الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكيال الآخر

ميلاد ثابت إسكندر
(Melad Thabet Eskander)

2018 / 2 / 5
الادب والفن


هجم المُصلون بعد صلاة الجمعة، علي منازل المسيحيين في القرية، حطموها ونهبوا محتوياتها كغنائم، ضربوا، وسحلوا، وصاحوا، وهتفوا، " بالطول بالعرض هنجيب الكنيسة الأرض"
وبالفعل تركوا الكنيسة ركام وحطام، كما صاحبها المسكين، الذي اعتدوا عليه أيضاً؛ لفتح بيته لصلاة المسيحيين؛ لعدم وجود كنيسة في قريتهم التعيسة !!! تمت الغزوة بنجاح، ورجع المجاهدون
يتغنون بالانتصار العظيم علي كفار قريش ... عفواً أقصد كفار أطفيح ! الأقباط الضالين المشركين الذين تخطوا كل الخطوط الحمراء والصفراء والخضراء !!!
فكيف اتتهم الجرأة للصلاة، والدعاء لله، في بيت غير مرخص لهذا الغرض! ( هي سايبه ؟! )
ليعلم القاصي والداني: أننا دولة قانون ونظام، واحترام وانجرام، وانستجرام، وتويتر وياهو وجوجل وفيسبوك، يعني مش أي كلام !!!
نعم لا أنكر أن أخواننا المسلمون يصلون في كل الأماكن المرخصة والغير مرخصة : في الساحات ، والأندية، والشوارع والأزقة،
في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والغير حكومية، حتي في بلاد الكفرة، تجدهم يقطعون الطرقات لهذا الغرض بعينه، ولا أحد يتعرض لهم ، هم فقط يتعرضون للأقباط، حتي داخل بيوتهم؛ لأنهم يصلون! نعم كما سَمعتَ ( يصلون ) !!! يبدو أن صلاة الآخر بالنسبه لهم جريمة، لا يمكن السكوت عنها !!!
ويبدو أيضاً أنهم لا يكنون هذا العداء، للأقباط فقط ، فقد حدث هذا الاعتداء_ منذ فترة ليست بعيدة_ علي الشيخ الشيعي: "حسن شحاته" وعائلته، تم سحلهم في الشارع وقتلهم تحت مرآي ومسمع الجميع، ليس بيد الدواعش، بل بيد جيرانهم!!! لأنه وعائلته كانوا يصلون في بيتهم!!! وفي الأمس القريب تم تفجير الصوفيين في مسجد العريش وهم يصلون !!!
ويبدوا أن كل مختلف في العقيدة،أو حتي الطائفة، لا حظ له، ولا مكان ليعيش هنا في أمان !!!
والجدير بالذكر أن المجرمين في كل هذه الجرائم لم يحاسبوا ! ويبدوا أنهم لن يحاسبوا أبداً !!! ففي حادثة أطفيح تم عقاب صاحب المنزل المجني عليه: بسنة سجن و 360،000 جنيه غرامة؛ لأنه فتح بيته للصلاة بدون ترخيص !!!
( أه والنعمة كان فاتح بيته للصلاة، شوفتوا الإجرام !!! )
وكأن القاضي بحكمه هذا، يبارك الغزوة ويعطي الضوء الأخضر للمجرمين المعتدين لتكرار جرائمهم، "فمن أمن العقاب أساء الأدب". ويبدو أننا وصلنا لمرحلة قمة قلة الأدب !!!
وهنا أتساءل: ألا تقرأون التاريخ ؟! ألا تعلمون أن النازيين كانوا يفعلون مثلكم وكانت ثقافتهم ومبادئهم : أنهم هم العرق الوحيد الذي يستحق الحياة، وأنهم أسياد الكون وخير أمه أخرجت للأرض ، فصاروا يحرقون اليهود ويعتدون علي البلاد المجاورة، حتي استطاع أدولف هتلر إحتلال معظم أوربا في أقل من شهرين، وأباد الملايين !!! ولكن أين هتلر وهملر وهرمان جورنج ؟! ماتوا جميعاً بنفس السيف الذي شهروه في وجه الإنسانية، وأمر هتلر أتباعه بحرق جثته و جثة عشيقته إيفا براون قبل أن ينتحرا، فبنفس النار التي أحرق بها اليهود، تم حرقه .
"فالجزاء دائماً من جنس العمل". وعدالة الله باقية مهما انتفت عدالة الأرض،
ليتنا ندرك جيداً: أن الناس جميعاً أخوة وأخوات بالحق والمنطق، أبناء رجل واحد هو آدم وأم واحدة هي حواء، لا فرق بين هذا وذاك ، فكلنا لله الذي يشرق شمسه علي الأشرار والصالحين ، ويُمطر علي الأبرار والطالحين، عيشوا في سلام وحب ودعوا الحساب لله فلستم قضاته وجلاديه ، هو إن شاء أن يفني أحد لفعل بنفخة فيه .
ففي سلطانة الحياة والموت ، أما ثقافة القتل والعدوان التي تشبعتم بها، وصارت متغلغلة في كيانكم، ظانين أنها القربان الذي تتقربون به من الله، وتجاهدون باسمه !! فالله منها براء،
قال السيد المسيح له كل المجد: "إن الذين يأخذون السيف، بالسيف يهلكون".
وقال في موضع آخر، مُشيراً لعدم التفرقة بين البشر : "لا فرق بين يهودي ويوناني، رجل وامرأة، عبد وحُر، لأنكم جميعكم واحد في الرب".
هذه هي تعاليم السماء : المحبة والخير والسلام ،
متي ستطرحون عنكم، المكيال الآخر الذي تكيلون به للآخرين؟!
عاملوا الناس جميعاً كما تريدون أن يُعاملوكم!!
متي ستدركون الحق، المحبة، الله ؟!!
****************








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل