الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندها يرحل السيسى ؟!

سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.

(Saeid Allam)

2018 / 1 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


عندها يرحل السيسى ؟!



وحيستلم،
والنيل ياعم حيتظلم
لا من رأى،
ولا من سمع،
ولا من علم

"جرب اجولك"
الابنودى.


سعيد علام
القاهرة، الاثنين 29/1/2018م

هناك مهمتان على السيسى انجاز مراحلهما الاساسية، على الاقل، قبل ان يصبح مهيئاً للرحيل، المهمة الاولى، اقتصادية، تتمثل فى تحقيق المراحل الاساسية من التحويل الكامل للسوق المصرى لسوق الاقتصاد الحر، وامتناع اى تدخل للدولة فى هذا السوق الحر، الازم لحرية حركة التجارة الحرة للرأسمال العابر للجنسيات؛ اما المهمة الثانية، سياسية، تتمثل فى تحقيق المراحل الاساسية من "صفقة القرن"، وتغيير العقيدة القتالية للجيش، لمواجهة الاسلام السياسى المتطرف "الارهاب"، تلك المواجهة الحاسمة من اجل فتح الطريق امام "صفقة القرن"، وما الاحداث التى اعقبت اعلان نقل السفارة الامريكية الى "القدس"، الا مجرد نموذج للمخاطر التى تحيق بهذه الصفقة، بأحتمالات ما يهدد آمن واستقرار مصالح واستثمارات القوى الدولية الحاكمة، فى المنطقة والعالم، طاقة، سلاح، سوق استهلاكى، استثمارات وخلافه.


حالتان عند تحقق اياً منهما، يصبح السيسى مهئ للرحيل، الحالة الاولى، انجازه للمراحل الاساسية من المهمتان "الاقتصادية والسياسية"، وتحوله الى معيق لانجاز المراحل التالية؛ اما الحالة الثانية، اذا ما انه، اثناء انجاز السيسى للمراحل الاساسية للمهمتان، يتحول وجوده "نفسه" الى مهدد للاستقرار والسلم الاحتماعى، الضروريان لآنجاز هاتان المهمتان.



"فريق السيسى" واقتصاد "لا تقربوا الصلاة" !

فى شروط المهمة الاولى، الاقتصادية، شروط الرأسمال الحاكم للعالم، "النيوليبرالية الاقتصادية"، حقق "فريق السيسى"، او يكاد، بكل قسوة وبلا رحمة، الشطر الاول من هذه الشروط، الشطر المتعلق بالغاء الدعم وتعويم الجنيه والغاء الرقابة على الاسعار ورفع معدل التضخم .. الخ، اى بأختصار الشطر المتعلق بحياة ملايين المصريين من الفئات الغير قادرة اقتصادياً، الا انه، فى نفس الوقت، لم ينفذ الشطر الخاص برفع يد الدولة عن سوق الاقتصاد المصرى، بل على العكس، توسع الدور الاقتصادى للجيش بشكل غير مسبوق!، والتى تعود فوائده بالاساس على فئات أجتماعية ووظيفية مرتبطة بـ"فريق السيسى"، وهى القوى الاجتماعية والوظيفية التى تدافع عنه، دفاع وجود؛ وهذه بالضبط نقطة الاختلاف "الاقتصادية" الاساسية بين "فريق السيسى" والقوى الدولية الحاكمة، وممثلها الرسمى "صندوق النقد الدولى"، حيث ان توسع الدور الاقتصادى للجيش، بالاضافه لكونه توسع لدور الدولة "الجيش"، فى سوق الاقتصاد المصرى، فهو ايضاً، ينتقص تلقائياً من الدور الاقتصادى والاستثمارى للرأسمال الخاص، المحلى والدولى، وهو ما يضعف ويضيق من السوق المصرية والقوة الشرائية لـ100 مليون مصرى، وهو ما يعيق حرية حركة الرأسمال المحلى والدولى فى الاستثمار وفى تحقيق المزيد من الارباح.




ثمن المنصب، احمد السيد النجار نموذجاً !

بالرغم من الثقافة المتخصصة التى يتمتع بها بعضً من النخبة المصرية، خاصة عندما تكون فى مجال شديد التمويه والغموض المقصود مثل المجال الاقتصادى، الا انهم، ولان "الغرض مرض"،(1) فقد نجد ان بعضً من هؤلاء النخبة يوظفون ثقافتهم وعلمهم المتخصص، فى مزيد من التمويه، واضافة المزيد من الغموض، من اجل الوصول الى نتائج متناقضة ولا يمكن لها ان تصمد امام حقائق الواقع والعلم!.


فى جريدة "الاهرام" المصرية كتب احمد السيد النجار، رئيس مجلس ادارة الاهرام الاسبق، مقالاً، تحت عنوان "ماذا يريد الغرب من اقتصاد الجيش؟"،(2) والذى افتتحه على النحو التالى "عاد اللغو الغربي عن اقتصاد الجيش المصري‏,‏ بأحاديث متخمة بالأكاذيب والأساطير التي يحلو لبعض البلهاء ترديدها حتي في مصر نفسها‏."، وبعيداً عن اسلوب ارهاب المختلفين هذا، فقد خلط النجار على طول المقال "عن سبق اصرار وترصد" بين الدور الوظيفى الوطنى للجيش‏ فى حماية الوطن، وبين الدور الاقتصادى للجيش، الذى هو موضوع الخلاف اصلاً!، مستعيناً بكل ما فى ترسانة الفاشية القومية من مخزون اجوف ومضلل وشعبوى لخلط الدورين المختلفين تماماً!.

وفى مجلة "جدلية" كتب عبد الفتاح برايز، مقالاً نقدياً لمقال النجار، تحت عنوان "عن الجيش وامبراطوريته الاقتصادية فى مصر"،(3) وبأسلوب الخبير الرصين، رصد برايز الخلل المنهجى الفاضح "المغرض" فى أكثر من جانب من جوانب مقال النجار!.

هذا ليس سوى مجرد نموذج للمثقف الذى يوظف "ثقافته وعلمة" لتبرير ما لا يبرر، من اجل "غرض"، حتى لو كان مجرد منصب زائل، على حساب آلام ومعاناة الملايين من ابناء شعبه، الذى يدعى الدفاع عنهم!.




"فريق السيسى" وسياسة "الفلاح المصرى الفصيح" !

ان المخاطر التى تهدد المؤسسة العسكرية حال تغيير عقيدتها القتالية، الى عقيدة محاربة الارهاب، تفوق قدرة اى قيادة على تحملها، على الاقل دفعة واحدة، وهو الامر الذى دعى مبارك لمقاومة هذا المطلب الامريكى خلال فترة حكمه ومعه وزير دفاعه المشير طنطاوى؛ ان تحول العقيدة القتالية للجيش المصرى لمحاربة الارهاب، تعنى دخول القوات المسلحة فى مساحات جغرافية (مدن وقرى واحياء .. الخ)، ومساحات سياسية (ثقافية ودينية، وعادات وتقاليد، وروابط عشائرية وقبلية، موروث التراث الثقافى الامادى .. الخ)، بما يهدد وحدة وقوة تماسك الجيش؛ لذا فقد انتهج "فريق السيسى" امام هذه المعضلة، على ما يبدو، سياسة "الفلاح المصرى الفصيح"، الذى تتلخص خبرته التاريخية فى "اصبر على جارك السو، يا يرحل يا تجيلو مصيبة تشيله"، او وفقاً للمقولة التراثية الجدلية "اعمل لدنياك، كأنك تعيش ابداً، واعمل لأخرتك كأنك تموت غداً"، الا ان هذه السياسة "الفصيحة"، هى نقطة الخلاف "السياسية" الاساسية، فهى لا ترضى القوى الغربية، خاصة الامريكية، لذا تتركز معظم كتابات مراكز الابحاث الغربية، على نقد القيادة المصرية فى عدم انتقالها الحاسم الى عقيدة محاربة الارهاب، وعلى مستوى نوعية التسليح والتدريب والمعدات والتكتيك .. الخ.




اذاً متى يرحل السيسى، وكيف ؟!

لن يكون السيسى مهيئاً للرحيل، المفترض، قبل انجاز المراحل الاساسية للمهمتان، "الاقتصادية والسياسية"، اولاً، وثانياً، اذا اصبح وجود السيسى "نفسه" مصدر لعدم الاستقرار ومهدداً للسلم الاجتماعى، هذا الاستقرار الذى لا تفوقه غلاوة على قلوب كل القوى المستفيدة من استمرار استقرار الاوضاع على ما هى علية، القوى اليمينية المحافظة، المحلية والاقليمية والدولية؛ وبما ان السيسى لم يكمل بعد انجازه لكامل المراحل الاساسية للمهمتان، "الاقتصادية والسياسية"، فيمكننا ان نستبعد ببساطة هذا الاحتمال الاول، كسبب للتهئ للرحيل؛ عندها لا يتبقى سوى الاحتمال الثانى، كسبب للتهئ للرحيل، اذا ما تحقق، اى ان السيسى كونه قد اصبح وجوده "شخصياً" مصدر لعدم الاستقرار ومهدداً للسلم الاجتماعى، هذا الذى لن يتحقق بسبب السياسات الاقتصادية والسياسية التى يتخذها "فريق السيسى"، وانما سيتحقق فقط كنتيحة لتفاعل الموقف الشعبى الغاضب مع هذه السياسات فى حراك جماهيرى واسع ومستمر.

اما كيف الرحيل حال تحقق شروطه، فمن المؤكد ان القوى الدولية الفاعلة، ستتفاعل مع الموقف الشعبى الغاضب، لآستيعابه وامتصاص غضبه، فهى لن تسمح بان تصل الامور الى حد عدم الاستقرار وتهديد السلم الاجتماعى، فى بلد بحجم ومكانة مصر، وما "فوبيا" الهجرة الغير نظامية "شرعية"، الا عينة من مخاوف الغرب من الاحتمالات المرعبة لحالة حدوث حالة من عدم الاستقرار فى مصر المطلة على البحر المتوسط ذات الـ100 مليون نسمة، انه الرعب الذى دائماً يمكن توظيفه فى وقته؛ عندها وبكل تأكيد، وبالرغم من اى عوامل جذب كيميائية، سنجد من يقول: " Now it means yesterday"!.




سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam





المصادر:
(1) مقال، "الغرض" .. مرض "النخبة المصرية" المزمن!
"المسلمانى" مستشار الرئيس السابق نموذجاً"، الحوار المتمدن، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=495514
(2) مقال، "ماذا يريد الغرب من اقتصاد الجيش؟"، الاهرام، احمد السيد النجار.
http://www.ahram.org.eg/News-print-/235982.aspx
(3) مقال، "عن الجيش وامبراطوريته الاقتصادية فى مصر."، جدلية، عبد الفتاح برايز.
http://www.jadaliyya.com/Details/29686/%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%88%D8%A5%D9%85%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال استراتيجي عن دور الحكم
محمد البدري ( 2018 / 1 / 29 - 10:20 )
شكرا علي مقالك بمضمونه عن المهام الوظيفية التي علي الرئاسة الحالية تحقيقها علي مستوي السياسة العامة التي تتفق وعولمة الراسمالية . فمائة مليون كواطن هم بلا جدال وجبة شهية للراسمالية والافدح من ذلك انهم جماهير بلا قيادات حزبية تنير لهم طريق التحرر من مستغليهم داخليا وخارجيا.

اخر الافلام

.. الأرمن في لبنان يحافظون على تراثهم وتاريخهم ولغتهم


.. انزعاج أميركي من -مقابر جماعية- في غزة..




.. أوكرانيا تستقبل أول دفعة من المساعدات العسكرية الأميركية


.. انتقادات واسعة ضد رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق لاستدعائها




.. -أحارب بريشتي-.. جدارية على ركام مبنى مدمر في غزة