الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناشفة الموالون للحزب - البلشفية طريق الثورة

آلان وودز
(Alan Woods)

2018 / 1 / 28
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


البلشفية طريق الثورة

الفصل الثالث: مرحلة الردة الرجعية

المناشفة الموالون للحزب



آلان وودز
ترجمة: هيئة تحرير موقع ماركسي

في نفس ذلك الوقت كان للمناشفة بدورهم مشاكلهم الخاصة. لقد أصبح خطر التصفوية واضحا، ليس فقط بالنسبة للبلاشفة، بل أيضا لعدد متزايد من قواعد المناشفة. كما أثارت انتهازية الفريق البرلماني استياء العمال المناشفة. وبحلول نهاية عام 1908، حدثت عملية تمايز داخلي في صفوفهم. بدأ العديد من العمال المناشفة يقطعون مع التصفويين الذين وجدوا أنفسهم معزولين سياسيا. وقد دافع "المناشفة المؤيدون للحزب"، برئاسة بليخانوف، عن الحفاظ على التنظيم الحزبي السري، وانتقلوا بشكل موضوعي نحو البلاشفة. بعد وقت قصير على المؤتمر الخامس انسحب بليخانوف من هيئة تحرير صحيفة Golos Sotsial Demokrata (صوت الاشتراكي الديمقراطي)، وأصدر جريدته الخاصة Dnevnik (اليومية)، التي شن من خلالها هجوما عنيفا على "المرتدين الشرعيين". فظهرت على نطاق واسع المجموعات المحلية المستقلة المتعاطفة مع مواقف بليخانوف، خاصة بين المنفيين في باريس وجنيف ونيس وسان ريمو.






من خلال تشكيله لكتلة مع لينين لمكافحة الانتهازية والنزعة اليسراوية المتطرفة، قدم مؤسس الماركسية الروسية آخر خدمة له لقضية الطبقة العاملة الثورية وحزبها

قدم هذا التطور غير المتوقع مساعدة للينين، إذ لم يبين فقط وجود أمل في إعادة توحيد الجناح الثوري للحزب على أساس مبدئي، بل كان من شأنه أن يغير جوهريا موازين القوى بين الفصائل المتصارعة. وعلى الرغم من كل الصراعات والكلمات القاسية التي استعملت في الماضي، أظهر لينين حماسا كبيرا لعودة معلمه القديم إلى المعسكر الثوري. ربما كان لينين يأمل في أن يساعده الاتحاد مع بليخانوف في التغلب على التيارات اليسارية المتطرفة داخل فصيله. خلال المفاوضات الحرجة مع المناشفة الموالين للحزب، أظهر لينين كلا من المهارة والحساسية. وعلى الرغم من أن البلاشفة كانوا أكبر بكثير من الناحية العددية من البليخانوفيين، فإن لينين كان حريصا على عدم عرض العلاقة بين الاتجاهين بمصطلحات التفوق، بل باعتبارها نموا مشتركا لمجموعتين متساويتين من الرفاق المتوافقين في الفكر. كان عليه أن يأخذ بعين الاعتبار المميزات الشخصية لبليخانوف الشديد الحساسية، والذي كتب: «أعني التقارب المتبادل، وليس تحول المناشفة إلى وجهة نظر البلاشفة».[1] وقد أظهر لينين براعة كبيرة في هذا الصدد:، حيث قال: «أنا أتكلم عن التقارب المتبادل، وليس عن تحول المناشفة إلى وجهة نظر البلاشفة».[2]

هذا هو لينين الحقيقي، والذي يبعد ألف سنة ضوئية عن الصورة الكاريكاتيرية التي تظهره كعصبوي جامح وغير متسامح، والتي حاول النقاد الخبثاء عديمي النزاهة تقديمه بها. ومن ناحية أخرى، فإن اعتبارات اللباقة والدبلوماسية بالنسبة إلى لينين لم تكن تتفوق أبدا على ضرورة الوضوح السياسي. أن ما كان مطلوبا هو:


«اتفاق على أساس النضال من أجل الحزب ومبادئ الحزب ضد التصفويين، دون أي تنازلات أيديولوجية ودون أي تستر عن الاختلافات التكتيكية وغيرها من الآراء داخل حدود خط الحزب»[3]

من خلال تشكيله لكتلة مع لينين لمكافحة الانتهازية والنزعة اليسراوية المتطرفة، قدم مؤسس الماركسية الروسية [بليخانوف] آخر خدمة له لقضية الطبقة العاملة الثورية وحزبها. اقترب بليخانوف من تحقيق القطيعة مع المناشفة في ذلك الوقت، وأيد لينين ضد كل من التصفويين والأوتزوفيين [المقاطعين]، لكنه في النهاية أثبت أنه غير قادر على الذهاب في الطريق حتى آخره. لقد رفض الوحدة مع البلاشفة، وهو ما شكل عائقا هائلا، ومنع المناشفة الموالين للحزب من الانتقال إلى المعسكر الثوري المنسجم. لقد تكرر هذا السيناريو مرات عديدة في تاريخ الحركة العمالية الأممية، حيث أنه، في ظل ظروف معينة، يمكن للإصلاحيين اليساريين أو للقادة الوسطيين النزهاء، الانتقال إلى معسكر الماركسية الثورية. لكن التاريخ يدل على أن هذا هو الاستثناء وليس القاعدة. في كثير من الأحيان، تعمل العادات الذهنية وروتين فترات طويلة من الركود، والارتباك والتذبذبات التي تنبع من التشوش وعدم الرغبة في تسمية الأشياء بمسمياتها الصحيحة، بمثابة كوابح قوية لمنع هذه السيرورة من أن تؤتي ثمارها. إن مثل هؤلاء الأفراد -حتى أفضلهم، مثل بليخانوف ومارتوف- يميلون إلى الارتداد في لحظة الحقيقة ويغرقون مرة أخرى في مستنقع السياسة الانتهازية.

غير أن الجبهة الموحدة مع مجموعة بليخانوف أعطت، لفترة من الزمن، حيوية جديدة لمؤيدي لينين. كتب أوردزونيكيدز إلى لينين: «أرحب من كل قلبي بانعطافة بليخانوف... إذا كان الآن سيأخذ حقا موقفا ثابتا، فإن ذلك سيكون بلا شك قيمة مضافة للحزب».[4] لكنه للأسف لم يكن كذلك. لقد اقتصر تقارب بليخانوف مع البلشفية بشكل حصري تقريبا على المسألة التنظيمية، أما سياسيا فقد استمر في مدار المنشفية، مترددا في قطع الحبل السري الذي يربطه إلى أصدقائه القدامى، وانحرف بشكل حتمي إلى اليمين مرة أخرى، لكن بشكل نهائي هذه المرة. خلال الحرب العالمية الأولى، وجد نفسه في معسكر النزعة الوطنية الرجعية. كان الرجل العظيم ميتا من وجهة نظر الثورة، لكن في تلك اللحظة كان للتعاون بين اللينينيين وبين "البليخانوفيين" تأثير إيجابي، إذ أن العديد من العمال "المناشفة الموالين للحزب" انتقلوا في وقت لاحق إلى صفوف البلاشفة.

هوامش:


1: G.V. Plekhanov, Works, in Russian, vol. 19, 37.

2: Lenin, Collected Works, Russian edition, vol., XIX, 23.

3: LCW, Methods of the Liquidators and Party Tasks of the Bolsheviks, vol. 16, 101.

4: Istoriya KPSS, vol. 2, 269.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي


.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا




.. يونس سراج ضيف برنامج -شباب في الواجهة- - حلقة 16 أبريل 2024


.. Support For Zionism - To Your Left: Palestine | الدعم غير ال




.. كلام ستات | أسس نجاح العلاقات بين الزوجين | الثلاثاء 16 أبري