الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيل دولوز قارئا لنيتشه : مفهوم الجسد

محمد بقوح

2018 / 1 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يحدد جيل دولوز مفهوم الجسد في الفكر النيتشوي باعتباره حقل فكري اجتماعي ديناميّ، يتميز بخاصية الصراع التاريخي الأبدي بين القوى الاجتماعية التي يتشكل منها ذلك الحقل بالضرورة. وبالتالي، فتلك القوى الاجتماعية ذات العمق التصوّري الفكري لا تتصارع فقط دفاعا، وأحيانا تدافع بشراسة لامتناهية، عن قيمها الاقتصادية والثقافية، ولكن أيضا تدافع بقوة من أجل فرض وجودها كقيمة بشرية نوعية يجب أن تسود، وكسب رهان حياتها كقوة موجودة بالذات وليس في الذات، بتعبير هيغل، في المجتمع الإنساني المعني. وذلك، ببسط هيمنتها كقوة فاعلة مُنتجة لمعانيها وقيمها، وليس كسلطة معزولة، على الحقل المجتمعي .
لهذا، فالرهان هنا - وفق قراءة دولوز دوما - بالنسبة للحقل الاجتماعي ببعده المفهومي الجسدي السالف الذكر، والمرتبط بقواه الداخلية المختلفة والمتصارعة في إطاره، يقوم على أساس دور هذه القوى المصلحي الوظيفي كقوة مُهيمنة وليس كقوة مُهيمَن عليها، وهو صراع، على كل حال، كيفي ونوعي يدل في عمقه على صراع إرادات هذه القوى المتفاعلة والمتجاذبة باعتبارها إرادات قوة مُفعمة بدينامية الحياة، كما يصرّ نيتشه على ذلك.
يتساءل هنا دولوز مع نيتشه : هل يمكن النظر دائما إلى مفهوم الجسد باعتباره حقيقة وحيدة شبيهة في موقعها بثمرة من شجرة الصدفة دون غيرها ؟؟ بمعنى، أن الحقل الاجتماعي بطابعه العلائقي الصراعي هنا لا يشتغل دائما وأبدا وفق خطط القواعد والسياسات الممنهجة التي يرسمها ويضعها وتحضرها له القوى المتصارعة في إطاره، وإنما قد تعرف وضعية ذلك الحقل الاجتماعي المعني ما يمكن تسميته بانحراف نسبي ممكن، وانزياح محتمل غير متوقع ومفكر فيه، من لدن القوى الفاعلة والمُهيمنة . لهذا، يطلق نيتشه على القوى المُهيمنة على الحقل الاجتماعي - حسب تحليل دولوز - القوة العليا، وهي القوة السائدة والحاضرة اجتماعيا واقتصاديا، في حين يسمي القوى المُهيمن عليها بالقوة الدنيا، كقوة اجتماعية نقدية مُضادة. مع الإشارة إلى نوع العلاقة القائمة بين القوتين باعتبارها في عمقها علاقة صراع اجتماعي وفكري بالضرورة، مهما كانت ملامحها العلائقية التحالفية -أحيانا- في إطار التحاور والجدل والمنافسة..، وذلك سعيا لكسب المزيد من رهان الهيمنة السياسية واستمرار السيطرة الاجتماعية والاقتصادية، ونهج سياسة الاخضاع وتطويع القوة الدنيا المُضادة - المُنفعلة باعتبارها قوة تشكل الجزء المُشاكس بفكره النقدي ووعيه الجمعي في كلية الجسد - الحقل المجتمعي القائم . ويفضل نيتشه أن يسمي هذا المفهوم - الفرق النوعي - الكيفي بين القوتين الاجتماعيتين المُضادتين ( المُهيمنة الفاعلة ضدّ المُهيمَن عليها المنفعلة ) بظاهرة - مفهوم التراتبية Hiearchie .

المرجه : كتاب Nietzsche et la Philosophie








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على