الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قتل عزيز ؟ الحلقة الرابعة

احمد عبدول

2018 / 1 / 27
الادب والفن


في نهاية عام 2002 كانت القوات الاميركية ومن تحالف معها قد استكملت عدد قواتها في الخليج العربي لخوض حرب تحرير العراق من نظام صدام الفاشي .
انطلقت الشرارة الاولى للحرب في الاول من اذار عام 2003 عندما اخذت الصواريخ الموجهة من البحر وقاذفات ال f16 تصب حممها على رؤوس العراقيين بكل شراسة ووحشية .
بعد ثلاثة أسابيع بدأ مشوار زحف قوات المارينز نحو العاصمة بغداد
اخذ الخوف والوجوم من ناحية وانتظار ساعة الخلاص من ناحية اخرى يلقيان بظلالهما على الاجواء داخل مدينة الحرية .
كان عزيز يسخر من جموع الرفاق الحزبيين اصحاب الشوارب المفتولة والكروش المنتفخة وقد شكلوا مجاميع وسيطرات على مداخل المدينة ومخارجها وهم يرتدون بزاتهم ذات اللون الزيتوني ويحملون بنادق الكلاشنكوف وقاذفات ال rbg7
قبل ان ينتهي شهر اذار كان الرفاق قد تلاشوا من الشوارع والازقة خوفا من الطائرات الاميركية التي كانت تتعقب تحركاتهم بسيارات (البيكب) التي تحمل المدافع الرشاشة .
كانت الطائرات الاميركية تلقي بصواريخها على المعسكر الذي يقع بين مدينة الحرية وحي الغزالية على مدار الساعة .
وقف عزيزمع العم ابو سلام وصديقه المقرب ابو علي والذي اصبحت علاقته بعزيز وطيدة في الاونة الاخيرة وهم يشاهدون قصف وحدات الجنود داخل محيط المعسكر .
صاح عزيز وهو يشير الى احدى الطائرات وهي تحلق على ارتفاع منخفض مستعرضة امكاناتها على وحدات لا تمتلك سوى اسلحة تقليدية بائسة .
ـ هذوله جنود الوحدة العسكرية المفروض يطلعون ، وميضحون بارواحهم
حرامات يموتون ، متكلي عليمن .
وضع ابو علي يده على فم عزيز قائلا : يمعود النظام بعده ما سقط
رد عزيز : شتحجي ابو علي القضية منتهية كافي خوف .
التفت عزيز الى بعض الشباب الذين كانوا ينظرون نحو سماء بغداد التي كانت عباره عن كتلة من اللهب .
وقال ـ اخوان راح نعيش بدون خوف ، راح نعيش بدون قهر ، يعني نسهر نركص نغني ، براحتناااااا .
همس ابو سلام باذن صاحبه ابو علي
ـ اخويه ابوعلي ، اشلون ما اشوف عزيز وجيله راح يشكلون نواة القوى المدنية الي راح تعقب حكم حزب البعث .
ـ اشلون ابو سلام .
ـ اكيدددد ، امريكا ترغب بقوى مدنية
ـ متكلي احنا شنريد ؟. هو الاعمة شيريد غير طب عيونه مثل ميكول المثل الشعبي .
أخذ امام المسجد يستنهض اهالي مدينة الحرية مطالبا اياهم بضرورة الاسراع لتفقد جنود المعسكر بعد ان انتهى القصف الجوي على وحداتهم .
هرع شباب المنطقة يتقدمهم عزيز بينما اعقبهم الشيخ والمصلون من ورائه .
لم يجد الاهالي داخل المعسكرسوى جثث متفحمة وناقلات اشخاص تنبعث منها اعمدة الدخان اما منصات الصواريخ فانها لم تتمكن من اطلاق صاروخ واحد بسبب توقف انظمة التحكم داخلها بسبب التكنلوجيا المتطورة التي تمتلكها القوات المهاجمة .
كانت بدلات الجنود واحزمتهم تتوزع على طول الخط السريع الفاصل بين مدينة الحرية وحي الغزالية بعد ان باعوا بنادقهم واستبدلوا ملابسهم بملابس مدنية لقاء مبالغ مالية زهيدة تكفي لايصالهم لاهاليهم.
اما القنابل العنقودية فكانت اشبه بقطع الثلج الصغيرة التي اكتسى بها محيط المعسكر والشوارع المؤدية له .
( تم دفن الجنود بعد ان صلى عليهم الشيخ والجموع من ورائه ).
انيطت بعزيز مهمة استخراج المستمكات الرسمية لاولئك الجنود وتثبيت اسمائهم على الواح خشبية لكي يتسنى لاهليهم معرفتهم ومن ثم نقل جثامينهم الى مثواها الاخير .
في التاسع من نيسان عام 2003 سقط الصنم فاختلف العراقيون كعادتهم حول تسمية هذا اليوم فمنهم من سماه يوم التحرير ومنهم من سماه بيوم الاحتلال ونسوا جميعا انه يوم تحرير واحتلال في أن واحد وكان هذا الاختلاف هو نواة كل ما جرّ عليهم من فتن وحروب وويلات ، كانوا في غنى عنها لو انهم اجتمعوا على كلمة سواء .
شاهد عزيز في اليوم التالي بعض الاهالي يقتحمون الحوانيت العسكرية داخل المدينة وقد وجدوها ممتلئة بالسلع والبضائع والمواد الغذائية والتي نفدت صلاحية البعض منها بينما كان الناس في أمس الحاجة اليها .
صاح عزيز: يمعودين الخير جاي لا تستعجلون على رزقكم .
قال ابو علي الذي كان يقف خلف عزيز: اخوية ابو فرات هذا رد فعل متوقع .
ـ اي ابو علي بس هذا مو صحيح هاي اموال الشعب تجي حكومة وتوزعها بالتساوي على الجميع ، مشي اخويه .
ـ يالله على حجايتك ، مشي .
ـ منريد شيء ينغص علينه فرحتنا .
ترجل الجنود الاميركان من ناقلاتهم الضخمة التي كانت تهتز الارض من ثقلها وملامح الحذر تبدو على تقاطيع وجوههم الملساء اما اهالي المنطقة فقد كانوا فرحين بقدوم هؤلاء الجنود الا ان فرحتهم لم تكتمل ، ذلك ان التغيير لم يحصل على ايديهم .
بعد اسابيع قليلة عادت الحياة لسيرتها الاولى فقد استنأنف الجميع اعمالهم اليومية وعادت المحال التجارية والاسواق والافران تفتح ابوابها وقد استبشر كل هؤلاء بعراق جديد ليس فيه للظلم الاجتماعي والقهر المذهبي والقومي والفكري مكان .
تحسنت اوضاع (عزيز) المادية عندما دفع احد اخوة زوجته (سمية ) لها مبلغا كبيرا من العملة الاميركية (دولارات ) واوصاها ان تشتري لها بيتا جديدا وتتصرف بما يتبقى من هذا المبلغ الكبير .
اشترى (عزيز) دارا تحيط بها حديقة مدورة غناء كما اشترى سيارة حديثة واخذ يبحث له عن عمل اخر يناسب وضعه الجديد .
فكر (عزيز) في العمل في بيع وشراء الاراضي والعقارات (دلال ) .
طرح الفكرة على العم ابو سلام وصاحبه ابوعلي فكان رايهما انه لا يمتلك تجربة باعمال الدلالية لكنه اصر كعادته عندما يريد شيء وكأنه طفل صغير بعقل شيخ كبير على ان يصبح دلالا ناجحا ومحبوبا .
بعد ايام قلائل كان عزيز يقف داخل محل يطل على احد الشوارع الفرعية وقد اصطحب معه ابن اخته (عقيل ) وبعض اصدقائه من الشباب لطلاء المحل من الداخل وتغيير واجهته و(عزيز) يخط بيده على واجهة المحل عبارة ، ( دلالية الفرات ) .
كان محل الدلالية اشبه بصالون ادبي مصغر حيث كان يجتمع بداخله في اوقات الصباح وعند الظهيرة كل من العم ابو سلام وابو علي والاستاذ عبدالرزاق واحمد وبعض الشباب من اصدقاء عقيل ابن اخت عزيز الذين كانوا يعجبون بعزيز واحاديثه وطرائفه وسخريته .
كان بائع الصحف يأتي صبيحة كل يوم ويترك جريدتي المشرق والمدى عند (ابو عادل ) الذي يبيع الخضار بالقرب من محل الدلالية ثم يذهب ليأتي نهاية كل شهر ليتقاضى اجور الصحف التي كان عزيز يقرأ ما بداخلها من اعمدة ومقالات حتى اذا ما انتهى من ذلك باشر بحل الكلمات المتقاطعة والسيكارة (البن الانكليزي) لا تفارق اصابعه السمراء .
كانت الساعة تشير الى الثالثة عصرا عندما دخل احمد على عزيز وهو يريد الانتهاء من حل الكلمات المتقاطعة كان احمد قد عاد لوظيفته بعد سقوط النظام كما عاد الاستاذ عبدالرزاق الى مهنة التدريس اما باسم صديقهم الذي سافر الى الاردن فقد استقر في السويد بعد ان طلب اللجوء الانساني وكان يتصل بالاستاذ واحمد عبر النت بين اونة واخرى
سلم احمد قائلا :
ـ السلام عليكم
ـ اهلا ابن عمي ، استريح.
ـ عدوك بالريح ، خلصت الجرايد لا ؟.
ـ اي دقيقة وحدة ، استريح حضرتلك خوش مجموعة من الجرايد .
ـ مشكور اخويه ، اي عفية عليك اهم شيء الملحق مال جريدة المدى
- موجود يمك
ـ ماشي ، اترخص.
ـ اكف يمعود دومك مستعجل .
ـ كول
ـ حضر نفسك الجمعة انروح الشارع المتنبي اريد اشتري مجموعة كتب .
ـ ان شاء الله .
ـ اخوية لا تاخذك النومة .
ـ لا يمعود تلكاني جاهز.
في صبيحة يوم الجمعة كان عزيز واحمد داخل شارع المتنبي .
اشترى عزيز مجموعة كبيرة من الكتب التاريخية والفلسفية .
بعد الظهيرة كان الاثنان يجلسان داخل مطعم العربة الذي يقع قبالة شارع المتنبي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | على الهواء.. الفنان يزن رزق يرسم صورة باستخدا


.. صباح العربية | من العالم العربي إلى هوليوود.. كوميديا عربية




.. -صباح العربية- يلتقي نجوم الفيلم السعودي -شباب البومب- في عر


.. فنان يرسم صورة مذيعة -صباح العربية- بالفراولة




.. كل يوم - الناقد الفني طارق الشناوي يحلل مسلسلات ونجوم رمضان