الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لفهم اليات اشتغال الثقافة فى الصراعات العربية

سليم نزال

2018 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


فى اواخر ثمانيات القرن الماضى و اوائل التسعينييات حصل لدى نوع من الانقلاب فى تفكيرى.لم يكن ذلك مرده فقط الى سقوط الكتلة الاشتراكية و قد كانت امرا محزنا ..كنت ادرك تماما ان مرحلة تاريخية جديدة قد بدات ..
السبب الحقيقى للتغير كان فى تعرفى على كتابات ماكس ويبر.لقد قرات له اهم كتابين حسب راى و هما اخلاق البروتستانية و روح الراسمالية و فيها يحلل العلاقه بينهما الى ان يصل الى نتيجة ان نظرة العقل البروتستانى الى المال كانت السبب فى تراكم الثروة الامر الذى ادى الى قيام الراسماليه .كان هذا التحليل ثوريا بالنسبة لى .فقد بدات لاول مرة انتبه الى عامل الدين فى المجتمعات و دوره فى نهضتها او العكس .

اما الكتاب الثانى اسمه مقالات فى علم الاجتماع. و اعتقد انه ربما كان اهم عمل نظرى فى تاريخ السوسيولوجيا .و لقد استفدت كثيرا فى اوقات لاحقة من هذه الافكار التى تعترف بالاسباب السياسية و الاقتصادية لكنها تعطى مكانا هاما فى التحليل لللاسباب الثفافية و الاجتماعية او العقل الجماعى للمجموعة .

قام ماكس ويبر بدراسة كتلة او بنية المجتمعات و هى ذات المنهجية التى استخدمها او وظفها كارل ماركس حتى ان باحثا ذكر ان ماكس ويبر امضى عمره فى مطاردة شبح كارل ماركس .لكن الفارق الاساسى بين الرجلين ان ماكس ويبر اضاف عوامل مهمة اخرى فى تشكيل الوعى مثل الدين و العادات الى اخره.اما كارل ماركس فقد كانت تركيزه كما هو معروف على موضوعة الطبقات فى المجتمع المستندة الى الاقتصاد بالدرجة الاولى.
انطلاقا من هنا بدا الاهتمام فى ظنى باهمية دور الثقافات فى تشكيل الوعى و فى تحديد منحى سير او سلوك المجتمعات .و اعتقد ان هذا الاهتمام كان مردة بالدرجة الاولى الى تطور علم الانثروبولوجيا الذى يعنى بدراسة المجتمعات و اليات الثقافة فيها .لان هذا العلم كان لم يزل علما حديثا و لم تكن قد ظهرت المدارس مثل البنوية و الوظيفيه الى اخرة من التى تسعى لتقسير اليات اشتغال الثقافة.

ثم جاءت فكرة صراعات الثقافات التى طرجها برنارد لويس و هو انكليزى صهيونى كان اول من طرح فكرة تصادم الغرب مع العالم الاسلامى .و خطورة اراءه انه طرح الامر كنوع من صدام حتمى ليس مع فكر التطرف الموجود فى العالم الاسلامى فحسب بل مع جوهر الاسلام .لسنا هنا بصدد نقد هذه الفكرة كون المقال لا يتسع لها لكنى اعتقد ان افكاره ساهمت فى تقوية الفكر العنصرى الغربى.
اما الرجل الثانى الذى طرح فكرة صراع الثقافات فقد كان سيد قطب الذى طرح الامر ايضا ضمن نظرة استعلائية مسيحيانية ترى ان الاسلام متفوق على الغرب بقيمه و بالتالى فان له دور انقاذى للبشرية ,و هو راى يصب فى راى فى اطار نظرية الصراع. .كان ذلك بمدة طويلة قبل كتاب صموئيل هننغتون ..

لكن الفكرة شاعت بعد مقالة صموئيل هنغتون فى الفورين افيرز التى صاغها فى كتاب مستقل لاحقا .

و كان اول (تطبيق ) لى فى هذا الامر فى محاضرة قدمتها فى اوسلو حول الحرب فى الخليج حيث ذكرت انه بدون اغفال العوامل الاقتصادية الصراع على النفط الخ.لكن جوهر الصراع يتركز بين ثقافتين المشرق العربى و الجزيرة العربية .لم اصل لخذه النتيجة اعتباطا .فقد لاحظت ان انقساما حادا بين سكان المشرق المتعاطف مع العراق و سكان الجزيرة العربية المتعاطف مع السعودية و بهذا خلصت الى نتيجة ان مفادها ان الصراع السياسى يخفى تحته صراعا خفيا بين منطقتين و ثقافتين. و قد لخصت المحاضرة فى مقالة ارسلتها الى مجلة الفورين افيرز لكن لللاسف لم تنشر.
و انا اعتقد ان الكثير مما حصل فى سوريا و المشرق فى الاونة الاخيرة فيه الكثير من ملامح الحرب الثفافية بين المشرق و الجزيرة العربية .و انا استند فى ذلك على اختلاف و تصادم النظم القيمية بين المنطقتيين و اكتفى بهذا بدون الدخول فى التحليل لانه طويل .
نحن عندما ندرس ثقافة ما لاجل تحليل بناءها و فهمها فاننا ندرس الثقافة كسلة واحدة .اى فى داخل الثقافة سنرى كل المنظومه القيمية.

و حين نفهم اليات اشتغال الثقافة يصبح من السهل التعرف على الكثير من جوانبها بل و توقع نوع ردود افعالها .دعنى اعطى مثالا حصل لاحقا فى لبنان بدون ان اقحم نفسى فى الاشكالية لان غايتى هو محاولة تفسيير الاليات الثقافيه .و انا اشير هنا الى وصف جبران باسيل وزير خارجية لبنان لرئيس البرلمان اللبانى نبيه برى بالبلطجى!

لو ان نفس الكلام قيل فى النروج مثلا عن شخصية سياسية لما تحرك احد.لاىن مفهوم ( التطاول) على المقامات الخ من التعابير غير موجودة اصلا فى بنية الثقافة اما .ان كان الكلام اعتبر اهانة يتم رد مقتضب و ينتهى الامر عند هذا..
لكن فى المجتمعات الشرقيه حيث الاستقطابات الثقافية المولدة للتوتر و الحساسية من السهل حصول امر كهذا .
و قد وظف الصثهاينة الكثير من المعارف العلمية فى الحقل الاجتماعى لاجل تدمير الشعب الفلسطينى.حتى ان بن غوريون قال مرة تعليقا على حدث ما انه يعرف كيف سيكون رد فعل العرب .طبعا قالها استنادا الى معرفه بالعقل العربى الفلسطينى و اليات رد فعله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد