الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مرض نخبة ال-داون تاون-، المزمن ! -ستون عاماً من العزلة-
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
(Saeid Allam)
2018 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية
مرض نخبة الـ"داون تاون"، المزمن !
"ستون عاماً من العزلة"
".. هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة
لم يلقى طول الطريق سوى اللصوص
فرسان هذا العصر هم بعض اللصوص!"
"لزوم ما يلزم"
نجيب سرور*
سعيد علام
القاهرة، الاربعاء 31/1/2018م
غرام المعارضة المصرية "المدنية" بـ"هندسة اشكال النضال" من أعلى، غرام لا يضاهيه غرام، غرام تحول مع الزمن الى ادمان، الى مرض مزمن، غرام "عتيق"، قديم قدم سلطة يوليو "العتيقة" الممتدة، التى ناصبت العداء من يومها الاول، للعمل المنظم المستقل وسط الجماهير، وسمحت فى مراحل متقدمة من "شيخوختها" بالعمل "الديكورى" المنظم من اعلى، شرط عدم "نزوله" للجماهير!.
ان القهرالعنيف والمتصل الذى مارسته سلطة يوليو العتيقة الممتدة، على مدى اكثر من ستون عاماً، خاصة على النخبة المدنية، هو ما حدى بهذه النخبة الى "الصعود للهاوية"، ستون عاماً من العزلة عن الجماهير.
لقد شكلت العزلة الممتدة للـ"الجماعات السلفية المدنية"، سيكلوجية المضطهد، واللجؤ الى الميكانيزمات الدفاعية العدوانية، المتجسدة سياسياً فى تبريرات الاقصاء، فبدلاً من ايجاد طرق وتكتيكات لمقاومة الاضطهاد والمضطهد، والخروج من العزلة، تتوجه الطاقة السلبية تجاه "المنافس" الفائز فى مسابقة "الارتباط بالجماهير"، "تيار الاسلام السياسى، وبدلاً من العمل من اجل الانتصار فى معركة الارتباط الحى المباشر لتلك القوى المدنية بجمهورها، ادمنت الانعزال والنضال من الداون تاون!.
لا هى مدنية ولا هى ديمقراطية !
كل فاشية هى بطبيعتها معادية للمدنية والديمقراطية؛ الفاشية العسكرية او الدينية او القومية او الايديولجية، كلها لا يمكن لها ان تشكل حركة او مجتمع او دولة مدنية او ديمقراطية.
"الحركة المدنية الديمقراطية"، احدث اشكال "هندسة اشكال النضال" من أعلى، كمحاولة "الربع الساعة الاخيرة" للحاق بأحدث مواسم "الهجرة المفترضة الى الجماهير"، الانتخابات الرئاسية، منطلقة من موقعها المحصن، فى وسط البلد، الداون تاون، لتصل عبر "المايك والكاميرا"، الى الجماهير الشعبية العزيزة؛ مكتفيه بأستلهام شعارها "الثورى" من البرنامج التلفزيونى اللبنانى الرائع "خليك بالبيت" الذى قدمه الإعلامي والشاعر المتميز زاهي وهبي**، على قناة المستقبل 15 عاماً متصلة، لتكتفى الحركة بكل تواضع، غير منفصل عن ضعف عزلتها، بشعار "خليك فى بيتك"!.
فى الانتخابات الرئاسية المصرية 2014، خاضت القوى المدنية، – بعضها –، "المعركة الانتخابية"، بعد ان تم حجب قوى الاسلام السياسى، – معظمها –، معنوياً ومادياً، عن مجال المنافسة الانتخابية، عقب 3 يوليو 2013، وقد حصل مرشح القوى المدنية على المركز الثالث، فى منافسة بين اثنين فقط!، حيث حصلت "الاصوات الباطلة" على المركز الثانى!، وكانت هذه هى "المهزلة" الاولى لهذه القوى المدنية العتيقة.
فاذا ما كانت هذه هى النتيجة، عندما كانت القوى المدنية تعيش "ازهى عصور نضالها"، خارجة "منتصرة" من معركتها "النبيلة" مع قوى الاسلام السياسى، متوجة انتصارها فى مظاهرات حاشدة ضمت الملايين فى 30 يونيو 2013؛ فمن الطبيعى ان تكون هذه هى النتجة المتوقعة، – بعيداً عن الامنيات الساذجة –، فى انتخابات الرئاسة 2018، "خليك فى بيتك"!، هذا هو حال القوى المدنية العتيقة بعد عزلة ستون عاماً، حال "لايسر عدو ولا حبيب"، .. انها حقاً "مهزلة" سلطة ومعارضة!.(1)
ليس من وصف للأقصاء، سوى الفاشية !
بخلاف الموقف الا اخلاقى والا مبدئى الذى اتخذته "الحركة المدنية الديمقراطية" بأقصاء ممثلى جماعات الاسلام السياسى، خاصة القريبة من جماعة الاخوان المسلمين، "حزب مصر القوية" ورئيسه عبد المنعم ابو الفتوح، فى الوقت الذى تقبع فيه قيادات هذه الجماعات فى السجون، او هم مطاردين داخل او خارج الحدود، بينما هذه القوى "المدنية" "النبيلة" ذاتها، هى التى كانت قد سبق لها وان تسلقت على اكتاف نفس هذه الجماعة، "الاخوان المسلمين"، لتدخل البرلمان!.
بخلاف هذا الموقف الا اخلاقى والا مبدئى، فقد اتخذت "الحركة" نفس الموقف الاقصائى، "الفاشى"، بأقصاء عدد من حركات القوى الشبابية "المدنية"، "6 ابريل" و"الاشتراكيين الثوريين"، و"التراس الثورة"، وحركات وقوى اخرى، تلك القوى الشبابية التى قادت "الفعل الايجابى" الى 25 يناير 2011، "الفعل الايجابى" الذى اضاعته نفس هذه القيادات "المدنية" العتيقة، بتحالفاتها المغرضة مع بعض قيادات مؤسسات الدولة العتيقة، تحت شعارات الدولة المدنية النبيلة!، بعد ان كانت قد باعت من قبلهم جماعة "الاخوان" هذا "الفعل الايجابى"، من اجل الوصول "الانتهازى" الى "كرسى" حكم مصر!.
كل ذلك لا يعنى بأى شكل، نكران التراكم التاريخى للنضالات السابقة لنفس هذه القوى المدنية العتيقة، ولكنها محاولة لمراجعة نقدية "مفتوحة" لواحد من اهم اعراض مرض مزمن تعانى منه، بشكل عام، القوى المدنية العتيقة، انه يعنى فقط، محاولة استخلاص الخبرات لاجيال شابة، اثبتت خبرة يناير انها تمتلك وعياً متقدماً، بالرغم من قلة الخبرة لديها، تلك الخبرة التى تمتلكها، بكل تأكيد، القوى المدنية العتيقة الشريفة، والتى "للأسف" لم تغيرها خبرة يناير حتى الان، بعد!.
فى اعقاب المؤتمر الصحفى لتدشين هذه الحركة، فى وسط البلد بالطبع، قال عبد العزيز الحسينى نائب رئيس "حزب تيار الكرامة" القومى الناصرى، احد الاحزاب الرئيسية المؤسسة لهذه الحركة، "نافيا ما تردد عن وجود خلاف سياسي بين أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية وقاداتها وبين الحركات الشبابية الثورية، مثل حركة "6إبريل" و"الاشتراكيين الثوريين"، وشدد على أن "الوقت الراهن يحتم تكاتف الجهود فيما يخص الانتخابات الرئاسية وسيجري بحث انضمامهم بعد الانتهاء من هذه القضية."،!!! وأشار الحسيني إلى أن "العمل الحزبي والسياسي مختلف عن العمل الشعبي، وغالبًا ما يكون متأخر بخطوة خلف العمل الشعبي، والذي يتولد من الشارع بحكم الأحداث السياسية والظروف الاقتصادية، وهو الأمر الذي لا يمنع أن الحركة وأحزابها قرروا مقاطعة الانتخابات منذ الوهلة الأولي، إلا أن التأخر في خروج القرار يأتي بسبب التنسيق الحزبي".!(2) لا تعليق.
حلم القوميين، بالعودة لـ"شعبوية" عبد الناصر!
تُعَد التنظيمات المستقلة العدو الاول للشعبوية؛ إذ يتسم الزعيم الشعبوى بالهوس بالسيطرة على كامل السلطة. ويرى الشعبويون أن الديمقراطية هي التي تقود إلى الفوضى والخراب، ويشكل المجتمع المدني النشط وسيلة أكيدة للخراب والعمالة. وبالتالي، يلتزم القادة الشعبويون بالحد من حرية النشاط المستقل. وهدفهم السياسي الأسمى، ليس ترسيخ النظام، بل التبعية المطلقة لهم من قبل كل القوى التي قد تشكل تهديداً لسيطرتهم المطلقة: المحاكم، وسائل الإعلام، والمؤسسات الثقافية، والتنظيمات الحزبية والنقابية المستقلة، والمنظمات غير الحكومية .. الخ. ان سلاح القمع الذى تستخدمه "الشعبوية"، هو السلاح الذى يرتد على "الشعبوية" نفسها فيسقطها. وهو ما ينطبق، بأشكال مدهشة، على كل النخب المصرية، سلطة و"معارضة".
اننا لا نتحدث هنا عن السمات الشخصية الكربونية، لمعظم قيادات النخبة السياسية القومية الناصرية المصرية، المنطبعة بنسخة "شخصية"، اما لعبد الناصر، او "للاستاذ" هيكل، او لكلاهما، فى كل المفرادات الشخصية تقريباً. انما نتحدث هنا عن الحلم المزمن بعودة "شعبوية" حقبة عبد الناصر، "الثبات على المبدأ"، فى تجاهل تام،للحقيقة العلمية، بان طبيعة السلطة، انتماءاتها الطبقية والايديولوجية، هى التى تحدد افق تطورها المستقلبى، لذا فان طبيعة سلطة يوليو، المكونة فى أغلبها من ابناء الشرائح المتوسطة والعليا من الطبقة البرجوازية "الوسطى"، الريفية والمدنية، هى التى حكمت على نفسها، بحكم محدودية خبرتها السياسية، حكمت على نفسها بمحدودية الانجاز وتذبذبه، حكمت على نفسها عندما حرمت على الجماهير حق التنظيم المستقل، عندما ابعدت ومنعت النخب ذات الشخصيات المستقلة، من حقها فى المشاركة الفعالة فى بناء وطنهم، باصرارها على الاستحواذ على كامل السلطة، وعلى فرض رأيها الواحد، حيث "لا صوت يعلو على صوت المعركة"، ودائماً هناك معركة!، ووفقاً للمثل الشعبى: "الطمع يقل ما جمع"، فكان الفشل المزمن قدرها!.(3)
سعيد علام
إعلامى وكاتب مستقل
[email protected]
http://www.facebook.com/saeid.allam
http://twitter.com/saeidallam
الهوامش:
* "نجيب سرور" شاعر ومسرحى ومخرج وناقد مصرى، من مواليد محافظة الدقهلية عام 1932.
https://www.almrsal.com/post/473830
رواية "سرور"، للكاتب والمترجم طلال فيصل.
"من هو نجيب سرور؟ هل هو مبدع عبقري علي طريقة جون جنيه أو نيكولاي جوجول. تنكرت له الأخلاقيات والأعراف الثقافية فلم تحتمل مروقه؟ أم هو ضحية من ضحايا الاستبداد السياسي والرعب التاريخي الذي بثته أجهزة عبدالناصر فانتصرت على أبنائها وهمت من أعدائها؟ أو لعله كاتب موهوب تنكرت له الأقدار وأذلته الظروف وتواترت عليه المحن ومهما يكن الأمر فنجيب سرور لم يكن مجرد عابر سبيل. إنه ينزع وببساطة مذهلة أقنعة الزيف عن حقبة لا تزال بعيدة عن فضيلة النقد الجاد والحر."
http://www.bookleaks.com/files/fhrst3/00554.pdf
** الإعلامي والشاعر المتميز زاهي وهبي.
http://www.panet.co.il/article/389811
المصادر:
(1) الانتخابات الرئاسية المصرية 2018: نخبة الـ"داون تاون" .. !، الحوار المتمدن، سعيد علام.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=559656
(2) الحركة المدنية تطلق "خليك في بيتك" لمقاطعة الانتخابات الرئاسية. المصريون.
http://msryon.com/story/1145365/%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%83-%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D9%83-%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9
(3) مقال، النخب المصرية، وحلم الـشعبوية!، مصر المدنية، سعيد علام.
http://www.civicegypt.org/?p=73234
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات المحلية في تركيا.. استعادة بلدية اسطنبول: -هوس- أ
.. المرصد: ارتفاع قتلى الهجوم الإسرائيلي على حلب إلى 42 بينهم 6
.. بكين تتحدى واشنطن وتفتح أبوابها للنفط الروسي والإيراني
.. الحكومة الأردنية تهاجم دعوات حماس التحريضية | #رادار
.. رمضان ومدينة المليون حافظ.. طرابلس الليبية