الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم غضب الصحفيين التونسيين

هيثم بن محمد شطورو

2018 / 2 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


لماذا العجب؟ عادة ما يكون الصراع مع السلطة في عمقه هو بين حرية الكلمة و حرية الهراوة..
فجوهر أي سلطة هو القمع و جوهر الحرية هو المقاومة..
فالعجب هو في عدم المقاومة..
و بغض النظر عن جزئيات الحدث بين بعض الممارسات القمعية التي يجب كذلك تـنسيب الأمور في النظر اليها. اي ان الصحفي الفرنسي الذي تم التحقيق معه هو في نهاية الامر لا يملك تصريحا مسبقا و تواجده في تونس أصلا لم يكن بصفة مهمة صحفية. فمن يلوم التصرف الأمني معه لا يمكن له ان يلقي باللائمة كذلك على تواجد الصحافي الاسرائيلي في حادثة اغتيال الشهيد "محمد الزواري" دون تصرف الجهات الأمنية معه..
من هذه الناحية يمكن ان نقول ان تصرف الأمن كان نتيجة الاتعاظ من تلك الحادثة من جهة، و من جهة أخرى فإن اعتصام "الكامور" أثبت وجود تدخلات أجنبية واضحة لأجل بلبلة الأمن في تونس، و كذلك فإن تغطية قناة الجزيرة لحملة "وينو البترول" ساعتها لا يمكن النظر إليها إلا بكونها عمل تحريضي أجنبي..
و بالتالي فالحرية تـتطلب قبل كل شيء تملك أكبر قدر ممكن من التـفكير الموضوعي القائم على العقل و ليس على العاطفة و الانفعالية..
فبقدر ما يلاحظ الجميع بعض تمشيات السلطة نحو تحديد الحريات و ذلك سقوطا في شهوة السلطة و ذكوريتها المقيتة، اضافة الى حقارة اي سلطة في التسويغ لنفسها بحق التحكم في الانسان بل افـقاره من إنسانيته إن أمكن، باعتبار الانسان حرية و كرامة، و بالتالي فمن هذه الزاوية لا يمكن أن يوقف شهوة السلطة التي تعمي أصحابها إلا فعل الحرية المقاومة..
فعل الحرية المقاومة لا يكون فاعلا بحق إلا حين يكون عقلانيا و العقلانية بما هي تعلق بالموضوعية و العلمية في التـفكير و المعرفة.. هذا العقل لا يقف عند عتبة الاحتجاج بل يذهب الى رسم خارطة طريق لتـثبـيت و تطوير واقع الحرية..
ان الفعل العقلاني هو بالضرورة ينزع الى الشمولية لأن حقيقة الوجود انه كلي و شمولي، و بالتالي يكون من الضرورة إبتـناء خطوط واضحة لسياسة إعلامية راقية، فيجب ان يتم نـقد الفضاعات الاعلامية من قبل الاعلاميـين قبل غيرهم ليتسنى التجاوز الى حالة أرقى..
من جهة أخرى فإن التـفكير العلمي لا يعني التجزيـيئ للظواهر، فالاختصاص العلمي البحت في ذاته يتجه اليوم بنسق متسارع نحو الاشتغال الجماعي بين الاختصاصات المختلفة، و من جهة اخرى فان المقصود بالتـفكير العلمي هو من الناحية المبدئية التـفكير وفق منهج ملاحظة الواقع و الاستـنـتاج من خلاله و الخروج بحكم معين..
و التـفكير العقلاني هو بالضرورة يكون وفق نظرة فلسفية شاملة، و بالتالي فمن غير المعقول ان تجد إعلاما ذو صبغة تجارية و ليس ذو صبغة تـثـقيفية و تربوية بما يتطلبه ذلك من تركيز على الناشطين في الفكر أكثر من الناشطين في ملاحقة الأحداث أو صنعها إعلاميا..
و كذلك لا يسعنا ان نذهب، وفـق نفس المنهج العقلاني، فصل حرية الاعلام مثلا عن التوازنات السياسية الموجودة حاليا. فمن وجوبيات التخطيط الاعلامي لتـثبيت واقع حرية الكلمة هو عدم الانجرار وراء التسليم برفض الوجوه السياسية بمجملها ، و الأجدر ان يتم الاتـفاق على نوع من التوجيه لطرف سياسي من شأنه تحقيق توازن سياسي فعلي بحيث نكون امام وجهين متباينين بالفعل في السلطة و المؤسسات .

لا يمكننا كذلك فصل المسألة عن تاريخيتها و عدم خروج الجميع من السيكولوجية التي خلقها الاستبداد السياسي عبر قرون، و بالتالي فإنه من بين متطلبات القـفز الى واقع الحرية الحقيقي هو مواجهة الذات و الصراع معها و هو ما يحيل اليه ديالكتيكيا كل صراع مع الآخر...
فالأجدى اذن هو الوقوف بجدية صارمة أمام هذه المحطة الرئيسية.. فصحيح ان الانسان ليس بإنسان إلا بكونه حرا، و لكن كيف يكون الانسان حرا بحق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على