الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لينين وحركة التحرر الوطنية في الشرق – تاريخ وحاضر (2)

خليل اندراوس

2018 / 2 / 4
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



ضد ظالميه
وصف لينين الشعب الصيني بأنه "شعب لا يحسن النواح على عبوديته التي استمرت قرونا وحسب، لا يحسن الحلم بالحرية والمساواة وحسب انما يحسن كذلك النضال ضد ظالمي الصين طيلة القرون" وحول الحرب الاستعمارية التي شنتها ايطاليا حيث انزلت جيوشها عام 1911 وشنت الهجوم على طرابلس الغرب وبرقة كتب لينين يقول: "من المفيد ان نلقي نظرة على هذه الحرب الاستعمارية النموذجية التي تشنها في القرن العشرين دولة "متمدنة".


كتب البروفيسور في جامعة هارفرد بالولايات المتحدة بينفيلد في عام 1965 يقول بأن "المساعدة العسكرية" الامبريالية باتت سببا مباشرا للنزاعات العسكرية وشرطا اساسيا لتعاظمها وأضاف "يمكن ان نثير بمساعدتنا سباق تسلح وحروبا ونزاعات بين البلدان ضعيفة التطور، وثمة اساس للافتراض بأننا قد فعلنا ذلك، فالهجوم الاسرائيلي على مصر حسبما يظهر بات امرا ممكنا من جراء المساعدة الامريكية فقط وهذا ما حدث بالفعل فقط بعد سنتين عام 1967، ففي شهر حزيران عام 1967 شنت اسرائيل بمساعدة الدول الامبريالية وبالدرجة الاولى الولايات المتحدة والصهيونية العالمية حربا على مصر وسوريا والاردن، وكانت اهداف هذا العدوان الاطاحة بالنظامين التقدميين في مصر وسوريا والاستيلاء على الاجزاء المتبقية من فلسطين وتثبيت اسس الاستعمار الجديد في الشرق الاوسط، و"صفقة العصر" التي تقترحها الادارة الامريكية الحالية برئاسة ترامب الذي رقص حاملا "السيف" في السعودية كحل للقضية الفلسطينية لا تهدف إلى احقاق السلام العادل بل العمل على تعميق وتثبيت اسس الاستعمار الجديد الامبريالي الصهيوني في منطقة الشرق الاوسط بدعم انظمة الاستبداد السوداء العربية وعلى رأسها السعودية، وهنا لا بد ان نذكر حقيقة تاريخية وهي موقف الاتحاد السوفييتي الحازم على ايقاف العدوان الاسرائيلي، ففي 9 حزيران اتخذ ممثلو سبع دول اشتراكية اوروبية في اجتماع لهم في موسكو بيانا حذروا فيه من انه إذا واصلت اسرائيل العدوان فسوف تتخذ هذه الدول كل ما هو ضروري لأجل "اخماد نيران الحرب في الشرق الاوسط واحلال السلام في هذه المنطقة" وفي 13 حزيران اوقفت القوات الاسرائيلية اطلاق النار في جميع الجبهات، وفي معرض تقدير مساهمة الاتحاد السوفييتي في الدفاع عن البلدان العربية بوجه العدوان الاسرائيلي الامريكي الامبريالي قال الرئيس جمال عبد الناصر، ان الاتحاد السوفييتي وفى بجميع تعهداته العسكرية والسياسية والاقتصادية، فلولا تأييده لكان وضعنا صعبا.. ان الاتحاد السوفييتي هو حقا الدولة العظمى الوحيدة القادرة على مساعدتنا في احراز الاهداف.. ولولاه لكان اعداؤنا استطاعوا فرض اية شروط يرغبونها. (الاهرام بتاريخ 25/3/1970) وما تفعله روسيا اليوم هو ليس فقط دفاعا عن الباب الخلفي لروسيا كما يدعي البعض بل ايضا دعم مصالح الشعب السوري ومصالح شعوب المنطقة.
ان الامبريالية الامريكية والصهيونية العالمية تنتهج في الشرق الاوسط سياسة استعمارية جديدة سافرة، فهي قبل كل شيء تمول وتسلح اسرائيل كقاعدة عسكرية امامية للامبريالية وباعتبارها الحليف الافضل والاقوى في منطقة الشرق الاوسط، ومن جهة أخرى تسعى بواسطة الرشى والخيانات والتنازلات لأن تجتذب إلى جانبها حكومات عدة بلدان عربية وعلى رأسها دول الخليج العربي لا بل الامريكي والسعودية وتساند وتدعم الحركات والقوى الرجعية في منطقة الشرق الاوسط وتؤجج الصراعات والتناقضات بين الشعوب العربية وداخل كل بلد عربي، ومثال على ذلك ما جرى في ليبيا وما يجري في اليمن وسوريا، والهدف لكي تبسط الهيمنة والسيطرة الامبريالية – الصهيونية على منطقة الشرق الاوسط.
وهنا نعود إلى ما قام به لينين من دراسة وتعميق للنظرية اللينينية بصدد الامبريالية، ففي كتابه "الامبريالية اعلى مراحل الرأسمالية" يعطينا المفتاح لفهم اهمية نضال شعوب الشرق في سبيل التحرر الوطني وآفاق هذا النضال. لقد كتب لينين قائلا: "وغالبا ما ينسى الاوروبيون ان الشعوب المستعمرة هي امم ايضا، ولكن الصبر على هذا "التناسي" يعني الصبر على الشوفينية".
وكل دولة تتناسى الحقوق المشروعة العادلة للشعب العربي الفلسطيني من عرب وغير عرب وخاصة الدول الامبريالية الاوروبية والولايات المتحدة وتصبر على هذا التناسي، يعني هذا الصبر على العنصرية والشوفينية الصهيونية، ونحن كماركسيين وبموجب الموقف اللينيني الواضح نرفض التأويل العقائدي الضيق الذي يفهم الماركسية على نحو ينظر للطبقة العاملة ولنضالها في سبيل الثورة بمعزل عن الحركة الوطنية التحررية. من هذا المنطلق على كل تقدمي وخاصة "الماركسي اللينيني ان يدعم حركات التحرر الوطني عامة وحركة التحرر الوطني الفلسطيني خاصة، وأن يرفض أي مساومة على هذا الحق وان يعمل بكل الوسائل النضالية من اجل احقاق الحقوق القومية العادلة للشعب العربي الفلسطيني. فالمبدأ اللينيني القائل بالمساواة التامة بين الامم كبيرها وصغيرها هو مبدأ يجب ان لا تحيد عنه القوى الثورية الحقيقية، ولا يمكن ان تحيد عنه الاحزاب الماركسية اللينينية عامة.
ان الوضع في العالم الآن يختلف تماما عما كان عليه في زمن لينين، ولكنه تغير ويتغير على وجه الدقة في ذلك الاتجاه الرئيسي الذي طرحه لينين منذ عشرات السنين. وهنا اذكر بعض ما كتبه لينين في هذا المجال: "فما هو سبب هجوم الصينيين على الاوروبيين، هذا العصيان الذي يقمعه بهذا الاندفاع الانجليز والفرنسيون والألمان والروس واليابانيون وغيرهم؟ يؤكد انصار الحرب ان منشأ "عداء العرق الاصفر للعرق الابيض" و"مقت الصينيين للحضارة والمدنية الاوروبيتين" اجل، يكره الصينيون في الواقع الاوروبيين، ولكن أي الاوروبيين يكرهون؟ وما سبب هذا الكره؟ ان الصينيين لا يكرهون الشعوب الاوروبية ولم يسبق لهم ان اصطدموا بها، انما يكرهون الرأسماليين الاوروبيين والحكومات الاوروبية الخاضعة لهم، وله يمكن للصينيين الا يكرهوا اناسا يقصدون الصين وهمهم الوحيد تكديس الثروات، اناسا يستغلون حضارتهم ويطبلون لها ويزمرون بغية الخداع والنهب والعنف فقط، اناسا شنوا الحرب على الصين للحصول على حق المتاجرة بالأفيون المخدر للشعب (حرب انجلترا وفرنسا ضد الصين سنة 1856)، اناسا يبشرون بالمسيحية نفاقا لتستير سياسة النهب؟" وفي مكان آخر كتب لينين يقول: "فالبرجوازية الانجليزية مثلا تبتز من عشرات ومئات الملايين من سكان الهند ومستعمراتها الاخرى دخلا اكبر من الدخل الذي تبتزه من العمال الانجليز، وفي هذه الظروف يتكون في بعض البلدان الاساس الاقتصادي المادي لنشر عدوى الشوفينية الاستعمارية بين هذه البلاد او تلك".
وكتب في مكان آخر: "ليس من المستغرب ان يقوم نيقولاي رومانوف على رأس كبار ملاكي الاراضي من المئة السود (هكذا كانوا يسمون العصابات الملكية الروسية التي نظمها البوليس القيصري لمكافحة الحركة الثورية والرأسماليين الذين ارعبتهم الاضرابات والحرب الاهلية وينفث الحمم على الثوريين الايرانيين، فليست هي المرة الاولى التي يضطلع بها الجنود الروس المسيحيون المتدينون بدور الجلاد على الصعيد الدولي".
وصف لينين الشعب الصيني بأنه "شعب لا يحسن النواح على عبوديته التي استمرت قرونا وحسب، لا يحسن الحلم بالحرية والمساواة وحسب انما يحسن كذلك النضال ضد ظالمي الصين طيلة القرون" وحول الحرب الاستعمارية التي شنتها ايطاليا حيث انزلت جيوشها عام 1911 وشنت الهجوم على طرابلس الغرب وبرقة كتب لينين يقول: "من المفيد ان نلقي نظرة على هذه الحرب الاستعمارية النموذجية التي تشنها في القرن العشرين دولة "متمدنة".
ما سبب هذه الحرب؟ سببها جشع صقور المال والرأسماليين الايطاليين الذين هم بحاجة إلى سوق جديدة، إلى نجاحات تحرزها الامبريالية الايطالية وكيف كانت هذه الحرب؟ كانت مجزرة بشرية متمدنة متقنة كانت تقتيلا للعرب بواسطة "احدث" العتاد. لقد قاوم العرب مقاومة المستميت، فحينما انزل الاميرالات الطليان في بدء الحرب، بدون حذر 1200 بحار هاجمهم العرب وقتلوا منهم حوالي 600 شخص و"عقابا" قتلوا من العرب حوالي 3000 ونهبوا وذبحوا عائلات بأكملها وقتلوا النساء والاطفال، الطليان أمة دستورية متمدنة. لقد علقوا على المشانق حوالي 1000 عربي، وخسر الطليان اكثر من 20 الف شخص منهم 17429 مريضا و600 مفقود و1405 قتلى. هذه الحرب قد كلفت الطليان اكثر من 800 مليون ليرا، أي اكثر من 320 مليون روبل، وأسفرت الحرب على انتشار البطالة لحد مخيف وعن ركود الصناعة.
وقد قتل من العرب حوالي 14800 وستستمر الحرب في الواقع بالرغم من "الصلح"، لأن القبائل العربية الموجودة بعيدا عن الساحل في داخل القارة الافريقية لن ترضخ وسيستمرون زمنا طويلا في "تمدينها" بالحراب والرصاص وحبال المشانق والنار واغتصاب النساء. وايطاليا ليست طبعا بأحسن ولا بأردأ من بقية البلدان الرأسمالية، فجميع هذه البلدان تحكمها بدون استثناء برجوازية لا تحجم عن اية مجزرة في سبيل مصدر جديد للارباح".
وكتب لينين في صحيفة البرافدا العدد 50 الاول من آذار عام 1913 يقول "ان ما ينبغي ان نستمده من كون آسيا التي تعد ثمانمئة مليون انسان قد انجذبت إلى غمرة النضال في سبيل نفس المثل العليا الاوروبية، ليس اليأس بل الشجاعة". وكتب يقول "ان جنون التسلح والسياسة الامبريالية يجعلان من اوروبا الحالية "سلاما اجتماعيا" يشبه بالاحرى برميلا من البارود". وكتب يقول: "فإن جميع الذين يملكون رأس المال من ارثوذكس ويهود وروس وألمان وبولونيين واوكرانيين يستثمرون متضافرين العمال من ابناء جميع الأمم"، "ان العمال يخلقون في العالم كله حضارتهم الاممية التي مهد لها منذ زمن بعيد دعاة الحرية واعداء الظلم، والعمال يعارضون العالم القديم، عالم الظلم القومي عالم الشحناء القومية او العزلة القومية بالعالم الجديد، عالم وحدة الشغيلة من ابناء جميع الامم، بعالم لا يتسع لأي امتياز لا يتسع لأقل ظلم لانسان من قبل انسان" (كتب في 16 ايار عام 1913 ونشر في صحيفة البرافدا عام 1913).
(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تصريح عمر باعزيز و تقديم ربيعة مرباح عضوي المكتب السياسي لحز


.. طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز




.. يوم الأرض بين الاحتفال بالإنجازات ومخاوف تغير المناخ


.. في يوم الأرض.. ما المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على ا




.. الجزائر: هل ستنضمّ جبهة البوليساريو للتكتل المغاربي الجديد؟