الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هراء المفاوضات وحشرجة السقوط

سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي

2018 / 2 / 1
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الدعوة الإنتقائية التي أرسلتها الآلية الإفريقية رفيعة المستوى لنظام الخرطوم وفصيل الإنقلاب في الحركة الشعبية التي يقودها عبدالعزيز الحلو لإستئناف المفاوضات في أديس أبابا مطلع شهر فبراير القادم بعد فشل 15 جولة سابقة بسبب تمترس النظام في مواقفه، هذه الدعوة بشكلها المطروح حاليا سوف تعمق المشكلة السودانية المتشابكة أكثر مما هي عليه الآن.

دعوة قوى نداء السودان لم تجد قبول شامل وفقا لتقديرات مكونات نداء السودان حسب المتغيرات السياسية والأمنية والإنسانية في السودان، ومن المفارقات أن تقدم الآلية الإفريقية دعوة للمعارضة بغية التفاوض وفي ذات الوقت يتم إعتقال قيادات المعارضة وقمع الجماهير التي تطالب بحقوقها السياسية والمدنية بيد اننا لم نسمع بدعوة لإيقاف تلك الإنتهاكات الجسيمة بحق المتظاهرين والمعارضين السياسيين، فما يجري اليوم ليس إلا قفزات إرتدادية في الهواء الطلق عن قرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن الدولي.

والدعوة تأتي متزامنة مع إنعطاف البلاد بشكل سريع ومتصاعد في مسارها الثوري المسنود بقوة سياسية وشعبية أوجدت وقائع جديدة علي المسرح السوداني، ويدرك النظام تزايد حجم الرفض الشعبي والسياسي لسلطته القاهرة بتوسع رقعت الإحتجاجات في المدن والقرى، ويعلم النظام جيدا تأثير الوضع الداخلي علي مجمل المشاهد السياسية سواء كانت تفاوضية مع المعارضة او دبلماسية مع المجتمع الدولي، ويصارع الآن لكسب الوقت بالإنخراط في عملية تفاوضية اما أن تعيد إنتاجه وتضعف المعارضة او تمكنه من تخفيف الضغط الثوري الداخلي وإلجام عملية التحول الديمقراطي والتشويش علي المجتمع الإقليمي والدولي وفي كل الأحوال ينحدر الوطن إلي الوراء في وضعه السياسي والإقتصادي والإنساني ويتضاعف إنتهاك الحريات وحقوق الإنسان في الحياة.

النظام الآن يبحث عن مخارج قليلة الثمن لتلافي الأزمات الإقتصادية والسياسية والأمنية وهي من تجليات الأخطاء التي إرتكبها النظام في التعاطي مع القضايا السودانية فهو يضع الحلول التي تبقيه ولا يريد تقبل فكرة الديمقراطية وحرية الآخرين في الإبداء بأرائهم في الشأن الوطني والمشاركة في إدارة البلد التي فشل فيها النظام.

المفاوضات التي يسعي النظام لإستغلالها بحصرها في إطار المنطقتين ودارفور سوف تعيد الصورة القديمة للإتفاقيات الجزئية والثنائية التي لا تحل قضية السودان، وبهذه الطريقة سيتحول التفاوض إلي هراء سياسي في وقت تعاني فيه السلطة حشرجة السقوط، فكما شاهد الجميع إنتهاء موسم مهرجان الحوار الوطني بكل خيباته سيشاهد الجميع فصل جديد من مهرجان العبث.

نحن بحاجة إلي وحدة قوى المعارضة وقد باتت وشيكة وأقرب ما تكون اليوم للواقع من الأمس، ونلاحظ ذلك التقارب في وحدتها تجاه الإنتفاضة الشعبية القائمة في بلادنا، ووحدة المعارضة لا بد أن تكون علي برنامج سياسي مستخلص من مشروع وطني يعبر عن قضايا الشعب السوداني الأساسية ويضع معالجة جزرية للوضع السياسي والإقتصادي والإنساني، والتجارب التي خاضتها المعارضة كفيلة بتحقيق وحدتها، ويمكننا المراجعة والإستفادة من الفجر الجديد والجبهة الثورية السودانية وتحالف قوى الإجماع الوطني وقوى نداء السودان وتحالفات النساء والشباب والطلاب كمنصات إنطلاق لها تصوراتها السياسية القيمة لمستقبل الدولة السودانية، كما يجب النظر بعين العقل لكل الإتفاقيات السابقة التي أجهضها النظام وتنصل عنها وصارت في حساب الماضي والماضي لا يعود.

علينا أن نمسك جيدا بالقضية الوطنية ونتمسك بالحل الشامل الذي يحقق السلام العادل والتحول الديمقراطي ويضمن الوحدة في التنوع وإعادة هيكلة الدولة علي أسس جديدة من أجل رفاهية السودانيين، اما الذي يخطط له النظام فلا قيمة له طالما هو مخطط مبني علي الأوهام ومن يزرع الوهم لا يحصد إلا الغبار، وثورة الشعب لن تتوقف ما لم تحقق أهدافها.


سعد محمد عبدالله
31 يناير - 2018م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا