الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصاصات سيلوسية 4: مالذي حيّر مارك توين ؟

سيلوس العراقي

2018 / 2 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في مقولة شهيرة للكاتب الاميريكي الساخر مارك توين (1835 ـ 1910 ) يتساءل فيها عن مصير الحضارات القديمة وأهلها ثم يتساءل عن سرّ خلود اليهودي، سأنقلها بمزيد من الاضافات والتساؤلات على طريقتي من دون المساس بجوهرها

ماذا بقي من الآشوريين وامبراطوريتهم ؟
أين هم البابليون وامبراطوريتهم الشاسعة ؟
اين الفراعنة وحضارتهم وماذا بقي منها غير الآثار والأحجار والرسومات ؟
اين الرومان والامبراطورية الرومانية ؟
أين الحضارة اليونانية وامبراطوريتها وأين اختفت ؟
كل شيء مات واندثر من أكبرالامبراطوريات وأقواها
عدا اليهود واليهودية
كل القوى عبرت من هذه الأرض لكنهم بقوا
كل الحضارات ملأت الأرض بالأصوات والضجيج وبالاشراق لكنها عبرت واندثرت
اليهود عاشوا مع جميع الحضارات السالفة المندثرة ورأوا من الحضارات خيرها وشرها
نجا اليهودي منها جميعها
واليوم هو لازال مثلما كان عليه دائمًا
لم يظهر عليه الانحطاط بينما الانحطاط طال كل الحضارات فاندثرت
لم يملّ اليهودي من قمعهم ومن عدائهم وعدوانيتهم
لم يضعف
لم تنفذ طاقاته
ماهو سر خلود اليهودي ؟
انتهى النص المستوحى من توين

المسيحية حاولت مثلما هو معروف في تاريخها ومنذ بداياتها (ولازالت تحاول؟) أن تحلّ محل اليهودية فدعت اليهود الى التحول الى المسيحية (في الدول التي حكمتها الكاثوليكية والبروتستانتية الاوربية والارثوذكسية الروسية وغيرها ولحقتهم لتحولهم الى المسيحية أينما وجدوا في اسيا وافريقيا واميريكا) بكافة الوسائل ومنها المعمودية بالقوة وباستخدام أساليب التضييق والاضطهاد والتنكيل والطرد وغيرها من أساليب الترهيب لكن بقي اليهود وبقيت اليهودية

ماهو سر خلود اليهودي ؟
يتساءل مارك توين

اليهود يجيبون بكلّ بساطة : اليهودية هي سرّ نجاتنا، لسنا نحن من حافظ على الايمان بل الايمان هو من حافظ علينا وحفظنا
ان اليهود لم يموتوا كما تمنى وسعى الكثيرون عبر التاريخ للقضاء عليهم ومحو أي وجود لهم
على العكس استمروا، واليهودية ساعدت هذا الشعب الصغير في عددِهِ أن يصمد ازاء كل القوى الامبراطورية التي مرت على هذه الأرض
والأكثر من هذا استمروا أينما حلوا وقاموا بدور انساني حضاري في أنسنة التاريخ البشري والحياة البشرية وتطويرها بالفكر والعلوم وبالقوة والتقدم والازدهار لخدمة الانسانية لغاية يومنا هذا في كافة مناحي الحياة الانسانية

ان الرابيين وحكماء شعب اسرائيل في التلمود أوصوا أبناء شعبهم بأن يقرأوا ويدرسوا ويحفروا في التلمود ويعمقوا فيه ويتعمقوا أكثر فأكثر لأن كلّ شيء سيجدونه فيه
واليهودي لم يستنفذ بعد من درسه والتعمق فيه لغاية الآن وسوف لن يتمكن من استنفاذه في سبيل بناء مجتمع عالمي مزدهر يليق بالانسانية وبالجنس البشري

في اليهودية، في الحقيقة، لاتستخدم العبارة "رجلٍ حكيم" ، مع أن العبارة مستخدمة كثيرًا شعبيًا ومن قبل الكتاب والمؤلفين اليهود، في وصف رجلٍ من رجال الحكمة. في الوقت الذي نجد في الأدب والتقليد اليهوديين استخدام عبارة " تلميد حاخام " أي تلميذ الحكمة وبالتالي فالجميع ليسوا أكثر من تلاميذ دارسين باستمرار، لأنه يبقى الكثير بل الكثير جدًا دائمًا مما يجب تعلمه من أجل الحصول على الحكمة للصيرورة رجل حكيم

أن تبقى طوال حياتك تلميذا للحكمة ستبقى الحكمة في خدمتك، جاهزة في اعطائك الحياة والديمومة والخلود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دعايــة جميلة ولكن
كنعان شــــماس ( 2018 / 2 / 4 - 20:07 )
الواقع الفراعنة والاشــورين ... الخ لم يندثروا او يتبخروا بل تحولوا من حالة الى حالة اخرى انه النشــــوء والارتقاء والتطور _ رحم الله جارلس داروين - الخلود يا ستاذ سيلوس هو السكون او الموت وارجو الاجابة على سوال : لماذا في دولة اسرائيل - على جبروتها - يضعون في الســــــــجن من يطبق شــــرائع الطوراة ؟


2 - دعايتك أجمل نكتة
سيلوس العراقي ( 2018 / 2 / 4 - 22:24 )
التي حولت الحضارة الاشورية الى حالة اخرى اشبه بحضارة العصور الحجرية
تسمي هذا التحول ارتقاء وتطور يا هذا؟


3 - ماهو سر خلود اليهودي ؟
nasha ( 2018 / 2 / 5 - 01:38 )
الاستاذ سيلوس المحترم
اليهودية فكر وليست حضارة. مقارنتك بين التنظيمات السياسية (الامبراطوريات) وبين الافكار (الاديان) غير صحيحة.
الحضارة الانسانية حضارة واحدة شارك البشر في بنائها بافكار كثيرة لا تقتصر على فكر واحد بعينه وشارك البشر ايضا في تخريبها في احيان كثيرة وبافكار هدامة ايضا .
اما سر خلود الفكر اليهودي فيرتبط بانتشار المسيحية وقوة مؤسساتها الدينية لان اليهودية جزء من المسيحية واية دعاية او ترويج للمسيحية هو دعاية وترويج لليهودية مجانا.
تحياتي


4 - قصاصة مفقودة
طلال السوري ( 2018 / 2 / 5 - 04:58 )
تم اكتشاف جميع سلالات الفراعنة وقبورهم وليس هنالك فرعون مفقود او فترة زمنية غير معلومة----
وثق المصريين القدماء ادق تفاصيل حياتهم اليومية بجميع مناحيها ----
لايوجد اي ذكر للنبي موسى رغم الاعمال الخارقة التي قام بها----

الجيش الاسراءيلي مع علماء التاريخ فتشوا كل شبر من سيناء ولم يحصلوا على شيئ

هلا تفضلت مشكورا بكتابة قصاصة عن الموضوع


5 - من محاولة الغاء الآخر الى التقارب
سيلوس العراقي ( 2018 / 2 / 5 - 11:47 )
العزيز ناشا
اولا مرحبا
ثانيا
اتفق معك في ان كثيرين اشتركوا في كتابة وصيرورة الحضارة البشرية
لكن مثلما جاء في المقال
كل الحضارات ملأت الأرض بالأصوات والضجيج وبالاشراق لكنها عبرت واندثرت
اشرقت وانارت قدمت للبشرية الكثير من خيرها ومن شرها من انارة ومن تعتيم
ذهبوا جميعهم وفقدوا الاستمرارية وهذا صحيح
بقيت تحدثنا اثارهم واعمالهم فيما تركوه لنا في اثار وموثقات
اليهود واليهودية ليسوا فقط فكر أو ديانة بل شعب وثقافة وحضارة راسخة حافظت على استمراريتها منذ قبل المسيحية
لا فضل للمسيحية على اليهودية بل الفضل لليهودية في نشوء المسيحية التي حاولت ان تحل محلها وادانتها بانها قتلت الله
اليس كذلك سارت الامور في الماضي البعيد لغاية بعض عقود ماضية من حقبتنا التاريخية
اليهودية ليست جزءا من المسيحية
ربما يكون العكس هو الاصح تاريخيا
بالرغم من كل المحاولات في الماضي بقي اليهود وعاد اسرائيل
الذي تدعي الكنيسة بانه اندثر وهي اصبحت اسرائيل الجديد
اعتقد في اللاهوت المسيحي المعاصر لا يمكن تكرار هذه العبارة لان اسرائيل حي ولا زال موجودا
من الافضل الخروج من محولة الغاء الآخر والعودة الى الجذور والاصول


6 - تتمة
سيلوس العراقي ( 2018 / 2 / 5 - 11:57 )
الاخ ناشا
الموضوع طويل ومتشعب ومعقد
في خوضه عون لتفهم الماضي واخطاءه وتصحيح السيرورة لتصح الصيرورة الافضل، وبذر بذور تفاهم وحب جديدة ، لكي لا يبقى لخطايا واخطاء الماضي أي مكان في مستقبلنا البشري
القصاصات مستمرة
ارجو منك ان تغنيني بآرائك وتعليقاتك
في قصاصات قصيرة ومقتضبة آتية ومستمرة
تقبل مني كل الحب أخ ناشا
واحترامي لارائك وفكرك الانساني
واخلاقك العالية


7 - الاخ طلال السوري
سيلوس العراقي ( 2018 / 2 / 5 - 12:04 )
شكرا لتعليقك
اتمنى ان يكون لموسى والمصريين احدى القصاصات
كما يمكن الحديث عن اهمية الاثار ومحدودية امكانياتها
ودور الوثائق والكتابات القديمة اليونانية الغزيرة
التي تعتبر مستندات مكملة لما يصعب على الاثاريين البت فيه او نكرانه
تقبل تحياتي واحترامي


8 - الاستاذ العزيز سيلوس العراقي
nasha ( 2018 / 2 / 6 - 00:59 )
المفهوم الثابت الوحيد في الوجود (الزمكاني) هوالتغيير المستمر او (الديناميكية). الوجود ليس قالب ستاتيكي ثابت خارج الزمان والمكان .التغير بالنسبة للانسان ممكن في الاتجاهين السلبي (ضد صالح البقاء والحياة) والايجابي (مع البقاء ويدعم الحياة)
المسيحية متفرعة من اليهودية اصلا وامتزاج بين الافكار الشرق اوسطية مع الاوربية و وكانت نتيجة حتمية ضرورية لتغير الضروف السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط بعد دخول الرومان للمنطقة وتفاعل شعوب حوض المتوسط مع بعضها.
دون تغيير لا يمكن البقاء. يهودية اليوم ليست اليهودية التاريخية وكذلك المسيحية واي فكر اخر سواء ديني او لا ديني.
الفكر الثابت المتشبث بالجذور زائل لا محالة.
ما يحصل اليوم في الشرق الاوسط من خراب هو نتيجة لمقاومة (الديناميكية الفكرية) او التغير الطبيعي للفكر الانساني.
وكما يقول المصريين مفيش حد احسن من حد كلنا اولاد تسعة.
تحياتي واشكرك على الاهتمام بتعليقاتي

اخر الافلام

.. بعد -الإساءة لدورها-.. هل يتم استبدال دور قطر بتركيا في الوس


.. «مستعدون لإطلاق الصواريخ».. إيران تهدد إسرائيل بـ«النووي» إل




.. مساعد وزير الخارجية الفلسطيني لسكاي نيوز عربية: الاعتراف بفل


.. ما هي السيناريوهات في حال ردت إسرائيل وهل ستشمل ضرب مفاعلات




.. شبكات | بالفيديو.. سيول جارفة في اليمن غمرت الشوارع وسحبت مر