أراد الفرنسيون أن تؤدي جميع الطرق إلى داخل دائرة (بربرية ــ فرنسية) مغلقة وبعيدة عن أي اتصال مع "العرب" أو اللغة العربية.
كانت بطبيعة الحال جميع المواد تلقن بالفرنسية، وخصصت ساعة ونصف لتدريس العربية (كانت تدرس صباح يوم الأحد إلى حدود سنة 1944). كان التلاميذ يرتدون الجلباب المحلي، ويعاقبون كلما استعملوا العربية، ولو كان ذلك في أبسط المستويات (لقد وبخ تلميذ كتب اسمه احمد بن الحسين لأنه استعمل "ابن بالعربية عوضا عن "أو" (الامازيغية). لقد وفرت كل الشروط لإبعادهم عن العربية، ولتوجيههم نحو الثقافة الفرنسية في إطار فلكلوري".
كانت ثانوية أزرو، بخلاف ثانوية مولاي ادريس ومولاي يوسف، لا تتجاوز الطور الأول من الثانوي، لذا كان التلميذ الامازيغي الذي يرغب في متابعة دراسته يصطدم بحواجز مضاعفة، منها عجز جل أسر التلميذ من أداء تكاليف الدراسة العليا بسبب فقرها، بالإضافة إلى ضعف تكوينهم في اللغة العربية الذي يمنعهم من الالتحاق بثانوية مولاء ادريس أو مولاي يوسف حيث كان تعليم مادة اللغة العربية متقدما. لذا لم يتجاوز شهادة الثانوية سوى عدد قليل. وكانت هذه النتيجة مطابقة لرغبة الفرنسيين...."
جون واتربوري ، الملكية والأحزاب السياسية، ص:164
تركز تأسيس هذه الثانوية بناء على فكرة القائم بأعمال الحماية ليوطي: تقريب الأمازيغ لهم (أقصد لفرنسا) في استعمالهم ضد الحركة المدينية التي تجلت في تنظيم حزب الإستقلال، ويبدوا ان جاك بيرك الفرنسي كان ملهما بالفكرة إذ يقول: "لقد استلهمت الحماية سياستها ببساطة من فكرة الضيعة الوطنية، وكان على القبائل أن تكون بمثابة هنودنا الحمر، كما كان على اهلنا من البربر أن يظلوا متوحشين طيبين يستحقون كل مودة واحترام، على أن تبقى ترقياتهم في حدود نياشين ضباط الصف".
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي