الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد المغازلات والمجاملات والمقاولات

مصطفى حسين السنجاري

2018 / 2 / 5
الادب والفن


بلا شك أن الأدب عموما والشعر خصوصا مرآة كل عصر وجيل وترجمان ثقافته ودرجة رقيه بين الشعوب ومن هنا تتسابق الأمم لجعل مرآتها الأنصع والأجدر وتخصص مبالغ طائلة من أجل الحصول على واجهة حقيقية تعبر عن هويتها الفكرية والثقافية وشهدت العصور القديمة هذا التسابق الشريف بين الشعراء والحكماء والكتاب والمفكرين حتى وضعت في ذاكرة الزمان أسفارا خالدة تستوقف عندها الأجيال وتستنير بها وحتى على الصعيد القبلي الضيق كانت القبائل تفتخر بميلاد شاعر فيها لأنه سيخلد للتاريخ اسمهم وملاحمهم وجودهم وكرمهم وبسالتهم وهو بطبيعة الحال ظاهرة صحية وطبيعية في الإنسان ونقف عند فطاحل الشعراء على مر الأجيال وهم يبدعون في رسم ملامح هويتهم .. وكذلك الأدب هو الحافظة الحقيقية للغة باعتبار اللغة هي وسيلة التعبير .. والشعر لم يحظ بكل هذا المجد والعنفوان ولا الشعراء لولا وجود نقاد حقيقيين يتناولون النصوص بالفحص والتنقيب والوقوف على مكامن الجمال والابداع فيها فلا شعر جيد بلا قارئ جيد وبلا اهتمام وتناول ليأخذ طريقه إلى العامة ولينال قيمته الأدبية .
ومن حسن حظ الشعر قديما وجود مهرجانات وأناس تهتم وتدعم الحركة الفكرية ومنذ العهد الأموي وثم العباسي شهد الأدب العربي قفزات نوعية سمت بالذائقة العربية وبالشعر العربي حتى أصبح منهجا يحتذى به ويحتفى به أيضا
واستمر الأدب نتيجة كل ذلك وهو في ريعانه وشموخه ونبوغه إلى منتصف التسعينات من القرن الماضي لكنه انحدر بعد ذلك انحدارا بطيئا في البداية عندما ظهر الشعر الحر الابن الشرعي للشعر القديم لأنه يلتزم بتفاعيله وأحيانا حتى بالقافية وكان بمثابة متنفس جديد وجد فيه الذين وجدوا في الالتزام بنظام الصدر والعجز قيدا وبرأيي الشخصي كان ذلك أيضا أمرا طبيعيا نتيجة الاهتمام بآداب الأمم الأخرى
لكن الانحدار سرعان ما اشتد عند ظهور ما يسمى بالقصيدة النثرية الأمر الذي وجد فيه الجميع قدرته على اتيانه حتى بدون ملكة شعرية أو الهام حقيقي مما اختلط حابل الشعر بنابل الخاطرة والنثر وليت الأمر وقف عند هذا الحد رغم ما فيه من مساوئ وسلبيات تؤثر على هوية الشعر الحقيقي
نعم فأخطر ما في الأمر هو تناول النقاد لمثل هذا الهجين الذي ينسب إلى الشعر على أساس أنه الشعر وأنه أدب حقيقي على حساب الأصل ..
فأغلب النقاد الذين عاصرتهم لا يبحثون عن الشعر للشعر ولا الأدب للأدب بل يبحثون فقط عن الأسماء ولا سيما الأقلام النسائية وكأنه يحاول مغازلتهن بوضع النصوص النسائية تحت الفحص والضوء لغاية في نفسه والبعض الآخر يتناول نصوص أقربائه أو من هم برتبة الأصدقاء والبعض الثالث يتناولون نصوص مقابل مبالغ نقدية فأين الأدب من هذه الأصناف التي تسللت إلى الساحة الأدبية وتطفلت على موائد الخليل والمتنبي وأساءت إلى الشعر علانا جهارا لأجل منافع آنية وشخصية بحتة
من مبلغهم عني رسالة غيور على تراث الأمة من شعر وأدب ولغة
ليقول لهم صارخا كفى عبثا أيها الصبية متى ستكبرون على هذه التفاهات فالشعر والأدب واللغة أسمى بكثير من هذا الهرج واللغو قسما سيلعنكم التاريخ والأجيال وتضحك من أقلامكم الهلامية التي خدشت وجه الشعر العربي واللغة العربية ولكن لا غرابة ففاقد الشيء لا يعطيه ومن يبحث في الحضيض غير الذي يبحث في السماء بين النجوم والكواكب
وللحديث بقية أيها الزواحف يا نقاد المجاملات والمغازلات والمقاولات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3


.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى




.. أنا كنت فاكر الصفار في البيض بس????...المعلم هزأ دياب بالأدب


.. شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً




.. عوام في بحر الكلام - الفن والتجارة .. أبنة الشاعر حسين السيد